الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

رثاء السندباد



المقال / رثاء السندباد.
الصورة : (سينما السندباد/الأورفلي سابقاً) صاحبها السيد (ضياء سامي الأورفلي ) إبن عم الفنانة التشكيلية (وداد الاورفلي) أُنشأت مكان (مقهى الأورفلي) و هنا تعرض الفلم الأمريكي ليلة كازانوفا الكبيرة (Casanova's Big Night) منتصف السبعينات ، الفلم من إنتاج بول جونز سنة 1954 وهو فيلم فكاهي من اخراج نورمان مكليود وتمثيل بوب هوب وجوان فونتين، يحكي الفيلم قصة الخياط الذي ينتحل شخصية جياكومو كاسانوفا، العاشق الكبير. وهو محاكاة ساخرة للفرسان الثلاثة (المتعنترون) الذين تم تجسيدهم في مجموعة من أفلام المغامرة التاريخية. وقد ضم الفيلم أيضا كلاً من أودري دالتون وفنسنت برايس الذي ظهر على انه كاسانوفا الحقيقي .
عشقت السينما منذ طفولتي ، فكنت غالباً ما أرتاد (سينما الأعظمية) مع أصدقائي كل يوم إثنين و خميس عند نزول الفلم الجديد، لكننا لم نكتفي بما تعرضه لنا هذه السينما من أفلام ، لذلك حرصنا على مشاهدة الأفلام في سينمات (شارع الرشيد) و (الباب الشرقي) و (شارع السعدون) وفيما يخص سينما السندباد ، فقد كانت لهذه السينما ذكريات جميلة ، من خلال كثرة إعادة فلم (القرصان الأحمر) و تميزها بكثرة عرض الأفلام الهندية ، والتي شاهدنا منها الكثير ، مثل فلم (اليتيم) و (الشعلة) و (قربان) و غيرها العشرات ، ولا أنسى مأكولات (أبو يونان)والتي تقع في الجهة المقابلة من السينما ، فقد كنا لا ندخل السينما إلا و معنا الكثير من لفّات الهمبرگر اللذيذة . يقول الكاتب و المترجم (صادق باخان) :- هل يعقل ان بغداد تصبح خاليه من دور السينما وهي موجودة كبنايات بعدما كانت تزدهر منذ السنوات الممتدة من العهد الملكي الى العهود الجمهورية . دعونا نذهب في نزهة بشوارع بغداد لننعش بها ذاكرة من تقدم بهم العمر وفي قلوبهم حنين الى الماضي في رومانسية عذبة . وقبل ذلك اسمحوا لي ان ابدا حديثي بهذا الايقاع الجنائزي وهو ليس بعيدا عن جوهر الموضوع .... ضاقت به سبل العيش وهو من عائله معدمة وعاطل عن العمل وهارب من اداء الخدمة العسكرية فكيف بمستطاعه الحصول على جواز سفر ليسافر به الى ارض الله الواسعة ولم يكن ينتمي الى حزب سياسي وانما كانت الثقافة حزبه . وتمكنت جماعه معينة من تهريبه الى (بيروت) مشياً على الأقدام عام 1968 حيث عمل في مجلة الشعر مع الشاعرين “أودونيس وانسي الحاج” وهناك التقى بامرأة اميركية متقدمة في العمر واشترطت عليه ان يتزوجها لتنقله الى اميركا وهكذا صار فألقى مرساته في خليج سان فرانسسكو لولاية (كاليفورنيا) ولما استيقظ من اوهامه بشأن اميركا راح الندم يكسر عظامه وكان في حينها يتابع اخبار بغداد وما اصاب الثقافة والمؤسسات الثقافية من دمار وانحطاط وتساءل في احدى قصائده هل صحيح انهم هدموا دار السينما السندباد ؟ هذا لأننا كنا انا وهو نرتاد هذه الدار لعرضها اروع الافلام . من هذا الانسان الذي عاش حياة حافلة بالأحزان والخسارات ؟؟؟انه الشاعر الصديق الراحل (سركون بولس 1944 الحبانية -2007 برلين) .
قالوا لي…
إنهم هدموا سينما السندباد!
يا للخسارة.
ومن سيُبحر بعد الآن؟
من سيلتقي بشيخ البحر؟
هدموا تلك الأماسي؟
حجرًا على حجر؟
قمصاننا البيضاء، صيف بغداد
حبيباتنا الخفراوات حتى
التجلي…
سبارتاكوس، شمشون ودليلة
فريد شوقي، تحية كاريوكا،
ليلى مراد؟
وهل يمكننا أن نُحبّ الآن؟
كيف سنحلمُ بعد اليوم
بالسفر؟
إلى أي جزيرة؟
هدموا سينما السندباد؟
ثقيلٌ بالماء شعرُ الغريق
الذي عاد إلى الحفلة
بعد أن أطفؤوا المصابيح
وكوموا الكراسي
على الشاطئ المقفر
وقيّدوا بالسلاسل أمواجَ دجلة . إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي 

الأحد، 25 نوفمبر 2018

ومضى قطار العمر




المقال : و مضى قطار العمر .
حجز الباشا (نوري سعيد) رئيس وزراء العراق (ڤارگون) عربة قطار صالون ، للقيام بسفرة خاصة غير رسمية من بغداد الى البصرة ، و كانت أجرة العربة حينذاك (15) دينار ، لم يجرؤ مدير المحطة الى مطالبة الباشا بالمبلغ المذكور ، مما حدا به الى تحرير فاتورة الى السيد (موفق القشطيني) مدير في السكك يبلغه بذلك (حتى يخرج المبلغ من ذمة مدير المحطة) ، و هنا أيضاً أصبح المدير (موفق) في حرجٍ شديد حول كيفية إسترداد المبلغ من الباشا ، فإن لم يفعل فسيكون هنالك نقص في حسابات المديرية ، يتحمل تبعتها هو . رجع المدير الى البيت و هو حزين مرتبك لا يعرف كيف يتصرف . فلما رآه والده (القشطيني) مهموما و عرف السبب ، قال له ، إليك الحل . إفعل كما فعل بك مدير المحطة ، و إبعث بالفاتورة الى مجلس الوزراء . أعجبته فكرة أبيه و قام باللازم . و بعد أيام رجع المدير الى البيت مبتسماً سعيدا و أبلغهم بما حدث . فقد دفع الباشا نوري سعيد الصك من حسابه الخاص و إستلمها (موفق) بنفسه من !!عنده و بتوقيعه !!! . و هكذا ... مضى قطار الخير
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

السبت، 24 نوفمبر 2018

أحبك يا أعظمية





المقال : أحبك يا أعظمية 


الصورة : المراحل الأخيرة من توسيع جامع الإمام الأعظم منتصف السبعينات  

انا بغدادي اصيل من عائلة كرخية عريقة عمرها الموثق 400 سنة في الكرخ . كرخي الاصل والولادة . انتقلت العائلة عام 1939 الى الاعظمية بسبب امتلاك البيت لغرض اقامة الجسر الذي ما يسمى اليوم بجسر الشهداء .كان عمري اقل من عام فبدأت انمو واكبر في الاعظمية والان عمري ثمانون عاما وانا اعيش في الاعظمية افلا يعني ذلك انني احب الاعظمية وانني افضلها على كل احياء بغداد بما فيها كرخنا العريق . كانت بغداد قبل ذلك محصورة بجانبيها بين البابين اي الباب الشرقي جنوبا وباب المعظم شمالا وطبيعي كان مايقابل البابين في جانب الكرخ مشمولا بهذا النطاق . وحين بدأت تتطور بغداد ما بعد نهاية الحكم العثماني بدأ اليهود والنصارى يتجهون نحو الجنوب خلف الباب الشرقي اما مسلموا بغداد فبدأوا يتجهون نحو الشمال باتجاه ما خلف باب المعظم فبدأت احياء جديدة في الظهور شمالا وجنوبا . كانت الاعظمية مدينة حضرية صغيرة يسكنها لفيف من عشيرتي العبيد والنعيم جاء بهما السلطان العثماني مراد الرابع بعد فتحه لبغداد المحتلة من قبل الحكم الصفوي في ايران وهدفه كان حماية قبر الامام الاعظم ابي حنيفة النعمان بن ثابت الكائن في مقبرة العجم المنعزلة عن بغداد المنصور التي بنيت عام 145 للهجرة ..وفي العهد العثماني كانت مجموعة من البساتين تفصل بين بغداد والاعظمية اهمها بستان الخفاجي وبستان ال نجيب باشا وبستان الدفاعي وبستان الدركزلي وبستان الرزنلي وبستان البغدادي وبستان ال رئيس الكتاب والجوربه جي...ان اول حي انشئ خارج السور والباب باتجاه الاعظمية كان حي العلوازية ثم جاء بعده حي نجيب باشا المسمى بشارع طه وهو يشكل بداية الاعظمية الحالية وتفصل بينهما قرية صغيرة يسكنها بعض الزرّاع من عشائر العبيد وخفاجة وسميت بالكسرة وامتد العمران باتجاه قبر الامام الاعظم فتأسست شوارع جديدة كالحريري وسيف الاسلام وعقمان نوري وعمر بن عبد العزيز وكذلك احياء جديدة كهيبة خاتون وراغبة خاتون والصليخ وامتلأت الشوارع والاحياء بالقصور الفخمة وحدائقها وبالبيوت الجميلة صغيرة وكبيرة وبالاسواق والمحلات التسويقية . في البدء بدأت بعض العوائل الارستقراطية البغدادية ببناء القصور الفخمة والانتقال للسكن فيها كناجي الخضيري وكامل الجادرجي وطه الهاشمي والحاج محمد صالح البغدادي وعبد الهادي الجلبي وسامي سليمان وجمال بابان وعبدالله الدملوجي وعائلة محمد فاضل باشا الداغستاني وعزت كركوكلي زادة وابراهيم الاوي ومصطفى العمري ومحمد فاضل الجمالي وعبد المجيد محمود وعبد العزيز البغدادي ومحمد حسن البغدادي وجودي البغدادي وعبدالله لطفي وحكمت سليمان ورشيد عالي الكيلاني وعبد الوهاب باشا الشركسي ونور الدين محمود ومحمد جعفر ابو التمن وعبد الامير علاوي وعائلة الجوربه جي وغيرهم الى جانب جمهرة من كبار الموظفين والضباط بعد ذلك بدأت الطبقة المتوسطة من موظفين وتجار وطبقة المثقفين من شعراء وادباء واساتذة وكتاب ومهندسين ومعماريين وكبار الفنانين بالانتقال الى الاعظمية والسكن فيها حتى اصبحت الحي او المدينة التي يتسم اهلها بالوعي والثقافة والابداع والاناقة . منطقة مزدهرة بحدائقها انيقة بمقاهيها تزهو بصباياها وشبابها لها طعم مميز ورائحة مميزة وجو مميز ورب سائل يسألني لماذا تحب الاعظمية ؟ اجيبه بأنه يجب ان يسأل الملك فيصل الاول لماذا اختار قصر شعشوع الكائن في الكسرة سكنا له ولماذا اختار البلاط الملكي في الاعظمية ولماذا أسس أول جامعة فيها وحتى قبره اختاره في الاعظمية وفيصل الاول هو باني العراق ومؤسسه ....ليسأل السائل لماذا اختار الشريف حيدر الاعظمية ليشيد فيها معهد الفنون الجمبلة وخالد الجادر الذي اختار الاعظمية لتكون مقرا لاكاديمية الفنون الجميلة ولماذا اختيرت الاعظمية لتكون اول مقر لجامعة بغداد وكل مباني الكليات ولماذا اختير اول نادي ملكي رياضي اجتماعي في ساحة عنتر وبني اول ملعب رياضي في الاعظمية ولماذا بنيت ثانوية كلية بغداد وجامعة الحكمة والمعهد البريطاني في الاعظمية . لقد تكون وعيي السياسي في الاعظمية وبدأت ملكتي الشعرية تتفتخ في الاعظمية وتزوجت في الاعظمية وجاء اولادي الثلاثة في الاعظمية واحلى واوفى اخوتي واصدقائي في الاعظمية ، فهل بعد ذلك كله يسألني السائل لماذا احبك يا اعظمية ؟


 مقال من تأليف :  د. طالب البغدادي 
منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الاثنين، 29 أكتوبر 2018

مناسبة مرور 25 عاماً على رحيل رائد الرياضة العراقية (عوسي الأعظمي)






المقال : لمناسبة مرور 25 عاماً على رحيل رائد الرياضة العراقية (عوسي الأعظمي) .

الصورة : آخر رحلة من رحلات السندباد البري (عوسي الأعظمي) حيث زار مدينة (جرش) الأثرية ، شمال غرب (المملكة الأردنية) و تبعد 48 كم عن العاصمة (عمَّان) نهاية عام 1980م .

إن الرياضة هي قدرات تمكن الإنسان من تجاوز كل المحن و تجعله في صيرورة جديدة تعطيه المتعة و الشجاعة و القدرة على ممارستها بروح رائدة و خلّاقة تمكن الإنسان ليصنع مستقبله بدون ردة أو تراجع في دنيا كثرت فيها المطبات لتنغر كل الجراح . فالرياضة هي تنشيط للذاكرة لتساهم في صنع وعي خلاق يقي الإنسان من ترهلات الدنيا . ففي العراق رجال أعطوا للرياضة إستحقاقها الإرثي و الحضاري برغم شظف العيش و شغف الناس في تعلمها ، و كان من أبرزهم منذ بداية القرن المنصرم ، الأبطال (عباس الديك) و (صبري الخطاط) و (مجيد ليلو) و (عوسي الأعظمي) رحمهم الله . لقد ولد رائد الرياضة (عوسي الأعظمي) رحمه الله عام 1913م ليكون رمزاً للرياضة و مثلاً لكل الذين ساهموا في النهوض بالملاعب الرياضية . إن رائد الرياضة (الأعظمي) شكل محوراً أساسياً لكل الساحات الرياضية التي ما خلا ذكره عنها ، فهو في ذاكرة التاريخ أبٌ روحي لكل المبدعين الرياضيين الذين لم ينكثوا عهداً و لم يتراجعوا عن مفهوم الرياضة . إنني أجد في هذا الرجل عطاء ثراً يعطر كل المفاهيم الأخلاقية و التربوية التي أترعت روح الرياضة ، فهو بطل رياضي بارز بلا منازع إمتلك قدرات أخلاقية و جسمانية وسَّعت من ذاكرة الزمن ليبقى (عوسي الأعظمي) بطلاً رياضياً في منأى عن كل الترهلات التي كانت وراء تراجع الرياضة في هذا الزمن . إنني أحيي كل الرياضيين الذين جعلوا الرياضة مصدراً للثقافة و التقدم و التحضر . و هذه تحية من الأعماق لكل رواد الرياضة الذين جعلوا منها مسارات لإنعاش الروح و قيماً خلاقة تغذي الروح بالهمة و الإرادة و الشجاعة . (بقلم الصحفي الشاعر جليل نعمة العبادي) جريدة المشرق/ الأربعاء 3 تشرين الأول 2018م .

 . ( خالد عوسي الأعظمي ) .

الجمعة، 24 أغسطس 2018

طوب أبو خزامة



المقال : طوب أبو خزامة


الصورة : طوب أبو خزّامة امام المبنى القديم لوزارة الدفاع مقابل ساحة الباب المعظم .
وسط عاصمتنا الحبيبة بغداد ينتصب مدفع نحاسي أصبح فيما بعد جزءا من التراث الشعبي البغدادي وشارعه العتيد شارع الرشيد، وارتبط مدفع (ابو خزامة) بالكثير من العادات والمعتقدات الشعبية كما سميت محلة باسمه محلة الطوب نسبة إلى المدافع ً.. وطول المدفع أربعة أمتار وقطر فوهته نصف متر مصنوع من النحاس وسمي ب (طوب أبو حزامه) لوجود عروتين على جانبيه مع خرم في فوهته وشبه العامة كل عروة منهما ب (الخزامه) وهي الحلقة التي تلبسها المرأة في الريف في انفها بعد ان تخرم جانب الأنف وظل هذا التشبيه ملازماً لهذا المدفع العثماني حتى نقل الى المتحف البغدادي ويعتقد انه صاحب معجزات وبعض من كتبوا عنه قالوا أن له الفضل الكبير في دحر الفرس واستعادة بغداد من قبل العثمانين حتى أضحى كما يقول عبد الكريم العلاف في نظر البسطاء من الناس أنذاك ولياً من أولياء الله يزورونه ويتبركون به ويعقدون الخرق بسلسلة الحديد التي تربطه الى قاعدته ويشعلون الشموع حوله كل ليلة جمعة واكثر زواره من النساء. فالمرأة البغدادية تعتقد أنه ولي قلماً يخيب أمل زواره وبالطبع فأن اغلب المعتقدات العراقية هي معتقدات مبنية على (الأمل والرجاء) فالانسان العراقي رغم قوة تحمله وشجاعته في بناء حضارة وادي الرافدين عاش في بلد متلبد دائماً بالنكبات والمصائب وكان الإنسان العراقي يعقد الأمل حتى على الحجر الصامت ليعينه على تجاوز الصعاب ويبدو ان انتشارالأمية والجهل بين الناس انذاك في معظم نواحي بغداد قد ساعد كثيرا في نسخ هذه المعتقدات الخرافية حول هذا المدفع وغيره من الاشياء التي اصبحت موضع معتقدات البغداديين مثلما كانت الحكومة العثمانية تتركه منتصبا أمام المارة في الجادة العمومية (شارع الرشيد) لتجعله رمز قوتها وعنوان مهابتها ومن خلفه في ساحة القلعة أنتشرت مدافع أقل 
أهمية منه بشكل يشير إلى مهابة العسكر في هذه الثكنة الأيلة للسقوط 
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) .

الأعظمية و ثورة العشرين




المقال : الأعظمية و ثورة العشرين 

الصورة : مقهى فرج بوش في الأعظمية

في عام 1920 احتفل الاعظميون بثورة العشرين في مقهى فرج بوش 
وكانت المقهى على (مياه وهاب) في شط الباشا 
وان أول من رفع راية الثورة هو محي الدين الحلي
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) .

الثلاثاء، 14 أغسطس 2018

زعامة الاعظمية



المقال : (زعامة الأعظمية) !!!؟؟؟ .
الصورة : الزعيمان (هتلر الأعظمي) و (صالح پتريكا) وقصة الصراع الدامي على زعامة الأعظمية . بعدسة المصور (زهير كاكا) . .
أهالي الأعظمية يتذكرون بكل شجن و حنين شخصيات مهمة أحبوها ، لها أثرها في ذاكرة المجتمع الأعظمي . منهما ، شخصيتين رائعتين ، على الرغم من بساطتهما وعفويتهما ، فالأول هو (جاسم محمد) أو (هتلر الأعظمي) . يتذكر أهالي الأعظمية الشخصية الظريفة هتلر . فقد كان أحياناً يرتدي زي مفتش مصلحة نقل الركاب ويصعد باص المصلحة ويطلب من الركاب إبراز بطاقاتهم للتأكد منها، ولا أحد يعترض بما فيهم الجابي ، ويقال أن مدير المصلحة (سيد جعفر) سمح بذلك ، وعند النزول يصيح هاي هتلر ويردد الركاب هاي هتلر . كما تراه أحيانا بالروب والبيجاما المخططة في (سوق الأعظمية) والكل تحييه بهاي هتلر، كان شخصية لطيفة ومحبوبة . وكان لشبهه الكبير بالزعيم الألماني (أدولف هتلر) أثره على شخصيته , مما جعله يقلده في كل شيء تقريباً في (حركاته وتحيته ولبسه وشاراته وشاربه وتسريحة شعره وكذلك الپايپ الذي يدخن به) و لا يدري بأن هتلر الأصلي لا يدخن ، حتى تقمص شخصيته التي جعلته يتخيل زعامة العالم . وأهالي الأعظمية يرقبون ذلك ويمازحوه بما يتخيل ، مما جعلهم يختلقون شخصية ثانية تمثل دول الحلفاء لأجل الوقوف أمام طموح هتلر الأعظمي اللامحدود ، والذي كان يمثل دول المحور وكانت هذه الشخصية هي شخصية (صالح پتريكا) منظف السجاد النحيف الذي كان يسعى على رزقه في أزقة الأعظمية لتنظيف السجاد . حيث كان يقوم برفع السجادة الكبيرة (الزولية) من طرفها وإنزالها بقوة ويستمر عدة مرات حتى تتخلص الزولية من التراب الذي بداخلها وقد يقوم صاحب البيت بإخراج أكثر من زولية واحدة لأجل تنظيفها فيقوم صالح بإجراء اللازم ويبقى هكذا طوال اليوم في أزقة الأعظمية بطاقة جسدية وقوة لاتصدق . وكان صالح قليل المال كثير العيال وتنظيف السجاد عمل موسمي (قبل بدء موسم الشتاء فقط) فلذلك كان من السهل على من يريد مساعدة صالح مادياً أن يوقع بينه وبين هتلر وإيهامهما بالحصول على زعامة الأعظمية التي من خلالها يسيطران على العالم كما كانا يتصوران . وحدث في إحدى المرات عراك بينهما في سوق الأعظمية بعد أن أوقع بعض أهالي الأعظمية بينهما. إبتدأ النزاع بإدعاء كل منهما زعامة الأعظمية ثم تحول الى التهديد والكلام الجارح وإنتهى برمي (العيارات) غير النارية فلقد كانت (عيارات الميزان) مما أدى الى جرح كليهما . رحم الله (هتلر الأعظمي وصالح بتريكا) عاشا فقراء وماتا فقراء في فترة الثمانينات ولم يتمكنا من زعامة العالم و لا حتى زعامة الأعظمية . (أحداث هذه القصة منتصف السبعينات تقريباً) . للكاتب  .  خالد عوسي الأعظمي

الاثنين، 13 أغسطس 2018

حرامي إبن حلال


( عباس السبع - روبن هود العراق ) .
اللص الشريف من الشخصيات الفولكلورية التي استهوت كل الشعوب. يظهر انه بعد ان يئس الناس من عدالة الحكام راحوا يحلمون بالعدالة التي تأتيهم من اللصوص ورجال العصابات. انها من ابدع الشخصيات الرومانطيقية. اشتهرت عند الإنكليز شخصية روبن هود، اللص قاطع الطرق الذي دوخ الحكومة في القرون الوسطى في منطقة غابات نوتنكهام في شمال بريطانيا. ما زال الأطفال يتغنون باسمه، روبن هود.. روبن هود يسرق من الأغنياء ويعطي للفقراء. كانت لدينا في العراق شخصية مشابهة في اوائل القرن الماضي. انه عباس السبع الذي ولد وعاش في جانب الكرخ من بغداد، في محلة سوق الجديد. كان من الأشقياء الشرفاء. مثل روبن هود، يسرق من الأغنياء ويعطي للفقراء. كل من كان محتاجا من ضعفاء الحال كان يذهب لعباس السبع ويشرح له حاله. كل من استحقت عليه غرامة للسلطات، او بدل جندية، ذهب اليه يرجو مساعدته. ولم يبخل بها هذا اللص الشريف. اذا شح بيده المال ولم يجد لديه ما يكفي لطالب المهر او طالب البدل، خرج ليلا وقام بسرقة صغيرة ودفع للرجل حاجته. بالطبع، بينما تعاظمت شعبيته بين الجمهور، ازداد كره السلطات له. وفي احدى المصادمات التي جرت بينه وبينهم، تمكن من قتل رئيس الجندرمة. فقرر الوالي وضع حد له، والتخلص منه بأي ثمن كان. فجند له عددا كبيرا من الشرطة لمحاصرته والقاء القبض عليه. فجرت معركة ضارية بين عصابته ومفرزة من الشرطة. واستمرت المطاردة والمقابلة في الأزقة والطرقات حتى نفد عتاده ولم يبق له غير ان يهرب بعبور النهر الى جانب الرصافة. فعبر هو وصاحبه خماس بن شالة، واختبآ في مسجد فرج الله. بيد ان قوات الأمن لحقت بهما، وفيما كانا داخل المسجد بدون عتاد او سلاح، اطلقوا النار عليهما واردوهما قتيلين، مما يعتبر تجاوزا اثار عواطف اهل بغداد ضد السلطة العثمانية. ولكن الجندرمة لم يلتفتوا الى ذلك فشدوا الجثتين الى الخيل وسحلوهما في الطرقات امام الجمهور وبين بكاء النساء ودعاء الرجال. ولكن ما ان انتهت السلطة من مسرحيتها واعادت الجثتين الى ذويهما حتى قام اهل بغداد بتشييعهما الى مقبرة الشيخ معروف تشييعا لم تشهد مثله بغداد منذ سنين. لم يكن من تقاليد العراق خروج النساء في الجنائز، ولكن نساء الكرخ اصررن على تحدي هذا العرف فخرجن في كوكبة كبيرة وراء الجنازة، يضربن على صدورهن وينثرن التراب على رؤوسهن وينشدن ويهوسن بأمجاد القتيلين، عباس السبع وخماس بن شالة ويقلن في اهازيجهن:
يا اهالينا اطلعوا، ثارت الطلقات
وأجيته غفل يا وسخ الردان،
اجيته غفل والرصاص خلصان،
وعباس السبع يا مطيّع التجار.
كانت في الواقع مظاهرة وطنية مبكرة في تحدي الاحتلال الاجنبي للبلاد والطبقة الغنية المترفة، اخذت طابع العزاء لمقتل اثنين من الأشقياء الشرفاء . خالد القشطيني . إقتباس بتصرف . خالد عوسي الأعظمي 

الأربعاء، 11 يوليو 2018

درب السلطان في أعظمية النعمان




المقال : درب السلطان في أعظمية النعمان 

.
الصورة : شارع (عمر بن عبد العزيز/ درب السلطان) عام 1959م 
.
في يوم الأحد٢٣جمادي الأولى سنة ٩٤١هـ/1534م وصل السلطان (سليمان القانوني) الى منطقة (الراشدية) شمال (الأعظمية) و معه جيش كثيف و ضربت عساكره خيامها عند زاوية الشيخ (محمد السكران) و في يوم٢٤جمادي الأولى وصل السلطان سليمان الى الأعظمية {لا يزال الطريق الذي سلكه السلطان سليمان القانوني يسمى (درب السلطان) و هو شارع عمر بن عبد العزيز} و نزل عن فرسه عند مشارف البلدة و مضى ماشياً الى مشهدالإمام الأعظم و صلى فيه و زار ضريح الإمام و أحسن الى الموظفين و السادن و الأئمة و المدرسين و القرّاء ، و كان مع السلطان حشد عظيم من الفقهاء و الشيوخ و القادة الكبار و شيوخ القبائل العربية و كان يوماً مشهوداً. و زحف أهل بغداد الى الأعظمية لإستقبال السلطان ، و أقام سليمان في الأعظمية عدة أيام و منع جيشه من دخول البلدة ، أو أن يُلحقوا أذىً بأحدٍ من الناس (ا. هـ تاريخ الأعظمية). في هذا الشارع المخضل وفي ركن منه مزدهر بالدفلى والجوري والجهنمي المتسلق على الجدران ، كان البيت الواسع يطل مباشرة على شارع عمر من منطقة (الصليخ) الواسعة الممتدة من (كلية بغداد) شمالاً حتى (النادي الأولمبي) جنوباً وكان النظر من الشرفة على الفضاءات البعيدة صباحاً يبعث الأمل ويقوي من العزيمة ، كانت الحياة في هذا الشارع في غاية الهدوء والدعة وكانت علاقات الجيرة ذات تقديس للأسر المتحابة التي تعيش فيه بلا تمايز او تنافر، في هذا الحي دائم الخضرة بيوت كوكبة واسعة تعود لكبار موظفي الدولة والاساتذة والصحفيين والفنانين والادباء والاطباء والصيادلة والصناعيين والتجار وأرباب المهن ، ولو أردت ان تتعرف عليهم من خلال منظار الطوائف والمذاهب والأعراق السائدة اليوم لوجدت كوكبة من العرب والكرد والتركمان ولإلتقيت بشيعة وسنة ومسيحيين ويزيديين يعيشون في أمان وأطمئنان ومحبة وتلاحم . اذكر ان للنساء ايام زيارات متبادلة في هذا الحي يسمى ال(قَبول) يتجمعن فيه لتبادل الاحاديث وتقوية العلاقة يقابلها لقاءات رجالية في بيت هذا او ذاك على مدار الاسبوع ، ان الذين تجمعهم تلك الندوات كانوا على النقيض في المعتقدات الدينية و السياسية بالذات حيث كانوا من مشارب حزبية متنوعة كالوطني الديمقراطي والاستقلال والجبهة الشعبية والامة والدستوري والاصلاح بل وحتى من الشخصيات اليسارية التي كانت تسمى متطرفة . اما الاختلافات الدينية فقد كانت ترتبط بأكثر من عقيدة ومذهب وطائفة لا المسلمة منها وحسب بل و حتى المسيحية وغيرها لكن التدقيق والتحقيق والتحدث بهذا الامر كان من المثالب بل وخارج نطاق الذوق لذلك فان تفريقنا هذا هو من صناعة هذه الايام . شارع التآخي الذي جمع بالود آل كاشف الغطاء بآل الشواف وربط بالآصرة آل بابان بآل فرهاد وقرب الاباء اليسوعيين الى أئمة الجوامع والمساجد (ا. هـ خالص عزمي) . ويستذكر (سرور مرزا) شارع عمر مرورا بالصليخ و(سبع أبكار) يحتل موقعا متميزا لكونه محاط بالبيوتات الجميلة والڤِلَلْ وفي وسطه جزرة زرعت فيها أشجار باسقة وفي يعض منها كانت البساتين الصغيرة الخضراء وعرفت منذ القدم بحسن مناخها وطيب هوائها وخصوبة تربتها إضافة لاعتدال طقسها، وهو شارع التمشي حيث تتراءى لك جمال منظره صباحاُ ومساءً . تعودنا بعض الأحيان التمشي هناك ومشاهدة سباقات (السكيت) التي كان يديرها (عوسي الأعظمي) الرياضي المشهور لبطولة العراق حيث يبدأ السباق من (ساحة عنتر) مرورا بالشارع المذكور والى مسنّاية بلاسم والعودة لساحة عنتر (ا. هـ) . 

الثلاثاء، 15 مايو 2018

درابين الشيوخ و جسور الأعظمية




المقال : درابين الشيوخ و جسور الأعظمية .

الصورة : من اليمين عامر بن أبوالجود وباسم محمد سعيد ورزاق، عند رأس (جسر الأئمة) من جهة (محلة الحارّة) في (الأعظمية) عام 1973م وتظهر خلفهم درابين (محلة الشيوخ) التي ذكرها (هاشم الدباغ) و هي :- دربونة عبد الله السلام مقابل مقهى حجازي تنتهي بالشط و فروعها دربونة بهاء الدين البياتي والد المحامي أكرم البياتي و دربونة عيسى عبد الأعمى و هي قرب بيت أسطة عبد الرزاق محسوب و دربونة إبراهيم دلَّه قرب بيت عبد الله عدّول بن الحاج حافظ و دربونة حسّون السكران و دربونة الحاج حجازي و دربونة ريمة المسلمانية أو صبار وحيد الخطاط مقابل بيت رشيد شلال و قرب بيت عبد الرحمن البحري و دربونة زمّاوي و سليم فريج و هي مجاورة لعلوة حسّون السكران في السوق مقابل بيت عبد الباقي النجار كان فيها مدرسة أولية و دربونة حسين حنود (حسين بلدية) والد عبد الكريم الصيدلي صاحب صيدلية الأعظمية و دربونة خليلان التي فيها دربونة عبد الرحمن عبد الكريم الريس و دربونة حسن كافر و أبو سبع و حمودي القصاب و دربونة إبراهيم الجاسم و نجية الخبازة و دربونة حسن قواس (دربونة مكينة الطحين العائدة للحاج عوّاد بن عماد) ا.هـ .
من (تاريخ الأعظمية / وليد الأعظمي) :- إن العمران في الجانب الشرقي من بغداد بدأ مبكراً مع بناء مدينة المنصور المدورة . إن الخليفة المهدي بدأ ببناء قصره في الرصافة سنة 143هـ و ذكر (الطبري) أن المنصور هو الذي بدأ ببناء الرصافة و ليس المهدي و ذلك سنة 151هـ و ذكر (الخطيب البغدادي) و (إبن الفقيه الهمذاني) مثل ذلك ، و أن المهدي فرغ من بناء الرصافة و مسجده و قصره سنة 159هـ . قال (د.مصطفى جواد) أما فيما يختص بالجسور على نهر دجلة ، فكان يجري تحويل و تبديل بينها حسب الحاجة و حسب مقتضيات الحروب . فقد كان الجسر الكبير بين مدينة المنصور و الرصافة أول جسر شيّد على نهر دجلة في بغداد على عهد المنصور ثم عقد بعد ذلك جسر الشماسية في الشمال و كذلك الجسر الأسفل الذي صار في الحد الجنوبي من سور المستعين . و بعد مقتل الخليفة الأمين عطِّل جسر الشماسية فبقي إثنان . و لما بنى معز الدولة داره (المعزِّية) بباب الشماسية سنة 350هـ عقد لها جسراً يربطها بالجانب الغربي ، و نصب بعده عضد الدولة جسراً في باب الطاق . و في أول (العهد السلجوقي) سنة 448هـ نقل السلاجقة جسر باب الطاق الى مشرعة الحطابين في الجانب الشرقي ليربطها بمشرعة الروايا في الجانب الغربي . ذكر (إبن الجوزي) إن في باب الطاق جسرين يعبر الناس على واحد و يعودون على الآخر ، و في أول (العهد العثماني) لم يكن في الأعظمية جسر ، و كان الناس يعبرون في الزوارق و القفف . و في أواخر العهد العثماني نصب في الأعظمية جسر خشبي ، وكان الناس يعبرون عليه مع دوابهم بالأجرة . وكان موضعه في مكان جسر الأئمة الحالي ، ثم نقلته السلطة الى بلدة النعمانية أثناء الحرب العظمى لأغراض عسكرية ، و نصبت في موضعه (عبّارة) بالسلك الحديدي .  وعند تأسيس الحكومة العراقية ، أعيد نصب الجسر الخشبي في الأعظمية في (محلة السفينة) وكانت الحكومة تعلن في الصحف عن المزايدة في ضمان الجسر سنوياً ، والناس يعبرون عليه بالأجرة حتى ألغي رسم العبور سنة 1925م . وفي سنة 1951م أنشيء جسر حديدي لعبور القطار و السيارات و السابلة في (الصرافية) جنوب الأعظمية .  وفي سنة 1955م بوشر بإنشاء جسر حديدي ثابت في الأعظمية وإفتتحه الملك (فيصل الثاني) يوم 2 مايس 1957م وسمي بجسر الأئمة وأنشيء كذلك جسر حديدي آخر خلف (المقبرة الملكية) في الأعظمية . 
كما أنشيء جسر رابع في شمال الأعظمية عند صدر قناة الجيش .
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

الجمعة، 11 مايو 2018

مواقف من المسيرة الرياضية




المقال : مواقف من المسيرة الرياضية . 

الصورة : تكريم البطلين (عوسي الأعظمي) و (خليل بَنانَه) من قبل الدكتور (أموري  إسماعيل) مكافأةً لهما على إستعراض الزورخانة الذي أبدعا فيه عام 1970 




كانتْ إدارة (نادي الاعظمية الرياضي) تقيم سنويا مهرجاناً رياضيا كبيراً وعاماً، بمناسبة ذكرى تأسيسه عام 1951 برعاية احد المسؤولين الكبار في الحكومة وبدرجة وزير او اعلى . ويحضر المهرجان جمهور غفير من رواد الرياضة والشباب من كافة أنحاء بغداد والمحافظات وممثلين عن النوادي الرياضية الرسمية والاهلية. وفي احد هذه المهرجانات قبل اكثر من 30 عاماً جرى مهرجان شعبي كبير برعاية (وزير الداخلية) الذي كان يهتم بشؤون الرياضة بصورة خاصة, وكان منهاج المهرجان يشمل مختلف الفعاليات الرياضية التي تمارس في النادي، كالملاكمة والمصارعة وكرة السلة والطائرة ورفع الاثقال وكمال الاجسام وبعض الفعاليات للدراجات. وقد وزعت ادارة النادي بطاقات الدعوة للمهرجان على كافة المؤسسات والنوادي وجمهرة الرياضيين لافتتاح المهرجان بمباراة كرة السلة بين فريقي النادي (أ و ب) وقد حضر مبكراً الرياضي المخضرم (عوسي الاعظمي) بعد ان تسلم بطاقة الدعوة واستقبله رئيس لجنة الاستقبال والتشريفات للمهرجان الدكتور اموري، فرحب به ترحيباً مميزاً واجلسه في المكان المخصص لكبار الضيوف والمدعوين في المقاعد الامامية المحيطة بساحة كرة السلة، فالتفت عوسي الى اموري وقال له بدون مقدمات: إحنا إشِّفنا منكم ؟ انتم سويتوا ثورة.. و أحنا طلعنا وهوّسنا، وأيدناكم، وما قبضنا منكم شي .! وكان يبدو على وجهه التجهم والانزعاج وعدم الرضا. فأجابه اموري مبتسماً: ما يصير الا خاطرك طيب، هسه اروح أكوله للسيد الوزير، وهو يريد خاطرك. فذهب اموري واخبر الوزير بما جرى مع عوسي وتعليقه المتهكم..! فقال له الوزير: يراجع وزارة الشباب في اليوم التالي لغرض قبض إكراميته وهديته الثمينة. فرجع اموري واخبر عوسي بمراجعة وزارة الشباب في اليوم التالي، ويتلقى كل خير ويدهن ايديه بالاكرامية. وفي اليوم التالي ذهب اموري الى وزارة الشباب الكائنة قرب (ملعب الشعب) بحدود الساعة 8 صباحاً حسب الاصول قبل بدء الدوام الرسمي بدقائق، فوجد امامه عوسي وهو متجهم الوجه ويبدو على قسائم وجهه العبوسية والغضب يصيح بوجهه: هاي وينكم يابه توعدون وما توفون بوعودكم صارلي ساعتين انتظر السيد الوزير وانتظرك وماكو جنابكم.. هاي الهدية الاكرامية هم ما اريدها.. وأدار ظهره محاولاً الابتعاد عن أموري وركوب دراجته الهوائية، فلم يفهم أموري ماذا يقصد عوسي من كلامه المتهكم وبأنه كان ينتظر لمدة ساعتين والوزير لم يقابله. فهرول نحو عوسي وقال له: يا رجل... ابن الاخ، عيني الدوام يبدأ الساعة 8 صباحاً والان الساعة 8 و 5 دقائق والوزير الان وصل وسوف أذهب لأخبره بوصولك. فقال له عوسي غاضباً: آني بعد صلاة الفجر ركبت بايسكلي من البيت في الاعظمية واتجهت نحو الوزارة، ووصلتها قبل ساعتين وما لقيت أحد منكم.. وما خلَّوني ادخل. هاي موخوش دگه..! فقال له أموري: انتظر شوية.. صارلك ساعتين هنا تنتظر، انتظر 5 دقائق. وذهب اموري الى الوزير ليخبره ان عوسي في الخارج، وصارله ساعتين ينتظر. فضحك الوزير بملء فَيِّه، وقال: عفية عليه. بدل ما نكرمه 25 دينارا، راح نكرمه 50 دينارا على انتظاره. فذهب اموري واخبر الرياضي المخضرم بقرار السيد الوزير بزيادة مكرمته... ففرح الرياضي عوسي بالخبر، وقال للدكتور أموري: تعال اليوم بالليل قرب الجامع اعزمك على عشه.. معلاك وفشافيش.. .ولخاطرك يكلف نصف دينار.


ثم يستدرك صاحب المقال (عامر ناجي) قائلاً :- عوسي الاعظمي : من الرياضيين الرواد برزوا في اربعينيات القرن العشرين، وكان معروفاً في المصارعة والسباحة، وعندما اعتزل ممارسة الرياضة وتقاعد اخذ على عاتقه إقامة بطولات عديدة للمصارعة والسباحة للمسافات الطويلة والدراجات والتزحلق (السكيتنك)، وكان معروفاً عن الرياضي المخضرم عوسي انه ينتقل بين محلات بغداد ودوائر الدولة والنوادي بدراجته الهوائية مهما بعدت المسافة، ولم يعرف يوماً انه تنقل بالباصات 


والسيارات ويقول عن ذلك. انها جزء من ممارسة الرياضة ركوب الدراجات

.

 (جريدة المشرق - ذاكرة عراقية - تأليف: عامر ناجي)
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 


الجمعة، 27 أبريل 2018

صباح الخير يا لوله ، على بغداد يا لوله



المقال : صباح الخير يا لوله ، على بغداد يا لوله .

الصورة : (زينب محمد أحمد الجندي) ولدت في 28/آب /1902 و توفّيت في نفس اليوم الذي ولدت فيه بالقاهرة عام 1983 . 

أول فنانة عربية جمعت بين الغناء و التلحين و العزف على العود و التمثيل قبل (أم كلثوم) و (لور دَكّاش) و (نادرة) بدأت الغناء عام 1925 ، عملت في تخت المطربة (منيرة المهديّة) أُعجب بها أمير الشعراء (أحمد شوقي) جدا، وقدّم لها كثيرا من قصائده ، لحّنت بعضها و لحن (محمد القصبجي) البعض الآخر و قام (السنباطي) و (الموجي) بتقديم الألحان لها . أطلق عليها (حسني الخطاط) والد الفنانتين (نجاة الصغيرة) و (سعاد حسني) إسم (مَلَك) وإشتهرت باسم (ملك محمد) وفيما بعد (السيّدة ملك محمد) كما أطلق عليها الكاتب والصحفي (محمد التابعي) لقب مطربة العواطف

