الخميس، 23 أكتوبر 2014

حرامي بغداد



 الصورة : قاريء المقام محمد القبنچي نهاية العشرينات .
كان هناك في بغداد ايام الخير حرامي شريف . حرامي غير الذي ظهر في الفيلم الاميركي الخالد «حرامي بغداد»؟ . وكان قصّاص جيوب ممتهناً. كانت منطقته من الشورجة الى باب المعظم. حدث له في باب الاغا ان نشل جيب رجل افندي. كان مارا في الشارع ينتظر سيارة تكسي. نشل من جيبه محفظته السمينة. عاد بها الى البيت وفتحها. همَّ بأخراج ما كان فيها من الدنانير، لكنه لاحظ صورة فيها لرجل يعرفه من التلفزيون، محمد القبانچي، سيد المقام العراقي. ومما في الجزدان من اوراق تبين له انه يعود الى ذلك المطرب الشهير الذي يعتز به كل عراقي. والظاهر ان هذا القصاص للجيوب كان من عشاق المقام، وبصورة خاصة اغاني القبانچي. أعوذ بالله، - قال - شلون اتجاسر وامد إيدي في جيب حبيبنا القبانچي؟! ترك عشاءه وخرج من البيت يسأل الناس عن بيت محمد القبانچي. أين يسكن؟ لم يهدأ له بال حتى اكتشف العنوان. نام نوماً قلقاً في أسوأ ليلة من حياته. ما ان اطل نور الصباح حتى خرج من بيته حاملاً جزدان القبانچي. طرق الباب فخرج اليه ابو قاسم بدشداشته المقلمة، أسرع وقبل يديه معتذرا : سامحني استاذنا! والله ما عرفتك ومديت إيدي في جيبك وبُگت جزدانك! هذا هو والله بيني وبينك ما أخذت منه اي شيء. فتح الجزدان الجلدي الاسود ليفرجه على محتوياته ويطمئنه. ابتسم المطرب الكبير وشكره. فتح المحفظة والتقط منها ورقة بخمسة دنانير. يا ابني هذي مكافأة لك على أمانتك. اعوذ بالله، يعني تجازيني على فعلة وسخة وأنا قصاص جيوب! وقصيت جيبك وتكافئني! اعوذ بالله. بس سامحني. انصرف وعاد الى قهوة الميدان حيث تتجمع عصبة قصاصي الجيوب وروى لهم ما حدث. الله يعمي عينك! يعني أكو واحد في بغداد ما يعرف القبانچي وشكله! وقضى قصاص النشال الشريف بقية الاسبوع ينتظر ليلة القبانچي على راديو بغداد.

جمع واعداد : خالد عوسي

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ)

  جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ) . الصورة : ملتقطة من جهة ساحة النسور ، وعلى اليسار (قصر الرحاب) وعلى اليمين (قصر الزهور) الذي لم يظهر . شيد الع...