الاثنين، 8 سبتمبر 2014

الأعظمية و مقتل النشاشيبي


المقال : الأعظمية و مقتل النشاشيبي . الصورة : فخري النشاشيبي في وسط الصورة مع جمع من مجموعات السلام عام 1929 .
في يوم 6/11/1941 وصل الى بغداد السيد فخري النشاشيبي رئيس بلدية القدس ، و كان يتعاون مع الإنكليز ، و قبل وصوله بيومين إعتقلت السلطة المجاهد عبد القادر الحسيني و نفته الى مدينة زاخو في شمال العراق حفظاً لسلامة النشاشيبي و حذراً عليه من المفتي أمين الحسيني و جماعة القسام في بغداد ، و ترك عبد القادر الحسيني عائلته و أطفاله في الأعظمية ، فنقلهم الأستاذ عبد الله عبد المجيد الى دار الأستاذ قاسم خليل الأعظمي و قد إستأجرها لهم و هم زوجة المجاهد عبد القادر الحسيني و أولاده غازي و فيصل و موسى . و في يوم 9/11/1941 تمكن شاب فلسطيني إسمه (صبحي شاهين) أن يقتل النشاشيبي عند مدخل فندق سمير أميس بشارع الرشيد وهرب على دراجة هوائية . و كان ذلك الشاب قد تزوج بنتاً من الأعظمية وكان يسكن في شارع عشرين عند حديقة الرحبي و قد خبّأه السيد (عون أحمد الصالح) رحمه الله في بساتين الفحامة ثم نقله والد الخطاط وليد الأعظمي رحمهما الله بعد أيام في سيارته (باص للركاب)الى سامراء و منها الى حديثة ثم الى سوريا . و أصدر مدير الدعاية البيان التالي :- {تنعى الحكومة العراقية المرحوم فخري النشاشيبي الذي أغتيل ظهر اليوم في الشارع العام بعد خروجه من فندق سمير أميس و تبدي أسفها الشديد لهذا الحادث الذي يعتقد أنه من عمل الفلسطينيين الموجودين في العراق و قد أتخذت التدابير الحازمة للقبض على المعتدي و معاقبته } . و بسبب هذا الحادث ألقت السلطة القبض على مجموعة من أهالي الأعظمية بتهمة التحريض على هذا الحادث و الإعداد له و هم السادة :- 1- السيد عون أحمد الصالح 2- السيد جعفر السيد حسن 3- الحاج مهدي البلام 4- السيد حسن الدليمي 5- السيد أحمد البعقوبلي 6- عبد المجيد إبراهيم الحلبي 7- المجاهد عبد القادر الحسيني (أستقدم من منفاه في زاخو) 8- السيد حسن قطب (فلسطيني) 9- السيد أحمد نسيبة (فلسطيني) . و أمضى بعضهم في الإعتقال سبعة شهور و بعضهم سنة أو أكثر ثم أطلق سراحهم و لم يثبت ما يدعو الى محاكمتهم .

جمع واعداد: خالد عوسي.

صراع (البرحي) و (الموساد)


المقال : صراع (البرحي) و (الموساد) . الصورة : رئيس الوزراء أرشد العمري .
جرى صراع خطير بين نوري السعيد وأرشد العمري، الزعيمين اللذين كثيرا ما تناوبا على حكم العراق في العهد الملكي، حول عذق تمر. التمرات التي كانت عليه هي كل ما شغل بال نوري السعيد عندما ذهب الاثنان لمصيف سرسنك في كردستان ليتشاورا مع الأمير عبد الإله، الوصي على العرش، بشأن تعديل وزاري جديد. وبينما كانا جالسين في مدخل القصر ينتظران الأمير عبد الإله، حضر جندي عريف من الحرس الملكي.. أدى التحية ثم وضع على الطاولة أمامهما عذقاً من تمر البرحي نضج توًّا. قال: سيدي، وصلنا هذا العذق الآن بالطيارة من البصرة. أدى تحية الانصراف وخرج. كان العراقيون يعتزون بتمر البرحي. في هذه الأيام يعتزون بالهامبورغر والفياغرا، ولهذا السبب منعت السلطات في أيام الخير تصدير البرحي، وبصورة خاصة خروج فسائله للخارج، حرصاً على بقائه في العراق فقط. بيد أن الإسرائيليين من أصل عراقي حنوا للبرحي وتشاوروا مع الموساد على جلب فسائله وزرعها في إسرائيل. وقام الموساد بعملية خطيرة وسرب بعض رجاله إلى العراق فحصلوا سراً على عدد من هذه الفسائل وهربّوها إلى دولة مجاورة ومنها إلى إسرائيل. ونشر الموساد كتاباً صافياً عن هذه المغامرة. والآن لا يوجد برحي في العراق، لكن يوجد في إسرائيل. ما إن رأى أرشد العمري هذا العذق أمامه حتى مد يده ولقط واحدة من التمرات الناضجة المغرية وأكلها. ثم تلاها بثانية وثالثة وأبو صباح يتفرج ويرى أن زميله رئيس الوزراء لن يلبث حتى يأتي على كل التمرات الناضجات ولا يبقي له شيئا، لكن رئيس وزراء الظل لم يعرف كيف يثني زميله رئيس الوزراء القائم عن هذا العمل. تفتق ذهنه أخيرا عن هذا الإجراء.. "مسرور، يا مسرور"، نادى على الطباخ السوداني، الذي غسل يديه وأسرع لتلبية النداء. "مسرور، أنت طباخ وتعرف بالأكل. فهِّمني، الأصول الناس يأكلون التمر قبل الغدا أم بعد الغدا؟". أدرك الطباخ السوداني أبعاد هذا المطب والمأزق اللذين أوقعه فيهما أبو صباح. فكيفما سيجيب سيزعج أحد الرئيسين الجالسين. لكن مسرور كان طباخ ملوك واكتسب خبرة جيدة، لا بطبخ الأرز والبامية فقط، وإنما بمسالك الدبلوماسية أيضا، وليس بغلي الدهن فقط، بل وكذلك بمداهنة المسؤولين. فتح فمه وأجاب: "سيدي، في ناس يحبون يأكلون التمر قبل الغدا، وفي ناس يحبون يأكلون التمر بعد الغدا". نجا بهذا الجواب، لكنه لم يحل مشكلة نوري السعيد وعذق التمر، فصاح به: "ولك مسرور انطق بالصدق! مو إحنا ضيَّعنا حتى طعم حلقنا بهالأيام هذي". استأذن بالانصراف وخرج، لكن دبلوماسيته حلت مشكلة هذا النزاع على تمرات البرحي. فقد أدرك أرشد العمري مقصد زميله بهذا الحوار فلم يمد يده للتمرات بعد ذلك . 

مقال من تاليف:خالد القشطيني .
جمع واعداد: خالد عوسي.

(الأعظمية) و معاهدة (بورتسموث)


المقال : (الأعظمية) و معاهدة (بورتسموث) . الصورة : جامع الإمام الأعظم عام 1961 .

عقدت الحكومة العراقية أواخر سنة 1947 معاهدة مع حكومة بريطانيا بإسم معاهدة بورتسموث ، و قد عارضتها الأحزاب السياسية و الجمعيات و الصحف الوطنية وطلاب الكليات و أساتذتها و جماهير الشعب . و كانت الأعظمية القلب النابض بالوعي الوطني و الحماسي و الجهادي ، و كانت الأعظمية نقطة الإنطلاق و المحرّض الأول على المظاهرات في كل يوم حتى سقطت وزارة صالح جبر و ألغيت المعاهدة . و كان طلاب كلية الشريعة يتجمعون صباح كل يوم أمام جامع الإمام الأعظم و هم يرتدون الجبب و على رؤوسهم العمائم ، يقودهم الشيخ (محمد محمود الصواف) ثم يتوجهون الى رأس الحواش فيلتحق بهم طلاب دار المعلمين الإبتدائية و يلتحق بهم طلاب ثانوية الأعظمية عند ساحة عنتر و منها الى كلية الحقوق في الصرافية و يتجمعون في ساحة الباب المعظم مع طلاب كلية الهندسة و كلية الطب و طلاب دار المعلمين العالية و ينطلقون الى شارع الرشيد في حشدٍ حاشد و الجماهير زاحفة مع الطلاب . و كانت المظاهرات تشتد يوماً بعد يوم حتى بلغت أوجها في (19-20-21) كانون الثاني عام 1948 ثم إشتدت بعنف لا مثيل له يوم الثلاثاء 1948/1/27 وقد سقط شهيدان من طلاب ثانوية الأعظمية ، هما :-
1- الشهيد رشيد إبراهيم الحميد .
2- الشهيد قيس إبراهيم الآلوسي .
و قد أقام الأعظميون مجلس الفاتحة و المنقبة النبوية على روحيهما في مسجد الشيخ جلال الدين الحارثي في سوق الأعظمية القديم ، و و قف شباب الأعظمية يستقبلون المعزّين القادمين من أطراف بغداد . و كانت الجماهير تسير مدوّية بهتافات ها في شارع الرشيد و هم يحملون على أكتافهم الشيخ الصوّاف و هو يلهب الجماهير بخطابه البليغ المثير ، و كان ذا بسطة في العلم و الجسم .

جمع واعداد / خالد عوسي

الرئيس الشهيد (جمال جميل)



المقال : الرئيس الشهيد (جمال جميل) . الصورتان : على اليمين - جمال جميل يوقع على قرار إعدامه . و على اليسار - جمال جميل يستمع لقرار حكم الإعدام .
( قصـة ضابط عراقي قلب حكم اليمن وأصبح "الرئيس" وأعدم فيها ) .
حدث لن يكرره التأريخ صنعه ضابط عراقي برتبة نقيب، نجا من الإعدام في بغداد [لإتهامه بمقتل وزير الدفاع جعفر العسكري إثر إنقلاب بكر صدقي عام 1936] فكان قدره الإعدام في صنعاء،، وفشل بالانقلاب على حك
ومة العراق لكنه قاد إنقلاباً ناجحاً على ملك اليمن، فأصبح وزيراً للدفاع والقائد العام للجيش اليمني، ولا يرد إسمه في مجلس أو كتاب إلاّ وسبقوه بلقب "الرئيس الشهيد"!.. (جمال جميل) من مواليد الموصل 1912م، تخرج من الكلية الحربية ببغداد. وما أن حصل على رتبة نقيب حنى أصبح مرافقاً للفريق بكر صدقي "رئيس أركان الجيش"، ثم شارك معه في الانقلاب الفاشل على حكومة "نوري السعيد" وصدر بحقه حكماً بالاعدام تم إلغائه لاحقاً.. في 3 نيسان/ أبريل 1940م بعثت بغداد النقيب جمال جميل إلى صنعاء ضمن بعثة عسكرية من أربعة ضباط ترأسها العميد الركن اسماعيل صفوت، وضمت أيضاً محمد المحاويلي والملازم عبدالقادر الكاظمي .. وفي 1943م عادت البعثة العراقية لكن النقيب جمال جميل لم يعد معهم، فهو كان قد تزوج بيمنية واستقر بصنعاء، وبدأ يتوغل في مفاصل المجتمع اليمني، ويتولى بناء قدرات جيشه، فهو أول من أدخل صنف المدفعية للجيش، فحضي بثقة ملك اليمن "الإمام يحيى بن حميد الدين" الذي أولاه مسئولية قيادة جيشه "حرسه الخاص" وعينه أيضاً مديرا لمعهد صنعاء العسكري.. وبفضل مهاراته وتفانيه في خدمة اليمن، أصبح النقيب جمال جميل مركز استقطاب كبار نخب اليمن العسكرية والسياسية التي بدأت تتأثر بالحركات الثورية العربية وتتطلع للتغيير من الملكية الى الجمهورية.. وخلف الكواليس تحركت تلك القوى لوضع مخططات الانقلاب على الحكم الملكي، وكان جمال جميل يتزعم تلك التحركات ويدعوه رفاقه بـ"الرئيس"، وتم صياغة دستور جديد وطباعته استعدادا لساعة الصفر. وفي 1948م قاد الرئيس جمال جميل الانقلاب على الحكم، وتم قتل ملك اليمن الامام يحيى بن حميد الدين، وتولى عبد الله الوزير الامامة فيما تم تعيين جمال جميل وزيراً للدفاع والقائد العام للجيش اليمني،، لكن ذلك لم يستمر سوى بضعة أشهر، حيث نجح ولي العهد "الامام أحمد" في استعادة الحكم، والقبض على كل المشاركين في الانقلاب وعلى رأسهم "الرئيس جمال جميل"، وأصدر قرارا بإعدامهم، وبسيفه الشخصي. وفي ساحة الإعدام، ظل جمال جميل مبتسماً طوال الوقت، وعندما اقترب منه الامام أحمد قال له: (لقد أحبلناها وحتماً ستلد)، فأثار غضب الامام وأمر بقطع رأسه فوراً، فقد أدرك أنه كان يعني أنهم فتحوا باب الثورات ضد الملكية لأول مرة وكسروا حاجز الخوف، وأن ثمة ثورات قادمة ستنجح، وهو ما حدث فعلاً في 1962م. ظلت الجميع في اليمن لا يذكر جمال جميل إلاّ ويسبق اسمه بلقب "الرئيس الشهيد"، وفي المتحف الحربي بصنعاء ما زالت صور لحظات إعدامه تتصدر الواجهات.. غير أن الجميع ما زال يقف مذهولاً أمام الحدث، ولا يكاد يصدق كيف لضابط عراقي لم يمض على وجوده في اليمن سوى أقل من ثماني سنوات يفعل ما لم يجرؤ على فعله اليمنيون، ويقود أول إنقلاب "جمهوري" في تاريخ اليمـــن. 