تعرّف رئيس الوزراء (نوري سعيد) على السيّدة ملك عندما كان يتردّد على (مصر) قبل ثورة 23 يوليو وسمعها فأُعجب بها كثيرا وتعاطف معها بعد إحتراق مسرحها (أوبرا ملك) في أحداث حريق القاهرة عشيّة قيام الثورة المصريّة عام 1952 . فبنظرة يملؤها الأسى وقفت ترقب النيران وهي تلتهم المسرح الغنائي الذي اسسته بعد رحلة كفاح ، كما إحترق فلمها الوحيد و كل مسرحياتها عدا مسرحية (مايسة) من هنا كانت بداية غيابها التدريجي منزوية في منزلها بين مجموعة من الآلات الموسيقية التي قُدمت لها كهدايا من كبار الرؤساء والشخصيات وهي في قمة المجد والشهرة . ولهذا فقد عمل (الباشا) على استقدامها من مصر و أقام لها استقبالا كبيرا جدا حتّى خُيّلَ لبعض الناس أن البلاد تستقبل أحد القادة أو السياسيين الكبار. وبعد أن أقامت في بغداد استعادت نشاطها وقدّمت للإذاعة العراقيّة أربعة أغاني جميلة جديدة ، ما زال أهل بغداد يردّدونها ، وهي (أنا في انتظارك يا ورد) و (ياحلوة الوعدِ ما نسّاكِ ميعادي) و (زين زين) أما أغنية (صباح الخير يا لوله) والتي كانت من ألحانها وأدائها. فقد استطاعت بها أن تشغل أهالي بغداد واكثر الاذاعات العربية منذ أوائل الخمسينيات وإلى يومنا هذا . فهم يستمعون لها في كل صباح تقريبا ، ويستمتعون بتذكّر صباحات تلك الأيام بانشراح وشوق عميقين وبسرور بالغ ، فقد عاشت في وجدان أغلب العراقيين لعقود طويلة ، فاحبوها وتفاعلوا معها بحميمية انسانية لا توصف و بعثت في نفوسهم آفاق الأمل وبهجة الحياة . امتلكت بكلماتها المحدودة المؤثرة كل عناصر النجاح والخلود ، لانها كانت في منتهى الصدق والبساطة والشجن، ولانها كانت تخاطب بعفوية مشاعر الساعين للوقوف على ابواب كرم الله في الصباحات الباكرة . عملت ملك في بعض ملاهي بغداد واستطاعت أن تقدّم نوعا راقيا ومختلفا عمّا كان الغناء العراقي يدور في فلكه ، كان يُعرف عنها جدّيتها في العمل الفنّي ودقّتها في الإلتزام بالمقامات الموسيقيّة والأوزان والإيقاعات وكان العازفون يعملون لها ألف حساب ، وبعد العودة الى مصر أعادت تكوين فرقتها عام 1957 وقدمت عرضين هما «فتاة من بورسعيد» 1957 و«نور العيون» 1959 وقامت ببطولتهما . في اواخر ايامها ومع دخولها العقد التاسع من العمر كان يحلو لها ان تتناول العود بيدها المرتجفة وتعزف عليه مستعيدة بصوتها اجمل الاغنيات التي قدمتها لجمهورها على مسارح القاهرة حين كان يغص بكبار الشخصيات السياسية والادبية والفنية ، ورغم كل ما وصلت اليه الا انها لم تنسَ انها ابنة حي «الجمالية» العريق في القاهرة، مع ان أغلب رواد مسرحها من الاثرياء الا انها لم تكن تتردد في احياء الافراح لأهالي الحارات الشعبية مستمتعين بصوتها ولساعات متأخرة من الليل
...
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

الاثنين، 9 أبريل 2018

ليلة سقوط الأعظمية ، ليلةٌ بكى فيها القمر .



المقال : ليلة سقوط الأعظمية ، ليلةٌ بكى فيها القمر .
الصورة : الساحة المقابلة لجامع الإمام الأعظم . و هذا بعض من آثار الدمار و الخراب ألذي تعرضت له مدينة (الأعظمية) بعد الإجتياح الأمريكي لها في 10 نيسان عام 2003 م . .
هولاكو مرّ من هنا ، قالها الأعظميون حين سألت بعضهم عما جرى لحيّ الأعظمية أثناء اقتحام بغداد من قبل قوات الاحتلال الأميركي ، وآثار الدمار والخراب تنتشر في كل جزء من مرافق هذا الحيّ الكبير المزدحم بسكانه وحركته اليومية ، فالحياة تبدو مشلولة في هذا الحي والحوانيت والاسواق والمحلات المعروفة بازدهارها وغناها مغلقة ، والوجوم يبدو على وجوه الاعظميين وكأن عيونهم معلقة في السماء وهم يجدون أنفسهم فجأة بين دبابات وآليات وجنود الاحتلال التي احتلت حيّهم بجميع مفاصله ، حتى بيتي الذي أسكنه منذ العام 1939 لم يسلم من قذائف الاباتشي ورصاص الجنود على رغم بعده النسبي عن ميدان المعركة التي جرت أيام 10 و11 و12 أبريل/ نيسان 2003 بين القوات الأميركية وأهالي حي الاعظمية (ا . هـ . طالب البغدادي) . بعد غياب اربعين عاما اصيب المهندس المعماري (جمال نعمان) الذي ترك العراق مطلع السبعينيات مستقرا في (استراليا) بالدهشة والحيرة وهو يتنقل منذ ايام بين شوارع وازقة " الاعظمية" التي كان يسكنها مع عائلته منذ خمسينيات القرن الماضي ..المهندس جمال تحسر وهو يشاهد مدينته التي فقدت الكثير من ملامحها المعمارية المؤثرة ، يستذكر ابيات الشاعر (عبد الملك الوراق) الذي يقول مطلعها.. من ذا أصابك يابغداد بالعين .... الم تكوني زمانا قرة العين .... يامن يخرب بغداد ليعمرها .... اهلكت نفسك مابين الطريقين . المهندس المغترب وجد نفسه بين احضان مكتبة مسجد الامام ابي حنيفة وهو يتناول كتاب د. الراحل هاشم الدباغ " الاعظمية والاعظميون" الذي يسلط الضوء فيه على بيوت ومجالس مدينة الامام الاعظم ومنها مجلس الشيخ حمدي الاعظمي في داره بمحلة السفينة بعد صلاة العصر من يوم الجمعة من كل اسبوع والذي يجتمعون فيه رجال العلم والفضل واعيان البلد من علماء وادباء ووزراء ليتداولوا فيه مختلف الاحاديث . ( ا . هـ - كاظم لازم ) . كل الجدران ستتهاوى أيتها الأعظمية . لا تتَّشحي بأردية الحداد . لا تدعي مياه دجلة تلثم شواطئك بإستحياء . لا تبكي أمام مائدة النهار . لا تقولي لزوارك أن يعودوا أدراجهم . فكل الجدران ستتهاوى ايتها الاعظمية الجميلة . أنت ياقلب بغداد ، ياصبيتها التي يحوم فوق شعرها الفراش ، وعلى راحتيها تنبت الزهور . ياأغنية الصباح ، و صوت [زكي الساعاتي] في أذان العشاء . ياغديراً من الضوء ، و يا حقلاً من يراعات ونجوم . أنت يامائدة يتحلق حولها المحبون . لا أريدك أن تقفي أمام قمر الليل حزينة خائفة . أيتها الأعظمية . يا مهرجانا من صبايا تلعب بضفائرهن . يا قدح الماء البارد.، يا شجرة الصفصاف التي كتبتُ العرائض تحت مظلتها . ياقطعة حلوى خارجة للتو من افران (نعوش) . يا تلاوة الفجر التي يتهجد بها (عبد الستار الطيار) . ياليلة صيف مقمرة . يامقامات (حسين الاعظمي) . و دبكات (المربع البغدادي) . يا بيوتاً تطفو فوق الماء كسرب من (طيور الغاق) . لا تخافي أيتها المعشوقة . لن تستطيع الجدران أن تسكت خفقات القلب ، و أن تقطع أوتار الكمان . و تكتم ضحكة الطفل ولن تمنع النسيم ان يخطو فوق أهدابك الناعسة . ستظل الشمس تشرق كل يوم ، و القمر يرش رذاذه فوق منازلك. أما حمائمك ، فستظل تحلق فوق قباب (موسى الكاظم) و منائر (الإمام الأعظم) و أجراس كنيسة (سيدة النجاة) . (( ا . هـ - عيسى حسين الياسري / مونتريال ) ...
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

الأحد، 11 مارس 2018

الزورخانات البغدادية التي إنقرضت .



