المقال : يوم العمال العالمي .
الصورة : مسرحية عراقية بمناسبة عيد العمال العالمي بتاريخ 1 /5 /1959م
ولندرة الكادر النسائي في التمثيل حينذاك . تقمَّص رجل دور إمرأة .
إرتبط هذا اليوم تاريخياً في أوربا مع مهرجانات وثنية ريفية، ولكن السبب الأصلي للاحتفال بهذا اليوم تغير تدريجياً واستبدل من قبل المنظمات العمالية بيوم العمال. ففي العصور الوسطى والحديثة، كانت عطلة يوم 1 مايو/أيار مرتبطة بالاحتفال بعودة الربيع، وشملت مظاهر الاحتفال جمع الأزهار والأغصان الخضراء، ونسج أكاليل الزهور، وإنشاء شجرة مايو/أيار مزينة، أو عامود أيار، وتجمع الناس حولها للرقص. وعلى الرغم من أن الممارسات اللاحقة تفاوتت على نطاق واسع، إلا أن أصل هذه الاحتفالات قد يعود إلى الطقوس الزراعية القديمة، فقد عقد الإغريق والرومان مثل هذه المهرجانات، في مثل هذا اليوم من السنة . قد تكون الغاية من هذه الطقوس في الأصل ضمان الخصوبة للمحاصيل والحيوانات والبشر قديماً، لكن هذه الدلالة فقدت تدريجياً، واعتُبِر في (نيوإنغلاند) احتفالاً وثنياً، وتم منعه . وبازدياد النشاط الصناعي والزراعي صار هناك طلب متزايد على العمالة، فظهرت النقابات العمالية، للمرة الأولى في أواخر القرن ال18، التي نمت وأصبحت أكثر بروزاً وتأثيراً. وبدأت في تنظيم إضرابات ومسيرات احتجاج على الظروف السيئة وإجبار أرباب العمل على إعادة التفاوض على عدد ساعات والأجور ففي 5 سبتمبر 1882، قام حوالي 10.000 عامل بمسيرة إلى ساحة الاتحاد في مدينة (نيويورك) وكانت أول مسيرة يوم عمال في تاريخ الولايات المتحدة. لكن العديد من هذه المسيرات تحولت إلى أحداث عنف خلال هذه الفترة، وكان من ضمنها أحداث هايماركت (Haymarket) أيار عام 1886، والتي لقي فيها عدد من العمال ورجال شرطة (شيكاغو) مصرعهم. بعد خمس سنوات، وبعد إضراب عمال السكك والنقل فيما عرف بإضراب بولمان أيار عام 1894، وبعد مقتل أكثر من عشرة عمال في المواجهات، سعى الرئيس الأميركي "غروفر كليفلاند" لمصالحة مع حزب العمل، صادق على تشريع لجعل يوم للعمال، وكان في أول يوم اثنين من سبتمبر-عطلة الولايات المتحدة الرسمية تكريماً للعمال؛ ثم تبعتها (كندا) في عام 1889 قام الاتحاد الدولي للمنظمات الاشتراكية والنقابات التجارية والعمالية بتعيين 1 مايو كيوم لدعم العمال، في ذكرى أحداث هايماركت (شيكاغو 1886). و في الاتحاد السوفياتي، اهتم القادة بيوم العمال ودعموه، معتبرين أنه يشجع العمال في أوروبا والولايات المتحدة على التوحد ضد الرأسمالية. فأصبح يوم عطلة كبيرة في الاتحاد السوفيتي وبلدان الكتلة الشرقية، مع مسيرات رفيعة المستوى، بما في ذلك واحدة في الساحة الحمراء في (موسكو) برئاسة الحكومة العليا وموظفي الحزب الشيوعي الذي يحتفل بعيد العمال وعرض القوة العسكرية السوفياتية. في ألمانيا أصبح عيد العمال عطلة رسمية في عام 1933 بعد صعود الحزب النازي. ومن المفارقات، ألغت ألمانيا النقابات العمالية الحرة بعد تشريع العطلة، ودمرت تقريباً الحركة العمالية الألمانية . مع تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط الحكومات الشيوعية في أوروبا الشرقية في أواخر القرن العشرين، انخفضت الاحتفالات الواسعة بهذه المناسبة، في تلك المنطقة من حيث الأهمية .
اليوم في عشرات البلدان حول العالم، يعتبر يوم العمال عطلة رسمية، ويعتبره العمال مناسبة للمظاهرات ومسيرات الدعم لحقوق العمال.
( خالد عوسي الأعظمي ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق