الاثنين، 24 أبريل 2017

إبتسامات و ترانيم (شعوبي إبراهيم) .

المقال : إبتسامات و ترانيم (شعوبي إبراهيم) .
الصورة : شعوبي إبراهيم (1925 - 1991) علاّمة عراقي كبير ، أعظمي الهوى ، أحب الموسيقى والمقام العراقي وكرس لهما حياته ، وهو أول من درس المقام أكاديميآً . شارك في تأسيس معهد الدراسات الموسيقية العراقي ، صاحب المنهاج العلمي الأول لأصول المقام العراقي .
يعتبر الاستاذ شعوبي من أكبر ظرفاء بغداد المعاصرين ، ولا يعرف ذلك إلا قليل من الناس ممن خالطه فأحبه وتعلق به . وهو يحمل بين جنبيه قلباً نقيآ طاهراً وروحاً مرحة ذات دعابة ومزاح يحب الناس والحياة وفعل الخير ، وكان صوته وسحنته يزيدان في الانشراح والانبساط. وهو زينة المجلس في حديثه وتلميحه وبطرافته وخفة دمه وتعريضه وتصريحه وهو سريع البديهية حلو النادرة ولم يُرى يوما في المقهى جالسا وحده . وحتى اذا جلس وحده فسرعان ما ترى محبيه ينتقلون الى طاولته ويستمعون الى حديثه وتعليقه، وشعره وغنائه، وهو ينسجم بسرعة ويستغرق في الفن حتى يستولي عليه الموضوع، فيسهو عن أصدقائه ولم يسقهم شايا او مرطبات، وأحيانا يسقيه زواره وقاصدوه، فلم يشعر بذلك ولم يرَ فيه معارة. ولم يعتب عليه احد من أصدقائه لحبهم له، وتعلقهم به ، ولو صدر ذلك عن غيره لعوتب وقوطع. والفنان الكبير شعوبي ابراهيم ، فنانٌ بسيط سليم القلب، له براءة الأطفال وهو متواضع وقنوع وخجول، ينتهي من احياء الحفلة، ويعرض عليه القائمون بها ما يشاء من المكافأة فيستحي، ويطلب مبلغا ضئيلاً . كان شعوبي يحب الطعام حباً جماً حتى انه يأكل (حلويات نعوش) وهو مصاب بالسكر، وهو من العاملين بالمثل القائل (العزايم تحل العزايم) وليست لديه مقاومة عن الاكل الذي يضره ويؤذيه ولشعوبي في وصف الطعام واللحم والعظام قصائدٌ عظام . ا. هـ (رياض المحمداوي / عن وليد الاعظمي و هيثم شعوبي) . ويذكر (حقي الخطاط) في إحدى تعليقاته الكريمة ، على مقالٍ لي ، يتحدث عن شعوبي ، قائلاً :- بالإضافة إلى فنه الراقي و الجميل ، ففي إحدى زيارته حديقة الحيوان في أوربا وقف أمام [زريبة الحمير الوحشية] متاملاً ، وتقرب منه الحيوان الذي يسمى وحشياً ظلماً ، فما كان من (أبو هيثم) إلا أن يناديه ...... زْعِرْرْرْ ....... زْعِرْرْرْ ، فبدأ الحيوان بالنهيق بصوت مرتفع مما جعل رواد الحديقة يفرحون و يشكرون فناننا الكبير ، ويتعجبون كيف إستطاع أن يقنع هذا الحيوان بهذا الصياح الجميل والمدهش !!

العسكري في مذكرات السويدي


المقال : العسكري في مذكرات السويدي .

الصورة : (جعفر العسكري 1885 - 1936) قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى عام 1914 و حارب الاستعمار في ليبيا ، وشارك في الثورة العربية عام 1916 و كان أول وزير دفاع في المملكة العراقية عام 1921، ناضل من اجل استقلال العراق عام 1932 ، واصبح وزيرا ورئيسا للوزراء حتى قتل في إنقلاب بكر صدقي .