المقال : الزورخانات البغدادية التي إنقرضت .
الصورة : في عام 1935 و تحت شعار (فلسطين بخطر) أقامت جمعية إنقاذ فلسطين إحتفالاً للمصارعة على (ساحة الكشافة) . ويظهر في الصورة: الأول من اليمين وقوفاً (صادق الصندوق) و الرابع (عوسي الأعظمي) و التاسع (صبري الخطاط) ثم (عباس الديك) و (غني القره غولي) و الرابع عشر (عنجر الفضل) ، و الرابع من الجالسين يميناً (مهدي زنو) ثم (جليل عوني) و (مجيد لولو) .
الزورخانات البغدادية وزمان ظهورها في بغداد منتصف القرن 19 وانقراضها بعد مئة سنة ذلك ان هذه الرياضة توارت في ستينات القرن العشرين على الرغم من ولع البغداديين السابقين فيها ، وكان للمصارع البغدادي في اماكن الزورخانة منزلة خاصة في نفوس اهل بغداد وتقدير . ومن اهل بغداد الذي كان يتتبع اخبار الزورخانة في (بلاد فارس) موطنها الاصلي ثلاثة شباب هم (رميض الهاشمي) و(مصطفى الدوري) و(درويش علي) حيث استهوتهم هذه الرياضة عندما سمعوا ان احد اماكن الزورخانة في (طهران) سيقيم بطولة سافروا الى هناك عن طريق (خانقين) وحضروا الاحتفال ولكن لم يسمح لهم بالمشاركة وعادوا الى (بغداد) لينقلوا ما شاهدوه الى محبي هذا النوع من المصارعة وقام رميض الهاشمي بفتح زورخانة في (محلة الدهانة) وهذا ما عمله مصطفى الدوري في (محلة باب الاغا) ودرويش علي في (الكاظمية) حيث تعتبر هذه الزورخانات اول الزورخانات في بغداد وكان هؤلاء الثلاثة رواد هذه الرياضة في بغداد وكان المصارع الايراني (اكبر سيسابزاني) اول اجنبي يتصارع مع مصارعي بغداد بعد سنة 1872 حيث تغلب عليه المصارع البغدادي (علي السني) وبعدها جاء المصارع الايراني (السبزاوي) وغلبه المصارع البغدادي رميض الهاشمي وقد اخذ الشباب من اهل بغداد يُقبلون الى هذه الرياضة وظهر ابطال بغداديون منهم (محمد بن اسطة بريسم) و(السيد ابراهيم ابو يوسف) و(عيسى الصباغ) و(محمد الخياط) و(حسن القارئ) و(كاظم العطار) و(علي الحمال) و(محمد العطار) و(شاكر الشيخلي) و(خليل الاسترابيدي) و(مكي جرجيس) وكثرت النزالات بينهم وبين ابطال (ايران وتركيا والهند) واخذت اماكن الزورخانة تنتشر في بغداد وكان (الملك فيصل الاول) يرعى هذه المصارعة حتى ان فريق الزورخانة في بغداد يشارك في الاحتفالات كعيد الربيع وعيد الجيش فكان المجد الزاهر للزورخانات في بغداد وكان الملك يمنح الهدايا لابطال هذه الرياضة وشاع في بعض المدن العراقية منها (كربلاء والنجف والبصرة والموصل) واقيمت حفلات المصارعة الخيرية للتبرع بواردات الحفل وخاصة من سنة 1939 مثاله حفلة 1946 لاعانة منكوبي الفيضان وشارك فيها 16 مصارعا بتحكيم اشهر مصارعي بغداد عباس الديك . وممن اشترك ، المصارعون (صادق الصندوق) و(عوسي الاعظمي) الذي كنا احد اصدقائه في نهاية عمره ومجيد لولو وجليل عوني ومن الزورخانات التي تم افتتاحها زورخانات (صبابيغ الال لصاحبها عيسى الصباغ) و(القشد والدهانة وجامع المصلوب وبني سعيد والعوينة والفضل والمهدين وباب الاغا والسفينة في الاعظمية وقمبر علي) ويلاحظ ان جميعها في (رصافة بغداد) وفي الكاظميه (القطانه) وزورخانة (ابن جرموگه) وفي الكرخ زورخانة (الصالحية) ومن المرشدين الذين يقومون بادارة اللاعبين في جفرة المصارعة عن طريق ضرب الطبل وقراءة الادعية والمدائح النبوية (رجب الاسود) و(غلام حسين) و(عباس الحافي) و(فرج الرگاع) و(عباس كمبير) واصدرت مديرية التربية تعليمات تحدد قواعد المصارعة في الزورخانات وفي سنة 1950 تاسس اول اتحاد في تاريخ المصارعة وتم انتخاب المصارع المشهور عباس الديك رئيسا للهيئة الادارية .

مقال من تأليف : طارق حرب.... . ( خالد عوسي الأعظمي ) .  .


الثلاثاء، 27 فبراير 2018

حينما تعانق (موسى الكاظم) و (أبو حنيفة) في (فَكَّة طيور حُمُرْ)


المقال : حينما تعانق (موسى الكاظم) و (أبو حنيفة) في (فَكَّة طيور حُمُرْ) !؟.

من الطقوس الرائعة التي يمارسها مُطَيِرچيوا العراق ، طقس عابر للطوائف يتوحد فيه المطيرچية ليمارسوه بكل شفافية ، شفافية طقس (فَكَّة الطيور الحمر) . وبصفتي أحاول أن أَتَلَمَّسْ دربي في ظلام يكتنف حياة الناس في العراق وأتردد على تجمعات المطيرچية لعلي أجد ما يُفرح الروح ويعزيها في زمن اضطرب فيه كل شيء . في طريق عودتي إلى الكاظمية مرورا بالاعظمية شاهدت تجمعا غريبا تختلط فيه السيارات والناس فسألت بفضول عن الذي يحدث فأجابني احدهم إنها {فكة طيور حمر (بغدادي)} بين أهل (الاعظمية) و (الكاظمية) فتوقفت لأتابع الذي يحدث فشاهدت كرنفالاً غاية في الروعة يستقبل فيه مطيرچية الاعظمية مطيرچية الكاظمية وتتعالى فيه صرخات (رحم الله والديكم) بين الجميع وكان الجميع حريصاً أن يتم تصويره بكاميرا الهاتف المحمول مع طيوره الحمر التي كانت محبوسة في أقفاص أعدت لهذا الكرنفال تنتظر أن تُفتح لها الأبواب لتحلق إلى عنان السماء ، انتبهت إلى إن الشخصيات المحورية للحدث (الفكة) والمنظمة للكرنفال هما شخص يلقب بالسيد من الكاظمية وآخر من الاعظمية يسمى عمر ، السيد وعمر حرصا على أن يتصورا سيلفي بأكثر من صورة ، اعترض عمر قبل الفكة على أن طيور الكاظمية اكبر سناً من طيور الاعظمية (المْخاليف) وان هذا مخالف لقوانين الفكة حيث إن الطيور يجب أن تكون بأعمار متساوية فاعتذر السيد متعللا انه قد نسى أن يخبر المطيرچية المشاركون بالفكة بذلك متعللا بان طيور الكاظمية الحمر وطيور الاعظمية هي من أصل واحد لمطيرجي اسمه (سيد محمد) من أهالي الكاظمية قديما وانه لا فرق بين الاثنين ، فوافق الجميع على أن يبدأ كرنفال الفكة ، وبدأ إطلاق الطيور من أقفاصها فطارت 3000 طير نصفها لكل منطقة واختلطت مع بعضها البعض في منظر قل نظيره ، صرخات وحماس المطيرجية كانت من الجمال بحيث وجدت نفسي أشاركهم صياحهم وصفيرهم الذي عم الآفاق ، كل الطيور تدور مع بعضها البعض في دوائر هندسية تتشكل وتتلاشى خلال لحظات ، المنظر كان غاية في الروعة ، دارت الحمر حول مرقد أبو حنيفة عدة دورات وكأنها ترقص رقصة صوفية يتفجر الجمال من جنباتها ، ثم توجهت طيور الكاظمية إلى منطقتها وهي تحمل عبق سماء الاعظمية فوصلت فوق ضريح موسى الكاظم ورقصت حوله بصوفية دراويش مجذوبين فقبلت وجه موسى الكاظم ولسان حالها يقول هذه القبلات من أبو حنيفة في الاعظمية . الحمر حملت رسالة من أبو حنيفة لموسى الكاظم يسأله متى نلتقي ياإبن محمد ؟ تعانق موسى الكاظم مع أبو حنيفة في فكة طيور حمر عبرت كل الطائفية الخبيثة التي زرعها الأشرار ويحصد نتائجها ولد الخايبة من أبناء المجتمع العراقي المظلوم . احمد حسن العطية .
إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الجمعة، 23 فبراير 2018

(مقبرة البانوقة) أو (مقبرة الخيزران) أو (مقبرة الأعظمية) في رصافة بغداد



المقال : (مقبرة البانوقة) أو (مقبرة الخيزران) أو (مقبرة الأعظمية) في رصافة بغداد .

الصورة : بطاقة بريدية من تلوين اليهودي جوزيف حوري لمقبرة و جامع الإمام الأعظم منتصف العشرينات . 


