المقال : عوسي الاعظمي أو جاسم محمد طه 70 سنة رياضة و تدريب . ج1 .
الصورة : (عوسي الأعظمي) عام 1981م . بعدسة المصور (زهير كاكا) .
رغم أنه بلغ السبعين من عمره ، أو ربما تجاوز هذه السن ، إلا أنه إعتاد النهوض مبكراً كل يوم ، ليؤدي تمارينه الرياضية الصباحية ، ساعة كاملة . أما في الصيف ، فيضيف اليها سباحة 100م ، و يبتسم عوسي قائلاً : قبل أن تسألوا أجيبكم ، لم أتعب ، و أعتقد ، أن السر يعود ، الى أنني ، لم أدخن أو أشرب الخمرة في حياتي . و عوسي الأعظمي بطل الزورخانة ، و المصارع المخضرم ، ولد عام 1913م . و يقول عن إسمه : إنه مجرد كناية أطلقتها عليَّ جدتي ، حينما أوشكتُ على الموت في طفولتي ، و قد نجوتُ بأعجوبة ، أما إسمي الحقيقي ، فهو (جاسم محمد طه) و لكن من يعرفه بهذا الإسم ؟ حتى أبناءه لا يُعرفون في المنطقة و المدرسة و العمل ، إلا بابناء عوسي ، و هذا ما ينسحب على الأبطال العالميين الذين تصارع معهم ، و أشهرهم (الهرگريمر) حيث يسمونه (مستر واسي) ضعف ذاكرة عوسي ، لم تمنعه من إستذكار الأحداث ، و لعله يتذكر القديمة منها ، أكثر من الحديثة ، فيقول عن صورة ثبت عليها أنها أُلتقطت عام 1936م ، إنها قبل حوالي عشرة أعوام !. بدأ لهفته نحو الرياضة ، مذ كان عمره ثمانية أعوام ، حيث علَّمه أبوه السباحة ، أثناء فراغه من عمله كبائع حطب ، ثم أخذ يخرج مع أقرانه الى الشط القريب من محلة سكناه (الاعظمية) للسباحة و اللعب ، و هناك يتحلَّقون حول زورخانات الشط ، التي تُخَطَّطْ على الرمل في الجَزْرات ، و يرقبون المتصارعين في ألعابهم و حركاتهم الرياضية ، ثم في تصارعهم على إيقاعات و غناء بغدادي شجي . يقول الحاج عوسي : ولَّدت هذه الصور الجميلة ، رغبة كبيرة عندي ، و عند جميع أقراني ، بدأنا فعلاً ، نمارس أوليّات المصارعة ، على شاطيء النهر ، و نتلهَّف لسماع أخبار أبطال الزورخانات المعروفين آنذاك مثل (عباس الديك و حجي بريسم و أسطه غني و صبري الخطاط) و لما كانت زورخانات الشط ، ملاعب موسمية ترتبط بفصل الصيف ، علاوة على أنها ، غير نظامية ، فهناك قواعد و أصول و مواصفات للزورخانة ، أخذنا نتساءل عن أماكن تواجد الزورخانات ، و عثرنا على واحدة قريبة منها حيث عبرنا (الجسر الخشبي) الذي يربط (الأعظمية بالكاظمية) و إتجهنا الى (خان كعبوري) لندهش بزورخانة (فاضل التميمي) و كانت دائرة محفورة بعمق متر تحت الارض ، تحيطها كراسي و تخوت للمتفرجين ، و مقابل (10فلوس) يسمح لنا بالدخول في القاعة ، مع الحصول على قطعة حلوى (لُقُمْ) و بدأ أمامنا الصراع البطولي ، و كنا ننتصر لهذا ، و نُصَفِّق لذاك ، إنها صور مشجِّعة و ذكريات بديعة ، بعدها أخذنا نتردد على زورخانات بغداد ، و تعلَّمت المصارعة على يد بعض الأبطال ، مثل عباس الديك و (مجيد ليلو) حيث أخذتُ أُدَلِّكْ لبعضهم و أتعلم المسْكات و الأصول في المواجهة مع البعض الآخر ، و أخذ إسمي يتردد في الثلاثينات ضمن زورخانات بغداد و التي توزعت في محلة (الدهّانة) التي يملكها المصارع عباس الديك و في (الصالحية/نفس مكان الاذاعة والتلفزيون حالياً) و كان يملكها المصارع (محمد الخيّاط) و زورخانة (جامع المصلوب) و زورخانة خان كعبوري . و تعتبر لعبة عباس الديك مع الهرگريمر - المصارع الالماني المعروف ، أشهر لعبة شهدتها بغداد ، حيث جرت على ساحة (المتوسطة الغربية) و بحضور حشد كبير من المتفرجين ، و كنت وقتها أُدَلِّكْ لكلا المتصارعَيْن ، فما إن تمكَّن عباس الديك من الوثوب على گريمر ، حتى أخذت الجموع ، تهتف ، و تطلق الرصاص ، و خرجَت في حينها ، تظاهرة كبيرة . مقال من تأليف جميل الطائي/المدى .
. ( خالد عوسي الأعظمي ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق