الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

جسر الوندي يحكي قصة خانقين


( الصورة - خانقين عام ١٩٢٨م ) .
خانقين هذه المدينة التاريخية المهمة من مدن العراق القديمة ويعود تاريخ بدء نشأتها الى ما قبل الاسلام، وهي ذات طبيعة متفاوتة من جبلية الى سهلية ومواقع على الحدود. وفي هذا القضاء مزارات ومراقد للصالحين يؤمها الناس في المواسم للزيارة والتبرك او يقصدونها في ايام الاعياد للنزهة، واهمها بابا محمود وهو احد اولاد الامام موسى الكاظم عليه السلام، ومقام لسيدنا الخضر (خضر زنده) عليه السلام. ومما زاد في روعتها وحسن منظرها نهر الوند الذي تتكون مياهه من الشعاب والعيون والينابيع الاتية من جبال كرن في ايران وبعد ان يتكون من هذه المياه نهر الوند يجري نحو قضاء خانقين حيث يسير من الشرق الى الغرب الى ان يسير بقرب من مقام سيدنا الخضر (خضر زنده) عليه السلام الذي يقع في ضفته الشمالية ومن الجهة الاخرى بقليل تقع قرية بانميل (قرية نامدار) وقرى اخرى تطلق عليه كهريز ثم اغا وخليفة وجلوة وفي الجهة المقابلة بقية مناطق خانقين وبهذا يخترق نهر الوند مدينة خانقين ويشطرها الى شطرين وبعد ان يسقي كثيرا من الاراضي اثناء سيره المتعرج يلقاه اليمين ويلقاه الشمال حيث يقترن بنهر ديالى قرب جلولاء. ويبلغ طوله داخل الاراضي العراقية حوالي 50 كم. وانشئت على جانبيه المنتزهات والحدائق الفيحاء بحيث تبدو مدينة خانقين للناظر كالجنينة وسط هالة من البساتين. اما سكان المدينة فاغلبهم من الكورد والعشائر الموجودة في هذه المدينة كثيرة ومنها: الاركوازي، الباجلان، الدلو، الجمور، الجاف، الكاكئية، الطالبانية، الهموند، الزركوش. اما حديثنا عن جسر الوند، فاذا سألت احد اهالي خانقين عن بناء هذا الجسر فيتحدث عن قصة ترى منها العجب. فاذا سألت اخر حدثك بقصة اخرى من بنات الخيال وهكذا كلما سألت واحدا عن هذا الجسر وبنائه يأتيك بلون جديد من الوان الحديث عنه. ونحن نورد قصة بناء جسر الوند مستخلصة من مختلف الحكايات والاقاصيص: وهي ان نهر الوند لم يكن عليه جسر يعبر عليه الذاهبون من شطر الى شطر وذاهبون الى ايران من العراق والقادمون من ايران الى العراق لزيارة العتبات المقدسة. وكانت القوافل مضطرة الى ان تعبر نهر الوند من مخاضات معروفة ومن جملتها مخاضة خانقين حيث جسر خانقين حاليا. وفي عهد شاه عباس صادف ان احدى الاميرات واحدى الثريات الايرانيات امت العراق لزيارة العتبات المقدسة فلما وصلت الى خانقين صادفت زيادة مياه نهر الوند وتعذر عبوره فاضطرت هذه الاميرة الى ان تقيم بضعة ايام مخيمة على ضفة النهر تنتظر خفة التيار ونقصان الماء، ولكن تيار الماء كان يشتد ويزداد عنفا يوما بعد يوم ويزداد طغيان المياه في النهر بشكل مرعب مما رسم في مخيلتها صورة عن قوة مياه هذا النهر وعظم شدة جريانه، فعادت الى ايران وتجهزت في السنة الاخرى للزيارة مصممة على ان تبني على نهر الوند جسرا متينا يستطيع الثبات امام عنفوان التيار وضغط المياه العنيف فجاءت الى خانقين والقت عصا الرحلة فيها ريثما ينجز بناء الجسر، وبذلت في ذلك الاموال الطائلة. لم تكن تكتفي بان تبني الجسر بمواد البناء المعروفة آنذاك بل امرت بان تجمع الرؤوس والايدي والارجل من الذبائح وتوضع القدور والمراجل على النار في الماء حتى تنضج نضجا تاما وتتهرى. فيستعمل هذا الماء في بناء الجسر ومبالغة منها في اتقان البناء ومتانته فالجسر مبني بالطابوق السلطاني وبمواد البناء المعجونة بهذا الماء، وبعد ان اتمت بناءه اقامت له مهرجانا فخما وتصدقت على الفقراء وصنعت المآدب وعبرت عليه سالكة الطريق الى بغداد فالعتبات المقدسة لاداء الزيارة. الحقيقة ان جسر خانقين جسر متين جدا له القدرة على ان تمر عليه وسائط النقل الحديثة ذات الاثقال الكبيرة، وفي العهد السابق قاموا بتغيير معالم الجسر وذلك بتفليش (قلع) سياج الجسر الذي كان مبنياً من الطابوق السلطاني وسيج بالحديد واخيرا قاموا ببناء جسر آخر قريبا من الجسر القديم وذلك تمهيدا لترك القديم بحيث لم يبق هذا الجسر الاثري في المدينة مثلما غيروا سكانها. وبعد سقوط النظام رجع السكان الى المدينة وبعودتهم جرت اعادة بناء السياج الحجري وعادت جمالية الجسر. ( جبار قاسم الإركوازي ) ، ( إقتباس بتصرف ) .


جمع واعداد: خالد عوسي

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...