الثلاثاء، 31 مايو 2016

فريري العملاق ، على أرض العراق



المقال : (فريري) العملاق ، على أرض العراق .
الصورة : العملاق الفرنسي (جون فريري) أطول مصارع في العالم (240 سم) مع المدرب الدولي (بهاء تاج الدين) داخل قاعة تحضير اللعب ، في ملعب الشعب الدولي عام 1973.
في يوم الجمعة من العام 1973 كانت الشوارع مقفرة , و الكَسَبَة تركوا أعمالهم ، و التجّار أغلقوا مخازنهم ، والموظفين إحتالوا ليخرجوا من دوائرهم ، والحماس على أشدّه , أَتَذَكَّر تلك المشاهد وكأني أعيشها الآن , مقاهي يفلح من يحصل فيها على مكان , السدارة مع العقال و الچرّاوية تتلاطم من دون أعتذار , تشجيعاً للقيسي و كيداً بفريري الذي جاء بناءاً على دعوة الحكومة العراقية و اللجنة الأولمبية و شخص المصارع (عدنان القيسي) . رافَقَت القيسي ، حملة دعائية ، سُخِّرَتْ لها كل إمكانات الدولة ، فقناة التلفزيون الوحيدة (قناة 9) تنقل النزالات مباشرة ليشاهدها من لم يستطع الذهاب إلى (ملعب الشعب) حيث كان يحضر ما لا يقل عن 60000 متفرج ويحضر النزالات (نائب رئيس الجمهورية) و (وزير الدفاع) وعدد من (الوزراء) بل و حتى (شبلي العيسمي) . (السلام الجمهوري) يُعْزَف في بداية النزال ، والتلفزيون يذيع خبر تنافس البطلَين ، رغم كل هذا، كانت نتيجة النزال الأول ، خسارة القيسي الذي أخذ بثأره في النزال الثاني ، فبعد (العِكْسِيَّة) رفع القيسي ، فريري عالياً و ألقاه على الحلبة ، و جَثَمَ عليه ، ليعلن الحكم بعدها ، فوز القيسي ، عمَّت الفرحة ، الملعب و عموم (العراق) فخرجتُ مع الصبْية في أزقة (الأعظمية) نهتف (فريري زعلان .. من كتلة عدنان) . كنت صغيرا عندما إصطحبني أبي (عوسي الأعظمي) لمصافحة هذا العملاق الذي فاق رأسي ركبتيه فقط ، و ضاع كَفّيَ الرقيق في يده الجبّارة ، رأيته و هو يتدرب مع القيسي داخل قاعة التدريب في ملعب الشعب ، كنت أتساءل حينها هل يوجد لهذا العملاق الفرنسي بدلات حاضرة على مقاسه الضخم !؟ و بعدما كبرت ، سمعت بهذه الحكاية التي رواها الخياط (عباس علوان العزاوي) صاحب اقدم محل خياطة في (فضوة عرب) وهو من مواليد المحلة عام 1944 الذي تجمعه صور معلَّقة داخل المحل مع العديد من المشاهير الذين قاموا بخياطة بدلاتهم عنده ، و منهما المصارعَيْن (القيسي و فريري) وعن كيفية وصول المصارعٓيْن الى مَحلّه المنْزَوي في المحلة ، والمقابل تماما (لجامع وقاعة حسان بن ثابت) يقول العزاوي :- ان لديه عدة زبائن من بينهم (سليم يوسف باشا) صاحب (فندق صحارى) والكائن في (ساحة الأندلس) الذي اصبح حاليا معرضا للمزاد العلني ، وكان القيسي احد نزلاء الفندق . شاهد القيسي ، صاحب الفندق وهو يرتدي احدى البدلات التي قمت بفصالها له فأعجبته البدلة وسأل عن الخياط فأرشده نحو المحل ، وتفاجأت بسيارة رئاسية بيضاء تقف بباب المحل ، لينزل القيسي من السيارة ، ولم أصدق حينها ، لشهرة ذلك المصارع ، في ذلك الوقت الذي كان يشغل الناس جميعا، وانقلبت اهالي (فضوة عرب) نساءاً ورجالاً وشيوخاً وشباباً في باب المحل لمشاهدة القيسي وانا اعمل له القياسات ، ويبين العزاوي انه طلب مني ثلاث بدلات وكان سعر خياطة البدلة الواحدة (15) دينارا فدفع لي في حينها (45) دينارا. و عن مجيء (فريري) قال العزاوي :- ان فريري رأى القيسي وهو يرتدي احدى البدلات ، فسأله عن الخياط ، فأرشده الى محلي ، وجاء هو وزوجته الى المحل وطلب مني ثلاث بدلات ايضا. 

