الثلاثاء، 10 يونيو 2014

هروب الكيلاني واللغز الكبير

                                                                  رشيد عالي الكيلاني

ظلت قصة هروب رشيد عالي الكيلاني من تركيا الى المانيا بتاريخ 21 / 11/ 1941 لغزا حير استخبارات الحلفاء التي كانت تترصده وترصد كل تحركاته . فبعد فشل حركة مايس عام 1941 اضطر رشيد عالي الكيلاني الى اللجوء الى ايران بعد أن حكم عليه بالاعدام . وفي ظروف الحرب العالمية الثانية وتطوراتها الاثر الكبير في تحديد سياسة اكثر الدول ذات العلاقة المباشرة بها وعليه فقد كانت تركيا رغم حيادها تخضع لضغوط سياسية ودبلوماسية كبيرة من الحلفاء مما حداها الى السعي لتجنب اي موقف يعود بالضرر على امنها وسياستها الحيادية التي تمسكت بها رغم نفوذ الاستخبارات البريطانية في استانبول مقر الكيلاني بعد هروبه من إيران ، ومطالبة حكومة نوري السعيد بتسليمها الكيلاني مما احرج الاتراك وحرك الاجهزة الامنية ضد الثوار المتواجدين فيها وفي خضم هذه التطورات اختفى الكيلاني فجأة من استانبول ولم يعرف احد كيف خرج والى اين ذهب؟! لكن الكيلاني الذي كان على صلة بمدير المخابرات الالمانية (ليفركون) وقد اجتمع به عدة مرات في استانبول كان اخرها يوم اخبره بأنه مكلف من حكومته بتهريبه الى المانيا بعد تفاقم الاخطار عليه وتزايد الضغوط البريطانية لتسليمه الى حكومة بغداد وقد وضع (ليفركون) عدة خطط لتهريبه من بينها تنظيم جواز سفر باسم مستعار او تسفيره ضمن بعثة اثارية المانية انهت تنقيباتها، وفجأة وبدون سابق انذار وصل وفد صحفي الماني الى تركيا بدعوة من وزارة خارجيتها وكان الوفد يضم ثمانية صحفيين هبطوا في مطار استانبول ومعهم صندوق كبير يسع لرجل واحد وهم يحملون ثمانية جوازات سفر رسمية تحمل تأشيرات نظامية وسمات دخول وكان الجواز الثامن يعود للهر (فاكر ناكل) عضو الوفد الصحفي، واهتمت الحكومة التركية بالوفد وقد تسلم كل واحد منهم دعوة لتناول العشاء في نادي الصحافة التركي مساء اليوم الذي وصل فيه الوفد الى استانبول، الاّ ان زميلهم الثامن (فاكر ناكل) لم يكن بمقدوره الاستجابة لدعوة العشاء (لاصابته بمرض مفاجئ وخطير) مما اضطره الى التخلف عن مرافقة زملائه اعضاء الوفد الذين غادروا الى انقرة في اليوم التالي للسبب نفسه، اثم استمرت الزيارة عدة ايام احتفى فيها الاتراك بضيوفهم الالمان واحسنوا وفادتهم وانهالت الدعوات على الوفد حتى ليلة سفره حيث اقيمت له حفلة وداع في السفارة الالمانية امتدت لوقت متأخر من الليل وفي هذه الاثناء كان الكيلاني قد وصل القنصلية الالمانية في استانبول وامضى فيها ليلة كاملة بعيدا عن اعين ملاحقيه حيث جرت المرحلة الاولى من عملية تهريبه الى المانيا فيما كان طبيب الماني يتولى معالجة الهر (فاكر ناكل) المريض جدا وقد استخدم الكيلاني بعد خروجه من داره خفية بسيارة مدنية استبدلها في منطقة ثانية زيادة في الحيطة والحذر، وهكذا ادى الطبيب مهمته بدقة فقام بلف رأس الكيلاني البديل عن الهر (فاكر ناكل) وقضى ليلة في نوم هادئ حتى صباح اليوم ايتالي وقد اضطر الى اعادة شد رأس الكيلاني جيدا وعند وصوله الى المطار كان الكيلاني في حالة يرثى لها من شدة الالام التي اثارت مشاعر العطف في نفوس مودعيه واغلبهم من رجال الصحافة والسلك الدبلوماسي!! وهكذا ودع الاتراك الكيلاني وداعا رسميا في مطار استانبول دون ان يعرفوا من هو!! ومن الجدير بالذكر ان الكيلاني وبعد عودته الى بغداد بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 تلقى رسالة من (ليفركون) يذكره بتلك الايام الحاسمة ويطلب منه مقابلته وهو في طريقه الى ايران بمهمة رسمية حيث كان يشغل منصب نائب مجلس (البندستاك) في المانيا الاتحادية!!. حمزة كريم . 
جمع واعداد / خالد عوسي 

