الأربعاء، 15 أبريل 2015

نوري باشا السعيد وأغاني الصباح


نوري باشا السعيد وأغاني الصباح !!!
دأب نوري باشا السعيد( رئيس وزراء العراق الاسبق) بصورة خاصة على فتح الراديو على الاذاعة العراقية حالما يستفيق صباحا لسماع نشرة الاخبار الاولى . و بعد ان يطمئن ان كل شيء على ما يرام، ييبدأ بتناول افطاره وهو يستمع الى اغاني الصباح. و كانت قراءة الاخبار محصورة بين الدروبي و موحان طاغي، ابن الشيخ طاغي آل الطي . انتهى موحان من قراءة نشرة الاخبار الصباحية ثم مضى ليقدم مجموعة من الاغاني الصباحية، كانت الاغنية الاولى اسطوانة محمد عبد الوهاب الشهيرة " جبل التوباد حياك الحيا" . كان على الطرف الآخر(الباشا) يستمع مع الوف العراقيين الى برنامج الصباح . و ما ان سمع المقطع الاول من تلك الاغنية حتى تملكه الغضب و ادار قرص الهاتف على دار الاذاعة العراقية و طلب مديرها محسن محمد علي الذي لم يكن موجودا، كان الوقت مبكرا والمدير ربما غارقا في نومه . فاضطر (الباشا) ان يسأل عن المذيع ، منو هذا اللي كان يذيع ؟ قالوا له انه موحان بن الشيخ طاغي. قال جيبوه اكلمه .. قولوا له رئيس الوزراء يريد يكلمك. اسرع السيد موحان الى التلفون و التقط السماعة مضطربا. ما الذي فعله يا ترى ليجعل نوري السعيد الجبار يطلب مخاطبته في هذا الصباح الباكر، و لم يكن بعد قد تناول حتى استكان شاي يبلل به ريقه. التقط السماعة و اجاب: " نعم سيدي." فجاء صوت الباشا يهدر من الطرف الآخر) وين ذوقكم انتو كلكم يا اللي تشتغلون بالاذاعة ، الناس بعدهم على ريقهم و انتو تدقوا لهم جبل التوباد؟ تريدون تبچوهم من الصباحيات؟ يعني ماكو اغنية بالدنيا فيها شوية فرحة و استبشار حتى تسمعوهم هالاغنية؟؟. يا ولدي موحان ، خلونا نسمع شي يفرحنا. اغاني عراقية مثل على شواطي دجلة مر ، وللناصرية للناصرية، تعطش واشربك ماي بچفوف ايديه. بستات عراقية تونس الناس بوطنهم، بمدنهم و انهارهم و شعبهم . لم يكن بيد السيد موحان طاغي غير ان يعتذر لرئيس الحكومة ، وبدون شك يلقي المسؤولية على غيره ، ناس ما عندهم ذوق! ثم يعد نوري السعيد ان يبلغ الآخرين بكلامه بحيث لا يتكرر ذلك في المستقبل . ولكن ابو صباح كان على وشك تناول الفطور و وجد نفسه لوحده ، فالتفت و سأل موحان ، ابني انت ترّيگت لو بعد؟ فأجابه ، لا والله باشا . طيب تعال و جيب وياك صاحبك الدروبي. تعالوا افطروا ويايه . شيعجبكم تاكلون؟ لم يعرف السيد المذيع بماذا يجيب، ولكن بيت نوري السعيد المتواضع كان خلف الاذاعة فاسرع هو وزميله المذيع الثاني اليه. رحب بهما ابو صباح و ما ان جلسا حتى حضر طبق البيض المقلي و الجبن و الگيمر و العسل. بادر كعادته الى السوآل عن صحة والده الشيخ طاغي، كيف الوضع ، كيف الزرع ؟ كيف راحته؟ سلم لي عليه هوايه. وكانت وليمة فطور لم يسبق لهما ان مرا بمثلها. يأكلون البيض و الخبز و رئيس الحكومة يحدثهم عن شؤون البلاد ومستقبلها و دور الجيل الجديد فيها . خرجا من البيت فرحين ممتنين من هذه الفرصة وقد تعلما شيئا جديدا في الحياة. لا تستمع الى اغنية جبل التوباد و انت بعدك على ريقك . خرج المذيعان و عادا الى عملهما في يوم مشرق باسم من تلك الايام الحلوة .ايام الخير التي ذهبت مع ذكرياتها الجميلة .


جمع واعداد/ خالد عوسي.

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...