الأحد، 1 مايو 2016

ماذا لو كانت سوريا عراقية !؟


الصورة : رئيس الوزراء السوري (فارس الخوري) و الباشا (نوري سعيد) في دمشق عام 1946.
في (19 حزيران 1940) قرر مجلس الوزراء ايفاد كل من وزير الخارجية (نوري سعيد) ووزير العدلية (ناجي شوكت) إلى (تركيا) لدراسة الوضع بعد دخول (ايطاليا) الحرب . وصل القطار (طوروس) إلى (محطة حلب) كان في استقبالهما كل من (تحسين قدري) قنصل العراق العام في (لبنان) و (علي جودت) ويقول (ناجي شوكت) :- كان (جودت) يحمل حقيبة صغيرة بيده فقال لي (نوري سعيد) ان (علي جودت) سيصحبنا إلى (انقرة) فسألته ، بأية صفة سيكون معنا؟ فاجاب ، كعضو ثالث في الوفد ، فقلت له :- كيف يجوز ذلك ولا يوجد قرار لمجلس الوزراء لاشراكه معنا؟ ولم يسبق لتركيا ان احيطت علماً بذلك ؟ فرد (نوري) ان هذه الامور بسيطة يمكن تجاوزها اذا وافقت انت وانا . ويعلق (ناجي شوكت) :- كان في قرار نفس (نوري) ان يتخذ من وجود (جودت) معنا مساعداً له يؤيده في آرائه ومعروضاته . وعلى كلٍ ، رفضت ان يكون الرجل ، عضواً ثالثا ً، وهددت بالرجوع إلى (بغداد) فتراجع (نوري) وقال طيب ليكن سفره بصورة شخصية . وفي اليوم الثاني وهم في طريقهم إلى (انقرة) قال (نوري سعيد) :- لدي اقتراح اود ان اعرضه على الحكومة التركية ، ولكني اريد ان اعرف رأيك فيه . اجابه (شوكت) :- وما الاقتراح ؟ قال :- سنتحدث مع (رجال تركيا) عن الوضع في (سوريا) فيما اذا تركها (الفرنسيون) جبراً واحتلها (الانكليز) حرباً وطلب (السوريون) الالتحاق بالعراق فما سيكون موقف الاتراك من ذلك ، واضاف :- انه ينوي ان يقول (لرجال تركيا) بان (الحكومة العراقية) مستعدة لان تتنازل عن (المنطقة الكردية الشمالية لتركية) اذا هم وافقوا على (الحاق سورية بالعراق) باي شكل من الاشكال . وان (الحكومة العراقية) مستعدة لاخذ موافقة (بريطانيا) على هذا العمل فاجابه (ناجي) :- (نوري) هذه مسألة مهمة وخطرة جداً فنحن لا نعلم ماذا سيكون موقف (فرنسا) وماذا يكون موقف (انكلترا) ؟ ونحن في بداية الحرب . فكيف نسوغ لانفسنا انا وانت ان نتكلم في موضوع مهم وخطر مثل هذا الموضوع مع دولة اجنبية ونقترح التنازل عن جزء من الوطن العراقي ؟ فرد (نوري) :- اننا لا نوقع عهداً وانما سنتحدث في الموضوع بصورة سرية . فقال (شوكت) :- بالنسبة اليّ فانا لا اريد ان اتحمل اية مسؤولية في امر خطير كهذا ، واحذرك من الاقدام على مفاتحة (رجال تركيا) في هذا الموضوع ، وانتهى الموضوع عند وصولهم (محطة قطار انقرة) .

