الجمعة، 27 أبريل 2018

صباح الخير يا لوله ، على بغداد يا لوله



المقال : صباح الخير يا لوله ، على بغداد يا لوله .

الصورة : (زينب محمد أحمد الجندي) ولدت في 28/آب /1902 و توفّيت في نفس اليوم الذي ولدت فيه بالقاهرة عام 1983 . 

أول فنانة عربية جمعت بين الغناء و التلحين و العزف على العود و التمثيل قبل (أم كلثوم) و (لور دَكّاش) و (نادرة) بدأت الغناء عام 1925 ، عملت في تخت المطربة (منيرة المهديّة) أُعجب بها أمير الشعراء (أحمد شوقي) جدا، وقدّم لها كثيرا من قصائده ، لحّنت بعضها و لحن (محمد القصبجي) البعض الآخر و قام (السنباطي) و (الموجي) بتقديم الألحان لها . أطلق عليها (حسني الخطاط) والد الفنانتين (نجاة الصغيرة) و (سعاد حسني) إسم (مَلَك) وإشتهرت باسم (ملك محمد) وفيما بعد (السيّدة ملك محمد) كما أطلق عليها الكاتب والصحفي (محمد التابعي) لقب مطربة العواطف

تعرّف رئيس الوزراء (نوري سعيد) على السيّدة ملك عندما كان يتردّد على (مصر) قبل ثورة 23 يوليو وسمعها فأُعجب بها كثيرا وتعاطف معها بعد إحتراق مسرحها (أوبرا ملك) في أحداث حريق القاهرة عشيّة قيام الثورة المصريّة عام 1952 . فبنظرة يملؤها الأسى وقفت ترقب النيران وهي تلتهم المسرح الغنائي الذي اسسته بعد رحلة كفاح ، كما إحترق فلمها الوحيد و كل مسرحياتها عدا مسرحية (مايسة) من هنا كانت بداية غيابها التدريجي منزوية في منزلها بين مجموعة من الآلات الموسيقية التي قُدمت لها كهدايا من كبار الرؤساء والشخصيات وهي في قمة المجد والشهرة . ولهذا فقد عمل (الباشا) على استقدامها من مصر و أقام لها استقبالا كبيرا جدا حتّى خُيّلَ لبعض الناس أن البلاد تستقبل أحد القادة أو السياسيين الكبار. وبعد أن أقامت في بغداد استعادت نشاطها وقدّمت للإذاعة العراقيّة أربعة أغاني جميلة جديدة ، ما زال أهل بغداد يردّدونها ، وهي (أنا في انتظارك يا ورد) و (ياحلوة الوعدِ ما نسّاكِ ميعادي) و (زين زين) أما أغنية (صباح الخير يا لوله) والتي كانت من ألحانها وأدائها. فقد استطاعت بها أن تشغل أهالي بغداد واكثر الاذاعات العربية منذ أوائل الخمسينيات وإلى يومنا هذا . فهم يستمعون لها في كل صباح تقريبا ، ويستمتعون بتذكّر صباحات تلك الأيام بانشراح وشوق عميقين وبسرور بالغ ، فقد عاشت في وجدان أغلب العراقيين لعقود طويلة ، فاحبوها وتفاعلوا معها بحميمية انسانية لا توصف و بعثت في نفوسهم آفاق الأمل وبهجة الحياة . امتلكت بكلماتها المحدودة المؤثرة كل عناصر النجاح والخلود ، لانها كانت في منتهى الصدق والبساطة والشجن، ولانها كانت تخاطب بعفوية مشاعر الساعين للوقوف على ابواب كرم الله في الصباحات الباكرة . عملت ملك في بعض ملاهي بغداد واستطاعت أن تقدّم نوعا راقيا ومختلفا عمّا كان الغناء العراقي يدور في فلكه ، كان يُعرف عنها جدّيتها في العمل الفنّي ودقّتها في الإلتزام بالمقامات الموسيقيّة والأوزان والإيقاعات وكان العازفون يعملون لها ألف حساب ، وبعد العودة الى مصر أعادت تكوين فرقتها عام 1957 وقدمت عرضين هما «فتاة من بورسعيد» 1957 و«نور العيون» 1959 وقامت ببطولتهما . في اواخر ايامها ومع دخولها العقد التاسع من العمر كان يحلو لها ان تتناول العود بيدها المرتجفة وتعزف عليه مستعيدة بصوتها اجمل الاغنيات التي قدمتها لجمهورها على مسارح القاهرة حين كان يغص بكبار الشخصيات السياسية والادبية والفنية ، ورغم كل ما وصلت اليه الا انها لم تنسَ انها ابنة حي «الجمالية» العريق في القاهرة، مع ان أغلب رواد مسرحها من الاثرياء الا انها لم تكن تتردد في احياء الافراح لأهالي الحارات الشعبية مستمتعين بصوتها ولساعات متأخرة من الليل
...
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

الاثنين، 9 أبريل 2018

ليلة سقوط الأعظمية ، ليلةٌ بكى فيها القمر .