تاليف: نزار العبادي 
جمع واعداد : خالد عوسي
 

الأعظمية و دورها القومي و الإسلامي



المقال : الأعظمية و دورها القومي و الإسلامي . الصورة : الحاج أمين الحسيني (مفتي القدس).
في سنة 1937 قدمت الى الأعظمية مجموعة من المجاهدين الفلسطينيين مع عوائلهم و على رأسهم سماحة الحاج أمين الحسيني (مفتي فلسطين) و القائد فوزي القاوقجي و البطل عبد القادر الحسيني و مجموعة من أتباع المجاهد الشهيد عز الدين القسام فإحتفى بهم الأعظميون و إحتضنوهم و أمدّوهم بالمال و السلاح و إستأجروا لهم دارين و جعلوهما مستودعاً للسلاح ، و كان على رأس المتحمّسين و المندفعين في مساندة أبناء فلسطين السادة :-
أ- الأستاذ المحامي إسماعيل الغانم .
ب- الأستاذ عبد الله عبد المجيد . الملقب (عبد الله فلسطين) .
ج- السيد عون أحمد الصالح .
د- السيد إبراهيم طعمة الأعظمي . (رحمهم الله).
و كان كثير من الضباط المخلصين يجتمعون بالقادة المجاهدين من أبناء فلسطين و يمدونهم بالسلاح الذي يوفره الضباط من التمارين العسكرية و المناورات .


جمع واعداد : خالد عوسي

الخميس، 4 سبتمبر 2014

سرقة قبر صلاح الدين الايوبي

ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ : ﺳﺮﻗﺔ ﻗﺒﺮ ‏( ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﻳﻮﺑﻲ ‏) . ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ : ‏( ﻟﻮﺭﻧﺲ ﺍﻟﻌﺮﺏ ‏) .
ﺳﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﻠﺤﻤﻴﺔ . ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺒﺮﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻥ
ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺍﻧﻘﺬﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﺻﺎﻧﺘﻬﺎ ﻭﺣﻔﻈﺘﻬﺎ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ . ﻭﻓﻲ ﺍﻛﺜﺮ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻘَّﺒﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﻛﺘﺸﻔﺘﻬﺎ . ﻭﻟﻮ
ﺗﺮﻛﺖ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ ﻟﻀﺎﻋﺖ ﺃﻭ ﺗﻠﻔﺖ ﺃﻭ ﺳﺮﻗﺖ، ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﺤﻒ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻻﺧﻴﺮﺓ ﻗﺒﻞ ﺇﺣﺘﻼﻝ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻋﺎﻡ 2003 ﻭﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺑﻌﺪﻫﺎ . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻒ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﺮﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺑﻜﻞ ﺣﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺴﺮﻭﻗﺔ .
ﻭﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻵﻥ ﺗﻌﺮﺽ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻱ ﺑﻠﻨﺪﻥ. ﺍﻗﺎﻣﺖ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﻌﺮﺿﺎ ﺧﺎﺻﺎً
ﺑﻤﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﻞ ﻟﻮﺭﻧﺲ ‏( ﻟﻮﺭﻧﺲ ﺍﻟﻌﺮﺏ ‏). ﺿﻤَّﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﺤﺎﺳﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻭﻟﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻋﻨﺪ ﻣﺮﻭﺭﻩ ﺑﺪﻣﺸﻖ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻓﻲ ﺍﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ . ﻛﺠﻨﺪﻱ ﻭﻓﺎﺭﺱ . ﻟﻢ ﻳﻐﺐ ﻋﻦ ﺫﻫﻦ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ
ﻭﺍﺟﺐ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﺎﺗﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻉ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻻﻳﻮﺑﻲ، ﻓﻮﺿﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻩ ﻭﻭﻗﻒ ﺑﺎﺟﻼﻝ ﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ
ﻟﻪ . ﻭﻟﻜﻦ ﺿﺎﺑﻄﺎ ﻭﻓﺎﺭﺳﺎً ﺁﺧﺮ، ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﻞ ﻟﻮﺭﻧﺲ، ﻗﺎﻡ ﺍﻳﻀﺎً ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻪ ﻟﺼﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺩﻣﺸﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺍﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻠﻠﺖ ﺑﻔﺘﺢ ﺩﻣﺸﻖ . ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻭﻝ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻮﺭﻧﺲ ﻟﺪﻯ ﺩﺧﻮﻟﻪ
ﺩﻣﺸﻖ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﺳﺮﻕ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ ﺍﻻﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ . ﻟﻮﺭﻧﺲ ﺍﻟﻌﺮﺏ ـ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ـ ﻛﺎﻥ ﺍﺩﻳﺒﺎ ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺿﺎﺑﻄﺎً . ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﻟﻨﺪﻥ
ﻭﻗﺪﻡ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ ﻫﺪﻳﺔ ﻟﻤﺘﺤﻒ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻱ، ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﻒ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻭﺭﻗﺔ ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ ﻟﻸﻛﻠﻴﻞ. ﻓﻘﺪﻡ ﺫﻟﻚ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ
ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴَّﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻧﻪ ﺍﺧﺪ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﻗﺒﺮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻷﻥ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ‏« ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻩ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻼﻛﻠﻴﻞ «! .ﻭﻗﺪ ﻋﺮﺿﺖ ﺍﺩﺍﺭﺓ
ﺍﻟﻤﺘﺤﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺎﺕ، ﺭﺑﻤﺎ ﻟﺘﺜﺒﺖ ﺑﻬﺎ ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ. ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﺍﻥ ﻟﻮﺭﻧﺲ ﺣﺮﺭ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺗﺴﻠﻴﻢ
ﻟﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺘﺤﻒ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻳﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﻘﻴِّﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ. ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﺫﺍ ﺳﻴﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻘﻴِّﻢ ﺍﻵﻥ
ﺑﻄﻠﺐ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﻛﻠﻴﻞ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻛﻤﺎﺩﺓ ﻣﺴﺮﻭﻗﺔ ! .
مقالة من تاليف ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻘﺸﻄﻴﻨﻲ .
جمع واعداد خالد عوسي.

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

ملكٌ من طين


 الصورة : دعوة مولود باشا مخلص . في (تكريت منتصف الثلاثينات) - من اليمين ، السيد باقر - محمد علي جواد - داود الحيدري - السيد محمد باقر الصدر - الملك غازي - مولود مخلص - الأمير عبد الإله - رستم حيدر - عبد الله المضايفي - المرافق .
العراق بلد غني بالطيور الوحشية ولا سيما في منطقة الأهوار التي جعلتها فتنةً ومقصداً للأجانب الذين يستمتعون بصيدها. فيما تركَّز البط في منطقة الاهوار، انتشرت طيور الدراج في سائر الانحاء. اعتاد سكان بغداد على الخروج لصيدها في المناطق المجاورة. من اشهر هذه المناطق في المنطقة الوسطى الحقول المحيطة بناحية اللطيفية. كان مشكور ابو طبيخ مديراً لهذه الناحية في سنة 1934. في موسم الدراج. كان جالسا في بيته يشرب الشاي في يوم كثير المطر عندما دخل عليه الخادم وقال، «استاذ اكو واحد عصمانلي بالباب يريد يشوفك». كان الريفيون يقصدون بكلمة عصمانلي أي عثماني. ويعنون بها بالضبط الافندي و الرجل المتعلم من الفئة الحاكمة . قال له المدير: «اسأله ماذا يريد». خرج الخادم ليسأل ذلك الطارق عن حاجته. ثم عاد الى سيده ليخبره بأنه يريد مساعدته. «سيارته غاطسة بالطين. كل هدومه وقندرته مطينة. شلون اجيبه عليك استاذ ؟ راح أروح أصُرْفَه. فقال له مشكور ابو طبيخ، «لا ابني لا. يمكن هذا بعدين يرجع لبغداد يفضحنا. يمكن يطلع واحد من ابناء الذوات ويسوي لنا قيل وقال.. روح جيبه. خلِّي يخش. طين مو طين». خرج الخادم وجاء بذلك العصمانلي غارقا بالطين. ما ان رآه مدير الناحية حتى هب اليه ليرحب به ويعتذر منه. «سيدي ما كنا نعرف. ما ندري انت هنا حتى نقوم بالواجب. گوم أبو حسين. گوم روح جيب ماي وأغسل قندرة صاحب الجلالة». لم يكن الطارق غير الملك غازي. كان قد خرج لصيد طيور الدرّاج. ركب سيارته المتواضعة وحمل بندقيته وخرج بدون حرس ولا مرافقين. كان النهار لسوء حظه ممطرا حول الأرض إلى بوتقة من الوحل. ما ان توغل بسيارته في الأرض المبتلة وقبل أن يصادف درّاجاً واحداً او يطلق طلقة واحدة، غرست سيارته بالطين. وكما يقولون، كان الله رحيما بالطيور في ذلك اليوم، و بجانب الدراج لا بجانب الملوك. حاول الملك، ولكنه كلما حاول ازدادت غرسا في الوحل، حتى يئس من اخراجها ولم يبق له غير أن يلتمس المساعدة من مدير الناحية(يا اولاد جيبوا ماي وفرشة نظفوا قندرة الملك). انطلق الخدم والحرس فنزعوا قندرته، ينظفونها من الطين ويغسلونها ويمسحونها، في حين انهمك آخرون في تنظيف بنطلونه وجواربه بقدر ما يتسع الحال. سمع اثناء ذلك عمال في گراج اللطيفية بما حصل للسيارة الملكية، فَهَبَّ الزِلم واهل الحَمولة لرفعها من حفرتها وإعادتها الى الطريق العام «دير بالك ياولد!هذي سيارة الملك غازي،لا توسخها»! جاؤوا بالماء، سطلا بعد سطل، والكل يعتزون ويبتهجون في ان اعطاهم الله هذه الفرصة ليتباركوا بغسل سيارة الملك الشاب. شكر الملك ضيافة المدير مشكور ابو طبيخ، ومساعدة أهل الناحية صافحهم واحدا واحدا وانطلق عائدا الى بيته، خائبا في صيده. التفت المدير الى الفراش، «ولك يا أبو حسين، شلون تقول واحد رجال عصمانلي؟ ما تعرف الملك»؟ «استاذ والله ما عرفته. ما يفرق بشي عن بقية الناس. حاله حالهم. جاي بطرگ الثوب والبنطلون. لوما انت تقول جيبه خليه يخش، و الله چان طردته».


جمع واعداد: خالد عوسي

رئيس الوزراء و تقدير العلماء


 الصورة : من اليسار ، رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز ممسكاً بيد الأستاذ ساطع الحصري .