(حارة) الاعظمية والامام الاعظم




الصورة : عام 1960 . من فوق ساعة جامع الإمام الأعظم (أبو حنيفة النعمان) رحمه الله ، و تظهر بداية بيوت منطقة (الحارَّة) على يسار الجسر ، و على اليمين (محلة الشيوخ) و تظهر من بعيد ، عِبْرَ النهر ، المنارات الأربع للإمام (موسى الكاظم) عليه السلام . تصوير (زهير كاكا) .
(محلة الحارَّة) أصلها بتخفيف الراء، و قد بنيت بعد الخراب والطاعون اللذَين حلاّ بالأعظمية سنة 1831م ، ثم تحول اسمها مع مرور الزمن ليلفظ بشكل (حــارّة) بتشديد الراء. ليست لأنها منطقة حارَّة كما يتوهم البعض ، وإنما سميت الحارَّة ، لكونها محلة صغيرة أزقَّتها ضيِّقة ، أي (حارَة) بالقياس الى بقية محلات بغداد ، وهي تحاذ وتحيط مرقد الإمام (أبو حنيفة النعمان) ومسجده الذي لا يوصف من حيث الروحانية والتكافل . وكَتب عن (أبي حنيفة) الكثيرون لورعه وحُكمه الفقهي الحنفي . نذكر بعض ما قيل عنه ، حيث قال (إبن خلكان) في تاريخه : قبره مشهور يزار، بني عليه المشهد والقبة سـنـة (459 هـ) وقـال (إبـن جـبـيـر) فـي رحـلـتـه (وبـالرصافة مشهد حفيل البنيان ، له قبة بيضاء سامية في الهواء ، فيه قبر الإمام) وقـال (إبـن بـطـوطـة) فـي رحـلته ، (قبر الإمام أبي حنيفة (رض) عليه قـبـة عظيمة ، وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الـطـعـام فيها ما عدا هذه الزاوية ، ثم عدَّ جملة من قبور المشايخ ببغداد فقال : وأهل بغداد لـهم في كل جمعة يوم لزيارة شيخ من هؤلاء المشايخ ، ويوم لشيخ آخر يليه ، هكذا إلى آخر أيام الأسبوع) وتضيف محلة الحارة بمكانتها الموقعية والدينية مرقد المتصوف (بشر الحنفي) ومسجده المعروف عندهم (بشر الحافي) . تعد محلة الحارَّة جزء مهم من الأعظمية التي تعتبر من المدن الدينية ، ففيها مرقد الإمام (أبي حنيفة) ومرقد الشيخ (أبو بكر الشبلي) الصوفي الكبير، و في مقبرتها ، دفن الكثير من الأولياء و العلماء و الصالحين و كذلك الشعراء و الأدباء وكثير من المشاهير و مَن له شأنٌ كبير في كافة المجالات . وتحتضن (الحارَّة) (مدرسة الإمام أبي حنيفة) التي تأسست سنة (459 هـ) ، فلذلك يقصدها الزوار وطلاب العلم و العمل من باكستانيين وهنود وأفغان وأتراك خصوصاً وعرب و مسلمين عموماً ، وكان الأمر مألوفاً أن تجد بعض طلاب العلم من الدول الإسلامية يجاورون مرقد الإمام (أبي حنيفة) في الحارَّة للدراسة والتعلم ، وقد مرت أقوام من هؤلاء الغرباء منهم من قام بالزيارة وانصرف ومنهم من مكث فيها للتعلم والتعليم أو طلب الرزق ، فطاب له المقام فيها ، ولا يمكن عد هؤلاء أو حصرهم .

(البْصيرة) من الجزيرة الى الاعظمية



الصورة : (أولاد حنكورة - عطا - فتّاح - طارق) أبطال الأعظمية في السباحة و المصارعة ، و هم يجتمعون في منطقة (البْصيرة) بداية الستينات .

على ضفاف محلة الشيوخ / الأعظمية ، هنالك مكانٌ جميلْ ، عزيزٌ علينا ، لما يحمله من ذكريات و مواقف . فالموقع له أثره الطيِّب في ترفيه و تعليم صبية محلة الشيوخ السباحة ، و ذلك من خلال إجتماع خيرة أبطال العراق بالسباحة و المصارعة و على رأسهم البطل الشامل (عوسي الأعظمي) . و (البْصيرة) مكانٌ يقع بين (قصر بلاسم) و (جسر الأئمة) و يرجع سبب تسميتهُ لما أورده (وليد الأعظمي - تاريخ الأعظمية) ما يلي : في سنة ١٢٤٦هـ 1830م ، كانت جماعة من قبيلة العبيد يسكنون (البْصيرة) و هي من قرى الجزيرة بين الموصل و الشام ، و كانت علاقتهم سيئة مع والي الموصل ، فإضطروا الى الرحيل عن البصيرة ، مع جيش (علي رضا اللاظ) المتوجه الى بغداد ، و سكنوا موضعاً في محلة الشيوخ بالأعظمية و سمّوه بإسم قريتهم (البْصيرة) و هذا من عادة العرب إذا إرتحلوا عن مكان و حلّوا في مكان جديد ، فإنهم يسمونه بإسم مكانهم القديم . و لا يزال الموضع يعرف بإسم (البْصيرة) و هو في نهاية شارع عشرين على نهر دجلة .

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...