ان مكان هذه المقبرة يمتد من (الكسرة) حالياً اي شمال (باب المعظم) حتى نهاية (الاعظمية) اذ اغلبها كانت مقابر ، وقد تم بناء بعض الابنية في تلك المنطقة زمن الخليفة المهدي ، ولقد كانت هنالك حالة دفن لاول متوفي وهو الامام الاعظم وابن اسحاق صاحب كتاب السيرة النبوية ودفن البانوقة بنت الخليفة المهدي ، ولا نعلم ايهما دفن أولاً ، لكن الذي يبدو ان كتب التاريخ تكاد تتفق على ان دفن الامام الاعظم كانت اول حالات الدفن عام 150هـ وان حالة الدفن الثانية هي حالة دفن ابن اسحاق اما دفن البانوقة في هذه المقبرة فقد اختلفت التواريخ لوفاتها ذلك ان البانوقة توفيت قبل وفاة ابيها الذي توفي عام 169هـ وان كنا لا نعلم السنة اما الخيزران زوجة الخليفة المهدي فقد توفيت عام 173 هـ وتولي ابنها الاول الهادي الخلافة ومقتله وتوجيه الاتهام اليها في مقتله واستمرت كذلك حتى تولى ابنها الثاني هارون الرشيد الخلافة حيث توفيت بعد تولي الرشيد الخلافة اما البانوقة فقد كانت اثيرة عند ابيها الخليفة المهدي وهو الخليفة العباسي الثالث بعد ابي العباس السفاح والمنصور وهو والد الخليفتين الهادي وهارون الرشيد . ويذكر احد المؤرخين كيفية تعلق المهدي بابنته البانوقة الامر الذي يدلل على ان دفن البانوقة في هذه المقبرة والتي كانت تسمى برصافة بغداد كانت قبل دفن الامام ودفن ابن اسحاق ودفن الخيزران . والبانوقة لم تكن ابنة الخيزران الزوجة الثانية للخليفة المهدي وانما كانت ابنة الزوجة الاولى لذلك فان تسمية مقبرة الاعظمية بمقبرة البانوقة ابنة المهدي باعتبارها اول من دفن هناك يكاد يكون مقبولا اذا علمنا ان المهدي هو الذي انشأ الابنية في مكان دفن ابنته اي في منطقة الرصافة والتي كانت اصلا منطقة الاعظمية الحالية كذلك فان تسمية هذه المقبرة بمقبرة الخيزران جاءت بعد هذه الحادثة بكثير وحصلت زمن الرشيد اذ أُطْلق هذا الاسم بعد ان دفنت الخيزران ام الخليفة الرشيد زمن خلافة ابنها باسم مقبرة الخيزران وفي هذه المقبرة تم دفن الكثير من العلماء الاجلاء و الفقهاء الكرماء فمن الذين تم دفنهم في هذه المقبرة شيخ الصوفية ابو بكر الشبلي عام 334هـ ولا زال كل من يدخل المقبرة يجد قبر الشبلي خارج صحن الامام الاعظم في هذه المقبرة والخطيب البغدادي مؤرخ بغداد عام 463هـ والمؤرخ الشهير الحافظ الواقدي عام 407هـ وحسن باشا عام 1061هـ وابراهيم باشا عام 1057 ومحمد فاضل باشا الداغستاني القائد العثماني في الحرب العالمية الاولى . ويشار الى ان بناء مرقد الامام الاعظم او تجديده كان زمن السلطان العثماني مراد الرابع عام 1032هـ وتولى حاكم بغداد بكر صوباشي بناء قبة على قبر الامام الاعظم بعد اكثر من 800 سنة على انشاء هذه المقبرة وحيث ان نهر دجلة يتوسع في الجهة الشرقية اليسرى اي انه ياكل من ارض منطقة الاعظمية التي فيها قبر الامام ابي حنيفة الذي كان قريبا من النهر لذلك اوعز السلطان العثماني محمد خان عام 1085هـ ببناء سد محكم يفصل القبر عن نهر دجلة وتم تقوية السداد على ضفة النهر لكي لا يغرق قبر الامام مع ملاحظة ان الامام ابا حنيفة اودعه الخليفة المنصور السجن وهو سجن المطبق الشهير وان وفاته كما يرى الكثير من المؤرخين حصلت في السجن لذلك فان تسمية هذه المقبرة بمقبرة البانوقة او مقبرة الخيزران او مقبرة الامام الاعظم يجد له اساس تاريخي حقيقي . 

مقال من تاليف : طارق حرب.
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

السبت، 10 فبراير 2018

فوز الديك على الهر



المقال : فوز الديك على الهر .

تعتبر لعبة (عباس الديك) مع (الهر كريمر) المصارع الالماني المعروف، اشهر لعبة شهدتها بغداد حيث جرت على ساحة المتوسطة الغربية وبحضور حشد كبير من المتفرجين وكنت وقتها أُدَلِّكْ لكلا المتصارعين، فما ان تمكن عباس الديك من الوثوب على كريمر حتى اخذت الجموع تهتف وتطلق الرصاص وَخَرَجَتْ في حينها تظاهرة كبيرة (عوسي الأعظمي ا . هـ) . ما ان حل عصر يوم الجمعة الموافق 15 / 11 / 1935 الا وكانت ساحة المدرسة المذكورة قد غصت باعداد غفيرة من الجماهير الذين زحفوا من بغداد وخارجها لمشاهدة المصارعة الحاسمة ولتشجيع بطلهم الحاج عباس الديك وقد قدر وقتها عدد المشاهدين بمئة الف متفرج وكان في مقدمة الذين حضروا السيد (ياسين باشا الهاشمي/رئيس الوزراء) آنذاك والسيد (رشيد عالي الكيلاني/وزير الداخلية) وبعض المسؤولين الحكوميين وكذلك (وزير المانيا المفوض في العراق/فريتز غوربا) وبعض الضيوف الاجانب . صعد المصارعان فوق منصة النزال ، كما اعتلى الحلبة ايضا الحاج (اسطة محمد ابن اسطة بريسم) حكم النزال كما وقف على جانبي الحلبة من الخارج كل من الحكمين الاخرين (الاسطة غني القره غولي) و (الاسطة حسن كرد) وما ان بدأ النزال والذي حدد بجولة واحدة ولمدة نصف ساعة حتى اخذ البطلان يتبادلان المسكات وعندما كان الحاج (عباس الديك 120 كغم) يهجم على منافسه كان (الالماني 85 كغم) يتملص منه بخفة وسرعة حيث ان فارق الوزن كان يلعب دوره في هذا المجال . وفي لحظة خاطفة اذهلت الجميع أطبق عباس على الهِرْ ، وبمسكة فنية ، أسقط الالماني على ظهره ارضا واصبح فوقه وفي هذه اللحظة اعلن الحكم فوز الديك على نظيره الالماني . وما ان سمعت الجماهير فوز عباس الديك حتى سارت مظاهرة كبيرة من شارع الرشيد حتى دار عباس الديك في منطقة القشلة وفي اليوم التالي خرجت غالبية الصحف البغدادية وهي تعلن لابناء البلد فوز بطلهم على المصارع الالماني . (جميل الطائي ا . هـ) . أما (صادق الطائي) فيقول :- مصارع الماني قدم إلى العراق مدعياً انه بطلاً اولمبياً، وعندما القى الحاج بالالماني ارضا انطلق وابل من الرصاص وانطلقت الزغاريد معلنة فوز عباس الديك، أمام ذهول الهر كريمر، لان ذلك لا يعد فوزاً في قوانين المصارعة الحديثة، وليكرم (الملك غازي) الديك يوم الاثنين 18 نوفمبر 1935 ويهنئه بالفوز. ويصف (سمير الشكرچي) ما حدث قائلاً :- في اول نزال صاحبه التزوير في تاريخ العراق ، استقبل الملك غازي عباس الديك وكرَّمَهْ بساعةٍ يدوية علامة (أولما) وتناقلت الصحافة حينها الخبر على اعتباره انجازاً لم يضاهيه تكريم حتى تلك الفترة . وتشاء الصدف أن يكون الهر كريمر استاذي في كلية التربية الرياضية فيما بعد وربطتني به علاقة حميمة ، ليسرّ لي بأنه خسر النزال يومها مقابل حصوله على مبلغ من المال احتاجه لسداد ديونه في بغداد التي اقام فيها بعد هربه من المانيا، اذ يشير العارفون بالامر أن الهر حصل على مبلغ (37 دينارا) وهو مبلغ يعد كبيرا في تلك الايام هي حصته وحصة عبـاس عن النزال، ليسدد ديون اقامته في الفندق وبقية احتياجاته الحياتية التي كان يقضيها بالاستدانة . ا. هـ . قال السيد (محمد هادي الصدر) :- ديك العراق ببَأْسِهِ - قد صاد هرّ الجَرمَنِ / وسطا عليه بقوّةٍ - وعزيمةٍ لا تنثني / يا مَنْ ببأسِكَ نِلْتَ في - الأوساط مدح الألسنِ / لك من كريمر موقفٌ - أشجى العدوَّ وسرّني / أرديتَه شلواً فأضحى - عبرةً للأعيْنِ / حاكيتَ عنترَ قوّةً - وببأسِهِ ذكرّتَنِي / فحويتَ فضل شجاعةٍ - خلدتها في الأزمُنِ / ورفعتَ ذكرك عاليا - وجنيتَ مالم يَجْتنِ .

 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...