الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

نكرة السلمان




"نكرة السلمان".. سجن عثماني يرعب العراقيين اشتهر بلقب "باستيل العراق" وسجن فيه معظم معارضي السلطات المتعاقبة .يثير ملف سجن "نكرة السلمان" شجون الكثير من العوائل العراقية التي اعتقل أبناؤها خلال العقود الماضية في المكان الذي غالباً ما يلقب بسجن "الباستيل القديم" أو "غوانتنامو الجديد"، ويشبه بالمعتقلات المرعبة التي اشتهرت عبر التاريخ.
شرح الكاتب والنسّابة المعروف عبدالحليم الأعرجي أن "تاريخه يعود إلى الدولة العثمانية، حيث استخدم كملاذ آمن للقوات المكلفة بترويض العشائر المناهضة لحكم الأتراك، ثم اتخذته القوات البريطانية بعد دخولها إلى العراق عام 1914 سجناً حصيناً ليكون منفى الوطنيين الكارهين للاستعمار البريطاني".
وأضاف: "وبعدها أصبح هذا المكان معتقل معارضي الحكومات العراقية المتعاقبة"، مشدداً على أن "السجن شهد تطويرات كثيرة ليس على صعيد الخدمات أو الترفيه، وإنما على قاعاته ووسائل التعذيب المبتكرة فيها".
أما سبب تسميته بـ"نقرة السلمان" فيعود لكونه قد أقيم في منخفض منطقة السلمان الواقعة بين صحراء نجد وحفر الباطن وبادية السماوة، والتي يصعب الاهتداء إليها إلا من قبل البدو الرحل والمهربين.
(مأوى الأدباء والمفكرين) ولم يكن اختيار هذه المنطقة عبثاً، فهي عبارة عن منفى في صحراء متناهية الأطراف مشهورة بالكثبان الرملية المتحركة وبالصخور المسننة، وأقرب منطقة مأهولة إليها تبعد أكثر من 200 كم، ولذلك فإن أي عملية هروب من السجن تكاد تكون مستحيلة، خاصة أن الحيوانات المفترسة كالذئاب والضباع والكلاب المتوحشة تجوب هذه الأنحاء ليلاً ونهاراً.
ومن جانبه، قال الروائي والإعلامي المعروف، جمعة اللامي، الذي قضى شطراً من عمره كسجين سياسي: "بالنسبة لي فإن "السلمان" موجودة في روايتي "المقامة اللامية" والتي هي عبارة عن سيرة روائية لسجن النقرة".
يذكر أن الروائيين ليسوا الوحيدين الذين أرخوا سجن الباستيل العراقي، فقد كانت قصائد الشاعر العراقي الكبير مظفر النوّاب تهرب لمعجبيه من داخله، ليتناقلها السياسيون والكارهون للحكومة كأدلة اتهام ضد مصادرة الحريات واضطهاد أصحاب الرأي.
بطولات السجناءوكشف الفريد سمعان، المحامي وأمين عام اتحاد الأدباء، أنه كان مسؤولاً عن "القاووش رقم 10" الذي كان يضم مجموعة من الشعراء والفنانين (والقاووش كلمة تستعمل في السجن بدلاً من القاعة). ويصف سمعان كيف أن" نكرة السلمان وبعدها عن المناطق المأهولة تسرب إليك إحساساً بالنهاية واللاأمل".
وتذكر المؤلفات التي تطرقت إلى "باستيل العراق" صدامات كثيرة بين السجناء والسجانين وعشوائية الاغتيالات التي كانوا يتعرضون لها، إلا أن بعض المؤلفات تحدث عن بطولات صغيرة في غاية الأهمية بالنسبة لمن قدر لهم أن يسجنوا هناك، كإقامة دورات بتعليم اللغات وعروض الشعر والحفلات الترويحية لوجود الفنانين في السجن، كالفنان سعدي الحديثي.
وفي الوقت الذي تتنامى فيه المطالبة بالحريات العامة واحترام كرامة الإنسان، يسعى البعض لإعادة تأهيل هذا السجن بعد أن أهمله التاريخ .
بقلم جواد الخطاب - للعربية نت


جمع واعداد : خالد عوسي

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...