الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

وفاة الملكة عالية .. وتشييع جنازتها


ينقل مؤلف كتاب ( عالية الهاشمية ملكة العراق سيرة و أحداث ) الدكتور محمد حمدي صالح الجعفري عن الدكتور كمال السامرائي مشهد موت الملكة عالية :-
(في حدود الساعة الثامنة صباحا ً من يوم الخميس 21 كانون الأول عام1950، استدعيت – على عجل – إلى غرفة الملكة عالية في قصر الزهور، وعند بابها، رأيت والدة عبد الإله، الملكة نفيسة، مضطربة ووجهها شاحب، وفتحت لي الوصيفة (عزة) باب الغرفة، وهي تحمل بينهما المصحف الكريم،وبادرتني قائلة بهلع :-  ستي الملكة، ولم تزد على ذلك.  كانت الملكة – حينئذ – في حالة بين الوعي والإغماء، وأشارت إليّ بيدها أن أقترب منها، وقالت بصوت خافت متقطع :- أنهضني، فعاونتني الوصيفة عزة، وأسندناها بأيدينا لتنهض على الوسائد في فراشها. وشكرتنا بعينيها، وتمتمت بالشهادة، ثم سمعتها تقول : "لا أريد أن يشهد دكسن فرث ساعة وفاتي. فأنا مسلمة، والله ربي، ومحمد نبيي، والقرآن كتابي". وفي هذه اللحظة تقيأت، وقذفت كل ما في جوفها على صدرها، فأخذت أنا المنشفة، التي كانت – دوما – موضوعة بمتناول يديها، ومسحت بها فمها وصدرها، مما سال عليها من القيء، ولم تنس حتى هذه اللحظة أن تشكرني، وهي في حالة من الإعياء، ثم أسدلت جفنيها برهة، وهي تطلب أن ترى أمها نفيسة. وكانت أمها عند مدخل الغرفة، وربما سمعت طلب الملكة، فدخلت  ووقفت إلى جانب سريرها، فمدت الملكة يدها ببطء وجذبت يد أمها إلى فمها، وقبّلتها وجها وقفا، وقالت : اغفري لي يا أمي، إذا كنت قد غلطت معك يوما ..!!  ولم ترد عليها أمها، بل انحنت عليها، وقبلتها، وانسحبت بعجل، وغادرت الغرفة.) . 


توفيت الملكة يوم الخميس : (وفي صباح يوم الجمعة المصادف 22/12/1950، خرجت مئات الألوف من جموع الأهلين لتوديع الملكة . وفي الساعة العاشرة صباحاً، حمل جثمان الملكة على مدفع جلل بالسواد، فارتفعت أصوات البكاء، وتعالى العويل، وكانت الدراجات البخارية تتقدم الموكب المهيب، وخلف الدراجات سارت سرية من خيالة الحرس الملكي، فموسيقى الجيش، وثلة من الجنود، ثم رجال الدين، فنعش الفقيدة العظيمة يحف به أمراء الجيش، فمرافقوا الملك، فحملة الأكاليل، ثم الوصي عبد الإله مرتديا حلته العسكرية، فأفراد الأسرة الهاشمية الكريمة، فمعالي وزير مصر المفوض مندوبا عن جلالة الملك فاروق، ثم رئيس الوزراء ورئيس مجلسي الأعيان والنواب والوزراء، ورئيس الديوان الملكي، ورئيس التشريفات الملكية، وناظر الخزينة الخاصة ورؤساء الهيئات الدبلوماسية، ورؤساء الوزراء السابقون، والسفراء العراقيون، وهيئات الأعيان والنواب، والوزراء المفوضون العراقيون، وهيئة أركان الجيش، وهيئة كبار ضباط الشرطة، وهيئة محكمة التمييز، وديوان التدوين القانوني، ومجلس التمييز الشرعي، وقاضيا بغداد، والمديرون العامون، وكبار موظفي الدولة من الصنف الأول فما فوق، وقناصل الدول الأجنبية، وأعضاء الجاليات الأجنبية، وهيئات الكليات الرسمية، وأعضاء مجلس أمانة العاصمة، ومجلس اللواء العام، ومجلس إدارة اللواء، والوجوه والأشراف، يتقدمهم أمين العاصمة، وأعضاء نقابة المحامين، وهيئات الأحزاب السياسية، وجمعيات الأطباء والصيادلة والمعلمين، وأعضاء غرفتي التجارة والزراعة، وهيئات المصارف وأصحاب الصحف، ثم كتيبة خيالة من الجيش، فكتيبة مدفعية، فخيالة من الجيش، فخيالة من الشرطة. 
وقد كان بانتظار الجثمان الكريم في مدخل المقبرة،ولدها الملك فيصل الثاني، وعمها الملك عبد الله، وعندما وصل موكب الجثمان إلى المقبرة الملكية،قام أفراد و ضباط الجيش بحمل جثمان الراحلة،ووضعوه في المجلس المخصص لأداء صلاة الجنازة ، وقد صلى على الجثمان الطاهر ولدها الملك،وعمها الملك عبد الله، والوصي، وولي العهد عبد الإله، وأفراد العائلة المالكة، ثم قام أمراء {هكذا}  وضباط الجيش بحمل الجثمان الطاهر مرة أخرى، وأودعوه مقره الأخير، وأطلقت مائة طلقة وطلقة مدفعية، تحية وداع للراحلة الخالدة) .

جمع واعداد : خالد عوسي.

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...