في اليوم التاسع عشر من شهر كانون الاول –ديسمبر سنة 1965 ، اقامت الحكومة العراقية حفلا تكريميا للمربي والمفكر العربي القومي الكبير الاستاذ ساطع الحصري تقديرا لجهاده وجهوده في سبيل الامة العربية ورفعة شانها وإحياء تراثها الفكري والحضاري . 

وقد تكلم في الاحتفال كل من الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء ، والدكتور نجيب خروفة رئيس جامعة بغداد بالوكالة في ذلك الحين منوهين بفضل هذا المربي الكبير . وخلال تلك المناسبة تفضل الاستاذ الحصري بأعداد محاضرة بعنوان :
 " نظرية الرسوس وسياسة التمييز العنصري " . 
وقد القيت عنه بالنيابة لكبر سنة وقد رأيت الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء العراقي انذاك - وكنت احضر في القاعة للاستماع الى المحاضرة - وهو يدخل مع الاستاذ ساطع الحصري ممسكا بيده الى قاعة الشعب ببغداد واجلسه بجانبه ثم جلس هو ......أية اخلاق هذه واي احترام للعلماء.

مقالة من تاليف: ا.د.ابراهيم خليل العلاف.
جمع واعداد: خالد عوسي

الزعيم و بائع الكبة


 الصورة : سيارة الزعيم عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد .
روى لنا صديق بغدادي من جيل الأربعينيات عن والده الذي كان يعمل بائع كبة برغل في شارع الكفاح بالقرب من محلة فضوة عرب، هذا الرجل المكنى بالحجي أبو الكبة يقف بعربانته يبيع كبة البرغل على الرصيف، وكان الزعيم عبد الكريم قاسم يخرج كعادته صباح كل يوم في شارع الكفاح متجهاً الى مقر عمله في الميدان، حيث يمر في شارع الكفاح قادماً من منطقة الباب الشرقي، فيشاهد في طريقه الحاج ابو الكبة يقف بجانب عربته، ايام الشتاء وايام الصيف، فيخرج الزعيم يده من نافذة سيارته ويلوح بالسلام للحجي ابو الكبة الذي يرد عليه بالسلام. وذات يوم مر الزعيم قاسم ولم يشاهد ألحجي ابو الكبة في مكانه، فقال لمرافقه( اليوم ألحجي ماكو).وفي اليوم التالي لم يحضر ألحجي الى عمله، على اثر ذلك قال الزعيم لمرافقه: إذا لم يحضر ألحجي غدا عليك ان تسال عنه وعن سبب غيابه، لانه قد يحتاج الى مساعدتنا له. وفي اليوم الثالث لم يحضر ألحجي، حيث أمر الزعيم عبد الكريم قاسم بعد أن أوقف سيارته مرافقه بالذهاب إلى المقهى الشعبية في فضوة عرب، والسؤال عن سبب غياب ألحجي أبو الكبة، فأخبره صاحب المقهى بان ألحجي مريض ونائم في الفراش، وبعد ان عرف الزعيم بذلك، تأسف على ذلك وشعر بالحزن على ذلك الرجل المكافح الطيب الذي يستقبله صباح كل يوم بابتسامته البغدادية وبكلماته اللطيفة، وقال لمرافقه: اذا تجاوز غيابه فترة أسبوع، عليك معرفة عنوان دار الحجي ابو الكبة حتى نقوم بزيارته ونؤدي واجبنا، وقبل ان ينتهي الاسبوع، حضر الحجي ابو الكبة واستأنف عمله على الرصيف، وعندما مر الزعيم وشاهده امر سائقه بالتوقف امام الحجي ابو الكبة، واخرج الزعيم وجهه من نافذةالسيارة وقال: حمد لله على السلامة، حجي بعدك شباب، وبدأ يتلاطف معه بكلماته البغدادية الجميلة، وأجابه الحجي: سيادة الزعيم، اني عندما سمعت من ابناء المحلة بان جنابكم سأل عني، ذهب المرض مني وشفيت واليوم أراك أمامي، أدعو لك من الله تعالى ان يحفظك ويرعاك، اخرج الزعيم عبد الكريم من جيبه مبلغا قدره عشرة دنانير وأعطاه إلى ألحجي وقال له هذه هديتنا إلك(حگ السلامة) لاننا كنا ننوي زيارتك في بيتك .


مقالة من تأليف : محمد مجيد الدليمي 
جمع واعداد: خالد عوسي.

شربت زبالة عصير الملوك


 الصورة : شربت الحاج زبالة مقابل جامع الحيدر خانة في شارع الرشيد بداية الثلاثينات .

قد تشمئز من الاسم المجرّد أول ما يطرق سمعك "زبالة"، فكيف إذا ارتبط بشراب ما "مشروب زبالة"؟! لكنك ما أن تتذوقه حتى تصبح من المدمنين عليه، ولا تستغرب ذلك فقد سبقك إليه الرؤساء والزعماء ورؤساء الوزارات وكبار الأدباء والمثقفين، حتى صار علامة فارقة لمدينة بغداد، فما تُذكر عاصمة الرشيد حتى يُذكر معها شربت زبيب "حجي زبالة". وتشير اللافتة المرفوعة فوق محل المرطبات إلى أنه قد تأسس في العام 1900، وهذا يعني أنه تأسس قبل أن تقوم الدولة العراقية الحديثة بعقدين من الزمن، ومن هنا يعتبره بعض مؤرخي بغداد الفولكلوريين شاهداً على الكثير من الأحداث التي مرَّت بها بغداد لكون موقعه في قلب شارع الرشيد، وهذا الشارع يعني، التظاهرات السياسية ومحاولات اغتيال الرؤساء وقصائد الجواهري في الانتفاضات الشعبية الكبرى. ويقول محمد ابن "حجي زبالة": "لكون محل والدي ملتقى الكثير من رجالات ذلك الزمن فإنهم كانوا يبلغوه بما سيحدث من تظاهرات أو تجمعات ويحددون له اليوم، فكنا نستعد للموعد بتهيئة المزيد من الشراب والذي غالباً ما كان والدنا يقدمه مجاناً للمشاركين خصوصاً في التظاهرات الوطنية".وعن عشرات الصور الفوتوغرافية المعلقة على جدران محله حتى بدا لنا كأنه "مزار" تاريخي، قال محمد زبالة: "هؤلاء ملوك ورؤساء العراق الذين مرّوا علينا، الملك غازي ونوري السعيد وعبد الكريم قاسم الذي جلب معه ذات مرة ملك المغرب محمد الخامس ومرة الرئيس الجزائري أحمد بن بله، [و زارنا أيضاً عبد السلام عارف]ومن زوّارنا الدائمين الزعيم الراحل الفلسطيني ياسر عرفات، وأذكر لك مفارقة حدثت مع صدام حسين حين جاء بضيفه الرئيس المصري حسني مبارك، قال له مبارك: "إيه ده يا أبوعدي، أنت تريد تشربني شربة زبالة"، لكنه ما أن شرب الكأس الأول حتى طلب الثاني وسط ضحك الجميع.لم يكن اسم صاحب المحل بالأساس "زبالة" وإنما كان اسمه حسب البطاقة الشخصية عبد الغفور، لكنها عادة القرويين في طرد الحسد عن الولد "الذكر"، خصوصاً حين يتوفى للعائلة أكثر من ابن فتلجأ الأم إلى تسمية مولودها الجديد باسم منفّر وقبيح لتُبعد عنه الأرواح الشريرة وحسد النساء الأخريات. غير أن شهرته لم يكتسبها من غرابة الاسم وإنما من جودة العصير الذي يقدمه لزبائنه، والذي يعتقد أنه يطفئ الظمأ ويعالج الكثير من الأمراض. ومثلما لا تعطي كبرى المشروبات العالمية أسرار صناعتها، فقد حافظ "زبالة" وأولاده وأحفاده فيما بعد على أسرار صناعتهم. وقال أحد أحفاد حجي زبالة: "في كل موسم ترانا نجوب محافظات العراق بحثاً عن الأنواع الجيدة، ولا نرضى بما يُعرض أمامنا، وإذا كان الآخرون يضعون المطيبات والألوان الحديثة فإننا نقدم العصير الطبيعي وبطريقة خاصة بنا .


جمع واعداد: خالد عوسي

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...