الأحد، 8 يونيو 2014

الباشا نوري سعيد و شيخ المؤرخين عبد الرزاق الحسني




في شباط عام 1949 إستدعاني الباشا نوري سعيد وقال لي : (بلغني أنك تنفق قسماً من راتبك في إفساد ضمائر بعض الموظفين بغية الحصول على بعض الوثائق لكتبك التي تؤلفها ، وعليه قررت نقلك الى ديوان مجلس الوزراء لتبحث عما تريد!! ثم أمر بان توضع تحت تصرفي أوراق القضية الفلسطينية ، لكنه أسر الى رئيس الديوان (نوري القاضي) أن يمكنني من الإطلاع على ما أريد ، وهكذا منذ شباط 1949 عهد إلي تنظيم سجلات خاصة بتاريخ الدولة على نمط المؤسسة العثمانية (وقعي نويس) وقد قضيت في هذا الديوان 14 سنة استفدت خلالها فوائد تاريخية جليلة وكانت من اسعد ايام حياتي في الوظائف الحكومية فتعاقب على رئاسة الوزراء في بحر هذه السنوات السادة: نوري سعيد، مزاحم الباچچي، علي جودت الايوبي، توفيق السويدي، مصطفى العمري، نور الدين محمود، جميل المدفعي، فاضل الجمالي، ارشد العمري، عبد الوهاب مرجان، احمد مختار بابان، عبد الكريم قاسم، واحمد حسن البكر . فلم يتدخل احد منهم في عملي ولم يمسسني سوء من واحد منهم حتى أحلت نفسي على التقاعد في أواخر عام 1964.
جمع واعداد خالد عوسي

اول سجينة في الجمهورية العراقية (فخرية السعيد)

 
 الصورة : الباشا جعفر العسكري مع زوجته فخرية السعيد و أولاده الأربعة .
 
كلمة "بيبي" في العراق تعني جدة، وتتمثل هذه الكلمة بالنسبة لي بجدتي ام والدي التي توفيت عام 1973. كانت (بيبي أم طارق) شخصية فريدة من نوعها.. لم تكن بالسيدة المستبدة وإنما كانت أرملة تقوم على تربية ورعاية أربعة أولاد بعد اغتيال جدي جعفر في انقلاب (بكر صدقي) للإطاحة بالملك غازي الأول في عام 1936،وبعد ان فقدت زوجها . فقدت شقيقها نوري السعيد في إنقلاب عام 1958، هذا الإنقلاب الذي حوّل العراق من مملكة الى جمهورية . في الرابع عشر من يوليو عام 1958 استدعت جدتي سائقها لكي يقلها في زيارة إلى منزل إحدى صديقاتها، لم تكن فخرية السعيد تعلم ان الدنيا خارج منزلها قد انقلبت راساً على عقب،لم تكن قد استمعت الى المذياع والبيانات التي كان يذيعها عبد السلام عارف . ولم تكن تدري أن الملك فيصل الثاني قتل هو وسائر العائلة المالكة الهاشمية في مذبحة رهيبة . لم تكن تدري أيضًا أن شقيقها نوري كان مطلوب للقتل ايضا . ولهذه الاسباب ذهلت فخرية السعيد حينما أوقف الحراس الموجودون خارج منزلها سيارتها وطلبوا من السائق أن يتبع سيارة الجيب العسكرية الخاصة بهم إلى مبنى وزارة الدفاع ذاته الذي أسسه زوجها الراحل منذ سنوات مضت . كان عبد السلام عارف ، وهو أحد ضباط الجيش الذين قادوا الثورة، هو من أصدر أمراً بالقبض على جدتي التي تم التحفظ عليها في إحدى غرف الوزارة التي كانت تجاور الغرفة التي كان يذيع منها عارف بيانات الثورة.. من وقت لآخر، كان عارف يدخل إلى الغرفة التي كانت جدتي فخرية قد احتجزت فيها ليسألها عن المكان الذي يختبىء فيه نوري . لم تكن جدتي تعرف مكان اخيها . والذي قتل في اليوم التالي . وتم إطلاق سراح جدتي بعد ذلك بوقت قصير . لقد كانت هذه السيدة العراقية جبلاً من الجلد والصبر فعلا . (ميادة العسكري) .
جمع واعداد خالد عوسي

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...