المقال : ليلة سقوط الأعظمية ، ليلةٌ بكى فيها القمر .
الصورة : الساحة المقابلة لجامع الإمام الأعظم . و هذا بعض من آثار الدمار و الخراب ألذي تعرضت له مدينة (الأعظمية) بعد الإجتياح الأمريكي لها في 10 نيسان عام 2003 م . .
هولاكو مرّ من هنا ، قالها الأعظميون حين سألت بعضهم عما جرى لحيّ الأعظمية أثناء اقتحام بغداد من قبل قوات الاحتلال الأميركي ، وآثار الدمار والخراب تنتشر في كل جزء من مرافق هذا الحيّ الكبير المزدحم بسكانه وحركته اليومية ، فالحياة تبدو مشلولة في هذا الحي والحوانيت والاسواق والمحلات المعروفة بازدهارها وغناها مغلقة ، والوجوم يبدو على وجوه الاعظميين وكأن عيونهم معلقة في السماء وهم يجدون أنفسهم فجأة بين دبابات وآليات وجنود الاحتلال التي احتلت حيّهم بجميع مفاصله ، حتى بيتي الذي أسكنه منذ العام 1939 لم يسلم من قذائف الاباتشي ورصاص الجنود على رغم بعده النسبي عن ميدان المعركة التي جرت أيام 10 و11 و12 أبريل/ نيسان 2003 بين القوات الأميركية وأهالي حي الاعظمية (ا . هـ . طالب البغدادي) . بعد غياب اربعين عاما اصيب المهندس المعماري (جمال نعمان) الذي ترك العراق مطلع السبعينيات مستقرا في (استراليا) بالدهشة والحيرة وهو يتنقل منذ ايام بين شوارع وازقة " الاعظمية" التي كان يسكنها مع عائلته منذ خمسينيات القرن الماضي ..المهندس جمال تحسر وهو يشاهد مدينته التي فقدت الكثير من ملامحها المعمارية المؤثرة ، يستذكر ابيات الشاعر (عبد الملك الوراق) الذي يقول مطلعها.. من ذا أصابك يابغداد بالعين .... الم تكوني زمانا قرة العين .... يامن يخرب بغداد ليعمرها .... اهلكت نفسك مابين الطريقين . المهندس المغترب وجد نفسه بين احضان مكتبة مسجد الامام ابي حنيفة وهو يتناول كتاب د. الراحل هاشم الدباغ " الاعظمية والاعظميون" الذي يسلط الضوء فيه على بيوت ومجالس مدينة الامام الاعظم ومنها مجلس الشيخ حمدي الاعظمي في داره بمحلة السفينة بعد صلاة العصر من يوم الجمعة من كل اسبوع والذي يجتمعون فيه رجال العلم والفضل واعيان البلد من علماء وادباء ووزراء ليتداولوا فيه مختلف الاحاديث . ( ا . هـ - كاظم لازم ) . كل الجدران ستتهاوى أيتها الأعظمية . لا تتَّشحي بأردية الحداد . لا تدعي مياه دجلة تلثم شواطئك بإستحياء . لا تبكي أمام مائدة النهار . لا تقولي لزوارك أن يعودوا أدراجهم . فكل الجدران ستتهاوى ايتها الاعظمية الجميلة . أنت ياقلب بغداد ، ياصبيتها التي يحوم فوق شعرها الفراش ، وعلى راحتيها تنبت الزهور . ياأغنية الصباح ، و صوت [زكي الساعاتي] في أذان العشاء . ياغديراً من الضوء ، و يا حقلاً من يراعات ونجوم . أنت يامائدة يتحلق حولها المحبون . لا أريدك أن تقفي أمام قمر الليل حزينة خائفة . أيتها الأعظمية . يا مهرجانا من صبايا تلعب بضفائرهن . يا قدح الماء البارد.، يا شجرة الصفصاف التي كتبتُ العرائض تحت مظلتها . ياقطعة حلوى خارجة للتو من افران (نعوش) . يا تلاوة الفجر التي يتهجد بها (عبد الستار الطيار) . ياليلة صيف مقمرة . يامقامات (حسين الاعظمي) . و دبكات (المربع البغدادي) . يا بيوتاً تطفو فوق الماء كسرب من (طيور الغاق) . لا تخافي أيتها المعشوقة . لن تستطيع الجدران أن تسكت خفقات القلب ، و أن تقطع أوتار الكمان . و تكتم ضحكة الطفل ولن تمنع النسيم ان يخطو فوق أهدابك الناعسة . ستظل الشمس تشرق كل يوم ، و القمر يرش رذاذه فوق منازلك. أما حمائمك ، فستظل تحلق فوق قباب (موسى الكاظم) و منائر (الإمام الأعظم) و أجراس كنيسة (سيدة النجاة) . (( ا . هـ - عيسى حسين الياسري / مونتريال ) ...
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...