نوري باشا السعيد وأغاني الصباح !!!
دأب نوري باشا السعيد( رئيس وزراء العراق الاسبق) بصورة خاصة على فتح الراديو على الاذاعة العراقية حالما يستفيق صباحا لسماع نشرة الاخبار الاولى . و بعد ان يطمئن ان كل شيء على ما يرام، ييبدأ بتناول افطاره وهو يستمع الى اغاني الصباح. و كانت قراءة الاخبار محصورة بين الدروبي و موحان طاغي، ابن الشيخ طاغي آل الطي . انتهى موحان من قراءة نشرة الاخبار الصباحية ثم مضى ليقدم مجموعة من الاغاني الصباحية، كانت الاغنية الاولى اسطوانة محمد عبد الوهاب الشهيرة " جبل التوباد حياك الحيا" . كان على الطرف الآخر(الباشا) يستمع مع الوف العراقيين الى برنامج الصباح . و ما ان سمع المقطع الاول من تلك الاغنية حتى تملكه الغضب و ادار قرص الهاتف على دار الاذاعة العراقية و طلب مديرها محسن محمد علي الذي لم يكن موجودا، كان الوقت مبكرا والمدير ربما غارقا في نومه . فاضطر (الباشا) ان يسأل عن المذيع ، منو هذا اللي كان يذيع ؟ قالوا له انه موحان بن الشيخ طاغي. قال جيبوه اكلمه .. قولوا له رئيس الوزراء يريد يكلمك. اسرع السيد موحان الى التلفون و التقط السماعة مضطربا. ما الذي فعله يا ترى ليجعل نوري السعيد الجبار يطلب مخاطبته في هذا الصباح الباكر، و لم يكن بعد قد تناول حتى استكان شاي يبلل به ريقه. التقط السماعة و اجاب: " نعم سيدي." فجاء صوت الباشا يهدر من الطرف الآخر) وين ذوقكم انتو كلكم يا اللي تشتغلون بالاذاعة ، الناس بعدهم على ريقهم و انتو تدقوا لهم جبل التوباد؟ تريدون تبچوهم من الصباحيات؟ يعني ماكو اغنية بالدنيا فيها شوية فرحة و استبشار حتى تسمعوهم هالاغنية؟؟. يا ولدي موحان ، خلونا نسمع شي يفرحنا. اغاني عراقية مثل على شواطي دجلة مر ، وللناصرية للناصرية، تعطش واشربك ماي بچفوف ايديه. بستات عراقية تونس الناس بوطنهم، بمدنهم و انهارهم و شعبهم . لم يكن بيد السيد موحان طاغي غير ان يعتذر لرئيس الحكومة ، وبدون شك يلقي المسؤولية على غيره ، ناس ما عندهم ذوق! ثم يعد نوري السعيد ان يبلغ الآخرين بكلامه بحيث لا يتكرر ذلك في المستقبل . ولكن ابو صباح كان على وشك تناول الفطور و وجد نفسه لوحده ، فالتفت و سأل موحان ، ابني انت ترّيگت لو بعد؟ فأجابه ، لا والله باشا . طيب تعال و جيب وياك صاحبك الدروبي. تعالوا افطروا ويايه . شيعجبكم تاكلون؟ لم يعرف السيد المذيع بماذا يجيب، ولكن بيت نوري السعيد المتواضع كان خلف الاذاعة فاسرع هو وزميله المذيع الثاني اليه. رحب بهما ابو صباح و ما ان جلسا حتى حضر طبق البيض المقلي و الجبن و الگيمر و العسل. بادر كعادته الى السوآل عن صحة والده الشيخ طاغي، كيف الوضع ، كيف الزرع ؟ كيف راحته؟ سلم لي عليه هوايه. وكانت وليمة فطور لم يسبق لهما ان مرا بمثلها. يأكلون البيض و الخبز و رئيس الحكومة يحدثهم عن شؤون البلاد ومستقبلها و دور الجيل الجديد فيها . خرجا من البيت فرحين ممتنين من هذه الفرصة وقد تعلما شيئا جديدا في الحياة. لا تستمع الى اغنية جبل التوباد و انت بعدك على ريقك . خرج المذيعان و عادا الى عملهما في يوم مشرق باسم من تلك الايام الحلوة .ايام الخير التي ذهبت مع ذكرياتها الجميلة .
جمع واعداد/ خالد عوسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق