الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

(عوسي الأعظمي) ديمومة الرياضة العراقية



(عوسي الأعظمي) ديمومة الرياضة العراقية .
االصورة : الرياضي عوسي الأعظمي عام 1928م .
المقال : الكاتب الصحفي الكبير (قحطان جاسم جواد) يكتب عن المصارعة . المنشور في جريدة (المستقبل) الصادرة في لندن . في عددها 47 الاحد 21 تشرين ثاني 2021م . (حسين الاعظمي في كتاب عن المصارعة) .
(لم تكن المصارعة في بلدنا العراق قد استقرت هويتها وشخصيتها الدولية خلال النصف الاول من القرن العشرين بعد، فلم تكن هناك بالمعنى التنظيمي المعترف به محليا او دوليا، بطولات محلية منتظمة أو بطولات دولية يمكن أو يسمح لبلدنا العراق المشاركة فيها مع الغير. لأننا في حقبة النصف الاول من القرن العشرين لم نكن قد تم انظمامنا الى الاتحاد الدولي المركزي للمصارعة الحرة والرومانية الاولمبية وانخراطنا في بطولاته الدورية والدولية، حيث لم يكن لدينا حتى هذا الحين اتحاد مركزي عراقي لهذه اللعبة الاصيلة في قدمها وتاريخها، يأخذ على عاتقه التفاعل مع اتحادات البلدان الاخرى وتنظيم امور هذه الرياضة في قوانينها وانظمتها المثبتة والمعترف بها دوليا. ويبدو ان مسيرة المصارعة في بلدنا العراق خلال النصف الاول من القرن العشرين، اعتمدت على المصارعة التراثية المعروفة بـ(الزورخانة) التي يشترك خلال اداءاتها وألعابها الرياضية عنصر الايقاع مع غناء المقامات العراقية التراثية. التي اعطت لهذه اللعبة جواً تراثياً دينياً واحتراماً من قبل ممارسيها وجمهورها الذي يحضر للمشاهدة والاستمتاع. ولو استعرضنا تأريخ النصف الاول من القرن الماضي، لوجدنا اسماء كثيرة بارزة مارست هذه الرياضة بهواية وتصارع محلي فيما بينها، دون تنظيم من اية جهة رسمية لها، وانما نشاطات انفرادية او جماعية شعبية ولقاءات فيما بين الجميع تسفر عنها متعة بالغة للرياضيين أولاً وللجماهير التي تحضر ثانياً، خاصة وقد مرَّ العالم بصدمة الحربين الكونيتين، الحرب العالمية الاولى(1914-1918) والحرب العالمية الثانية(1939-1945) وهكذا خلال هذه الحقبة من النصف الاول من القرن العشرين، غيَّـرت هاتين الحربين الكونيتين مجرى تأريخ الكرة الارضية برمته، واحدثت الكثير من الثوابت والمتغيرات في حياتنا الرياضية وغيرها من مجالات الحياة..! واقع الحال، كان لوجود الانهر التي يتمتع بها بلدنا العراق، ومنها نهري دجلة والفرات الخالدين. امر في غاية الاهمية في تطور هذه الممارسات الرياضية العفوية والشعبية، تماشيا مع تطور الدولة التدريجي البطيء في نواحيها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية والفنية وغيرها، الامر الذي ادى في النهاية الى تنمية الطموحات والتفكير الجدِّي من قبل كل الرياضيين من ممارسي رياضة الزورخانة، وتماشيا مع تطور الحياة بصورة عامة، الى محاولة الانخراط في المسار الدولي لرياضة المصارعة والاطلاع على تطور هذه الرياضة في قوانينها وانظمتها التي يشرف عليها مباشرة الاتحاد الدولي المركزي للمصارعة الحرة والرومانية الاولمبية المعترف بها دوليا. وبالتالي الحصول على دعم ومساعدة الدولة لتبني هذا الامر.. الفراغ الرياضي التنظيمي والقانوني وفقر الدعم الرسمي بشكل عام الذي عاشه كل الرياضيين العراقيين في النصف الاول من القرن العشرين، استطاع فيه بعض الرياضيين الموهوبين من ابناء الشعب من ملء هذا الفراغ بحركة رياضية ديناميكية منوعة ومتواصلة في اقامة الكثير جدا من المسابقات في الكثير من الرياضات كالسباحة والمصارعة وكرة القدم وغيرها من الرياضات. وغالبيتها دون تدخل او دعم من الدولة زمنذاك. ويبرز هنا اكثر من غيره في هذه الديمومة الرياضية المرحوم عوسي الاعظمي الذي شغل المجتمع الرياضي والشبابي العراقي برمته في مختلف السباقات والمسابقات المتنوعة وسرعة انجازها، في ظل الظروف الاقتصادية البائسة والظروف الاجتماعية الهادئة والظروف السياسية المغلوب على امرها..! فمن الناحية الاخرى، يكون المرحوم عوسي الاعظمي وكل زملائه الرياضيين امثال عباس الديك ومجيد لولو وصادق الصندوق ومهدي الزنو وعبد الهادي البياتي وغيرهم في خانة المبدعين الحقيقيين في الابتكار والانجاز والاستمرار والتطور..! من حيث المبدأ، إن أي بلد يمتلك في اراضيه نهراً أو أكثر من نهر، أو يطل على بحر أو محيط، لابد أن تزدهر فيه رياضة السباحة والمصارعة وباقي الرياضات الاخرى ايضاً. حيث يقضي الشباب اوقاتهم في الاستمتاع بالنهر وممارسة السباحة والالعاب الرياضية الاخرى حتى لو كانت ظروف ذلك البلد قاسية جدا سياسيا او اقتصاديا او ثقافيا او اجتماعيا..! فالشباب يقضون اجمل اوقاتهم في السباحة بالنهر وممارسة الرياضات بصورة عامة، ولعل رياضة المصارعة من ابرز تلك الممارسات بجانب السباحة..! وهكذا نرى ان ابطالنا الدوليين الاوائل قد حققوا انجازات كثيرة نفخر بها جميعا منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين  حتى بداية القرن الحادي والعشرين الذي نعيش عقوده الاولى. لانهم مارسوا المصارعة على الارض الرملية الجفرة 


 

الاثنين، 11 أكتوبر 2021

السمّاكة في الأعظمية (السمّاچه)

 



السمّاكة في الأعظمية (السمّاچه) .

الصورة : لقاء الإبتسامة ، بين أشهر سمّاك في محلة الشيوخ بالأعظمية ، الحاج (قاسم ناجي نعوش إبن ويزي وكنيته أبو ناجي 1934-2003م) وبين أشهر شخصية رياضية في الأعظمية ، الحاج (عوسي الأعظمي1913-1993م) ومعه ولده (خالد) . و يظهر في وسط الصورة السيد (أديب أبو أسامة) . سوق الأعظمية القديم عام 1966م .

المقال : لم يكن في الأعظمية علوة أو سوق لبيع السمك ، وإنما يتم البيع عادة في شريعة (شط) القُلُّغْ ، وأحياناً عندما يكون الإنتاج وفيراً ، يطوف السمّاك في السوق أو في المقاهي ليبيع ماعنده . والسمّاك يحتاج في صيده ؛ البلم ، الشبكة والعمل والصبر وباقي الرزق على الله . 

أما أشهر السمّاكين في الأعظمية فهم :

  1- محمد أمين نعوش وأولاده ، رشيد وحسين البلّام وكرّومي وحسن . 

 2- ناجي نعوش وأخوه رحومي وأولاده هاشم وقاسم ويوسف أولاد ويزي .

 3- رحومي إبن معطي وأخوه حميد .

 4- فاضل قدري (ميخا) إبن الحاج عبد القادر .

 5- صالح القدري أخو (فاضل ميخا) .

 6- محمد الأعور ، مختص بصيد البِز (البْزوز) .

 7- محمد الكريم السمّاچ وأولاده قاسم وداود .

 8- خلف الكريم ، والد العميد الركن عبد اللطيف خلف .

 9- إبراهيم الكريم(أخو محمد الكريم) وأولاده جواد وكاظم وعيسى البنّاء وإسماعيل وجاسم وخليل أولاد ملكة(كنزاع) 

 10- الأخوان سْعَيِّدْ وعُوَيِّدْ أولاد عطا البزّاز من الخالص من ديالى .

 11- محمود السمّاك ، أصبح دلّالاً فيما بعد .

 12- فتوحي إبن هويدي ، كان بنّاء في الأصل ثم تحول الى مهنة صيد السمك وبيعه .

 13-الحاج مصطفى الكفهجي ، من بيت المولى ، أصله كرخي ، وأولاده الحاج سلمان وناجي (إبن الجده) .

 14-الملّا علي (عاوي) وكان مختصاً في صيد السمك الجري . 

{هاشم الدباغ/الأعظمية والأعظميون/ص79-80} 

الأربعاء، 6 أكتوبر 2021

صوت من فصيلة التنور


صوتٌ من فصيلة التنور .
الصورة : قاريء المقام (عبد الرحيم الأعظمي) 1939 _ 1991م .
المقال : عبد الرحيم شهاب الأعظمي.. هو ليس إبن المطرب المقامي المخضرم (شهاب الاعظمي) ولكنه أحد أقربائه.. إنه مطرب المقام العراقي عبد الرحيم الاعظمي، صاحب الصوت الجميل.. الذي أعطى للمقام العراقي جلّ حياته.. عشق هذا الفن بقوة، حفلات كثيرة، في الإذاعة والتلفزيون والمُتحف البغدادي والبيوت البغدادية العريقة.. لكن القدر لم يُمْهله كثيراً.. لقد أصاب صوت عبد الرحيم الاعظمي الخراب وهو في ذروة عطائه المقامي الذي دام عشر سنوات على الصعيد الرسمي.. فقد سجل أول مقام له في اذاعة بغداد عام 1972 وكان مقام الحديدي.. واصيب بجلطة دماغية كادت أن تودي بحياته عام 1982.. ولكنَّه كابرَ طيلة َتسع ِسنواتٍ أُخرى يُغنّي دون إثارة تُذْكر، وعزاؤه في ذلك حبُّه الكبير وتعلّقه بهذا التراث الخالد.. ولد مطرب المقام العراقي عبد الرحيم الأعظمي في قضاء الأعظمية من بغداد عام 1939.. ووافته المنية فجر السادس والعشرين من آذار عام 1991، الموافق العاشر من رمضان المبارك عام 1411 ه في ظروف عصيبة جداً كان يمرُّ بها بلدُنا العراق بعد الإعتداء السافر وضربه عسكرياً من قبل وحوش البشرية ومجرميها أمريكا وبريطانيا واذنابهما الجبناء . نشأ عبد الرحيم الاعظمي في بيئة مقامية محافظة على الدين والتراث، ومنذ البداية عاش أجواء أداء الشعائر الدينية ثم مارسها بكثرة مع أشهر الملالي المعروفين في هذا المجال.. قارئاً للمنقبة النبوية الشريفة مع الملا الذي يقود ديباجة المنقبة، حيث أدرك الحافظ مهدي والملا عبد الستار الطيار والملا بدر الأعظمي والملا عبد الرزاق الأعظمي (إرزوقي ابو هالة)، ولعل أكثرَهم مرافقة كانت للملا حمودي (عبد الحميد رشيد العبيدي أبي سعد) وغيرهم الكثير . ما هو جدير بالذكر، كحدث فني في الوسط المقامي، من حيث ندرته أو اهميته، هو أن عقد السبعينات من القرن العشرين، لم يظهر فيه مطربون مقاميون جدد على الصعيد الرسمي غير أربعة مقاميين لا خامسَ لهم.. والملاحظ في هذا الأمر أنَ هؤلاء الأربعة كلهم من .الأعظمية ..! وهم حسب تسلسل ظهورهم، عبد الرحيم شهاب الأعظمي عام 1972.. وحسين إسماعيل الأعظمي عام 1974 رغم بدايته في المتحف البغدادي مطلع عام 1973.. وسعد عبد الحميد الأعظمي عام 1977.. وأخيراً فاروق قاسم الأعظمي عام 1978..!! بعد النجاح الكبير الذي صادَفتهُ مقهى المتحف البغدادي في بداية السبعينات بإدارة المرحوم حمزة السعداوي، ومن ثم إنتهاء عقده الذي دام أكثر من سنتين فيما أعتقد، عكفت إدارة المتحف البغدادي بعد مضي بضع سنين، أن تفتتح هذه المقهى بنفسها دون تأجيرها للآخرين.. وهكذا قامت دائرة المتحف البغدادي بتعيين مجموعة من مطربي المقام العراقي مع فرقة موسيقية للجالغي البغدادي بصفة رسمية، بأُجور شهرية (رواتب) فيها ضمان إجتماعي بعد التقاعد، ثم إستأنفت إدارة المتحف حفلاتها التي دامت عدة سنوات.. وكان من بين هؤلاء المطربين المُعَيَّنين من قبل إدارة المتحف البغدادي المطرب عبد الرحيم الأعظمي وكذلك عبد الرحمن العزاوي وعلي إرزوقي ومحمد العاشق وأبو عبد البغدادي وحسن البناء وآخرين غيرهم.. تأثّر عبد الرحيم الاعظمي في غنائه للمقام العراقي بأُسلوب سلفه ومعاصره المطرب الكبير يوسف عمر.. الذي سيطر على كل ذوقه وجمالياته الادائية، ولكن عبد الرحيم الاعظمي إمتاز بصوت جميل وقوي قلَّ نظيرُه، من فصيلة (التنور) وكثيراً ما كنتُ أُشاركه في قراءة المنقبة النبوية الشريفة مطلع السبعينات.. لكنني لم أتخذها مصيراً لعملي الفني، فقد هجرتها عام 1975 بعد أن بدأت أُسَجِّل المقامات العراقية في تلفزيون بغداد وتعرض للجمهور، فلم أستمر في ممارستها أكثر من خمس سنوات.. ستبقى بعض الدقائق المعدودات، خالدة في خيالي وتأمّلاتي عندما إستمعت يوماً في المتحف البغدادي مطلع السبعينات الى مقام السيكاه وهو يُغَنّى من قبل ثلاثة مطربين للمقام العراقي في تجربة مقامية لغرض التنويع الذوقي والجمالي في غناء المقامات العراقية، وقد كان هؤلاء الثلاثة، عبد الرحيم الاعظمي وحمزة السعداوي وحسن البناء، وقد تم توزيع الجمل الغنائية حسب طبقاتها، في القرار والجواب أو أعلى من الجواب، الى كل من المطربين الثلاثة وحسب إمكانية طبقة صوت كلٍّ منهم في الغناء.. على كل حال، إنَّ ما يَهُمّنا في هذا الموضوع، هو سماعي لعتابة – السلمك - وهي إحدى محطات مقام السيكاه، بصوت عبد الرحيم الاعظمي وهي بطبقة عالية على درجة جواب السيكاه..! وقد أجاد بها عبد الرحيم الاعظمي وتجلَّى في تعابيرها بجمال تعبيري يفوق التصور، والغريب انه لم يسبق لي أن سمعتها من قبل، أو لم أنتبه إليها، وكذلك لم يصادف أن سمعتها مرَّة أُخرى من غيرعبد الرحيم الاعظمي في هذه الليلة حتى هذا اليوم، وبمثل هذه الاجادة والتعابير الجميلة التي حافظ عليها عبد الرحيم رغم طبقتها الصوتية العالية على جواب السيكاه، ولكنني حفظتها تماماً منذ ذلك اليوم رغم إستماعي لها لمرَّة واحدة ولكنها مرَّة كانت مؤثرة الى الآن وكأنني أستمع إليها في خيالي وتأمّلاتي وأحلامي في أي لحظة أتذكرها حتى اليوم.. لقد كان عبد الرحيم الأعظمي، يحاول أن يصفَ لنا من خلال مقاماته وأغانيه التراثية الكثيرة، طبيعة الحياة التي عاشتها … التي وصل فيها الى أعلى درجات التعبير المقامي، و قد تعاظم حضورُه الفنّي و الشَّخصي في المجتمع لفترة لم تكن طويلة من حياته.، حيث لم يقدَّر لها أن تدوم أكثر من عقد من السنين!! ومن ناحية أُخرى فإنَّ غناء عبد الرحيم الاعظمي سواء على صعيد المقام أو الاغنية التراثية، كان فيها يحاول أن يكشفَ النقاب عن عالم تعبيري بيئي حالم يعكس حياته البسيطة وزهوها وهو في ذروة نجاحاته الادائية و تأثيرها الكبير في المجتمع البغدادي على وجه التخصيص … وهو ما نجح فيه أيَّما نجاح، و بهذه الدلالات و الإشارات يتوضَّحُ لنا أنَّ عبد الرحيم الاعظمي على إدراك وإحساس واعييْن بإمكانيّات المؤدّين الغنائيّين المقاميّين المُعاصرين له … وكذلك نرى أنَّ مقاماته وأغانيه التراثية الرائعة ما هي إلا إنعكاسٌ تلقائيٌّ للأعمال ِالأصيلة الأُخرى … إنَّ هذه الإشارات الفنية في إمكانيّات عبد الرحيم الأعظمي الذي رغب دوماً في تطويرها … هذا التطور الذي يبتغيه، يشيرُ من جانبٍ آخر الى 
شخصيَّته وحضوره النافذ في الوسط المقامي البغدادي




 

الجمعة، 1 أكتوبر 2021

(وليد الأعظمي) شاعر الحقائق وقدوة الباحثين

 



(وليد الأعظمي) شاعر الحقائق وقدوة الباحثين .
الصورة : الموسوعة وليد الاعظمي مع الأستاذ الدكتور خليل الكوفحي 
Khalil Kofahi في منزل والده في الأردن/ إربد عام 1994م .
المقال : سفر حافل بالإنجازات وتنوع بالاختصاصات والمؤلفات ، حتى صار مرجعا في كثير من العلوم والمهن ، جمع بين أصعب وأهم العلوم والأدبيات كالشعر والتاريخ والخط ، ليوصف بالشاعر والمؤرخ والكاتب الإسلامي . (وليد عبد الكريم العبيدي) الذي اشتهر بوليد الأعظمي نسبة لمدينته الأعظمية بالعاصمة بغداد . والأعظمي ليس شاعرا ولا كاتبا ولا يقال عنه مؤرخا ولا يصح أن يسمى بالخطاط ، بل يجب أن تجمع كل هذه الألقاب بلفظ أدق ويطلق عليه الموسوعة ، لما جمعه من علوم ومهن توشحت بالطابع الديني ، هكذا وصفه عضو الهيئة العليا في المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء وإمام وخطيب جامع الإمام الأعظم الشيخ أحمد حسن الطه . وأشار طه إلى أن أمثال الأعظمي لا يمكن نزعهم من منصب العلماء وقدوات المجتمع حتى بعد رحيلهم عن الحياة وستبقى سيرتهم كما مؤلفاتهم مصادر ومراجع لطلبة العلم ، وأضاف أن رحيل الأعظمي كان خسارة مؤلمة لدعاة الأمة الإسلامية وعلمائها جميعا . واشتهر الأعظمي بأنه شاعر الحقائق ، وهو اللقب الذي أطلقه الداعية نور الدين الواعظ ابن الشيخ رضا الواعظ بسبب تناول الراحل الحقائق بأسلوبه الشعري . وما زالت أشعار الأعظمي متداولة خاصة في الأوساط الدينية كالمناقب والمناسبات الإسلامية بسبب طابعها الديني. ويقول رئيس التجمع العربي لشعراء العمود والتفعيلة الشاعر إسماعيل حقي الجنابي "اتصف شعر الأعظمي بالتقوى والدعوة إلى الكمال والالتزام بالعقيدة وواجباتها وعدم التفريط والتقاعس في حقوق الله والدين وبوجوب إعمار الأرض وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية السمحاء ، وكان له عدد كبير من القصائد في الشوق إلى طيبة وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم". ويشير عضو الاتحاد العام للشعراء والكتاب ببغداد ورئيس مجلس تجمع مرايا الأدبي الشاعر إبراهيم عواد الكبيسي إلى بيت شعر للأعظمي يقول فيه: يا هذه الدنيا أصيخي واشهدي ... أنّا بغير محمد لا نقتدي . ويقول الكبيسي إن هذا البيت سيبقى عالقا بألسنة الأجيال متكررا مع كل عودة لذكرى ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم والابتهاج بها ، وبهذه وغيرها من الأبيات والقصائد التي تغنت بخاتم الأنبياء والدفاع عن العقيدة والقضايا الإسلامية علَّق الأعظمي اسمه بذاكرة الأجيال والشعراء وفرض نفسه على المجتمع والتاريخ بإخلاصه لعقيدته . رغم تخرج الأعظمي في معهد الفنون الجميلة قسم الخط العربي والزخرفة البعيد عن التاريخ ، فإنه وضع بصمته كمؤرخ معاصر فرض نفسه على كبار المؤرخين الذين سبقوه . يقول عنه أستاذ التاريخ الدكتور بجامعة كركوك صلاح العريبي إن الأعظمي فاق الكثير من أهل الاختصاص بالتاريخ وقد خدم هذا التخصص بكم من المؤلفات التي وجدت رواجا في المجتمع العراقي والعربي ، فقد قضى جل عمله في البحث والتأليف خدمة للتاريخ العربي والإسلامي حتى أصبح قدوة للباحثين في العصر الحديث . ويؤكد العريبي أن مواظبة الراحل على حضور دروس كبار العلماء من أمثال مفتي بغداد العلامة قاسم القيسي والأستاذ أمجد الزهاوي وغيرهم كانت أحد أسباب اغترافه المعرفة من أصولها، ليصل إلى المكانة التي حظي بها كمرجع تاريخي موثوق به عن استحقاق وجدارة ومثابرة كرس عمره فيها. يعتبر أستاذ التاريخ الدكتور صلاح العريبي أن الأعظمي كان مؤرخا فاق الكثير من معاصريه . وعن نزعته وطابعه الإسلامي في معظم أعماله وإنجازاته يعزو السبب فيها أستاذ التاريخ والمشرف بوزارة التربية العراقية الدكتور منير عويد إلى النشأة والتربية الإسلامية، إذ قال عويد :- إن الأعظمي من أسرة ذات طابع ديني زجت به في جوامع مدينة بغداد لينهل العلوم من أبرز الدعاة والمشايخ فيها، وهو ما انعكس سريعا على جميع أعماله ومؤلفاته التاريخية التي أصبحت مقصد أغلب الطالبين والمهتمين بالعلوم الشرعية بعموم الوطن العربي. بحسب جميع المصادر كان الأعظمي أكاديميا في مهنة الخط، وتتلمذ ونال عددا من الإجازات بالخط العربي أبرزها من خطاط مصحف مكة المكرمة محمد طاهر الكردي المكي، وأخرى في فن الخط العربي من خطاط المسجد الحرام بمكة المصري الشهير محمد إبراهيم البرنس، وإجازة الخط العربي من خطاط كسوة الكعبة المشرفة الشيخ أمين البخاري. يقول أحد طلاب الأعظمي الخطاط الأكاديمي الدكتور كمال الجميلي "هجر أستاذي الأعظمي الخط منذ عام 1972 في يوم وفاة خطاط العراق وأستاذه هاشم البغدادي الذي رافقه أكثر من 20 عاما، وحينها كسر الأعظمي قصبات الخط وقال اليوم انتهى الخط العربي". الخطاط كمال الجميلي يدين بالفضل لأستاذه وليد الأعظمي الذي هجر مهنة الخط . ويضيف الجميلي واصفا الأعظمي بأستاذه الذي كان أحد المراجع المهمة ليس في الإرشادات والملاحظات للوحات الخط فحسب، بل للأكاديميين بهذا المجال "وكان الوحيد الذي اطلع على بحث تخرجي في البكالوريوس الذي حصلت به على درجة امتياز". لم يكن سهلا ما دوّنه وطبعه الأعظمي -الذي يعد أيضا من أبرز أعلام الإخوان المسلمين في العراق- والذي اعتبره الكثير من أصحاب الشأن رقما قياسيا بجميع الاختصاصات التي كتب بها. تقديرا لذلك الأثر أشار العريبي إلى تخصيص رسائل جامعية لشخص الراحل، منها رسالة ماجستير للطالب ناجي محمد ناجي السوري من جامعة الجزرية بالسودان، ورسالة أخرى من جامعة أم القرى بعنوان شعر وليد الأعظمي للطالب فلاح العتيبي، وهذا تأكيد لأهمية هذه الشخصية على مجريات التاريخ بمجالات شتى جعلت منه اسما علميا له ثقله بمصاف الكثير من العلماء عبر التاريخ. 
(الجزيرة نت/عماد الشمري-أربيل) .
 إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .


الجمعة، 10 سبتمبر 2021

الطبري في رحبـى الأعظـمـية


 الطـبــري

 في (رحبي) الأعظمية 

الصورة : حديقة الرحبي بداية السبعينات .حديقة الرحبي أو (رحبة يعقوب) هي حديقة كبيرة واسعة المساحة تبلغ مساحتها حوالي عشرة آلاف متر مربع تقريبا، وتقع في وسط (شارع عشرين/شارع الشهيد يونس خليل سابقاً) في حي الأعظمية، في جانب الرصافة من بغداد . في الحديقة متنزه للأطفال ومركز صحي تعاوني، وعلى جانب منها يوجد قبر ومرقد الامام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الذي دفن في (رحبة يعقوب) ووجد القبر عندما هدمت المساكن القديمة حولها وتوسعتها، وحدد موقع قبر الإمام الطبري من قبل لجنة من علماء الآثار والمؤرخين والقبر ظاهر للعيان موجود في الحديقة.

المقال : الإمام الطبري هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير بالإمام الطبري، (224 هـ - 310 هـ/839 - 923م)، وهو إمام ومؤرخ ومُفسر وفقيه مسلم صاحب أكبر كتابين في التفسير والتاريخ. وكان مجتهداً في أحكام الدين لا يقلد أحداً، بل قلده بعض الناس وعملوا بأقوالهِ وآرائهِ. ويعتبر من أكثر علماء الإسلام تأليفًا وتصنيفًا. عاش الطبري راهبًا في محراب العلم والعمل حتى وفاته. توفي الطبري وقت المغرب عشية يوم الأحد 26 من شهر شوال سنة310ه‍ الموافقة لسنة 923م. قال ابن كثير: توفي الطبري عن عمر ناهز الثمانين بخمس سنين، وفي شعر رأسه ولحيته سواد كثير، ودفن في داره… قال الخطيب البغدادي وابن عساكر:"اجتمع في جنازته من لا يحصيهم عددًا إلا الله، وصُلِّي على قبره عدة شهور ليلاً ونهارًا، ودُفِن في أضحى النهار من يوم الاثنين غد ذلك اليوم في داره الكائنة برحبة يعقوب ببغداد. ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب".

يقول الدكتور إبراهيم العلاف :- في 25 ايار سنة 2002 وافق مجلس الوزراء العراقي السابق على احياء " دار الامام الطبري رضي الله عنه " في بغداد والتي تقع في حديقة الرحبي في الاعظمية والى جانب الدار تقرر اقامة جامع ، ومكتبة ، ومرآب للسيارات . والموقع كما جاء في مجلة " الاطروحة " البغدادية العددان 2 و3 ايلول -تشرين الاول 2002 يقع تحديدا في شارع عشرين حيث دفن الطبري في رحبة يعقوب في ناحية باب خراسان بالجانب الشرقي كما ورد في كتاب (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي وفي (معجم الادباء) لياقوت الحموي و(المنتظم) لابن الجوزي .وباب خراسان يتوسط المسافة بين باب الشماسية (في نهاية شارع عشرين بالاعظمية تقريبا) حيث يمر نهر الفضل الاتي من الراشدية وباب بردان وعلى هذا يكون باب خراسان في منتصف شارع عشرين ورحبة يعقوب عنده وفيها دار الطبري التي ضمت قبره . وباب خراسان احد ابواب بغداد .. ومما يجدر ذكره ان صديقنا العزيز الاستاذ (ياسين الحسيني) الباحث والكاتب المعروف هو من كان وراء اكتشاف هذا الموقع ، واظهاره بعد أن اندرس نتيجة الغزوات التي تعاقبت على العراق عامة وبغداد خاصة .كما تولى المؤرخ الاستاذ الدكتور (عماد عبد السلام) رؤوف رئاسة اللجنة التي اعدت الدراسات عن هذا الموقع .وكان الاستاذ ياسين الحسيني قد تقدم بمذكرة الى وزير الثقافة والاعلام السابق (حامد يوسف حمادي) يوم 21 ايلول 1995 ، وبعد جهود وتنقيب استمر قرابة ثلاث سنوات وبالتعاون مع الاستاذ الدكتور عماد عبد السلام وبغيره من المهتمين بتاريخ وتراث بغداد .وقد تألفت اللجنة من الدكتور عماد والاستاذ ياسين الحسيني والاستاذ سالم الالوسي . وكان مرجع اللجنة ومستشارها الاستاذ الدكتور (صالح احمد العلي) وقد اضيف الى اللجنة ممثلان لهيئة السياحة ولامانة بغداد . كان لابد من ازاحة العديد من المحلات والاكشاك والاشجار التي كانت تملأ المكان وكان هناك " سوق الطيور " يقع بالقرب من الموقع فضلا عن مجموعة من المحلات التجارية والمقاهي .. وقد احيل المشروع على الدائة الهندسية في ديوان الرئاسة ووزارة الاوقاف ويبدو ان التوقيت لتنفيذ هذا المشروع لم يكن موفقا فقد تشابكت الاعصر على بغداد وبدأ الغزاة الاميركان في تخريبهم وتدميرهم بنية بغداد تمهيدا الى اعادتها لعصور ماقبل الصناعة .. وقد اكملوا كل ذلك بغزوهم العسكري في 9-4-2003 فمات المشروع في مهده ، ولم يقدر لدار الطبري ، ولا لمكتبة الطبري، ولالجامع الطبري ان تظهر الى الوجود ولعل الاحفاد يقدرون على التنفيذ يوما من الايام وما ذلك على الله ببعيد (ا.ه‍) .في عام 2018 قرر ديوان الوقف السني في العراق برئاسة الدكتور عبد اللطيف هميم وبإشراف الأستاذ سعد محمود القيسي مدير عام دائرة الأضرحة والمراقد الدينية بناء مرقد وضريح للامام الطبري في حديقة الرحبي،ويتضمن المبنى مكتبة عامة بالإضافة إلى الضريح. 

خالد عوسي الأعظمي

الثلاثاء، 31 أغسطس 2021

العيد في الأعظمية أيام زمان

 


العيد في الأعظمية أيام زمان .

الصورة : المؤرخ (وليد الأعظمي) في الوسط وعلى يساره أخيه (إبراهيم أبو وسام) صاحب ستوديو القيثارة ، وعلى يمينه أخيه (سهيل أبو نوفل) الذي فقد في (معركة الطاهري) إبان الحرب العراقية الأيرانية ، وهم واقفون أمام حديقة الرحبي في شارع 20 .  بعدسة أخوهما المصور (زهير كاكا) عام 1967م .

المقال : يقول المؤرخ وليد الأعظمي رحمه الله عن تجمعات العيد 

 كان والدي رحمه الله يصطحبني وأخواي (زيد) و (زهير) من الفجر الى (جامع الإمام الأعظم) لشهود صلاة العيد   وخطبتها ، وبعد إداء الصلاة نذهب الى زيارة الموتى من أقاربنا وتلاوة سورة يس أو سورة الفاتحة على أرواحهم ، ثم نذهب الى بيوتنا لتناول طعام الفطور ، ونقبِّل أيدي آبائنا وأمهاتنا ، نستلم (العيدية) منهم ثم ندور على بيوت أقاربنا من الأعمام والأخوال ثم نعود وفي جيوبنا مجموعة النقود المعدنية قد أثقلتها . وأذكر في صباي ، تجمع الأطفال في العيد ونصب ، دواليب الهواء والأراجيح الصغيرة على الجذوع في منطقة (النزيزة) موضع (قاعة القادسية) اليوم كما يأتي بعض أبناء القرى والريف ببعض رؤوس الخيل والحمير لكرائها وركوبها من قبل الأولاد ، وكانت الأراجيح العالية تُشد بجذوع النخيل الطويلة الباسقة في (بستان الدرعية) في محلة النصه بالأعظمية [مابين سوق الأعظمية وبإتجاه مائل الى شارع 20] وكانت الشابات من البنات يركبن تلك الأراجيح ، وأذكر أنني كنت أرى الشابة في الأرجوحة وهي ترتدي العباءة السوداء ولا تشعر بحرج في ذلك . وأذكر أن الحاجة (ملكة أم غازي) [والدة بيبيّه بنت بحر/أم أحمد] رحمهما الله ، كانت تنصب في بيتها جذعين يتدلى بينهما سرير من الخشب (تخت) يحمل عشر أشخاص ويسمونه ( لَلّو ) وكان النساء يذهبن الى بيت الحاجة ملكة في العيد ويركبن في هذا السرير ويتأرجحن به ، وكنت أرى نساء متزوجات يركبن في هذا السرير الأرجوحة مع أطفالهن . وأذكر في طفولتي أن أمي إصطحبتني في العيد مرة الى بيت الحاجة ملكة وركبتُ معها . وكنا نركب الأراجيح ودولاب الهواء بالنقود أيام العيد الأولى وعندنا مبلغ وافر منها ، وفي آخر أيام العيد نكون قد صرفنا تلك النقود ، فنركب الأرجوحة بالمقايضة فندفع لصاحب المرجوحة شيئاً من كعكة العيد (الكليچة) وبعد العيد ينتظر الناس يوم الأربعاء الأول بعد العيد ويذهبون الى زيارة مرقد (أبو رابعة) {أبو رابعة هو الأمير أحمد بن الخليفة المستعصم بالله العباسي وزوجته أم رابعة هي عصمة الدين شاه لبنى حفيدة القائد صلاح الدين الأيوبي} وكانت تحيط به الزروع والبساتين ، وتنتشر الناس بين الحقول ، وتجلب بعض العوائل معها الطعام وأدوات الشاي ، وينشد بعض الشباب قصائد من الزجل الشعر الشعبي (المربَّع) وبعص الشباب يركبون الخيل ، وينتشر بين الناس باعة المرطبات والحلويات والمخللات . ولما إنتشر العمران وبناء المنازل في تلك المواضع إنتقل الناس بالإحتفال يوم الأربعاء بعد العيد الى (المقبرة الملكية) وكانت تحيط بها البساتين وغابة كبيرة من أشجار السدر (النبق) العالية ، ثم إمتد العمران الى هذه المنطقة أيضاً فإنصرف الناس عن هذه العادة . من كتاب ذكريات ومواقف ص24 - 26 .

 إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الاثنين، 30 أغسطس 2021

الأعظمية والزعيم الأوحد


الأعظمية والزعيم الأوحد .
الصورة : من اليمين محل بزاز (بائع قماش) من أهالي النجف سكن الأعظمية لفترة طويلة ، وقد حل محله فيما بعد (غانم أبو القماش) مقابل (علوة عون) . وفي المحل المجاور مجموعة من شباب الأعظمية وخلفهم صور الزعيم عبد الكريم قاسم بعد إنقلاب تموز عام 1958م ، أذكر منهم ، الواقفون من اليمين في الصف الخلفي ، الأول (قاسم أبو سعد) وهو أول من أدخل أكلة الگص (الشاورمة) وإشتغل بها في الأعظمية ونافسه على هذه المهنة (عطا الوطني) ، ويقف أمام قاسم (هادي الكردي/ أبو حسن) وأمامه (ناجي إبن ملكه أبو خالد شقيق غازي أبو النفط). والثالث ناجي أبو فاروق (أبو الدوندرمه) صاحب (مطعم ناجي) من أقدم المطاعم في الأعظمية وما زال قائماً ، وهذه الصورة على يسار محله الذي شغله فيما بعد (إبراهيم أبو البيض/أبو خليل) في بداية السوق الكبير من جهة (مقهى محمد عزوز) . والرابع حامل صورة الزعيم ، البطل (فتاح حنكورة) وأمامه (نافع أبو شامل/أبو البايسكلات) وعلى يمينه أخيه (ثابت) ثم (حلومي إبن مله معطي) . وفي الوسط أبو الكاسكيته (عبد الباري/عبود) من بيت كاكا ، وعلى يمينه الضابط (هشام مجيد دولي أبو أحمد/إبن بيجة) . وفي الصف الأمامي على اليمين (سعدي أبو قصي/ شقيق مله سامي) وعلى يمينه الأستاذ (سعدي إبن أبو الطنافيس) وفي الصورة أيضاً (قاسم زينل) و(فاضل إبن ترفه) و(صبحي إبن شعيب) .
المقال : من كتاب ذكريات ومواقف للمؤرخ (وليد الأعظمي) مع الزعيم عبد الكريم قاسم :- في ليلة 27 رمضان 1380ھ منتصف آذار جمعونا [السجناء] من مراكز الشرطة في مركز شرطة السراي وأفطرنا هناك وأخبرونا أن الزعيم (عبد الكريم قاسم) يريد مقابلتنا في الساعة السابعة مساءاً في مكتبه بوزارة الدفاع ، وبعد الفطور ذهبنا مشياً على الأقدام من مركز شرطة السراي الى وزارة الدفاع وسجلوا أسماءنا وجلسنا في إحدى القاعات ننتظر إستدعاءنا ثم أشاروا لنا بالصعود الى الطابق الأول حيث مكتب الزعيم فصعدنا وأرشدنا بعض الضباط الى المكتب فدخلنا ووجدنا طاولة كبيرة من الخشب وحولها كراسي وفي صدر الطاولة كرسيان فجلسنا ننتظر وذلك في الساعة التاسعة مساءاً ، وبعد لحظات دخل الزعيم (أحمد صالح العبدي) الحاكم العسكري العام وبعد لحظات دخل الزعيم عبد الكريم قاسم ومعه آمر الإنضباط الزعيم (عبد الكريم الجده) وبعض المرافقين من الضباط فوقفوا وراء الزعيم ولم يجلس واحد منهم ثم توجه الزعيم بالسؤال من الحاكم العسكري عنا وعن قضيتنا فأجابه العبدي : ان هؤلاء جماعة الحزب الإسلامي وأصحاب المذكرة المنشورة في جريدة الفيحاء . فابتسم الزعيم وأعاد الترحيب بنا وقال أنتم ظلمتوني كثيراً وكانت المذكرة قاسية ثم أخذ يشيد بأعماله في خدمة الشعب ويهاجم (عبد الناصر) ويلوم بعض الضباط من خصومه على تآمرهم عليه وعدم إعطائه الفرصة للنهوض بمشاريعه العمرانيه والثقافية ولم يتناول موضوعاً إلا قاطعناه قبل أن يتمه ونجادله ونرد عليه وكان يتحمل ذلك بأخلاق عالية وكان عندما ينزعج ويأخذه الغضب يترك كرسيه ويذهب يغسل وجهه بالماء البارد وكنا نراه يمسح وجهه بالمنديل ، وهكذا إستمر الجدال سبع ساعات من التاسعة مساءاً حتى الرابعة فجراً وقد غادر القاعة ليغسل وجهه عدة مرات وكلما خرج الزعيم كان آمر الإنضباط عبد الكريم الجده يتكلم ويقول لنا : يا أخواني ، إن الزعيم يريد أن يصرفكم الى بيوتكم وأهلكم فلا تجادلوه وإسمعوا له فقط ولا تقولوا له لا ، ولا تقاطعوه ودعوه يكمل كلامه ولا تقولوا له حتى نعم ، فقط إسكتوا وإسمعوا حتى تنصرفوا الى أهلكم . وإنقضى الليل فلم نشرب ماءاً ولا شراباً ولا تسحرنا وإنما قدموا لنا وقت السحور كاسات صغيرة بقدر الأكواب فيها كاستر .ورأينا الزعيم على جانب كبير من التواضع وحسن الخلق والأدب . ومن الطريف أن أذكر أن الزعيم عبد الكريم قاسم هو الرجل الوحيد الذي صورته بالطبيعة أجمل بكثير من صوره الوتغرافية . وعند إنتهاء المقابلة نهض الزعيم مبتسماً وقال إذهبوا الى أهليكم لتحتفلوا بالعيد المبارك سوية ، ثم غادر القاعة . وكل هذا الذي ذكرناه من تواضع الزعيم وبساطته وحسن خلقه وأدبه لا يعادل عشر معاشر موقف صغير من مواقفه الرديئة ، وأهمها قانون الأحوال الشخصية وقضية الميراث ، فهل كان الميراث الشرعي مشكلة إجتماعية ؟ وهل شكى أحد طوال أربعة عشر قرناً من قسمة الميراث ؟ وهل قامت ثورة 14 تموز لتلغي حكم الله تعالى ؟ . ثم خرجنا وبادر بعض الضباط بإيصال الجماعة الى بيوتهم ، وكان نصيبي أن يحملني آمر الإنضباط الزعيم عبد الكريم الجده بسيارته الى بيتي في شارع عشرين بالأعظمية فوصلت الى أهلي عند وقت الإمساك يوم 27 رمضان 1380 ھ الموافق 17 آذار 1961 م . (ص86-88) إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

 

الجمعة، 27 أغسطس 2021

(الحافظ خليل) وتر الكمان وأرشيف الأنغام


(الحافظ خليل) وتر الكمان وأرشيف الأنغام .

الصورة : من اليمين الحافظ (خليل إسماعيل) وفي الوسط (الشيخ حبيب/شرحبيل) ثم الحافظ (مهدي البهرزي) والجالس في الأسفل (الأستاذ يحيى) والواقف وراءه (ياسر أبو الگهوه) وآخر الجالسين من جهة اليسار هو المله (علي حسن داود) المكان حرم جامع أبو حنيفة الداخلي والزمان سنة 1997م والمناسبة هي تكريم الحافظ خليل من قبل وزارة الأوقاف . الصورة من أرشيف الأخ العزيز علي الدباغ .

المقال : تنقل الحافظ بين الكثير من جوامع بغداد مبتدأ بجامع السراي حتى استقر به المقام في جامع بنية وخلالها اصبح شيخ محفل القراء في جامع الامام الاعظم . دخل الأذاعة عام 1941 ولما عُرف وذاع صيته في الأمصار دعي الى كثير من الدول وقرأ في مساجدابرزها المسجد النبوي والمسجد الأقصى ومرقد السيدة زينب في الشام والكويت وقد سجلت له هناك تلاوات نادرة محفوظة لليوم. عاصر اغلب القراء البغداديين،أما قراءاته مع العرب فهي كثيرة فقرأ مع الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في وفاة الملكة عالية عام 1950 حيث بدأ عبد الفتاح وبعده قرأ خليل فقال الشعشاعي بحقه “والله كويس خالص” وكررها وأردف “هكذا يقرأ القرءان لقد أعتديتم علينا عندما أتصلتم بنا في مصر وعندكم هذا الخليل” وعند أنتهاء التلاوة باشروا بالختمة وكان الدعاء للحافظ خليل”اللهم أجعل أشرف صلواتك دائمأ أبدأ بعدد أنفاس الخلائق فردأ فردا” الى أخر الدعاء وعند أنتهائه توجه نحوه الشعشاعي قائلأ :يحفظك الله أكرمك الله ما هذا الدعاء البركة وما فعلت بنا يا شيخ أريد منك أن تسجله لي واردف “إني لم أطرب ولم أكن أسمع مثل الحافظ خليل أنه وتر الكمان” كذلك ألتقى مع أبو العينين شعيشع في بغداد وقرأ معه والتقى مع الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ومحمد صديق المنشاوي في الستينيات وأيضأ مع الشيخ محمود خليل الحـــــــصري وقرأ مـــــــــعه في القصر الجمهوري عام 1964في شهر رمضان بحضور الرئيس عبدالسلام عارف. قال العازف سامي الشوا لعدد من القراء العراقيين عندما سمع قراءة خليل “أحب أن أقول لكم أن تراثكم في التلاوات هو الأصل وما عداه هو الفرع وقد زرت عدة دول عربيةولم أسمع مثل هذا التراث العظيم فحافظوا عليه من الضياع وسط موجة الدواخل من الأنغام البعيدة كل البعد عن تراثنا الزاهر الأصيل” وقال عنه العلامة الشيخ جلال الحنفي ان خليل يعد أرشيفاً للأنغام البغدادية يجيد استعمالها ويحسن التجوال في أرجائها قرارا وميانة،وما من نغمة يتقنها قدامى المقرئين إلا كان الحافظ خليل في هذا المدخل تصل درجته إلى تسعين درجة وهي درجة عالية لا يرقى إليها سوى العدد القليل في العالم”. حضرت الى العراق عام 1970 لجنه أزهريه لتعليم القراء ضبط أحكام وقواعد التلاوة القرآنية مؤلفه من شيخين أزهريين هما الشيخ رافع والشيخ محمود سيبويه وفتحوا دورة في جامع الحيدرخانة،ويروي الحاج محمد الخشالي صاحب قهوة الشابندر المعروفة القصة قائلآ “كنت أرافق الحافظ خليل وقد دخل على هذين الشيخين في جامع الحيدرخانه وكانا لايعرفان الحافظ خليل سابقآ وبعد السلام عليهما طلب منهما التسجيل في الدورة التي يفتحانها وأرادا سماع قراءته قبل درج اسمه لمعرفة قابليته الأقرائية وما أن بدأ الحافظ خليل بالقراءة أمامهما حتى قفزا من مكانهما إعجابآ به وأندهاشآ لما سمعوا وقالا له توقف يرحمك الله ياشيخ،نرجو منك أن تفتح أنت لنا دورة لتعليمنا مثل قراءتك وأنقلب المجلس الى حفاوة بالحافظ خليل وخاصة بعدما عرفوا بمكانته بين القراء العراقيين واعتذروا منه اعتذارآ شديدآ” . 


 

مجالس الأعظمية البغدادية الثقافية نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين



مجالس الأعظمية البغدادية الثقافية نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين 

الصورة : مجلس من مجالس الأدب والثقافة والفن ، في إحدى مقاهي الأعظمية منتصف الستينات . من اليمين الأول ( ؟ ) والثاني البطل الحاج (فتاح حنكوره/أبو أحمد) والثالث (عبد الكريم العاني/أبو نزار) والرابع الأستاذ الفنان (شعوبي إبراهيم/أبو هيثم) والخامس الشاعر والخطاط والمؤرخ الأستاذ (وليد الأعظمي/أبو خالد) والسادس ( ؟ ) والسابع السيد (عبد الرحمن الريس/أبو محسن 1926_2009) الذي ذكره الدكتور (هاشم الدباغ) في كتابه الموسوم (الأعظمية والأعظميون/ص157) في {أشهر مجالس الأعظمية} فقال :- مجلس عبد الرحمن عبد الكريم الريس . وأسرته من أسر الأعظمية المعروفة بالفضل والعلم والأدب والأخلاق الحسنة والشيم العالية . يعقد مساء كل يوم أحد من كل أسبوع بعد صلاة العشاء ، ومجلسه مجلس أدب ومطارحة ومنادمة (ا . ھ) .

المقال : منطقة الاعظمية في شمال الجزء الشرقي من بغداد مقابل الكاظمية ، شهدت نهاية القرن التاسع عشر وفي النصف الأول من القرن العشرين ، شهدت ظهور العديد من المجالس البغدادية الثقافية . منها مجالس الحاج حسن بيگ الكولمن وخيري الهنداوي وبيت سند وبيت متولي الأعظمية وآل الچوربچي وآل سلطان الحمود والشيخ نعمان الأعظمي والسيد أمين الأعظمي والعلامه حمدي الاأعظمي والشيخ محمد القزلچي ومجلس السيد أحمد السيد عثمان الخطيب وغيرها من المجالس الثقافية الغير مشهورة في هذه المنطقة الخالدة من مناطق بغداد . وكان مجلس السيد أحمد السيد عثمان الخطيب المعروف بيته في الأعظميه ببيت آل الخطيب ، فلقد كان هذا عالماً فاضلاً من الخطباء المشهورين ومن العلماء العاملين وكان يأخذ بالقلوب والأفئدة إذا ما إرتقى منبر الخطابة في (جامع الامام الاعظم) وكان له مجلس في الأعظمية يتردد عليه العلماء والفضلاء ، وبعد وفاته أعقب في مجلسه اولاده السيد عبد الله والسيد محمد سعيد ومجلس الحاج حسن بيگ الكوله من ، من المماليك الذي كان رجلاً فاضلاً لطيفاً ظريفاً وكان له مجلس في الأعظمية عامر بمن يختلف اليه من رجالات الفضل وأعيان الأمة ، وكانت له صحبة مع بعض رجالات الآلوسيه وقد أفرد له ترجمة الحاج علي الآلوسي قاضي بغداد نهاية العهد العثماني وبداية الحكم الوطني في كتابه (الدر المنتثر) وبعد وفاته أعقبه في مجلسه ولده كامل وكان من ملازمي مجلسه العلامه الشيخ قاسم القيسي والحاج حمدي الأعظمي وغيرهم من علماء بغداد . ومن المجالس المشهورة في الأعظمية مجلس الشاعر الكبير معروف الرصافي ، عندما أستأجر داراً في محلة السفينة بالأعظمية حيث كان يعقد مجلسه فيها وفي مقهى واقعة على نهر دجلة في الشارع المؤدي الى الكاظمية . ومن مجالس الأعظمية الأدبية مجلس حكمت سليمان إبن سليمان بيگ طالب الكهيه رئيس الوزارء سنة 1936 الكائن في منطقة الصليخ شرق الأعظمية وهو مجلس لا يقل عن مجلس والده ، ولقد جمع بين الأدب والسياسة ، وكذلك مجلس الحاج حمدي الأعظمي العالم الفاضل صاحب العلوم العقلية والنقلية ، وفي القانون والفقه له مكتبة كبيرة بشتى اللغات وله مجلس في داره بمحلة السفينة في الأعظمية بعد صلاة العصر من يوم الجمعة من كل أسبوع يتردد عليه رجالات العلم والفضل وأعيان البلد من علماء وأدباء يتداولون فيه مختلف الأحاديث الشيقة والأبحاث القيمة ، وكثيراً ما تضطرب الآراء والأفكار فيكون الأستاذ الأعظمي ومكتبته الحافلة الحكم العدل وكان في الأعظمية مجلس العلامه الشيخ محمد القزلچي العلامه الكبير أبو الحسن الشيخ محمد القزلجي من مشاهير علماء العراق المدرس في مدرسة نائله خاتون ومحاضر في كلية الشريعة ، كرس حياته لخدمة العلم والتدريس والفتوى ومسجده في مسجد بشر الحافي في الأعظمية ، مجلس يحفل بأهل العلم وطلابه يتردد عليه فضلاء بغداد والأعظمية من علماء وأدباء ووجهاء وله المرجعية الدينية المعروفة والمؤلفات والمخطوطات في الصرف والنحو والسير وفي شتى فنون المعرفة . ومن الأعظمية مجلس السيد أمين الأعظمي إبن السيد سلمان حيث إشتهر بيتهم بالفضل والأدب وكان له مجلس في محلة السفينة بالأعظمية يختلف إليه رجالات البلد وعلماؤها وقد توفي سنة 1909م ومن الأعظمية مجلس عبد العزيز بيگ المطير النابغة الفاضل من فضلاء عضو محكمة التمييز في العهد الملكي والذي  إبتدأ تعيينه كقاض من العهد العثماني وأثناء الاداره الانگليزيه وكان له ميل الى الأدب والعلم وله مجلس في داره في الأعظمية يتردد عليه الساسه والقضاة والعلماء والأدباء ونظراً للآراء والأفكار الجريئة التي تناقش في هذا المجلس فقد تعرض للغلق . ومن الأعظمية مجلس بيت سند من بيوتات بغداد القديمة ، جمع أهله بين طريق العلم والتجارة ، لهم بيوت في الأعظمية ومجالس وبساتين منذ زمن طويل وترجع وقفيه عن بستان لهم في محلة الحاره الى سنة 1826م وفي الأعظمية مجلس السيد أحمد خطيب الأعظمية وهذا البيت من بيوتات بغداد القديمه انخذوا دوراً لهم في بغداد والاعظميه وكان عميد اسرتهم السيد أحمد يتولى الخطابه في جامع الامام الاعظم ومما يروى ان جدهم كان السبب في مجيء السلطان مراد الرابع فاتحاً بغداد سنة 1638 م وكان لرجال هذه العائله مجلس علمي يبحث فيه المسائل العلميه ولم يبقى في هذا البيت سوى بعض الناس ومن مجالس الاعظميه البغداديه الثقافيه مجلس بيت متولي الاعظميه تلك الاسره المعروفه في الاعظميه وبغداد التي لها مكانه محترمه حيث كانوا المتولين على أوقاف جامع الامام الاعظم منهم نعمان ابن عبد اللطيف الذي كان له مجلس في داره مقابل مشهد الامام الاعظم يتردد عليه وجهاء الاعظميه وبغداد وأعيان العلم ورجالات الادب لما عرف به من حسن الاخلاق بحيث منحته الدوله العثمانيه رتبة رفيعه وخلف أولاده وأحفاده وكان يحضر الناس مجالسه . والحضور الى احتفالات المولد النبوي الشريف التي تحصل في الاعظميه وكان من هذا البيت من يتولى السدانه في مرقد الامام الاعظم وكان في هذه العائله الكثير من المحامين . ومن مجالس الاعظميه مجلس آل سلطان حموده والتي كان لها مجالس بغداديه ثقافيه متعدده في الاعظميه وباب الشيخ والحيدرخانه تتردد عليها وجوه البلد واعيان الامه تبحث فيها المسائل الاجتماعيه وأصل هذه العائله من حلب ونبغ منهم التاجر والفاضل سلطان حموده المتوفي ببغداد سنة 1695وترك ذرية واملاك كثيره ومن المجالس الثقافيه في الاعظميه مجلس واعظ العراق الشيخ نعمان الاعظمي المولود في الاعظميه فهو من وعاظ بغداد ومرشديها الذي تخرج على يد الشيخ عبد الرزاق الاعظمي والشيخ عبد الوهاب النائب وكان للواعظ الدور الاساس في انشاء كلية الامام الاعظم وفي الحصول على مطالبات أهل الاعظميه وكانت له مكتبه عامره  بنوادر المخطوطات والمؤلفات وكان يلقي مواعظه في رمضان في عدة جوامع منها القبلانيه والميدان وقد كان أحد أعضاء الوفد الذي ارسلته الحكومه العثمانيه للتفاوض مع آل سعود في الجزيره العربيه . 
بقلم الأستاذ ( طارق حرب ) 
منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي 


 

الأحد، 22 أغسطس 2021

مقاهي بغداد حفظت تراثنا من الاندثار




مقاهي بغداد حفظت تراثنا من الاندثار .

الصورة : عام 1999م في (مقهى أبو قيس) التي أصبحت (مقهى حلومي/أبو محمود) فيما بعد . عند مدخل السوق الكبير في محلة الشيوخ بالأعظمية مقابل جامع الإمام الأعظم . ويظهر في الصورة من اليمين قاريء المقام (فاروق الأعظمي) رحمه الله ثم السيد (رعد إبن قِلّيلَه) ويليه (إبراهيم/أبو محمد) بيت أبو الحَب ، وبعده (عميد الشرطة الحقوقي المتقاعد الحاج عبدالسلام السعدي ) و (مازن أبو بدر) و (إسماعيل چيعين) وبعده قاريء المقام (محمود السماك) ثم (سلام هاشم سلام العبيدي) ثم قاريء القرآن والمناقب النبوية (محمد معتوق) رحمه الله .

المقال : الدستور - هشام عودة يسأل والأستاذ حسين اسماعيل الاعظمي العبيدي يجيب .

مثلت الاعظمية حاضنة مهمة للمقام العراقي ، باعتبارك واحدا من ابنائها وتحمل اسمها لقبا ، ما دور الاعظمية في بناء شخصيتك الفنية؟

ـ في اعتقادي ان سببين اثنين منحا الاعظمية هذا الحضور القوى ، في الحياة البغدادية بشكل خاص والحياة العراقية بشكل عام ، وهما وجود الشط حيث تقع على شاطئ دجلة ووجود قبر الامام ابي حنيفة النعمان ، وهما عاملان مهمان في حياة اية منطقة . الاعظمية لم تشتهر كونها حاضنة للمقام العراقي فقط ، بل اشتهرت ايضا كونها قدمت للعراق والوطن العربي خيرة ابطال المصارعة الحرة ، وكنت في بداية حياتي مصارعا ، ولولا انشغالاتي الفنية لكنت اليوم مدربا للمصارعة. بيئة الاعظمية ، اضافة الى بيئة اسرتي الصغيرة التي كانت متدينة بغير غلو ، زرعت في داخلي حب المقام العراقي ، فمن المعلوم ان أي منطقة تضم مراكز دينية تصبح واحدة من مهماتها حفظ الموروث الشعبي وحمايته ، وهذا ما فعلته الاعظمية تماما ، ولان الينابيع الاولى للمقام العراقي هي ينابيع دينية ، فقد ساعدتني الاسرة والمنطقة على امتلاك التعابير الحقيقية للاداءات المقامية بصورة عفوية ، أي دون تدخل العقل ، وهذا ينسجم مع القول ان"التراث يمتلك ولا يعطى" ، وكنت في صغري اتسلل الى المقاهي لاستمع بشغف لمطربي هذا اللون من الغناء الاصيل.

ھل ساهمت مقاهي بغداد في الحفاظ على المقام العراقي ونشره ، الى أي مدى يمكن اعتبار هذه المقولة صحيحة؟

ـ هي مقولة صحيحة تماما ، فمنذ ما يزيد على خمسمائة عام ارتبط المقام العراقي بالمقاهي ، وصار رواد هذه المقاهي يستمتعون بالطرب الاصيل الذي يقدمه المقام ، ومع بدايات القرن العشرين ، بدأت تتوسع ظاهرة المقاهي في بغداد ، وصار كل واحد منها يحرص على استقطاب نجم من نجوم اداء المقام العراقي المشهورين في حالة تشبه الاحتكار ، ليتمكن من استقطاب مزيد من الزبائن ، وهناك امثلة على ذلك مثل المقاهى التي استقطبت الرواد رشيد القندرجي واحمد زيدان ونجم الشيخلي وعباس كنبير وغيرها ، وبالمناسبة فان اول مرة اعتليت فيها خشبة المسرح لاغني المقام امام جمهور كانت في مقهى المتحف البغدادي في اذار من عام 1973 . ولعل مقهى عزاوي تظل واحدة من اشهر مقاهي بغداد التي ارتبطت بالمقام العراقي ، وزاد من شهرتها حين تناولتها اغنية عراقية شهيرة ، ومما يجب التوقف عنده ان هذه المقاهي لم تكن موجودة في المناطق الشعبية فقط ، كما يمكن للبعض الاعتقاد ، بل انتشرت في معظم مناطق بغداد لان "سميعة" المقام ينتمون الى كل شرائح المجتمع ومن بينهم السياسيون والادباء والمثقفون وغيرهم . وفي سبعينيات القرن الماضي قامت الحكومة ، ولاول مرة في العراق ، بدعم المقاهي التي تقدم المقام العراقي وتوفر لها كل اسباب النجاح ، في محاولة للحفاظ على هذا التراث ومن ضمنها مقهى المتحف البغدادي. إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

 

الثلاثاء، 13 يوليو 2021

تاريخ نادي التربية الرياضي في الأعظمية


 


تاريخ نادي التربية الرياضي في الأعظمية 

الصورة : نادي التربية الرياضي في محلة نجيب باشا على شاطيء دجلة . ويظهر في الصورة ، الصف الأول الثالث من اليسار جلوساً البطل (طارق حنكورة) رحمه الله ، الصف الوسط ، الرابع من الجالسين يميناً (منذر الگزلي) أبو رضوان رحمه الله ، عام 1961م .

يقول المؤرخ وليد الأعظمي رحمه الله :- في سنة 1960م أسسنا نادياً بإسم (نادي التربية الرياضي) وكان مقره قريباً من مقر الحزب [الحزب الإسلامي] في محلة نجيب باشا على شاطيء دجلة . وأنشأنا (عريشاً) للسباحة في نهر دجلة وكان الشباب يترددون إليه من بعد صلاة العصر الى صلاة العشاء . ثم إنتقل النادي الى شريعة البصيرة عند نهاية شارع عشرين في محلة الشيوخ بالأعظمية ، وكان الشباب يترددون الى النادي ، وفيه ساحة لكرة السلة وبساط للمصارعة وبعض أقراص الحديد لرفع الأثقال فضلاً عن السباحة في النهر ، وعند غروب الشمس يخرج الشباب من النهر ويرتدون ملابسهم ويجلسون على الحصران مستقبلين القبلة ويؤدون صلاة المغرب جماعة ، ثم يجلسون يستغفرون الله تعالى ويتلون الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد فاز النادي ببطولة العراق بالمصارعة ، وكان يتردد إليه المصارعون الأبطال قاسم أحمد السيد ومحمد مطشر وحسين علي وخالد العاني وصالح مهدي الأعظمي وفتاح محمد فتاح [إبن حنكورة] وصباح سعيد الأعظمي وغيرهم [من الذين فازوا ببطولة المصارعة] وكان الشباب في النادي على جانب كبير من حسن الأدب وكرم الأخلاق ، وبالرغم من كون النادي بين البيوت ، ويتردد عليه عشرات الشباب والمراهقين ، فلم يزعجوا أحداً من الجيران ولم نسمع شكوى من أحد . وإنتخبني الشباب رئيساً للنادي سنة 1964م وبقيت رئيساً للنادي خمس سنوات . وعن بناء نادي التربية الرياضي يقول الأعظمي :- في سنة 1965م إستحصل نادي التربية الرياضي قطعة أرض كبيرة في شارع المغرب بالأعظمية من ديوان الأوقاف بإيجار طويل على سبيل المساطحة ، وأن نبني بها مقراً للنادي ، ثم تعود الأرض والبناء الى ديوان الأوقاف بعد عشرين سنة . وسافرت الى الكويت بصحبة أخي الأستاذ نعمان السامرائي ، وتبرع لنا بعض الأصدقاء هناك بمبلغ لا بأس به يقرب من ألفي دينار عراقي ، وإستطعنا أن نبني به سياجاً للنادي مع تبليط أرضه بالإسمنت وبناء عدة حجرات للإدارة مع قاعة كبيرة ومحلات للوضوء ومرافق صحية ، وصار الشباب يترددون الى النادي ويصلون فيه المغرب والعشاء جماعة ، وإكتسب النادي سمعة طيبة بين الشباب . من كتاب ذكريات ومواقف/ص75- 76 وص105- 106 إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الاثنين، 21 يونيو 2021

رجال خالدون في ذاكرة الزمن


 

رجال خالدون في ذاكرة الزمن .

(عوسي الاعظمي) تاريخ من ذهب ، ورجل لن يتكرر حتى لو بعد ١٠٠٠ سنة .

الصورة : البطل الضاحك عوسي الأعظمي أمام چرداغه الواقع على ضفاف محلة السفينة ، وتظهر من بعيد مدينة الكاظمية على الضفة الأخرى من نهر دجلة عام 1936م .

المقال : حيرة والف حيرة ماذا سوف يخطه قلمي ليكتب عن شخصية عراقية تملك من التاريخ المشرف سواء في ساحة الحياة الاجتماعية والانسانية والرياضية والاعلامية وانني اعرف مسبقا ان قلمي سوف يكون مقصر بوصف هذا الجبل الشامخ وكلماتي سوف تكون خجوله لتقيم هذا الهرم العراقي الخالد . هو جاسم محمد العبيدي او كما يحلوا للعراقيين تسميته بعوسي الاعظمي . رجل امي لا يعرف القراءة والكتابه لا يشرب ولا يدخن ، هو من مدينه المبدعون والمثقفون والرياضيون المتميزون هو من مدينه الاعظميه ولد عام ١٩١٣ كثيرة هي الابداعات في تاريخ هذا الرجل ولا اعرف من أين أبدأ مشوار التميز والتفوق لكن هو سباح ماهر تعلم السباحه من والده وهو في عمر ثمان سنوات وعلى شاطى نهر دجله الخير الذي بدء الآن يجف الماء به كان بطل في السباحه من طينه الكبار صال وجال في عالم السباحه ولم يكتفي في تحقيق الإنجازات في عالم السباحه بل شرع في تدريب وتعليم الصغار السباحه هو مصارع حديدي عنيد قوي ويملك عقليه كبيره في النزالات لايخاف احد ولا يهاب احد وفي ساحه المصارعه هناك الكثير الكثير من الإنجازات فلا يزال التاريخ يسجل فوزه على المصارع الهندي ....علي محمد ....في ملعب الكشافه عام ١٩٣٨ وتم تكريمه من الوصي عبد الاله بعشرين دينار وكذلك فاز على المصارع اللبناني...زكريا شهاب .....وفاز على المصارع التركي القوي ...محمد أوغاد ....والإبداع يستمر في المصارعه ....كان يعشق ركوب الدراجه الهوائية وترحل بها في رحلات عربيه بل كان يتزحلق ويقوم بحركات بهلوانيه لايستطيع اي احد يقوم بها مارس الزورخانه وكمال الأجسام ورفع الاثقال وفي كل الألعاب كان الرياضي المتميز لا يوجد في ذلك الوقت احد لا يحب عوسي الاعظمي الصغير والكبير يحبه بل كان له مواقف انسانيه واجتماعيه غابت عنا الآن يشارك الناس افراحهم واحزانهم وإذا دخلنا إلى عالم الثقاقه والإعلام فهناك امر عجيب وغريب هل يعقل أن يكون متميز في هذا الجانب وهو امي لا يعرف القراءه والكتابه أصبح إعلامي متميز وعند افتتاح البث التلفزيوني قدم برنامجه ....الابطال..... واسس أول مجله للرياضه واللياقه البدنيه وكان يحكي للناس في المجالس الحكم والقصص وكان يطبع الدعوات الرياضيه ويوزع المنشورات الرياضيه وعلى نفقته الخاصه بل كان يملك قلب طيب جدا وكريم جدا  وصدقوني قصه عوسي الاعظمي قصه مليئه بالإنجازات ويجب على كل عراقي ان يقرأ هذه القصه من أجل أن يأخذ العبر والدروس في حياته .......نعم رحل هذا الرجل وترك لنا تاريخ لا يقدر بثمن وفي كل المجالات رحل بجسده الطاهر في عام ١٩٩٣ بحادث دهس رحل بجسده لكن يبقى اسمه باقي في قلوب وعقول العراقيين......... 

رحل وترك حب الرياضة تسري في اولاده....خالد ....حسين .... ليث ..... رائد ..... أحمد .... نبيل .

 رحل بعد مشوار مشرف وتاريخ ذهبي يتذكره الناس بخير  .

 إلى جنه النعيم عوسي الاعظمي .

 منقول.. من صفحة الاعظمية تاريخ .. بقلم فارسها: عمار مجيد 

الخميس، 3 يونيو 2021

محلة الشيوخ التراثية


 

محلة الشيوخ التراثية .

 الصورة : محلة الشيوخ في الأعظمية سنة 1960 بعدسة المصور زهير كاكا رحمه الله .

المقال : كانت المحلة الاعظم بين محلات الاعظمية في الجزء الشرقي من بغداد ، إذ كانت الاعظمية كلها محلة واحدة سابقاً ، هي محلة الامام أبي حنيفة ، ولكن منذ سنة ١٨٧٠م زمن الوالي (مدحت باشا) تقسمت الاعظمية الى محلات الشيوخ والنصة والسفينة والحارة ، ثم ظهرت محلات أخرى بعد ذلك ارتبطت بالاعظمية ، ومحلة الشيوخ المحلة الاعظم من بين محلات الاعظمية التراثية ، كونها كانت الاكبر مساحة والاكثر سكاناً والاشهر علماً واقتصاداً ، يحدها نهر دجله غرباً ، ومحلة النصه جنوباً ، وغرباً مفتوحه الى ان ينتهي العمران وقتها ، مع ملاحظة ان هنالك محلتا شيوخ في بغداد ، احدهما هذه ، والاخرى في الكاظميه ، واذا كان شيوخ الكاظميه من قبيلة طيء ، فأن شيوخ الاعظميه من قبيلة العبيد ، اذ لهذه القبيله دوراً متميزاً في ولاية بغداد العثمانيه خاصة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ، والشيوخ سميت على اسم شيوخ قبيلة العبيد ، خاصة وان قبيلة العبيد كانت مع جيش السلطان العثماني عند فتحه بغداد سنة١٦٣٨ م ، وان كان هنالك رأي يقول ان اسمها نسبة الى شيوخ الطرق الصوفيه ، ولكني ارجح الرأي الاول وهو شيوخ العبيد . ومن مساجد محلة الشيوخ المعظماويه (مسجد الحاج ارزوقي العنبر) الذي بني ١٩٥٤ ، ومن مزارتها (تكية الشيخ الصوفي المشهور أبا الحسين النوري) وتعرف بتكية النوري . وقد سكن يهود بغداد هذه المحله واتخذوا اثنان من محلات العباده اليهوديه في هذه المحله ، وكان في هذه المحله (مدرسة الاعظميه الابتدائيه) مقابل بيت ناجي الخضيري و(مدرسة الاعظميه الاوليه) وكان في هذه المحله (مدرسة الاعظميه الاسرائيليه) ثم انتقلت . ومن اشهر الكتاتيب( الملا واللاله) في المحله (ملا علي حسن) و(اللاله شريفه ابنة الحاج شريف) و(اللاله حليمه) . ومن مقاهي هذه المحله سابقاً مقهى بيت الافندي (المتولي) ومقهى السيد نعمان وكانت تسمى (مقهى حامد) مستأجرها و(مقهى عطيه) التي سميت بعد دلك (مقهى مجيد لكاش) و(مقهى حجازي) ومقهى سيد سامح المعروفه باسم (مقهى الحاج محمود العمر) ومقهى (اليوقلمچي) التي تسمى باسم مستأجرها محمد( الكاولي) و(مقهى ذياب) مجاور جامع الامام و(مقهى حسون السكران) و(مقهى أبو عروة) ومقاهي كريم ومحمد رزوقي وعلي الحسن. وقد اشتهر اهالي محلة الشيوخ في دباغة الجلود والصوف وكونهم اصحاب علاوي وباعة اقمشه  وموظفين وسماكه والبستنه والوظائف العلميه في جامع الامام وفي هذه المحله كان اول معمل للطحن والجرش معمل مكينه عبد الكريم ابو الدبس ومعمل مكينه ملا عواد ومعامل السيد نعمان الحاج محمد وعبد الرزاق محسوب ومعمل الصابون الذي كان يعمل فيه عمال المان سنة ١٩٢٨ وجميع علاوي الخضروات والفواكه كانت في محلة الشيوخ في الاعظميه التي تأتي من الصليخ والفحامه والراشديه والبساتين المحيطه بالاعظميه كعلاوي حياوي وحجازي والسكران وابو كريش كذلك فأن علاوي الحبوب كالحنطه والشعير والرز والعدس والماش والدخن  في هذه المحله كعلاوي الحاج كريم مسعود واحمد صالح ونجيب الريس وابراهيم الحمد واشتهرت محلة الشيوخ ايضاً ( بأسكلة) بيع الخشب والحصران ومواد البناء لوالد عوسي الاعظمي محمد طه الاعظمي واسكلة الحاج حجازي واشتهر   ملا سعيد السلام وكاظم باشا وعبد الكريم ابو الدبس  في محله الشيوخ بطحن وبيع العفص ومن درابين محلة الشيوخ دربونة عبدالله السلام مقابل مقهى حجازي ودربونة عيس الاعمى ودربونة ابراهيم دله ودربونة حسون السكران ودربونة حجازي ودربونة ريمه المسلمانيه ودربونة زماوي ودربونة حسين بلديه ودربونة خليلان ودربونة حسن كافر ودربونة الخبازه وزربونة قواس. واشتهرت محلة الشيوخ ( بالنزيزه) اي ظهور الماء من داخل الارض الى سطحها وقد شهدت محلة الشيوخ عدد من المختارين منهم محمد جواد وابنه يوسف وعبد الكريم ابو الدبس وملاحبيب الفياض وكاظم باشا وهو خليل اسماعيل الاعظمي وحموش وحجازي وحمودي ملا ياس واحمد الحاج معروف ونعمه المختار وعبد الرحمن المختار والحاج عبد اللطيف احمد ومن مشهوري( المطيرچيه) الذين يقتنون الطيور للعب والتسليه وليس للذبح طعمه وقنزوع وفاضل ميخا والاعضب وابو البيض والبلام ونعوم والقندلچي وتوشه وكركاش ودله وزماوي والقراس وتمر والشرطي وطحو والخاصه والهدله والسماك وكرديه والواوي وغيرهم ومن عميان محلة الشيوخ عبد الاعمى وابنه عيسى وابراهيم الحلبي وابن اخيه حميد الحلبي ونشو نشأت وياسين وهاشم وملا معطي ابو اللبلبي وملا سعيد السلام وعبد الستار الاعمى والحافظ سامي الاعظمي وأمين الطرشچي. وكانت محلة الشيوخ هي البداية في الرياضة بالاعظميه فقد كان (عوسي الاعظمي) موءسسها ولولبها وهو جاسم عوسي بن محمد بن طه بن سنبل الاعظمي من اهالي هذه المحله فقد كان يعلم الصبيان السباحه وكمال الاجسام وهو اول من بدأ بسباق السباحة وتعليمها وسباق الدراجات والمصارعه كونه بطل مصارعه ورفع الاثقال والملاكمه وكان مصطفى ابو الزعر في محلة الشيوخ من اشهر العطارين في الاعظميه وكان حميد ابو الكبه صاحب الكبه المشهورة  من محلة الشيوخ .

 للكاتب طارق حرب . 

إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

السبت، 10 أبريل 2021

واقعة الأعظمية




واقعة الأعظمية .
الصورة : بعض من آثار الحرب على العراق وما خلفته من خراب ودمار على مدينة الأعظميةً وجامع الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان في 10/4/2003م .
المقال : قبل أذان الفجر من يوم الخميس العاشر من نيسان 2003م هاجمت الدبابات والطائرات ساحة وشارع الإمام الأعظم وشارع الچرداغ ومحلة السفينة ومحلة الشيوخ وقد قاوم المجاهدون العرب مع أبناء الأعظمية تلك القوات الحاقدة . قاوموا الدبابات والطائرات بالرشاشات والقنابل وبعض القذائف مدة سبع ساعات ، وقد أحرقوا وأعطبوا ثلاث دبابات مع بعض ناقلات الجنود ، وقد إنحصرت إحدى المدرعات أو الدبابات في أحد أزقة محلة السفينة وكان الزقاق ضيقاً ، وبقيت ثلاثة أيام محصورة في ذلك الزقاق حتى تمكن الأمريكان من سحبها بعد أن إعتلى الأطفال تلك المدرعة ورقصوا فوقها ودخلوا فيها وأكلوا ماوجدوا من الشوكولاتة وأنواع النستلة والمعلبات وعبثوا في بعض أدواتها . وقد قصف المجرمون الأعداء جامع الإمام الأعظم ، وأصابوا برج الساعة الأعظمية . والأبطال من الشباب الذين قاوموا الأعداء في واقعة الأعظمية من قبل أذان الفجر حتى الضحى من يوم الخميس العاشر  من نيسان ، وقد أكرم الله تعالى بعض أولئك الشباب وأعزهم ومنحهم درجة الشهداء ، وهم من أبناء الأعظمية ومن المجاهدين العرب ، وعند إنتهاء الواقعة جمع الشباب في الأعظمية جثث الشهداء ودفناهم في حديقة جامع الإمام الأعظم ، وقد أطلقنا على ذلك الموضع إسم (روضة الشهداء) تغشاهم وتغمرهم دعوات المصلين في كل وقت وحين بالمغفرة والرضوان . والخلود في أعلى الجنان . أما قتلى الأعداء المجرمين فكثير ولم يستطع أبناؤنا إحصاءهم ، لأنهم ينقلون قتلاهم بسرعة ، كما ينقلون الدبابات والمدرعات المعطوبة والمحروقة 
(المؤرخ وليد الأعظمي/ذكريات ومواقف ص196-197-198) إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي 
 

السبت، 3 أبريل 2021

وفاة الملك غازي الأول


وفاة الملك غازي الأول .
الصورة : تنشر لأول مرة ، وهي واحدة من أرشيف زوّدني به السيد المحامي (صباح محمد عارف) رحمه الله واضعاً علامة (X الوالد) بالأخضر للدلالة على والده الشيخ محمد عارف والد الرئيسين عبد السلام وعبد الرحمن ، وفيها ، علماء الدين يصلّون على جثمان الفقيد صاحب الجلالة الملك غازي الأول رحمه الله عند بوابة المقبرة الملكية في الأعظمية ظهيرة يوم 5/4/1939م .
المقال : من كتاب (مواقف وذكريات) ص13-14 يتحدث المؤرخ (وليد الأعظمي) قائلاً :- وأذكر وفاة الملك غازي الأول يوم 4 نيسان 1939م وأنا في الصف الثالث الإبتدائي ، وقد أمر مدير المدرسة بإنصراف التلاميذ ، فإنصرفنا ورأينا الناس في الشوارع والطرقات ، رجالاً ونساء يبكون ، والنساء تصرخ ، ثم ذهبنا الى رأس الحواش عند حديقة النعمان ، ننتظر موكب التشييع ، ثم جاء الموكب الجليل ، وكان النعش قد حُمـلَ على عربة مدفع وهو مجلّل بالعلم العراقي ، وخلف النعش تمشي (فرس الملك) وهي مجلّلة بالسواد ، وتبدو واجمة كأنها تبكي لفراق فارسها . وكان شارع المقبرة الملكية كأنه غابة من أشجار السدر ، وقد عبقت رائحته وأختلطت مع روائح الأزهار والورود مع روائح وأزهار البرتقال (القدّاح) وعطور الطلع النضيد على رؤوس باسقات النخيل . وكان علماء الدين ورؤساء القبائل العربية والوزراء وكبار رجال الدولة يسيرون خلف النعش بسكينة وهدوء ، ثم دفن نعش الملك غازي في القبة الزرقاء على يسار الداخل الى بناية المقبرة . وأذكر أن العائلة المالكة نصبت ماكنة كهربائية لتبريد الماء وسقاية الناس على روح الملك غازي ، وكان الناس يشربون الماء البارد ويملؤون الكيزان منها الى بيوتهم ، وكان ذلك أول مرة نرى ماكنة كهربائية تبرّد الماء . وكانت تأتي سيارة من القصر الملكي (قصر الزهور) كل يوم خميس عصراً لتوزيع المرطبات (الموطا) على روح الملك وكنا نسميها (أسكيمو) وكنا نذهب ونحن أطفال من شارع عشرين الى المقبرة الملكية كل يوم خميس عصراً ننتظر سيارة المرطبات . 


 

الجمعة، 19 مارس 2021

أشهر المصافحات الرياضية في تاريخ العراق


 

أشهر المصافحات الرياضية في تاريخ العراق

الصورة : لقطة من عقد السبعينات . الصورة في نادي الأعظمية في ختام إحدى بطولات المصارعة ، ويظهر فيها (صالح مهدي عماش) نائب رئيس الجمهورية يومذاك ، يصافح ويكرم البطل (عوسي الأعظمي) بكأس تقديرية ،، رحمهما الله .

المقال : تفوق على جميع أبطال زمانه في تنوع الألعاب التي مارسها ، وتميز عليهم بحمله لقب رائد في الصحافة الرياضية العراقية والعربية والعالمية . عوسي الأعظمي أو جاسم محمد طه الأعظمي ، ولد في منطقة الأعظمية عام ١٩١٣ . في السابعة تفتحت قريحته الرياضية حيث كان يخرج مع والده الحطاب الى نهر دجله ، وهناك تأكد للجميع أن هذا الصغير سيكون مشروع نجم كبير مستقبلاً . أطلقت عليه جدته لقب عوسي بعد أن أشرف على الموت يوم كان في عامه الأول وبعد نجاته بأعجوبة من المرض الذي ألَمَّ به . تخصص بالألعاب الفردية كممارسة الزورخانة والمصارعة والسباحة والجمباز وركوب الدراجات وبناء الأجسام إضافة الى عشقه للحياة الكشفية ، وتنقل بين الكثير من الدول ممارساً هذه الهوايه . يعتبر إعلامياً متميزاً ومن رواد الصحافة العالمية بعد إصداره لمجلة متخصصة في الثلاثينات . أول عراقي دعا الى بطولات التزحلق والتزلج . لا أطيل ،، ولكني أعتبره الشخصية الرياضية (الأهلية) الأولى في تاريخ العراق من حيث ريادته لباقة من الألعاب وفتح بواباتها أمام من عشقها وظهر فيها فيما بعد .

من موضوع مُطَوَّل تحدثت فيه عن مسيرة المرحوم ، بعد لقائي به في إحدى مقاهي الكسرة وناسها الطيبين .

.بقلم الكاتب والمؤرخ الأستاذ (د.سمير الشكرجي) 

 جمع واعداد : خالد عوسي الاعظمي

السبت، 13 مارس 2021

الحاج حمدي من المهد الى اللحد


 


الحاج حمدي من المهدِ الى اللحدِ .
الصورة : العلّامة الشيخ الحاج حمدي الأعظمي ، هو أبو العلاء حمدي بن الملا عبد الله بن محمد العبيدي الأعظمي ، حقوقي وأديب وكاتب ومؤلف وعالم وفقيه إسلامي عراقي من أهالي الأعظمية في بغداد . ولد في عام 1298هـ/ 1882م بمحلة السفينة في الأعظمية ، وتعلم القرآن الكريم في صغره ، وبدأ تحصيلهُ الدراسي في المدارس الرشدية في الدولة العثمانية ، ثم ذهب إلى المدرسة الحربية ، وتخرج فيها بشهادة أعلى ، ثم درس العلوم الدينية في المدرسة المرجانية على الشيخ نعمان أفندي الآلوسي والشيخ عبد الرزاق أفندي الأعظمي ، ونال الإجازة العلمية منهما ، وبعدها واصل دراسته في مدرسة الإمام الأعظم عند الشيخ معروف أفندي البشدري والشيخ محمد سعيد أفندي النقشبندي ، وأخذ منهما الإجازة ، كما تتلمذ على الشيخ قاسم الغواص ، وأخذ الإجازة العلمية منه أيضا ، وفي 9 ذي القعدة عام 1315هـ/ 1897م أثبت الأهلية ليكون معلماً، ونقل إلى المدرسة الرشدية في بعقوبة عام 1317هـ/ 1899م، وكان يلقي خطبة الجمعة أيام الجمع في جامع الشابندر في بعقوبة ، وبعدها سافر إلى إسطنبول ودخل الامتحان العام في مجلس المعارف ، وحصل على الدرجات الكاملة في ثلاثة عشر فرعاً من فروع العلوم الدينية والاجتماعية عام 1322هـ/ 1905مبنى له مكتبة عامة معروفة في محلة السفينة ، تحتوي على الكثير من المراجع العلمية والمصادر الفقهية وأمهات الكتب والصحف وغيرها ، وكان فيها مجلس يجتمع فيه أهل الفقه والدين ، وله اطلاع معروف في علوم الرياضيات والكلام وأصول الفقه وكان مجلسه في داره بمحلة السفينة بعد صلاة العصر من يوم الجمعة كل أسبوع يختلف إليه رجالات البلد من الساسة والأدباء والعلماء ، وكثيرا ما يحدث النزاع وتضطرب الآراء والأفكار فيرجعون إلى أمهات الكتب والمصادر التي لديه في المكتبة لفض النزاع وإقامة الحجة والبينة ، وأسرته من عشيرة العبيد المعروفة بكثرة عددها ولقد سكنت أسرته حي الأعظمية منذ عهد السلطان مراد الرابع عام 1048هـ/ 1638م ، وذلك بعد نزوحها من مضارب العبيد في لواء كركوك .
المقال : وعن وفاة العلّامة الحاج حمدي الأعظمي ، ذكر المؤرخ (وليد الأعظمي) رحمه الله في كتابه الموسوم (ذكريات ومواقف) ص133 . ليلة الخميس ١٦ محرم الحرام سنة ١٣٩١ھ الموافق 14 آذار 1971م توفي العلّامة الحاج حمدي الأعظمي عميد كلية الشريعة سابقاً وعضو المجمع العلمي العراقي ، ونَعَتْهُ الصحف في بغداد ، وشيعت جنازته في اليوم الثاني من (الحضرة القادرية) الى (الحضرة الأعظمية) في موكب هائل تتقدمه الدمّامات والدفوف والرايات بالتكبير والتهليل والصلوات والأذكار ، وتسير وراء النعش مجموعة من العلماء والأئمة والخطباء والمئات من طلاب كلية الامام الأعظم ووفود من مشايخ الطرق الصوفية ، وصلى على جنازته إماماً بالناس سماحة العلّامة الشيخ (نجم الدين الواعظ) ودفن عند صلاة المغرب في مكتبته العامة التي وقفها على طلبة العلم ، وقد أُعِدَّ له مدفناً فيها ، وأقيم مجلس الفاتحة على روحه في كلية الامام الأعظم وفي عدد من المدن العراقية .

الاثنين، 1 مارس 2021

بطولة بغداد للمصارعة 1948




 بطولة بغداد للمصارعة 1948 .
الصورة : تحفة نادرة من متحف التاريخ المصور للرياضة العراقية ، لقطة من عام ١٩٤٨ في ساحة الكشافة لبطولة بغداد بالمصارعة . (عوسي الاعظمي) رحمه الله وكعادته مختلفاً عن كل من حوله يظهر انيقاً زاهياً وهو يرتدي الروب بمواجهة الامير عبد الإله راعي البطولة تقليداً بابطال العالم وماكان سائداً في الحلبات الاوربية ! .
المقال : للتاريخ ،، المغفور له الامير عبد الاله بن الملك علي الوصي على عرش العراق اكثر شخصية سياسية على مر العصور ظهر وقاد ورعى المهرجانات والبطولات والمباريات في تآريخ الدول حول العالم في الثلاثينات والاربعينات والخمسينات . دون مبالغة وبفخر كبير اذكر ولاول مرة اني امتلك كامل المجموعة الصورية للمرحوم الوصي على العرش التي تمثله وهو في ملاعب بغداد والبصرة والديوانية وهو يوزع الجوائز على الابطال والمتفوقين ومن بينها هذه الصورة الثمينة التي التقطت في ساحة الكشافة خلال شهر كانون الاول ١٩٤٨ وهو يسلم بطل كلية الحقوق المرحوم خلوق امين زكي كاس الفوز بعد تغلبه على ناجي الراوي ( الذي اصبح ممثلاً فيما بعد ) ، وجذبت نظري اناقة واهتمام بطل وزنه المرحوم عوسي الاعظمي وهو يرتدي الروب بدل البدلة الرياضية ليتقي برد كانون وهو ينتظر دوره قبل التشرف بمصافحة ولي العهد ، تبقى الصورة هي الدليل القاطع والمؤشر الذي لايقبل النقاش على امور تاريخية كثيرة ومن بينها الامور الثلاثة التي تطرقت اليها في بحثي القصير الذي يخدم دون شك جميع طلبة الدراسات العليا ومن يهمه امر الشخصيات ووضع الرياضة العام في البلد يوم لم تكن هناك قاعة خاصة تكفي لحضور الاف المشاهدين لمتابعة بطولات المصارعه فيضطر القائمون لاجراءها على حلبة ملاكمة بقرب الخط الجانبي المقابل للمقصورة والمدرجات داخل ساحة كرة القدم العائدة لملعب الكشافة !

 الصورة الوحيدة الأوريجينال  - الدكتور المؤرخ سمير الشكرچي

الجمعة، 26 فبراير 2021

السياب في چرداغ الأعظمية


السياب في چرداغ الأعظمية .
المقال : بعد ثورة الشواف في الموصل عام 1959 فُصِل السياب من وظيفته ، ثم أُعيد محاضرا يدرس اللغة الإنگليزية في إعدادية الأعظمية للبنين أواخر نفس العام . يقول الشاعر خالد علي مصطفى :- كنا مجموعة من الطلاب في كلية الآداب لا نكاد نفترق ، نقرأ الشعر ونكتبه ونجتهد في أن نرسم خطى أحدث (المودات الشعرية) آنذاك ، و أظن أن لا يوجد مكابر يستطيع أن ينكر أن السياب آنذاك كان القمة التي يمثلها الشعر الحديث . وقد عرفنا أن السياب يجلس أحيانا في مقهى الچرداغ في الأعظمية . أخذنا نتحين الفرص ونذهب لنجلس فيها في الأماسي لعل الله يجعلنا نحظى بمقابلة السياب ومجالسته وكان ذلك شتاء 1960 فهل يمنحنا الشاعر بضع لحظات تكون شرفا لنا؟ . كنت جالسا في المقهى مع الصديق محفوظ البصري كالعادة ننتظر أن يهل علينا الشاعر كوحي الهي ، كان الجمر هو الذي يلعب دوره في هذه الجلسة ، العيون الأربع تتلفت يمنة ويسرة كانت مراقبتي عبثا ، لأنني لا اعرف شخصه . وكنت استفسرت من محفوظ ، هل تعرفه؟ نعم . وفي هذه الأثناء رأيت حركة غير عادية من محفوظ ، أيكون السياب قد قدم ؟ وعندما صوبت بصري إلى الباب الذي ركز محفوظ عيني عليه ، قال بانفعال ظاهر ، ها هو بدر قد جاء . أهذا الرجل القصير الضعيف؟ إنه هو ، انتظر، سأدعوه ليجلس معنا . وفجأة برزت الصورة المنزوية في قعر ذاكرتي التي كنت قد لمحتها مارة من أمام مكتبة فيصل حمود في البصرة. هذا هو الشاعر بدر شاكر السياب الذي أحلم بلقائه انه الآن أمامي لحما ودما . عندما دعاه محفوظ للجلوس معنا لبى الدعوة وعندما عرف منه أنه شقيق الشاعر الناقد عبدالجبار داود البصري ، استأنس بنا أكثر لأنهما كانا على صحبة وثيقة في البصرة عندما استفسرنا منه عن آخر القصائد التي كتبها ، أخبرنا أنه كتب شعرا كثيرا ، وبعد اقل من خمس دقائق طلب منا السماح بالمغادرة ، لأن لديه أعمالا خاصة ، وعندما طلبنا منه موعدا آخر قال بلهجة عامية طفولية :- انتو تعالوا هنا اگعدوا و آني من أشوفكم أجي عليكم . أيمكن أن يقول السياب ، هذا الشاعر العظيم ، مثل هذا الكلام العادي؟ ما ابعد الخيال عن الواقع . إن الذي أحسست به بعد هذه المقابلة القصيرة أن الصورة التي رسمتها في ذهني له قد زال معظمها ، لقد بدا السياب إنسانا عاديا لا يختلف عنا نحن البشر العاديين . أليست هذه خيبة أمل ؟ ومع ذلك، فحرارة الخيال مازالت تلعب دورها. وقد اعتبرنا مجيء السياب و الجلوس و الحديث معنا بهذه البساطة فضيلة نادرة . في مقهى (الجرداغ) توطدت أواصر الصداقة بيننا، وقرأ لنا آخر شعره الذي كتبه آنذاك كقصيدة (العودة إلى جيكور) و (مدينة السندباد) و(مرحى غيلان) و ( سبربروس في بابل) و (وجيكور تموز) وهذه القصائد كانت تمثل تجربته مع حكم عبدالكريم قاسم وماجره عليه من طرد من الوظيفة. لقد كان يحمل رحمه الله ردودا عنيفة ضد الواقع. ويتحدث د. جليل العطيه :- تأبط الديوان الضخم فرحاً وسرنا إلى باب المعظم حيث امتطينا الباص الأحمر المتجه إلى الأعظمية .. صعدنا إلى الطابق العلوي ، فتح بدر الديوان وراح يقرأ بصوت عال قصيدة مابال عينيكَ لذي الرمة .. كان في الباص عدة صبايا اندهشن وتضاحكن وهن يستمعن إلى السياب يحدو . .
ويذكر السيد باسم عبد الحميد حمودي :- كنت خلالها صديقاً لبدر التقيه دوماً في المقاهي العابرة وفي ملحق جريدة (الشعب) الأسبوعي مطلعاً على بعض خفايا حياة بدر حتى ذهابنا سوية الى بيت الجواهري في الأعظمية بمشاركة فؤاد قزانجي وعلي الحلي ونزار عباس وعبد الله نيازي, بعد حركة 14 تموز للإعداد لتأسيس اتحاد الأدباء العراقيين. ويتطرق الأستاذ عبد الوهاب الشيخلي قائلاً :- وكان آخر لقاء لي معه في بغداد في منطقة الأعظمية (ساحة عنتر) وبعد أن تبادلنا التحية نصحني ألا أنتمي لأي حزب من الأحزاب, قال ذلك بلهجة عراقية بغدادية!! واكتفيت بالصمت ..وعدم الرد عليه.

 

الأربعاء، 27 يناير 2021

نوري سعيد وخطيئة حلف بغداد

 



المقال : نوري سعيد وخطيئة حلف بغداد .

 كان نوري السعيد عسكري وسياسي بارع، وكان يعد من أقطاب وأساطين السياسة العراقية والعربية، وأصبح الدبلوماسي الأول والأكثر شهرة في العراق والعالم العربي، وقد ساهم في تأسيس عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة، كما كان له دور بارز في تأسيس جامعة الدول العربية ودخل في صراع مع مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر في محاولته لترؤسها وتأسيس مقرها في بغداد. 

نوري السعيد كان دبلوماسيًا مناورًا من الطراز الأول، ومؤمنًا بمبدأ “خذ وطالب” وصاحب رؤية واقعية واضحة كانت تتقاطع في الكثير من الأحيان مع سياسات الإنجليز ومخططاتهم، فكان يميل إلى مهادنتهم والاصطفاف معهم رغم حسه الوطني الجارف، إذ كان يعتقد بأن بريطانيًا لا تزال تؤلف قوة عالمية مؤثرة وأنه لابد للعراق أن يعتمد على دولة كبرى لردع أعدائه. كان نوري السعيد يبحث عن صيغة تحفظ للعراق الوليد سيادته وسلامة أراضيه، وتحميه من الخطر والمد الشيوعي الزاحف الذي كان يتخوف منه، والهجوم السوفييتي الموهوم الذي كان يتوقعه، وكان يسعى للارتباط بعلاقات حسن جوار وتحالف مع جارتيه تركيا وإيران؛ دفعًا لأطماعهما وادعاءاتهما التاريخية ببعض المناطق الحدودية مع العراق، تلك كانت بعض الدوافع والمبررات التي دفعت نوري السعيد إلى التقاط واحتضان فكرة أو مشروع “حلف بغداد” وحماسه المفرط للانضمام إليه، حيث ظن أنه وجد ضالته فيه، فقد رأى أن هذا الحلف سيضم في البداية إلى جانب العراق 3 دول إسلامية كبرى هي إيران وتركيا وباكستان بالإضافة إلى بريطانيا العظمى وبرعاية الولايات المتحدة الأميركية التي طرحت الفكرة في الأساس العام 1953 فيما عُرف بمشروع “الحزام الشمالي”؛ ليكون حلقة متممة للأحلاف التي استهدفت تطويق المعسكر الاشتراكي، ولاسيما الاتحاد السوفياتي السابق. كان نوري السعيد على قناعة راسخة بأن انضمام العراق للحلف من شأنه أن يعزز موقع العراق على الصعيد الدولي ويضمن تدفق المساعدات العسكرية الغربية له وللعرب عامة، كان قلقًا من ضعف العراق عسكريًا ومدركًا لحاجته إلى التسلح وإعادة بناء الجيش وفق الأساليب الحديثة، وأن موارد العراق الاقتصادية لا تسمح بذلك، أما إذا نجح في دفع الأقطار العربية الأخرى في الاتجاه نفسه فان ذلك قد ينال بشكل أو بآخر من حظوة الكيان الصهيوني لدى الغرب. وقد تم الإعلان عن تأسيس حلف بغداد في 24 فبراير 1955، وكان جواهرلال نهرو رئيس وزراء الهند من أوائل من عارض فكرة الحلف؛ لأن ذلك سيمد الباكستان بالكثير من عناصر القوة والمنعة، وشاركه في الاعتراض الرئيس جمال عبدالناصر لأسباب أخرى منها أن هذا الحلف يهدد الوحدة العربية، وتم الاتفاق بينهما على سحب البساط من تحت أقدام نوري السعيد بتأسيس منظومة بديلة باسم “حركة عدم الانحياز” يكون عبدالناصر من بين من سيتربع على رأسها، وانضم إليهما صديق الاتحاد السوفيتي الزعيم الاشتراكي اليوغسلافي الماريشال جوزيف بروس تيتو للمشاركة في حملات التصدي للحلف ولنوري السعيد. 

وبالفعل أدركت إسرائيل خطورة مبادرات وإستراتيجيات نوري السعيد على مصالحها، وأعلن رئيس وزرائها دافيد بن جوريون أن “مبادرة الغرب إلى عقد اتفاق المساعدات العسكرية، وتنظيمات الدفاع، مع الدول العربية، قد أخلت بالتوازن السياسي، في منطقة الشرق الأوسط، في غير مصلحتنا، وأضر بمصالحنا، وزادت من الأخطار المحدقة بسلامتنا”. شنت إسرائيل حملة مركزة ضد نوري السعيد وحلف بغداد، إلى جانب الحرب الإعلامية الشرسة التي شنها الرئيس جمال عبدالناصر ضدهما من خلال خطاباته التعبوية المؤثرة وباستخدام محطة “صوت العرب” النافذة ومذيعها العنيف أحمد سعيد بأسلوبه التحريضي اللاذع، واصطفت الدول العربية كلها وراء عبدالناصر في هذه الحرب، فسقط الحلف واغتيل نوري السعيد وسُحلت جثته في شوارع بغداد في 15 يوليو 1958. وضاع العراق بعدها، وتوسعت إسرائيل وتوثقت علاقتها بالغرب وألحقت هزيمة مؤلمة بمصر في حرب العام 1967، ولم تتحقق الوحدة العربية! هل كان نوري السعيد خائنًا وعميلًا للبريطانيين كما اتهمه أعداؤه ومناوئوه؟ أم كان سياسيًا محنكًا صاحب رؤية ثاقبة ملتزمًا بقناعاته ومتمسكًا بمبادئه ومخلصًا لقضايا وطنه وأمته . 

مقال من تأليف: عبدالنبي الشعلة .

إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي


الثلاثاء، 19 يناير 2021

شُبْهَة تَبَرُّكُ الشَّافِعِيِّ بِقَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ




الصورة : جامع أبو حنيفة عام ١٨٨٠م تقريباً ، وتظهر على يمين الصورة القلعة التي بناها السلطان مراد الرابع بعد إستعادته لبغداد من أيدي الصفويين عام ١٦٢٤م .      
المقال :شُبْهَة تَبَرُّكُ الشَّافِعِيِّ بِقَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ
 أخرجَ الخطيبُ البغدادي في " تاريخ بغداد " (1/123) بسنده فقال :- أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري ، قال : أنبأنا عمر بن إبراهيم المقرئ قال : نبأنا مُكرم بن أحمد قال : أنبأنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال :سمعت الشافعي يقول : إني لأتبرك بأبي حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائراً - فإذا عرضت لي حاجة صليتُ ركعتين وجئت إلى قبره ، وسألت الله تعالى عنده ، فما تبعد عني حتى تُقضى. • كذَّب شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية القصة ورد على ما جاء فيها فقال في " اقتضاء الصراط المستقيم " (2/692): " : أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل لو كان حسناً لفعله المتقدمون ، ولم يفعلوه ، فإن هذا من باب تناقض الإجماعات ، وهي لا تتناقض ، وإذا اختلف فيها المتأخرون فالفاصل بينهم : هو الكتاب والسنة ، وإجماع المتقدمين نصاً واستنباطا فكيف – والحمد لله - لم ينقل عن إمام معروف ولا عالم متبع . بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه ، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال : ...فذكره أو كلاما هذا معناه ، وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل ، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا ، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين ، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء . فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده . ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم ، ولم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره . ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها ، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه . وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف ،ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبه أحاديث عمن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم لما جاز التمسك بها حتى تثبت ، فكيف بالمنقول عن غيره ؟ ا.هـ. • وقال الإمامُ ابنُ القيمِ في " إغاثة اللهفان " (1/246) : والحكايةُ المنقولةُ عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاءَ عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر .ا.هـ. • وقال المعلمي في " طليعة التنكيل " ( ص58 - 60) بعد أن بين ضعف سندها ، وفصل فيه : هذا حال السند ، ولا يخفى على ذي معرفة أنه لا يثبت بمثله شيء ، ويؤكد ذلك حال القصة ، فإن زيارته قبر أبي حنيفة كل يوم بعيد في العادة ، وتحريه قصده للدعاء عنده بعيد أيضا ؛ إنما يعرف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها بعد عصر الشافعي بمدة ، فأما تحري الصلاة عنده ، فأبعد وأبعد .ا.هـ. • وقال العلامة الألباني عن سند هذه القصة في الضعيفة (1/31ح22) : فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، ويحتمل أن يكون هو " عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي وقد ترجمه الخطيب وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341هـ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال ، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه. وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل . وقد رد الألباني على الكوثري في نفس الموضع فقال :- وأما قول الكوثري في مقالاته: وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح. فمن مبالغاته بل مغالطاته ا.هـ. منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

 

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...