الأحد، 19 أبريل 2015

تفاحات السعدون

ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ : ﺗﻔﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻥ . ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ : ﺍﻟﺸﻴﺦ ‏(ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻓﻬﺪ
ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻥ ‏) ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﺇﺑﻨﻪ ‏( ﻋﻠﻲ ‏) ﻭ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ
ﺇﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ‏( ﺗﻮﻓﻴﻖ ‏) . ﺇﺳﺘﻨﺒﻮﻝ ﻋﺎﻡ 1912 .

ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﺣﺠﻤﺎ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﺘﻔﻲ
ﺑﺎﻟﻀﺨﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺳﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﺸﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻨﺘﻔﻖ
ﻭﺷﻄﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ . ﻭﻟﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﺃﺛﺮﺍً ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻏﺎﻣﻀﺎً ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ، ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺗﻔﺎﺣﺎﺕٍ ﻋﺼﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﺭﺍﺣﺔ ﻳﺪﻩ؛
ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺿﺎﺑﻄﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺮﺯﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﻟﺤﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻊ، ﺃﺻﺒﺢ ﻋﻀﻮﺍ ﻓﻲ ‏( ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻤﺒﻌﻮﺛﺎﻥ ‏) ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺘﻤﻊ - ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﺓ ﺑﻴﻦ
ﻗﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺜﻼﺙ - ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺎﻧﺒﻮﻝ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ .
ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻗﻼﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ ﻟﺒﻐﺪﺍﺩ ﻭﺍﺣﺪﺍً
ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ،
ﻟﻴﺼﻞ ﻣﻦ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻚ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻮﺩ ﻭﻻ ﻳﺤﻜﻢ، ﺑﻨﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻟﺴﻨﺔ 1925
ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﺪّﻝ. ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1928 ﻭﺟﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺤﺴﻦ ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺎﺕ
ﺍﻷﺭﺑﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﻠﺖ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺧﻤﺴﺎ ﺃﻭ ﺳﺒﻌﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻋﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻹﻣﺴﺎﻙ، ﻓﺎﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻓﺰﺓ ﺑﺪﺕ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻄﺎﻁ ﻻ ﺗﻤﻜّﻦ ﻳﺪَ ﺳﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻧﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺭ ﺿﺎﺑﻄﺎً
ﻓﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻓﻮﺯﻳﺮﺍ ﻓﺰﻋﻴﻤﺎ ﻟﺤﺰﺏ ﻭﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﺘﻴﺔ ﺍﺳﻤﻬﺎ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ، ﺃﻥ ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺍﻷﺧﺮﻳﺎﺕ. ﻓﺠﺄﺓ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺤﺴﻦ
ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻻ ﺗﺒﺼﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﻳﺪﻳﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ، ﻓﺄﻣﺴﻚ ﺑﻴﺪٍ
ﺗﺮﺗﺠﻒ ﻗﻠﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺟﻦّ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﻛﺘﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ
ﻳﺠﻴﺪﻫﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺑﻀﻊ ﺟﻤﻞٍ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ
ﺑﻴﻦ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻼﺩ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ
ﻳﻨﻬﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﻭﺃﻣﺴﻚ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ﻣﺴﺪﺳﺎً
ﺃﺳﺪﻟﺖ ﻃﻠﻘﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻟﻢ ﻳﺠﺮﺅ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺆﺭﺧﻴﻨﺎ
ﻭﻻ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻭﻻ ﺭﻭﺍﺋﻴﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻮﺛّﻖ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎً ﺃﻭ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺎً ﻣﺴﺎﺣﺎﺗﻬﺎ
ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ، ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻤﺠﺪّﺩ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ . ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ، ﺃﻭ ﻓﻠﻨﻘﻞ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ، ﻓﻲ ﺑﻼﺩ
ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺍﺣﺘﻔﺎﺋﻲ، ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، ﺑﺘﻠﻚ
ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺤﺎﺋﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﻭﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﻴﻦ، ﺃﻥ ﺟﻌﻠﺖ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻥ ﻭﻭﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﻔﺎﺟﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺿﺮﺏ
ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ. ﻓﺄﻗﻴﻤﺖ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﻌﺰﺍﺀ ﻓﻲ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻋﺮﺿﻬﺎ، ﻭﺗﺒﺎﺭﻯ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺨﻄﺒﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﻌﺪﺍﺩ ﻣﺂﺛﺮﻩ ﻭﻣﺎ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺇﺫ ﻓﻘﺪﺗﻪ، ﻣﻦ
ﺧﺴﺎﺭﺓ . ﻭﺃُﻋﻠﻦ ﺍﻟﺤﺪﺍﺩ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﻭﻧﻜِّﺴﺖ ﺍﻷﻋﻼﻡ. ﻭﺗﻮّﺝ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﺀ
ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺓ ﺑﻨﺼﺐ ﺗﻤﺜﺎﻝ ﻟﻪ، ﻧﻔّﺬﻩ ﻓﻨﺎﻥ ﺇﻳﻄﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺤﺠﻢ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻴﺮﺗﻔﻊ ﻓﻲ ﺷﺎﺭﻉ ﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻔﻘﻴﺪ، ﺍﻛﺘﺴﺐ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺷﺎﺭﻋﺎً ﻳﻤﺜﻞ ﻭﺍﺟﻬﺔ ﺑﻐﺪﺍﺩ . ﻭﻇﻞ ﺍﻟﺘﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻨﺘﺼﺒﺎ
ﺣﻴﻦ ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ ﻧﻈﻴﺮﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻊ ﺗﺒﺪﻝ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ
ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ . ﺣﺴﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺠﻴﻞ

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...