كنت اقرأ قبل ايام مذكرات (توفيق السويدي) ليس من عادتي ان اضيِّع وقتي بمثل ذلك ...  فمذكراتنا خليط عجيب من الكذب والواقع يضيِّع الانسان عقله في التمييز بينهما. كان مما قرأته في (مذكرات السويدي) الذي اصبح هو الآخر رئيسا للوزراء عدة مرات ، هو أن المذكور اعلاه ، امير اللواء (جعفر العسكري) استولى في العهد الملكي على ارض ثمينة تمتد على شاطئ (دجلة) وتعتبر من احسن الأماكن في مدينة (بغداد) في حي (العيواضية) كانت ارضا اميرية ملك الدولة . استولى عليها الرجل وبنى لنفسه فيها قصرا منيفا مطلا على النهر وباع بقية الأراضي بأثمان باهظة، ربما لحرامية آخرين . كان (وزير المالية) عندئذ (ساسون حسقيل) الوزير الذي لم يخدم اقتصاد العراق رجل مثله . اكتشف ذلك واخبر الملك (فيصل الأول) ورئيس الوزراء (توفيق السويدي) بالأمر. لم يتخذ أي احد أي اجراء، ضده . بعد اشهر قليلة سمَّت (امانة العاصمة) الشارع الرئيسي في الأرض المسروقة بأسمه «شارع العسكري» وفتحت وزارة المعارف مدرستين على الأرض المسروقة سمتهما باسمه ، مدرسة العسكري للبنين (التي درست فيها) ومدرسة العسكري للبنات . وكانت اول مرة في التاريخ نسمع فيها ، أن دولة تخلد اسم سارق حرامي بإطلاق اسمه على الشارع والمدارس التي سرق ارضها من الدولة . انا واثق مئة بالمئة ، لو ان وزارة المالية كانت بيد جوني او هنري او شارلي من دهماء الانكليز لما تردد دقيقة واحدة في اعتقال (جعفر العسكري) واسترجاع الأرض الحكومية من يديه . ولكن وزير المالية كان (ساسون حسقيل) وما الذي يستطيع ان يفعله رجل يهودي امام كل هذه الشلة من الحرامية ؟ . ا . هـ . الكاتب (خالد القشطيني) .
و أنا مع صاحب المقال (القشطيني) في أن {مذكراتنا خليط عجيب من الكذب والواقع } . بدليل ما جاء في مذكرات رئيس الوزراء (السويدي) الذي لم يتخذ أي إجراء ضد الوزير (جعفر العسكري) بعدما علم بتجاوزه على أراضي الدولة و إستملاكها وبيع ما شاء منها . و بعلم الملك (فيصل الأول) و وزير المالية (ساسون حسقيل) . فهل من المعقول أن يكتب صاحب المذكرات مثل هذا و يضع نفسه في مواضع الشبهات ، و هو يتستر على سارق ، أم هو خوف من سلطة و نفوذ (العسكري) مع شلة الحرامية آنذاك !!؟ . 

وهل كَشَفَ (السويدي) المستور في مذكراته بعد حين، على أنها (صحوة ضمير) ؟
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

الخميس، 13 أبريل 2017

إذا طابت النفوس ... غنَّت

المقال : إذا طابت النفوس ... غنَّت .  
                الصورة : (ديميس روسوس) في بغداد/ قدَّم حفلتان في نادي الطاحونة الحمراء/ الكرادة ، عام 1976 .
ما كان يُمكنني أن أتغافل عن موت هذه الاسطورة الأممية (يوناني الأب والثقافة إيطالي الأم مصري المولد)، ديميس روسوس، و هو الذي كان واحداً ممن أمتعوني وأبهجوا حياتي وحياة الكثير ممن أعرف من أبناء جيلي يوم كانت بغداد تفرض نفسها مدينة أنيقة، متحضرة، نظيفة الشوارع، دائمة الخضرة، تعرض الأفلام و المسرحيات و الكتب حتى ما بعد منتصف الليل ، و تسهر النوادي و المقاهي و المطاعم على شطها و في مركزها حتى مطلع الفجر. في نوادي العاصمة العائلية الراقية (جمعية التشكيليين، نادي الإعلام، نقابة المهندسين، نادي التعارف، و سواها) كنا نلتمّ جماعات، نستمتع بالأغاني و الموسيقى الحيّة و المسجلة، المحلية و العربية و الأجنبية. ديميس روسوس كان حاضراً هناك دائماً بصوته الشجي المميز و أدائه الكنسي البهيّ الى جانب أصوات (فرانك سيناترا) و (اديث بياف) و (الفيس بريسلي) و (تينا تيرنر) و (دوريس داي) و (جون لينون) و (داليدا) . قليون منا كانوا يقاومون دعوة هذه الأصوات الساحرة الى الرقص . هذه الكوكبة الأممية كانت تزيّن ليل بغداد بعذوبتها بمثل ما كانت تلوّنه أصوات (سعدون جابر) و (عفيفة اسكندر) و (سيتا هاكوبيان) و (إلهام المدفعي) و (ناظم الغزالي) و (محمد القبنچي) و (يوسف عمر) و (قحطان العطار) و (فؤاد سالم) و (حسين نعمة) و (فاضل عواد) و (ياس خضر) و [أم كلثوم] و (فيروز) و (عبد الوهاب) و (عبد الحليم) و (نجاة) و (الأطرش) و (نجاح سلام) . يومها، لم تكن في بغداد، ولا في العراق كله، طائفية كما هي اليوم، و لم تكن بغداد تميّز العربي عن الكردي و التركماني و الكلداني و الآشوري و الأرمني، و لم يكن أهل بغداد يسألون عن الهوية و لا يهمهم أن يكون جارهم أو الجالس الى مائدتهم أو في صفهم المدرسي أو الجامعي أو في باص مصلحة نقل الركاب، مسلماً أم مسيحياً أو يهودياً أو صابئياً مندائياً أو إيزيدياً أو شبكياً أو كاكائياً أو بهائياً. بغداد يومها كانت مُشرعة الأبواب والنوافذ على الثقافة الرصينة و الفن الأصيل، لا تدقّق في جوازات السفر للأصوات و الأنغام.. كانت تهتم بالجودة والأصالة، فدخل ديميس روسوس وسواه من أساطين الموسيقى والغناء العالميين الى بيوتها ونواديها وآذان مواطنيها من دون استئذان . 
((فإن طِبْتِ يا بغداد غنَّت نفوسنا)) .

مقال من تأليف:عدنان حسين . 
إقتباس بتصرف  . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

زوروني كل سنة مرة


مقال : زوروني كل سنة مرة .
الصورة : قامت الفنانة اللبنانية (فيروز) بزيارة لدولة (العراق) عام (1975) لإحياء حفل غنائي في (بغداد) هو الأول لها فيها، وانبهرت بالجمهور الذي وقف في القاعة مهللًا، من إعجابه بها . بعد انتهائها من الغناء، عزفت فرقتها أغنية «زروني كل سنة مرة»، في وداع هذا الحشد الهائل من الجمهور.

كان منظر لا ينسى ذلك الذي شاهدته في نهاية حفلة فيروز الاخيرة.. القاعة تلتهب بالتصفيق.. الجمهور المحتشد في القاعة يصيح ويهلل من فرط إعجاب.. وفيروز كزنبقة بيضاء واقفة على المسرح بين افراد فرقتها.. في تلك اللحظات، بدأت الفرقة الموسيقية بالعزف من جديد، وصدح صوت فيروز باغنيتها الرائعة"زوروني كل سنة مرة.. حرام تنسوني بالمرة.. وتعالى التصفيق من جديد.. وتناثرت في كل الاركان كلمات الوداع لها وللرحابنة الذين ملؤوا اجواء (بغداد) عطراً وشذى. لقد احبت بغداد، فيروز والرحابنة وقدمت لهم كل مظاهر التكريم والحفاوة والحب.. فماذا تركت بغداد العريقة من اثر لديهم ؟ . في (قاعة الشرف الكبرى) في (مطار بغداد) قبل عودتهم الى (بيروت) كانت فيروز سعيدة بزيارتها لبغداد.. وقالت: المدينة التي كنت احبها من زمان ، انني اشعر بالحزن لمغادرة بغداد والتي ازداد حبي لها بعد ان تعرفت عليها عن قرب.. لقد تأثرت جدا في نهاية حفلتي الاخيرة.. امتلأت عيناني بالدموع وانا اغني زوروني كل سنة مرة.. ولكنني تمالكت اعصابي بقوة كي اكمل الاغنية، لانني اغنيها في نهاية كل حفلة خارج (لبنان) في بغداد، احسست ان المستمع العراقي ذوّاق. ويجيد الاصغاء وهو ايضا يستطيع التعبير عن عواطفه بصدق.. - اعجبني (المتحف العراقي) انه منظم بشكل ممتاز.. وقفت كثيرا امام (تاج شيعاد) الذهبي الرقيق.. وقلت في نفسي وانا اتأمل تلك اللحظة الفنية.. ما اجمل الاشياء العظيمة التي تبقى خالدة على مر الزمن بعد ان يموت اصحابها.. والخلود هو الذي يميز العمل الفني الاصيل . لقد اشتريت عباءة عراقية ارتديتها في خلال زيارتي للاماكن المقدسة في (كربلاء) لم اكن اصدق بوجود مثل هذه المساجد الرائعة في العراق.. ان كل جزء من تلك الاماكن المقدسة هي تحفة بحد ذاتها.. بزخارفها ونقوشها الدقيقة المتناسقة.. ان تلك الاماكن المقدسة تبدو كقطعة من الماس النادر الذي يبرهن على مدى الجهد الذي بذله الانسان من اجل جعله هكذا.كما اشتريت مجموعة من علب الحلويات العراقية واشتريت مجموعة من البطانيات العراقية التي اعجبت بجودتها..

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...