المقال : درب السلطان في أعظمية النعمان
.
الصورة : شارع (عمر بن عبد العزيز/ درب السلطان) عام 1959م
.
في يوم الأحد٢٣جمادي الأولى سنة ٩٤١هـ/1534م وصل السلطان (سليمان القانوني) الى منطقة (الراشدية) شمال (الأعظمية) و معه جيش كثيف و ضربت عساكره خيامها عند زاوية الشيخ (محمد السكران) و في يوم٢٤جمادي الأولى وصل السلطان سليمان الى الأعظمية {لا يزال الطريق الذي سلكه السلطان سليمان القانوني يسمى (درب السلطان) و هو شارع عمر بن عبد العزيز} و نزل عن فرسه عند مشارف البلدة و مضى ماشياً الى مشهدالإمام الأعظم و صلى فيه و زار ضريح الإمام و أحسن الى الموظفين و السادن و الأئمة و المدرسين و القرّاء ، و كان مع السلطان حشد عظيم من الفقهاء و الشيوخ و القادة الكبار و شيوخ القبائل العربية و كان يوماً مشهوداً. و زحف أهل بغداد الى الأعظمية لإستقبال السلطان ، و أقام سليمان في الأعظمية عدة أيام و منع جيشه من دخول البلدة ، أو أن يُلحقوا أذىً بأحدٍ من الناس (ا. هـ تاريخ الأعظمية). في هذا الشارع المخضل وفي ركن منه مزدهر بالدفلى والجوري والجهنمي المتسلق على الجدران ، كان البيت الواسع يطل مباشرة على شارع عمر من منطقة (الصليخ) الواسعة الممتدة من (كلية بغداد) شمالاً حتى (النادي الأولمبي) جنوباً وكان النظر من الشرفة على الفضاءات البعيدة صباحاً يبعث الأمل ويقوي من العزيمة ، كانت الحياة في هذا الشارع في غاية الهدوء والدعة وكانت علاقات الجيرة ذات تقديس للأسر المتحابة التي تعيش فيه بلا تمايز او تنافر، في هذا الحي دائم الخضرة بيوت كوكبة واسعة تعود لكبار موظفي الدولة والاساتذة والصحفيين والفنانين والادباء والاطباء والصيادلة والصناعيين والتجار وأرباب المهن ، ولو أردت ان تتعرف عليهم من خلال منظار الطوائف والمذاهب والأعراق السائدة اليوم لوجدت كوكبة من العرب والكرد والتركمان ولإلتقيت بشيعة وسنة ومسيحيين ويزيديين يعيشون في أمان وأطمئنان ومحبة وتلاحم . اذكر ان للنساء ايام زيارات متبادلة في هذا الحي يسمى ال(قَبول) يتجمعن فيه لتبادل الاحاديث وتقوية العلاقة يقابلها لقاءات رجالية في بيت هذا او ذاك على مدار الاسبوع ، ان الذين تجمعهم تلك الندوات كانوا على النقيض في المعتقدات الدينية و السياسية بالذات حيث كانوا من مشارب حزبية متنوعة كالوطني الديمقراطي والاستقلال والجبهة الشعبية والامة والدستوري والاصلاح بل وحتى من الشخصيات اليسارية التي كانت تسمى متطرفة . اما الاختلافات الدينية فقد كانت ترتبط بأكثر من عقيدة ومذهب وطائفة لا المسلمة منها وحسب بل و حتى المسيحية وغيرها لكن التدقيق والتحقيق والتحدث بهذا الامر كان من المثالب بل وخارج نطاق الذوق لذلك فان تفريقنا هذا هو من صناعة هذه الايام . شارع التآخي الذي جمع بالود آل كاشف الغطاء بآل الشواف وربط بالآصرة آل بابان بآل فرهاد وقرب الاباء اليسوعيين الى أئمة الجوامع والمساجد (ا. هـ خالص عزمي) . ويستذكر (سرور مرزا) شارع عمر مرورا بالصليخ و(سبع أبكار) يحتل موقعا متميزا لكونه محاط بالبيوتات الجميلة والڤِلَلْ وفي وسطه جزرة زرعت فيها أشجار باسقة وفي يعض منها كانت البساتين الصغيرة الخضراء وعرفت منذ القدم بحسن مناخها وطيب هوائها وخصوبة تربتها إضافة لاعتدال طقسها، وهو شارع التمشي حيث تتراءى لك جمال منظره صباحاُ ومساءً . تعودنا بعض الأحيان التمشي هناك ومشاهدة سباقات (السكيت) التي كان يديرها (عوسي الأعظمي) الرياضي المشهور لبطولة العراق حيث يبدأ السباق من (ساحة عنتر) مرورا بالشارع المذكور والى مسنّاية بلاسم والعودة لساحة عنتر (ا. هـ) .
. ( خالد عوسي الأعظمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق