الاثنين، 9 نوفمبر 2020

قـاهر الظلام


 

قاهر الظلام .
الصورة في عام 1981م: (وليد عبد الكريم إسماعيل الأعظمي1941-1988) وشهرته (وليد الأعمي) في الوسط وأمامه ولده خالد وعلى يمينه إبن أخته وربيبه هيثم الذي مات في عز شبابه مصعوقاً بالكهرباء عام 2007 والثاني على يمينه فؤاد وأمامه أخيه إبراهيم وعلى يساره إسماعيل ضياء . في الورشة بمنزله خلف حديقة الرحبي .

المقال : عندما رأيته عرفت كفاح الإنسان الذي لا يفقد الأمل ، ويعيش بسعادة بالرغم من فقدانه نعمة البصر . يكلمك بفرح ويلقي عليك النكات في زمن يتعامل فيه المبصرين بسوداوية مع الأشياء ، مرح طيب القلب . فمنذ البداية تعود الإعتماد على نفسه وعدم إنتظار المعونة من أحد . بصير ومصلح غسالات ناجح ، بل وحتى التلفزيونات أحياناً . يشتري قطع الغيار على دراجته الهوائية ولا يخاف الشوارع المزدحمة ، يختزن في رأسه آلاف الأرقام التلفونية . معظماوي من بيت إكْرَيِّمْ المَرّار ، و (المَرّار) مهنة عامل البناء الذي يقوم بتهديم البيوت وتنظيف الطابوق من الجص والإسمنت . متزوج من السيدة جنينه أم خالد إبنة (الملّه عبد الله محمود الأفغاني) معلم القرآن الشهير في منطقة الحارة بالأعظمية ، وجدّها هو (جمال الدين الأفغاني 1838-1897) أحد أعلام التجديد في عصر النهضة العربية والإسلامية الحديثة. إلتقت به مجلة الرائد الكويتية في العدد 336 لعام 1977 فقال :- لقد فقدت بصري بعد إنقضاء ستة أشهر على ولادتي إذ إجتاح العراق آنذاك مرض خطير يصيب العيون (التراخوما المزمن) ولم يكن الحال كما هو عليه الآن فلا أطباء أخصائيين ولا مستشفيات مجانية بل كان هناك طبيب عيون واحد كما تخبرني والدتي كان إنگليزياً وكان المرضى يقصدونه بالمئات إن لم نقل بالألوف وهذا ماجعل أهلي يعالجونني بوسائل الطب الشعبي التي أدت الى تعتيم عيني . لقد منحني الله سبحانه وتعالى ذاكرة قوية جداً ، كما منحني حاسة لمس غير طبيعية ولا أواجه في ممارسة مهنتي أية صعوبة أو إرهاق . دخلت مدرسة المكفوفين وتعلمت فيها مهنة حياكة الخيزران ، لكنها مهنة متعبة وغير مجزية ، وخلال تواجدي في هذه المدرسة وكنت لا أزال صغيراً ، بدأت أشتري الأجهزة الكهربائية القديمة وأفككها وأعيد تركيبها بعد أن أجري عليها بعض التجارب التي تفيدني . وإذا ما أتاني أحدهم اليوم بجهاز للتصليح سبق وأصلحته منذ سنوات فإنني أكتشف ذلك فوراً . ا.ھ . وحاورته (حنان جناب) من مجلة ألف باء ص27 السنة 21 في 17 آب 1988 فقال :- بعد ستة أشهر من الولادة ، فقد هذا الرجل بصره ، حيث أصيب بمرض الرمد ، كان ذلك في عام 1941 فكيف سيواجه الدنيا بعيون لا ترى النور ؟ ربما كان للفقدان المبكر لبصره الأثر الكبير في تحديد مسار حياته المستقبلية . والدته التي أشرفت على رعايته قررت مساعدته في الإعتماد على نفسه في الأمور الحياتية الصغيرة . وهكذا بدأ فضوله الطفولي في فتح وتركيب الأجهزة الكهربائية يشغل أهل البيت ، وما لبث هذا الفضول أن تحول الى هواية ثم الى إحتراف وصنعة وتخصص في تصليح أنواع الغسالات يكسب منها في الكبر ويربي أطفاله الخمسة وإثنين من أبناء أخته اليتامى . عائلة أبو خالد البسيطة تحلم أحلاما كبيرة وبمستقبل آمن ومتفتح ، فقد حرص السيد (وليد) على إرسال أولاده الى المدرسة وهم الآن في مراحل متفرقة ، أضافة الى تعليمهم فن الصنعة في أوقات الفراغ فالمحل لا يخلو من أحدهم في كل مرة . زرته في المنزل ، والسؤال الذي يلح في ذهني هو كيف يستدل على العطل وهو لا يرى النور ؟ يقول - نوع من الغسالات أتعرف على عطله من خلال تشغيل المحرك ، أستمع الى صوته فيدلني على الخلل ، نوع آخر من خلال اللمس ، فاللمس يعوضني عن البصر وأعتمد عليه بشكل كبير جداً ، وأحياناً ألجأ الى جهاز الإشعاع الضوئي ، وهو جهاز صنعته بنفسي يحتوي على أضوية يربط بالغسالة فيحدد نوع الخلل . تحول المنزل الى مخزن لأنواع من الأجهزة حتى ضاق بأهله ولجأ أخيراً الى إستئجار مخزن خاص بها . أسأله هل ترى أن هنالك حاجة للتخصص في تصليح الغسالات فقط وحسب علمي أن بإمكانك تصليح كافة أنواع الأجهزة الكهربائية المنزلية إضافة الى التأسيسات الكهربائية ومد أنابيب الإسالة ؟ يقول - حالياً أعمل في هذا الجانب وذلك لقلة الحرفيين في تصليح الغسالات ، فقد أصبحت لدي القدرة على تحوير البعض منها وجعلها صالحة للعمل بالإستعانة بالأدوات السليمة في العاطل منها . يعمل هذا الرجل من التاسعة صباحاً حتى التاسعة ليلاً ، وقد تعرف الناس على بيته وهم يزورونه في مختلف الأوقات . تشاركني زوجته (أم خالد) الحديث وتثني على تعاونه داخل المنزل ورعايته لها في أيام المرض وأيام الولادة وتلبية إحتياجات المنزل ، فالعوق الذي أصيب به لن يؤثر على حياته العائلية . وتقول نحن عيون له .. يسألنا مثلاً عند تصليح جهاز الهاتف عن ألوان الأسلاك ، فمن خلال ألوانها يستدل على العطل ويقوم بإصلاحه وإعادة تركيبه ثانية . مسبقاً كنت تعمل في البيت فكيف إستطعت الحصول على إجازة بممارسة العمل ؟ يقول - في السابق كنا نعمل بدون إجازة ، وعندما طلبوا منا إستحصال إجازة ذهبت الى مركز التدريب المهني لغرض إستحصالها وكان شيئاً غريباً بالنسبة للموظفين أن يمنحوني إجازة فعرقلوا لي هذه المسألة . وإستمريت في العمل بدون إجازة الى أن جاءت في يوم من الأيام الى المحل لجنة ووجدني أعضاؤها أعمل فسألوني عن الإجازة ، قلت لهم لا أملك إجازة ! وشرحت لهم كيف أن الوظفين وجدوا صعوبة في إعطائها ، فساعدتني اللجنة في إجراء إختبار لي ونجحت في الإختبار ومنحت الإجازة ا.ھ . وقال في حديث مع مجلة الطلبة والشباب :- في بداية الستينات أخذت أعمل في تصليح المراوح ومحركات التبريد إذ أن الرغبة الملحة كانت تساورني في تعلم هذه المهن الدقيقة . وفي مطلع السبعينات تدرجت بجد على تعلم تصليح الغسالات بكافة أنواعها فكان أن تحقق طموحي بشكل شجعني على المواصلة واعتبرتها المهنة الرئيسية التخصصية في حياتي العملية ، ويتعامل معي عدد كبير من المواطنين من كل مكان في تصليح غسالاتهم العاطلة إذ يجدوا الجدية والدقة والفنية في العمل ولا أبالغ إذا قلت إن إبداعاتي في المهنة تجعلني أصلح أي عطل مهما كان نوعه والآجور التي أتقاضاها محدودة تتبع نوع العطل وحاجته الى المواد الإحتياطية فالأجور إعتيادية للغاية ، ولا تواجهني أية صعوبات أو عوائق في العمل لقدرتي على تذليلها بالشكل الفني الذي يعيد للجهاز روحيته وديمومته إذ لا يمكن أن أسلم الغسالة المصلَّحة الى صاحبها إلا بعد الفحص الدقيق والتأكد من سلامتها ودقتها في العمل بالصورة المطلوبة . وكذلك أقوم بالتأسيسات الكهربائية في المنازل والمعامل وأجيد لف المحركات (الماطورات) بالصورة الفنية ولي القدرة على تصليح المراوح الكهربائية والمبردات ، إذ أن طموحي في الحياة غير محدود . إ.ھ . يقول (فوفيه) :- (إن العالَم لا يتجه فقط الى إلغاء العاهات وإنما الى توظيفها إبداعياً) . أصيب في أواخر عمره القصير بمرض السرطان وعانى منه كثيراً فقد إبتدأ المرض من الرقبة وتفشى فيه حتى وصل الى المعدة ومع هذا لم يمنعه المرض وجلسات الكيمياوي والإشعاع من ممارسة حياته الإعتيادية وبنفس روحه المرحة المتفائلة ، وظل يزاول مهنته المحببة حتى رحل عنا قاهر الظلام وكافل الأيتام عن عمر 47 سنة بعد مسيرة من الإبداع في العمل والتفاني في خدمة عائلته ورعاية أولاد أخته اليتامى ، رحمه الله .

الخميس، 29 أكتوبر 2020

عادات وتقاليد متوارثة



عادات وتقاليد متوارثة.. هكذا يحتفل العراقيون بالمولد النبوي
الصورة : (إلا رسول الله) الاحتفال المركزي بذكرى المولد النبوي . أجواء حي الأعظمية فريدة في أيام المولد النبوي .الأعظمية واجهة الاحتفالات ، تزيين الشوارع بلافتات تحمل معاني حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، حلوى الزردة وشموع في احتفالات المولد النبوي في العراق . وارتفعت وتيرة الاحتفال هذا العام لتزامنها مع إساءة فرنسا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدعوى حرية التعبير. 
الخميس 29 /10 /2020
المقال : يشهد العراق احتفالات واسعة بذكرى المولد النبوي كل عام، حيث يحرص معظم العراقيين على تزيين البيوت والطرقات والأسواق. ويتميز احتفال العراقيين بهذه المناسبة عن باقي الشعوب بعادات وتقاليد متوارثة، إذ تقوم العائلات بتجهيز الطعام وتوزيعه على الجيران، مثل طبخ الزردة، وحلوى التمر وغيرهما، مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي تنظم في بغداد وجميع المدن العراقية . وتتميز احتفالات المولد النبوي في العراق بالعفوية، لأنها تنبع من محبة الشعب العراقي للنبي صلى الله عليه وسلم، وارتباطها العاطفي الوثيق به، كما يقول الشيخ وليد الحيالي إمام وخطيب أحد مساجد بغداد. ويضيف الحيالي في حديثه للجزيرة نت أنه "لا تكاد تجد منطقة أو حيا من الأحياء إلا وتجد فيه مظاهر الاحتفال، سواء عبر الأناشيد في مكبرات الصوت، أو بإظهار الزينة في البيوت والمساجد والمحلات، وتوزيع الحلوى وإقامة الولائم وتوزيع الحلوى والعصائر". ويتابع "المديح النبوي يكون أبرز ما في الاحتفال داخل المسجد، وإن كانت هناك دورات للقرآن فيكون اختتامها مناسبا في أيام الاحتفالات بالمولد، حيث توزع الهدايا على المتفوقين والمشاركين". وينوه الحيالى إلى مشاركة الأهالي في جمع التبرعات لما يحتاجه الاحتفال من طعام وشراب وهدايا وغيرها، وبذلك يكون أحد مظاهر التلاحم والتعاطف بين أبناء المنطقة، وتمتد الظاهرة لتشمل جميع أراضي الوطن، حيث إن الاحتفال بالمولد النبوي مناسبة دينية لا تخص طائفة معينة أو مذهبا معينا. ويبدأ الاحتفال بتلاوة القرآن الكريم لآيات تخص النبي صلى الله عليه وسلم، حسب القارئ ياسر محمد العزاوي، ثم بعد ذلك كلمة لأحد العلماء، حيث يذكّر فيها بفضل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تبدأ المناقب النبوية، وهي جلسات عامة لذكر مناقب النبي ويحييها منشدون بأصواتهم الجميلة، ويختمون مجلسهم بالدعاء للإسلام والمسلمين. وكانت الدعوات هذا العام تتركز على رفع الوباء والبلاء عن بلادنا وعن جميع بلاد المسلمين. احتفالات المولد النبوي تقام في معظم مدن العراق، لكن تبقى أجواء الأعظمية فريدة في أيام المولد النبوي كل عام، كما يقول الكاتب والمؤرخ خالد عوسي الأعظمي. ويروي عوسي للجزيرة نت كيف يستعد سكان الأعظمية قبل حلول ذكرى المولد بأيام عديدة؛ حيث يقومون بتنظيف واجهات المنازل وتزيينها لتبدو بأبهى صورة، كما تُضاء مئذنة مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان وباحته بالمصابيح الملونة، وتُزين المتاجر والمباني بأجمل الأشرطة الملونة، واللافتات التي تحمل معاني حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتدعو للوحدة والألفة بين العراقيين. كما يؤكد الحيالي أن الأعظمية أصبحت الآن مركز الاحتفالات في العراق، أو الواجهة الرسمية للاحتفال، حيث التجمع يكون عند مرقد وجامع الإمام أبي حنيفة النعمان. ويشيد الحيالي بأهالي الأعظمية الذين يتحملون أعباء ضيافة مئات الآلاف في ليلة الاحتفال، وإذ يأتي المحتفلون للأعظمية وهي متزينة بالكامل، وتهيأ أهلها حتى بلبس الألبسة الجديدة والزاهية. من جانبه، أكد الأكاديمي الدكتور هيثم عبد السلام الأعظمي أن الأعظمية تحتفي بالمولد النبوي منذ قرون عديدة، لوجود جامع الإمام الأعظم في الأعظمية، الذي كان مرجع الدولة العثمانية. وأشار إلى أن ما يميز احتفالات الأعظمية وجود شعرات النبي محمد صلى الله عليه وسلم المحفوظة في جامع الإمام أبي حنيفة، التي أهدتها الدولة العثمانية عام 1907، وما زال يحتفظ بها ويعرضها في أيام محدودة في السنة، من ضمنها ليلة المولد النبوي الشريف. وفي صباح يوم المولد النبوي، تتم عملية ختان الأطفال مجانا في جمعية منتدى الإمام أبي حنيفة. وبعد أن تنهي الأعظمية احتفالاتها تبدأ احتفالات باقي مساجد بغداد والمحافظات، وتستمر الاحتفالات إلى نهاية شهر ربيع الأول. ويلفت الأعظمي إلى أن ظروف جائحة كورونا جعلت الاحتفالات الرسمية مختصرة هذا العام، أما الأزقة الشعبية فقد استمرت مظاهر الاحتفال فيها. ورغم استمرار الاحتفالات السنوية بالمولد النبوي، فإن كثيرا من العادات القديمة بدأت تندثر، ويستذكر عوسي ليلة المولد خلال فترة السبعينيات وقبلها، حيث كان الناس يرتدون الملابس الجديدة، ويضعون باقات الآس والورود أمام منازلهم وعلى امتداد الشارع، وتفوح منها أطيب الروائح. ويضيف أنه بعد غروب شمس ليلة المولد، تجوب مجموعات من الشباب والفتيان أزقة الأعظمية، وهم يحملون الشموع في الصواني، ويضربون الدفوف مرددين أناشيد المولد النبوي والأهازيج الشعبية، وينثرون قطع الحلوى، وتقابلهم النسوة بالزغاريد و"الهلاهل". وينتهي مسارهم في ساحة مسجد الإمام الأعظم، قبل حلول صلاة العشاء، وتزدحم الباحة بالناس، ويبدأ الاحتفال، ويستمر حتى الفجر. وترتبط حلوى الزردة بالفرح في موروث العراقيين، وتتكون من الرز والسكر وماء الورد والزعفران والهيل، ويمكن تزيينها بالقرفة أو المكسرات، حسب المؤرخ عوسي. وسميت "زردة" نسبة إلى اللون الأصفر باللغة الفارسية، وهو لون الزعفران. ويورد العزاوي للجزيرة نت أن "الزردة" تعد أكلة أساسية في هذه المناسبة، حيث إن أغلب العراقيين يجهزون هذه الأكلة وهي من الحلويات القديمة، ويتم توزيعها مع الأطعمة الأخرى في الشوارع والطرقات على المارة، ومنهم من يعمل الولائم ويدعو لها المحبين والأقارب.
البياتي قال إن إساءة ماكرون للنبي محمد صلى الله عليه وسلم خيمت على الاحتفالات ، ويرى إمام وخطيب جامع أبي حنيفة الشيخ مصطفى البياتي أن الاحتفالات هذه السنة لها خصوصية؛ كونها تزامنت مع تعاطف ملايين المسلمين في العراق والعالم ضد إساءة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وبيّن البياتي قيامهم بوقفة استنكارية في الأعظمية، حضرها الآلاف، وتخلل الوقفة بيان طالب الحكومة العراقية باستدعاء السفير الفرنسي وتسليمه مذكرة احتجاج، إضافة إلى مقاطعة البضائع والشركات الفرنسية. من جانبه، ينوه العزاوي إلى أن احتفال هذا العام تضمن رد اعتبار، واستنكارا لتصريحات الرئيس الفرنسي، حيث كانت الشعارات والقصائد والكلمات في هذا العام تركز كلها على رفض هذه الإساءة.
جميع الحقوق محفوظة © 2020 شبكة الجزيرة الاعلامية . https://aja.me/gb4xn 

خالد عوسي الأعظمي

 
 

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

تعرف على الشيخ (نعمان الأعظمي) مؤسس مدرسة أبي حنيفة في بغداد





بعد 84 عاما على وفاته.
. تعرف على الشيخ (نعمان الأعظمي) مؤسس مدرسة أبي حنيفة في بغداد .


الصورة : الشيخ نعمان الأعظمي (الثاني من اليمين جلوسا) والثالث الشيخ حمدي الأعظمي والسابع الشيخ بهاء الدين برفقة علماء من بغداد في العهد الملكي .


المقال : بعد 84 عاما على وفاته، لم ينس رواد كلية الإمام الأعظم ببغداد دور الشيخ نعمان الأعظمي بإحياء وإعادة تأسيس مدرسة أبي حنيفة -كلية الأعظمية حاليا- بعد أن أقنع العثمانيين -حينها- بإعمارها وبنائها عقب إهمال وخراب.
والأعظمي، شيخ وعلامة ديني ذاع صيته في مطلع القرن العشرين، ولد ونشأ في محلة الشيوخ بمدينة الأعظمية في بغداد سنة 1874. كان الأعظمي شغوفا بالعلم والأدب، وأجازه علميا الشيخان محمد سعيد النقشبندي وحسين الخانبوري.
إعادة إعمار المدرسة
ويقول أستاذ العلوم الإسلامية في الجامعة العراقية هيثم عبد السلام إن الأعظمي عُين مدرسا في مدرسة الإمام أبي حنيفة عام 1899، وفي الوقت نفسه كان يواصل دراسته على يد الشيخ عبد الرزاق الأعظمي حتى حصل على الإجازة العلمية منه عام 1908. ويضيف عبد السلام خلال حديثه للجزيرة نت أن الأعظمي بعد ذلك عُين مدرسا في رشدية الكرخ وذاع صيته بين الناس. وفي عام 1910، أصدر الأعظمي بالتعاون الشيخ عبد الهادي الأعظمي والحاج حمدي الأعظمي مجلة باسم "تنوير الأفكار". ويقول عبد السلام إن الأعظمي كتب في المجلة مقالة مضمونها مكتوب بتعبير على لسان الإمام أبي حنيفة النعمان وكأنه هو يتكلم فيها، كما وضع لها ختما باسم الإمام. ويشير إلى أن الأعظمي خاطب من خلال المقالة السلطان العثماني -في حينها- محمد رشاد بن عبد المجيد الأول، وطلب منه أن يولي اهتماما بمدرسة الإمام أبي حنيفة بعد أن تولاها الشيخ الأعظمي وكانت خربة ومهملة. ويضيف عبد السلام أن الدولة العثمانية استجابت لرسالة الأعظمي وأرسلت له المال وخصصت لطلابها 80 ألف قرش سنويا، ووافق السلطان محمد رشاد على إعمار وترميم المدرسة.
وبذلك أحيا الأعظمي مدرسة الإمام أبي حنيفة، وعادت إلى مكانتها العلمية وأصبحت تستقطب الطلبة، وحول ذلك يلفت عبد السلام إلى أن المدرسة ابتدأت بعد ترميمها بـ 100 طالب علم وخصص لكل طالب 60 قرشا شهريا مع تأمين طعامه وشرابه. واعتبر المؤرخون أن الأعظمي لعب الدور الأكبر في السعي لإنشاء مدرسة أبي حنيفة وبنائها، وتعتبر كلية الإمام الأعظم -حاليا- من مآثر الشيخ الأعظمي وأبرز إنجازاته، وضمن أكبر الصروح العلمية والدينية في العراق.
نشاطاته السياسية
خلال الحرب العالمية الأولى، انتدبته الدولة العثمانية في عام 1915 لمقابلة الأمير عبد العزيز آل سعود وإقناعه للوقوف إلى جانب الدولة العثمانية، وبحسب عبد السلام فإن الأعظمي ذهب مع وفد يضم الشيخ محمود شكر الآلوسي والشيخ علي علاء الدين الآلوسي والضابط بكر أفندي. ويلفت إلى أن الوفد تفاوض مع آل سعود للوقوف مع الدولة العثمانية خلال تلك الحرب، لكنهم لم يفلحوا في إقناعهم. ويستطرد الأكاديمي الإسلامي، "بعد عودة الوفد إلى الشام ذهب الأعظمي برفقة الدكتور عبد الرحمن الشاهبندر وعبد الكريم قاسم الخليل إلى القدس لمقابلة الوالي جمال باشا وذلك بطلب منه"، لافتا إلى أن صيت الأعظمي كان قد انتشر في أرجاء البلدان العربية الإسلامية في تلك الأعوام. ويضيف عبد السلام أن أحد القادة العسكريين العثمانيين يدعى نور الدين استدعى الأعظمي إلى جبهة الكوت القتالية عند اندلاع قتال بين الجيش العثماني والجيش البريطاني جنوبي العراق، ليعظ الجنود ويرشدهم ويرفع من حماسهم ويحثهم على الجهاد والقتال.
اعتقاله ونفيه
وفي عام 1917، اقتحم الإنجليز مدرسة أبي حنيفة في العاصمة بغداد واعتقلوا الأعظمي، ويقول عبد السلام إن الأعظمي سجن في بغداد لمدة شهرين، وفي البصرة جنوبي العراق شهرين آخرين. ويضيف أن الإنجليز اقتادوا الأعظمي إلى جزيرة الهند حيث كان يحتجز فيها المعارضون في حينها، وقضى فيها أكثر من سنتين ونصف السنة.
وفي هذا الإطار، يشير الباحث التاريخي (خالد جاسم العبيدي=خالد عوسي الأعظمي) إلى أن الأعظمي كان في داخل معتقله في الهند يعظ الأسرى ويعلمهم اللغة العربية، ويدرس طلبة العلوم منهم، لافتا إلى أنه درّس 30 طالبا من التتار والأفغان والهنود. ويشير خالد العبيدي إلى أن الانجليز أطلقوا سراح الأعظمي من الأسر عام 1919، وأُعيد تعيينه مدرسا في كلية الإمام الأعظم، ليتم تعيينه عميدا للكلية الأعظمية عام 1924.
مكانته العلمية
وعين الأعظمي في عام 1916 -في عهد الدولة العثمانية- واعظا عاما للعراق وأخذ يطوف مدن البلاد وأريافه، ليقدم الوعظ والإرشاد، وحول ذلك يقول أستاذ العلوم الإسلامية عبد السلام إن الشيخ اشتهر وعُرف بين الناس وكسب حب الكثير منهم بسبب علمه وتفوهه وثقافته الواسعة. ويضيف أن للشيخ مساهمات كثيرة في الجمعيات، فهو من المؤسسين لجمعية حماية الأطفال بالعراق، وجمعية الهداية الإسلامية في بغداد، وجمعية الشبان المسلمين في بغداد أيضا، وجمعية الهلال الأحمر العراقية. يذكر أن جمعية شبان المسلمين في البصرة أقامت حفلا تكريميا للأعظمي عند زيارته المدينة في شهر رمضان المبارك عام 1932. ويتابع عبد السلام أنه في أثناء الاحتفال ألقى الشاعر محمد صالح بحر العلوم قصيدة مؤلفة من 20 بيتا مرحبا في كلماتها ومعتزا بالأعظمي وزيارته إلى البصرة، ومن أبرز أبياتها:
من تصدر للوعظ وهو صبي … حيث تصبو له العقول النقيّة
و(لنعمان) فــي البــــلاد أيــاد … حفظتـــها الثقـافـة المنبريـة
الباحث خالد العبيدي من جهته يضيف أن الأعظمي كان كثير التجوال في المدن العراقية، يعظ الناس ويدعوهم إلى الوحدة وإلى التمسك بآداب الإسلام والتآزر واجتماع الكلمة.
ويشير إلى أنه كان يأمر الطلاب في كلية الإمام الأعظم بالسفر إلى مدن العراق، وتقديم الوعظ والدروس الإسلامية لتعليم الناس وإرشادهم وتبصيرهم، وكان يتصل بالعلماء ويحثهم على تسهيل وتذليل العقبات أمام الطلبة وضيافتهم وتهيئة أمورهم لوعظ وتوعية سكان تلك المناطق.
وعن علاقاته واتصاله مع علماء الأمة الاسلامية، فقد اجتمع الأعظمي بعدد من العلماء في موسم حج عام 1341هـ/1923م، وكان أبرزهم الشيخ شعيب اليماني والشيخ محمد الشنقيطي والشيخ إبراهيم بن جاسر وغيرهم. وحول ذلك يشير الباحث خالد العبيدي إلى أن للأعظمي علاقات وصلات علمية وثيقة مع مشايخ وعلماء من مختلف البلدان الإسلامية، مثل الشيخ عبد الله بن خلف الكويتي والشيخ محمد بهجت البيطار والشيخ جمال الدين القاسمي، وكذلك عبد القادر المغربي ومفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني. ويلفت إلى أن العلماء كانوا معجبين بعلمه وأدبه وذكائه وحسن إلقائه ونظراته السديدة في الفقه الإسلامي، واهتمامه بشؤون الأمة الاسلامية، بالإضافة إلى وعيه السياسي. ويضيف خالد العبيدي أن الأعظمي اشترك في عدد من المؤتمرات في الدول الإسلامية، ومن أشهرها المؤتمر الاسلامي المنعقد في القدس عام 1930، وكان له حضور بارز في المؤتمر مع بقية علماء الأمة.
وعن مؤلفات الأعظمي، يذكر عبد السلام أن أشهرها كتاب إرشاد الناشئين، وكتاب التاريخ العام، وكتاب المواعظ الدينية الصحيحة، وكتاب شقائق النعمان في مواعظ رمضان، وكتاب أغاريد الهزار في الأناشيد والأشعار. كما كتب مؤلفات ومقالات عديدة في مواضيع التفسير والتاريخ والاجتماع، ونشرت في الصحف والمجلات العراقية آنذاك، وكان له أسلوب ممتع في الخطابة والكتابة، بحسب عبد السلام.
توفي الشيخ نعمان الأعظمي في يوم الاثنين الموافق 15 جمادى الآخرة عام 1355هـ والموافق 2 سبتمبر/أيلول عام 1936. وانتشر خبر وفاته في الأوساط الدينية فسمع أهالي بغداد، فهبوا في تشييعه، حيث أقيم له موكب تشييع كبير ومهيب وحضره رجالات الدولة وأعيان البلاد والعلماء والمشايخ والقضاة وجمهور غفير من الناس، ودفن في مقبرة الخيزران في مدينة الأعظمية، بحسب المؤرخين.
المصدر : الجزيرة - طه العاني- الجزيرة نت بالتعاون مع الدكتور هيثم عبد السلام والأستاذ
خالد عوسي الأعظمي
في 2 /أيلول/ 2020

الأحد، 5 يوليو 2020

رائد الرواد:عوسي الأعظمي



.
رائد الرواد:عوسي الأعظمي
الصورة : (عوسي الأعظمي) يصارع صديقه (شهاب الدين حمدي الأعظمي) والد المقريء (حمدي الأعظمي) وهذه المصارعة عبارة عن رياضة من ضمن تمارين لطيفة وممتعة ومسلية ، إبتدعها عوسي الأعظمي ، وهي خليط من المصارعة (الرومانية والمنغولية) (مصارعة ورمي الخصم في النهر) . على شاطيء الأعظمية بتاريخ 23\11\1938 بالقرب من (جفرة عوسي) التي تخرج منها خيرة رواد 
المصارعة في العراق .

المقال : علق الشيخ الدكتور (محمد محروس المدرس) على إحدى مقالاتي عن والدي عوسي الأعظمي قائلا :- رحم الله عوسي رائد الرياضة المتنوعة ، فالأعظمية كانت تنال الأولوية في السباقات المتنوعة بسبب الروح التي بثها الرواد ورائد الرواء ( عوسي ) . عوسي أول من عمل مسابقة ( للعبة الاسكيت ) على مستوى شعبي في حين لا يعرف الناس هذه الآلة وهذا الإسم ، بل هي لعبة المترفين ، فأضحت لعبة شعبية . كما كانت مسابقات السباحة في نهر دجلة ، ويأخذ يوم السباق طابعا احتفاليا ، فتزين القوارب النهرية ( البلام ) ، ويحتشد جمهور هائل على ضفاف دجلة ، وفي نقطة النهاية يحضر نائب الأعظمية المزمن ( اسماعيل الغانم ) ويوزع الجوائز . أفرزت تلك السباقات أبطالا شاركوا في مسابقات دولية !! . وأسس عوسي - بل انفرد - بسباقات الدراجات ... الخ . أما المصارعة فحدث ولا حرج ، فلقاءاتها كانت تشغل الناس شهورا . وأسس للرحلات السياحية والرياضية على الدراجات الى الدول المجاورة ، وحدثت فيها مفارقات كان يتندر بها الأعظميون . هذا وأمثاله من الفعاليات أعطت للحياة لذة وتميزا بل وتفردا ، فكانت تعتبر الأعظمية من المناطق الراقية والمترفة بسبب هذه النشاطات ، ويتمنى أهل المناطق الأخرى لو أنهم كانوا من أبنائها ، وينزح اليها هؤلاء في أول فرصة تتهيأ لهم وتحتضنهم الأعظمية بلا تمييز بين دين ومذهب وعرق ... والحديث يطول ويطول

!!الدكتور محمد محروس

الخميس، 25 يونيو 2020

الحلاقون في الأعظمية




الحلاقون في الأعظمية 

الصورة : (نصيف الحلاق 1926 _ 1989) من بيت المزاينه ، أشهر حلاق في محلة الشيوخ ، يقف أمام محله بداية السبعينات ، والد كل من محمد وسامي الحلاق وسلومي ومصطفى الحلاق وهو الأخ الأكبر لأشقائه عبد الباقي وأحمد أبو شهاب وناظم الحلاق وستار الحلاق وعبد الوهاب وهادي قبچ الحلاق .
المقال : لم تكن وظيفة الحلاق مقتصرة على تزيين الزبائن . فقد كان الحلاق يمارس مهنة الحجامة وقلع الأسنان وختن الصبيان (طهورهم) وربما قام بأعمال وخدمات طبية لمعالجة المصابين بالقرع وتفجير الدمامل وما الى ذلك من الأمراض ، وكان بعضهم يربي ديدان العلك ويضعها في أكواز من الفخار مع شيء من الماء يبدله من يوم وآخر ، وهذه الديدان تستعمل في إمتصاص القيح عند وضعها على الدمامل والأورام . وللحلاقين إصطلاحات في أسماء الموضة (المودة) في الحلاقة فمنها :- (نمره صفر) و (تواليت) و (المحدد) و (البروص) و (الصوجري) و (أبو البوكله) وغيرها . وهنالك حلاقون متجولون (حلاقوا الأرصفة أو الدوارة) يحلقون للناس على قوارع الطريق والأرصفة بأجر زهيد ، يحملون معهم كرسيا صغيرا أو تنكه يجلس عليها الزبائن من الرجال والصبيان . وقد حلقت أنا شخصيا رأسي في الطريق عند الحلاق المتجول آنذاك (محمود عبد الكريم الكويلي) لقاء أجر قدره أربعة فلوس سنة 1936 . وغالبا مايتعرض هؤلاء وزبائنهم الى غارات البلدية فيضطرون الى الهرب والاختفاء عن أنظارهم وهم يلعنون سوء طالعهم ، وقد إنقرض حلاقوا الأرصفة الآن . وإليكم أشهر الحلاقين في الأعظمية 
أولا - عائلة المزاينه ، أو عائلة حسن المزين وأولاده خميس ومحمود وحمودي ، وأولاد حمودي أحمد ومحمد وحميد . وإبراهيم بن أحمد (إبن الكبيسية) ومعروف الحلاق بن حميد لا يزال قائما بالمهنة . وأولاد خميس سعيد المزين ومحمد . ومن أولاد محمد جاسم وأولاده وخليل المزين (أبو عوض) لا يزالون يزاولون المهنة ، وأولاد عمهم الحاج حسين والد حمزة وإبراهيم وعباس المزين .
ثانيا - عيسى الحلاق بن حمادي العيسى الأعظمي والد طارق ليس له صلة بعائلة المزاينه .
ثالثا :- الحلاقون الآخرون :
أ- محمود عبد الكريم ، في (محلة النصه) جاء الى الأعظمية حوالي سنة 1935م .
ب- علي الحلاق ، من الكاظمية في (محلة السفينة) مجاور لبيت الحاج إبراهيم العبد قرب دائرة الماء والكهرباء ومقابل بيت الحافاتي ، وهو من التبعية الايرانية وسفر الى إيران
ج- جلال الحلاق ، تركي أبو كمال وسامي في  محلة الحارة.
د- عبد الكريم السامرائي ، نسيب بيت الحاج هاشم الرجب في (محلة الشيوخ) قرب الحمام 
 (هاشم الدباغ/كتاب الأعظمية والأعظميون ص77-78-79)
 إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي

الاثنين، 15 يونيو 2020

اعلامنا الرياضي بين ألق الماضي وتعاسة الحاضر



.اعلامنا الرياضي بين ألق الماضي وتعاسة الحاضر .

الصورة : (برنامج المصارعة) أول برنامج رياضي ظهر على شاشة تلفزيون المملكة العراقية منذ تأسيسه على يد الملك (فيصل الثاني) عام 1956م . في هذه الحلقة يظهر مقدم البرنامج (عوسي الأعظمي) في الوسط وعلى يمينه زميله الذي يشاركه في تقديم البرنامج البطل (جلال شاكر) وعلى يساره ضيف البرنامج المدرب والحكم الدولي القدير (حسن عبد الوهاب) ويقف خلفهم السيد (عبد الجبار سرور) مع مجموعة من أبرز نجوم المصارعة آنذاك ، أذكر منهم الثاني من اليمين المدرب البطل (سعيد عبد الله) ولقد قاموا بعرض رياضي فني جميل حاز على إستحسان المشاهدين .
ان كل من تابع ويتابع وخصوصا من تهمه اخبار وحال مؤسستنا الرياضية في ايجابياتها و سلبياتها ومنذ عام 1965 الذي تم اصدار اول جريدة رياضية (الملعب) ثم اعقبها صدور عدد من الجرائد الرياضية مثل( الملاعب .الجمهور الرياضي . الرياضي .النشاط الرياضي .الرياضي العسكري .البعث الرياضي ...) اضافة الى صدور هذه الصحف كان هنالك برامج رياضية منذ عام 1957 عرضت على شاشة التلفزيون العراقي اوله برنامج (المصارعة ) كل يوم اربعاء يقدمه البطل المرحوم جلال شاكر مع البطل المرحوم عوسي الاعظمي ثم بعد ذلك برنامج ..الرياضي.. الذي قدمه الاستاذ الراحل مجيد السامرائي . وقبله الاستاذ الراحل اسماعيل محمد الى 24 \اذار \1963 تم بث اول برنامج قدمه الاستاذ القدير مؤيد البدري (الرياضة في اسبوع) , وظل هذا البرنامج من ارقى واجمل واروع البرامج الرياضية التي قدمه التلفزيون العراقي بل ما تقدمه كل القنوات الرياضية العربية وبشهادة البعيد قبل القريب . حتى تدخلت السياسة الملعونة والمصالح الشخصية والمحسوبية والمنسوبية اللعينة في لب وكيان مؤسستنا الشريفة العفيفة وانهت وحطمت هذه الحديقة الجميلة الغنية بثمارها وازهارها وروائحها الزكيةوهذا التدخل بدأ منذ مطلع التسعينات واستمر ليومنا هذا حيث بدأ اعلامنا بالسير والاتجاه نحو الاعلام المتلون والابتعاد عن الاعلام الحر الذي لا علاقة له بالمصالح الشخصية والمحسوبية والمنسوبية ونقل الاخبار بحقيقتها ووقتها وعدم اهتمامه بعدد قليل من الالعاب والاندية والاتحادات وانما كان اهتمامه بكل صحفه ومجلاته وبرامجه بجميع الالعاب والنشاطات التي تنفذها انديتنا واتحاداتنا وتقييمها بسلبياتها و ايجابياتها والاهم من كل ما تقدم كان لإعلامنا الرياضي بكل ما ينشر ويعرض له الاثر الكبير جدا على ما يحدث في مؤسستنا واحترام وتقدير مكانته وموقعه كدعامة من اهم الدعامات التي ترتكز عليها مؤسستنا الرياضية . وليس كحاله اليوم يكتب وينشر ولا أحدا يصغي ويسمع إليه ولا تأثير له على كل مايحدث بالرغم من الحقائق والوقائع التي يتطرق اليها. وكثير جدا ما تغيرت اتحادات واندية بإعضائها ولاعبيها ومدربيها وحكامها بسبب تحليل او تقييم لحالة ما يتطرق اليها اعلامنا القديم بصحفه وبرامجه . كذلك اخواني كان اعلاميونا ليسوا احرار بنشر وعرض ما يشتهون ويرغبون كما يحدث اليوم كانوا حرصين كل الحرص على نقل الحقيقة واهتماهم بجميع ما تقام من نشاطات مختلفة في مؤسستنا . الاهم عن كل ما تقدم في حديثنا هذا وبمراجعة ونظرة الى صحفنا ومجلاتنا وبرامجنا الرياضية التي كانت تصدر وتعرض قبل اكثر من عشرون عام سترون الفرق الكبير في ما يعرض وينشر من امور تهم وتمس مصلحة مؤسستنا اداريا وفنيا وارشيفيا وما يعرض وينشر هذه الايام حيث الاهتمام الواضح من قبل اعلامنا اليوم بنشر الصور التي تاخذ 80% من مساحة صفحات الصحيفة واكثر من 90% تنشر وتعرض اخبار لاتحاد او اتحادين . وتاكيد لكلامي وخصوصا من الناحية الارشيفية التي يتميز به اعلامنا منذ ستينات القرن الماضي هي اولا مواكبتي له واطلاعي على الكثير مما نشر وعرض وثانيا هو ما رايته وشاهدته من ارشيف لا مثيل له احتفظ به وحافظ عليه بكل امانة واخلاص ووفاء لمؤسسته الاستاذ القدير رزاق كشكول حيث عشرات الالاف من صحفنا وجرائدنا ومجلاتنا الرياضية يحتفظ بها تحمل وتحتوي على معلومات ارشيفية تخص مؤسستنا بانديتها واتحاداتها بلاعبيها ومدربيها وحكامها وبجميع فرقها بل بكل نشاطاتها منذ عشرات السنين . وختاما اقول واؤكد على ضرورة تشكيل لجنة متخصصة تقوم بعد اخذ الاذن والموافقة وتقديم الشكر والتقدير الاستاذ رزاق كشكول وبالتعاون المشترك معه بالاطلاع والبحث في ما نشر وكتب بهذه الكنوز الموجودة لديه لصياغة وتاسيس واصدار ارشيف لا مثيل له وخصوصا بعد فقدان وضياع جميع ما ارشف من معلومات لمؤسستنا بعد عام 2003 مع تحيات.
. الحكم باسل العبيدي

الثلاثاء، 2 يونيو 2020

ذكريات ولمحات مضيئة عن (ظرفاء الاعظمية)



ذكريات ولمحات مضيئة عن ظرفاء الاعظمية 
ايقونات في وجدان من عاصرها او تعايش معها .

الصورة : (عوسي الأعظمي) مع (أحمد حلومي) على شواطيء الأعظمية عام 1943م .
المقال : لقد حفل تاريخ الاعظمية خاصة خلال القرن الماضي بالعديد من خفة الدم، تمضى معهم فى السراء والضراء، ينفسون من خلالها همومهم وأوجاعهم، وظرفاءه لون اخر من التفرد في اماكن عدة، وهم فاكهة المنطقة كما يقال يملؤون حياة الناس بالبهجة والسرور من خلال مواقفهم الكوميدية الطبيعية غير المصنوعة ورغم السنتهم اللاذعة ومساخة كلامهم احيانا الا ان الكل كان يحبهم ويستمتع بردودهم التي تضحك كثيرا ، بالنكتة يعترضون ويرفضون وينتقدون، وبالسخرية يواجهون الظلم والفقر والفساد، ومن الشخصيات التي اصطلح على تسميتها ظرفاء الاعظمية فكان منه من هؤلاء الرجال الظرفاء شخصيات لها حضور في اللطافة والظرافة واصحاب جلسات جميلة، الذين غابت برحيلهم مجالس الضحك والأنس والمرح، نذكر منهم: عوسي الاعظمي: بطل الزورخانة، والمصارع المخضرم، ايقونة لا تغيب عن متابعي الرياضة، محفورة في ضمير بغداد والعراق، ولد عام 1913 في محلة الشيوخ في منطقة الاعظمية، واغلب اهل الاعظمية وانا منهم لا نعرف اسمه جاسم وانما عوسي ماعدا اهله ومن تربى معهم، عمل منذ طفولته مع والده " الحطاب"، كان امياً وبسيطاً في تعليمه، فالحياة وما فيها من نعم ومشاق كانت هي مدرسته، امتلك قوة جسدية غير اعتيادية جعلته متميزاً حتى بين من هم اكبر منه عمراً في السباحة والجري والمصارعة وممارسة الحركات الجمبازية الارضية، اطلقت عليه جدته لقب"عوسي"، وكان ذلك بسبب اختناقه في طفولته وبلغ حد الموت وبقدرة قادر عاد ليتنفس فاصبح عوسي منذ ذلك التاريخ حتى لحظة وفاته، مارس المصارعة في الزورخانات في الثلاثينات وتعلم ابجدياتها على يد عباس الديك ومجيد ليلو، هذه الشخصية بالرغم من كونه مختلف عن الشكل الاجتماعي للفرد البغدادي، فهو من النماذج الأنسانية شكلت ظاهرة اجتماعية رياضية، تحظى باحترام المجتمع، كما يلاحظ أن مثله قلما تعد موجودة وان الأجيال الجديدة لم تعد تعرف وجود هذه الظاهرة، في عهد الملك غازي تم افتتاح النادي الاولمبي فكان حدثا رياضيا كبيرا، جرى تعيينه ومجيد ليلو مدربين في النادي براتب شهري قدره ستة دنانير وكان حكمة سليمان مديرا للنادي والذي كان من المشجعين للرياضة، وكان يصرف لهم من جيبه الخاص فوق رواتبهم، وتسلم ادارة النادي بعده خليل كنه ثم ناظم الطبقجلي، وبدأوا باقامة العاب المصارعة ويحضرها الوصي عبد الاله ورشيد عالي الكيلاني وغيرهما، خاض المصارعة عام 1938 مع اللاعب الهندي علي محمد من الجيش البريطاني في ساحة الكشافة وبحضور الوصي، فتمكن من الفوز عليه وسط تشجيع الجماهير له، وقد بعث له عبد الاله عشرين دينارا كهدية لفوزه هذا. في النادي الاولمبي، بدأ بتدريب اموري اسماعيل ورحومي جاسم وكريم رشيد وكرمان علي، وهم وزملائهم قدموا اروع الانتصارات الرياضية ورفعوا اسم العراق عالياُ عربياُ ودولياً وسيخلدهم التأريخ لثمرة ما صنعوه من مجد ورفعة. في بداية افتتاح البث التلفزيوني، كان يقدم برنامجا اسمه الأبطال وهو أول برنامج إعلامي رياضي يقدم عبر شاشةالتلفاز، الطريف إن عوسي يبدأ حديثه باللغة الدارجة بعفويته وسلاسة حديثه وميله للطرافة "ايها المباوعون الكرام" ، وبمساعدة من الاصدقاء، اصدر صحيفةً رياضية وراسل بعض الصحف المتخصصة بكمال الاجسام وهو لايجيد القراءة والكتابة، وفي السبعينات ينتقل عوسي الاعظمي الى العمل في الكلية العسكرية كمدرب للمصارعة فيها، وليخرج اجيالا اخرى من المصارعين بينما يستمر في ممارسة العابه في المنطقة الشعبية التي عاش فيها، افتتح محلا للادوات الرياضية في السفينة قرب المقبرة الملكية وكان المحل ملتقى للرياضيين وجلساتهم الجميلة وفيها الطرائف والذكريات الممتعة.
 توفي عوسي في حادث دهس سيارة وهو يقود دراجته الهوائية، والتي لازمته طوال حياته، وكان ذاهباً لمسبح الصفا لتعليم الفتيان رياضة السباحة، في ايلول1993 وهو في عمر الثمانين.
 بقلم الأستاذ (سرور ميرزا محمود) إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الأحد، 17 مايو 2020

أعضاء فرقة الزبانية




الصورة - أعضاء فرقة الزبانية - الحاج ناجي الراوي (فخري الزبيدي . الصف الوسط على يمين الصورة) ناظم الغزالي حميد المحل وحامد الأطرقجي . 
لنتذكر فخري الزبيدي . سمعت باسمه منذ وقت مبكر من حياتي ، ولعل ذلك قبل ان ادخل المدرسة الابتدائية ، وقد كانت لي دراجة هوائية صغيرة ، علمت ان صديقا لوالدي يعمل موظفا في امانة العاصمة يدعى فخري الزبيدي هو الذي قدمها هدية ، وعندما سألت والدتي بعد سنوات عن فخري هذا ، اجابت بسرعة انه ( ابو صندوق السعادة ) ...
واتضح لي ايضا ان صلته بوالدي جاءت عن طريق جدي لامي ، وكان موظفا في ديوان الامانة و غرفته لا تبعد كثيرا عن غرفة الزبيدي الذي كان معجبا بالاستاذ محمد حديد السياسي والوزير السابق ، ولعل صلة والدي بالاستاذ حديد ( كان والدي احد اعضاء الهيئة المؤسسة للحزب الوطني التقدمي الذي رأسه حديد بعد خلافه مع الاستاذ كامل الجادرجي سنة 1960 ) ، هي التي قربت الزبيدي من والدي . وعندما بدأت اللقاء بالزبيدي في اواخر الثمانينيات ، حدثني بما يشبه ذلك ،وزادت علاقتي به بعد ان جمعنا عشق بغداد وتاريخها . بدأت شهرة فخري الزبيدي ، عندما كان عضوا في فرقة الزبانية المسرحية عام 1948 . غير انه نال شهرة عريضة في اوائل الستينيات ، مع برنامجه التلفزيوني الشهير ( صندوق السعادة ) وهو برنامج ترفيهي للمسابقات بين شرائح اجتماعية مختلفة تتخلله فقرات للمواهب وما الى ذلك ، ثم حاول احياءه في اوائل السبعينيات ببرنامج باسم ( شايف خير ) ، لم ينل شهرة الاول . ثم كان مشروعه الذي رأى النور وهو المتحف البغدادي ، وكان له الدور المشهود في وضع خططه واختيار مواده . وبعد تقاعده انصرف الى جمع ما كتب عن الموروث البغدادي في بطون الصحف والمجلات ، وأنجز عدة كتب في هذا ، منها تاريخ بغداد وقد نشربعض فصوله في مجلة ( امانة بغداد) في السبعينيات ، وكتابه ( بغداد من 1900 حتى سنة 1934 ، الجامع من المفيد والظريف ) الذي صدر جزءه الاول في اكثرمن خمسمئة صفحة . ولد فخري رسول الزبيدي عام 1925 ببغداد في محلة الحيدرخانة ، لاسرة نزحت من الكوت الى الحلة فبغداد ، تخرج في معهد الفنون الجميلة عام 1947-1948 فرع المسرح ،وبسبب متطلبات الحياة ولكي يحقق لنفسه استقلالا اقتصاديا فقد عمل موظفا في امانة العاصمة . ثم تدرج في وظيفته ، وعندما ارادت الامانة فتح مركز للاطفاء في مدينة الكاظمية عام 1956 كان الزبيدي اول ضابط اطفاء فيها ، ويذكر المرحوم ابراهيم شندل المشهور بابراهيم اطفائية ، وهو اول عراقي يتولى ادارة الاطفاء في بغداد يوم كانت هذه الدائرة احدى دوائر امانة العاصمة ، انه سعى الى تعيين فخري الزبيدي في هذه الوظيفة ، غبر ان فخري كثيرا ما كان ينقطع عن العمل ، وعندما كان يبحث عنه يجده مع صديق له يدعى ناظم الغزالي ، وهو ايضا احد موظفي الامانة ، وهما يتدربان على مسرحية او تمثيلية لفرقة الزبانية .

فرقة الزبانية :-
تأسست فرقة الزبانية عام 1947 من مجموعة من الفنانين الهواة امثال حميد المحل وحامد الطرقجي وناظم الغزالي وفخري الزبيدي ومحمود قطان باشراف الفنان ناجي الراوي . اشتهرت الفرقة بما قدمته من اعمال مسرحية اذاعية في اواخر الاربعينيات ، لاسيما برنامج الجيش العراقي الذي كان يبث صبيحة كل يوم جمعة . كما شاركت الفرقة مع الوفد الفني الكبير الي قدم للجيش العراقي في الاردن عام 1948 العديد من الاعمال الفنية والترفيهية . وقد مثل الزبيدي في اغلب ادواره الشاب الفكه والمشاكس !.
وقد ذكر الزبيدي مرارا انه هو الذي اكتشف ناظم الغزالي مطربا ، عندما كان الاخير يغني من مقام الركباني في احدى المسرحيات ... واستمرت الفرقة لعدة سنوات ، وعندما اريد احياؤها في السنوات التالية قدمت للتلفزيون تمثيلية ( شلتاغ ) التي كتبها عبد الوهاب العزاوي واخرجها كمال عاكف ومثل فيها اضافة الى فرقة الزبانية الفنانون محمد القيسي وجميل الخاصكي وفوزية عارف وسواهم . لقد بقي الزبيدي عاشقا للتمثيل منذ بواكير حياته ، ولعل مشاركته في اول فلم عراقي مصري مشترك عام 1946 ، وهو فلم (القاهرة بغداد) من الشواهد الاولى لهذا العشق . ثم مثل بطولة اول فلم عراقي انتجته مصلحة السينما والمسرح عام 1967 وهو فلم (شايف خير) من اخراج الفنان محمد شكري جميل ، كما اخرج ومثل اول مسرحية انتجتها المصلحة للفرقة القومية وهي مسرحية (وحيدة)في السنة التالية . ويجمل ذكره ان جماعة ادبية اطلقت على نفسها جماعة الزبانية في الوقت نفسه الي برزت فيه فرقة الزبانية الفنية ، وضمت تلك الجماعة التي اتخذت من مجلة (الوادي) لسانا لها عدد من الادباء والصحفيين امثال خالد الدرة وحافظ جميل وعباس بغدادي وسواهم .

في أمانة بغداد :-
بقي فخري الزبيدي موظفا في امانة العاصمة الى تقاعده في اوائل الثمانينيات . وفي اثناء عمله هذا عمل على تاسيس المتحف البغدادي عام 1970 على عهد امين العاصمة اسماعيل محمد ، وتنفيذ مشروع( البانوراما) في منطقة المدائن ويمثل تاريخ الفتح الاسلامي للعراق ، والاشراف على تطوير متنزه الزوراء ، وتماثيل المشاهير في ساحات بغداد وحدائقها .يقول : لقد فكرت بانه لابد ان تزين ساحات بغداد بلد الشعر والجمال تماثيل تحكي تاريخها واعلامها ، وقررت ان ابدأ بأهم رموز الشعر حينذاك ، فاعلنا عن مسابقة بأهم رموز الشعر ، الرصافي والزهاوي والكاظمي والكرخي ،وقد فاز الفنان اسماعيل فتاح الترك بثلاثة نماذج مقدمة ، اثار ذلك مشكلة كبيرة الا انه تقرر انشاء تمثالي الرصافي والكاظمي ولم ينفذ تمثالي الزهاوي والكرخي الى اليوم .

الوجه التلفزيوني :-
بعد ثورة تموز 1958 قررت امانة العاصمة ان تنشىء دائرة مختصة بالعلاقات والاعمال الصحفية ، وعين فخري الزبيدي مسؤولا عنها بدرجة ملاحظ ارشاد . فشارك لاول مرة في التلفزيون ممثلا عن امانة العاصمة في برنامج (اسبوع النظافة) الذي تشرف عليه وزارة الصحة ، ولم يدري الزبيدي ان هذا البرنامج فاتحة لنشاطه التلفزيوني الي اشتهر بين الناس ، اذ اعجب به بعض مسؤولي التلفزيون يومذاك ، فطلبوا منه تقديم بعض البرامج المنوعة ، فاقترح عليهم تقديم برنامج مسابقات ثقافية وترفيهية باسم ( صندوق السعادة ) ، وهكذا ظهر البرنامج الذي اخرجه فالح الصوفي الى الناس واشتهر كثيرا بين مختلف طبقات الشعب العراقي ولم ينافسه أي من برامج التلفزيون الاخرى . استمر صندوق السعادة الى احتجابه عام 1963 ويذكر الزبيدي انه تقاضى اول اجر عن البرنامج وكان خمسة دنانير عن ثلاث ساعات هي فترة عرض البرنامج . وفي الاذاعة فقد دخلها عن طريق كتابة التمثيليات الاذاعية الساخرة والتوجيهية ثم البرنامج الترفيهي عن القوات المسلحة الذي كان يقدم صباح كل يوم جمعة ويتقاضى عنه دينارا ونصف !!

وفي عام 1970 ، اتفقت دائرة الاذاعة والتلفزيون مع فخري الزبيدي على احياء برنامج (صندوق السعادة) ، باسم جديد هو (شايف خير) ، فقدم واستقطب الكثير من المشاهدين لبراعة الزبيدي وسرعة البديهة لديه ... لكن البرنامج لم يعمر طويلا ، وكان اخر العهد بالزبيدي مع التلفزيون ولم يظهر الا بعد سنوات في لقاء معه .

مشاريع ثقافية وفنية :-
وبعد احالته الى التقاعد ، قرر الزبيدي انجاز ما كان يطمح اليه من مشاريع ثقافية ، ومنها الكتابات التاريخية عن بغداد ،وقد بدأ نشر بعض من هذا في مجلة (امانة العاصمة) في اواخر السبعينيات ، وهو مقدمته التاريخية عن الخدمات البلدية في بغداد منذ تاسيس الدوائر البلدية الى تطور امانة العاصمة . وقد ذكر انه بذل جهودا كبيرة في التحري والاستقصاء والبحث عما سماه (الضائع والمجهول) من تراث بغداد. وفي عام 1985 اخبرني ان كتابه الكبير عن بغداد هوموسوعة باخبارها ، واكد لي انه بدأ يوم 20 كانون الاول 1982 بجمع الوثائق والاخبار عن المراحل التي قطعتها امانة بغداد منذ تاسيسها في عهد الوالي مدحت باشا حته يومها هذا . وباشر بتقصي الحقائق والمعلومات عنها من الكتب التاريخية ومن الصحف والمجلات القديمة والحديثة والاضابير والملفات والتقارير الرسمية ، علاوة على ماسمعه من افواه المعمرين من ذكريات .

ومن وحي ذلك انجز كتابة عدد من المسرحيات التاريخية، منها المسرحية التي اخرجها الفنان مقداد مسلم (صايرة ودايرة في بغداد عام 1885) . وصدر له كتاب (هرون الرشيد ) والجزء الاول من كتابه (بغداد من سنة 1900 الى سنة 1934، الجامع من المفيد والظريف ) . في السنوات الاخيرة من حياته ، اصطلحت عليه الامراض المختلفة ، وكان يعاني كثيرا من الالام الحادة لامراض المفاصل . وكنت وانا التقي به عند مكتبة السيد نعيم الشطري في شارع المتنبي ، احرضه على انجاز كتابه الكبير عن بغداد وقال انه في سبعة اجزاء ( اين هي الان ؟) ، وان له كتابا عن الكلمات الدخيلة في اللهجة البغدادية ، وعمل درامي واسع عن الفنان الكبير ناظم الغزالي . وفي ربيع عام 1999 ، اتصل بي احد الاصدقاء ليعزيني بوفاة فخري الزبيدي . وكانت الفجيعة برحيله جسيمة في تلك الايام العجاف التي كنا بامس الحاجة الى بسمة وطرافة الزبيدي . فلنتذكر فخري الزبيدي ، ونسعى لاحياء ذكره !! .
مقالة من تأليف: رفعت عبد الرزاق محمد .
جمع واعداد: خالد عوسي

السبت، 16 مايو 2020

كشف اللثام عن مقتل عبد السلام


 

 .
الصورة : من ضمن ألبوم صور أهدي إلي شخصيا من قبل المحامي (صباح محمد عارف) شقيق الرئيس (عبد السلام عارف) . الرئيس عبد السلام على متن طائرة بتاريخ
22 آب 1963 .
تنفي (وفاء عبد السلام عارف) مسؤولية والدها في اغتيال عبد الكريم قاسم وقالت ان محكمة عسكرية اجتمعت في قاعة الشعب واتخذت قرارها بالاعدام، ولم يكن والدي عضوا فيها.
وهي تتذكر قاسم جيدا، فقد كان صديق والدها قبل ان ي
ختلفا، وكان يزورهم في منزلهم، وكانت بحكم طفولتها تراه عن قرب وتداعبه وتتحدث معه.
قبل ثورة الرابع عشر من تموز/يوليو عام 1958 حضر الملك فيصل الثاني وعبد الاله ونوري السعيد الذي كان رئيسا للوزراء الى منزلنا في بلدة جلولاء في محافظة ديالى، يومها فرحت جدا انني ارى الملك فيصل وجها لوجه في منزلنا، وعلمت من والدي الذي كان برتبة رائد وقتها انهم جاؤوا يعرضون عليه تسلم وزارة الدفاع، لكنه رفض ذلك واعتذر لضيوفه الذين ربما احسوا بتحركات الضباط الاحرار وتوجهاتهم وجاءوا لتقويض العملية.
وتتذكر وفاء ان نور الدين محمود الكردي الذي كان رئيسا لوزراء العراق قد انقذ والدها ورفاقه من حكم الاعدام، فقد كان هؤلاء الضباط ومن بينهم عبد الكريم قاسم يجتمعون في بيتنا مساء كل اربعاء، ولم يكن والدي يسمح لنا بالاقتراب من مكان الاجتماع او سماع ما يدور فيه.
"قد لا أعود ثانية" هي آخر الكلمات التي قالها الرئيس عبد السلام عارف لعائلته قبل ان يغادر الى مدينة البصرة في احد ايام نيسان/ابريل عام 1966، "وقد حذرناه" تقول وفاء "وحذره عدد من اصدقائه من هذه الرحلة، لكنه صمم على زيارة البصرة، وفعلا صدق حدسه فعاد جثة هامدة بعد ان سقطت طائرته". يومها قالت الرواية الرسمية ان عاصفة جوية تسببت في سقوط الطائرة، لكن وفاء تؤكد ان قنبلة انفجرت بطائرة الرئيس واسقطتها، وان والدها سقط على الارض، وكان ما يزال حيا، لكن أحدا لم يتقدم لاسعافه، ثم تتساءل لماذا تتسبب العاصفة الجوية باسقاط طائرة الرئيس وتستثني ثلاث طائرات حماية كانت ترافقه، هناك مؤامرة ذهب عبد السلام عارف ضحيتها، من اطراف محلية
واقليمية ودولية. خالد عوسي الأعظمي .

الاثنين، 4 مايو 2020

الشيوعية في زمن السعيد




في إحدى زياراتي لعبد القادر إسماعيل البستاني، عم زوجتي، بتول أم حيدر، في سجن مدينة الحلَّة، بعد نقله إليه من سجن نقرة السلمان السيء الصيت، صيف سنة 1967م الذي أمضيته وزوجتي بتول في منزل أخي الكبير عبد المنعم، مفتش البريد في الحلّة، حدّثني عبد القادر إسماعيل عن سجنٍ آخر زُجَّ فيه ببغداد قبل مدة طويلة ( سنة 1949) عندما كان نوري باشا السعيد (1988 ـ 1958) رئيساً للوزارة العراقية.
قال إنه كان نائماً في زنزانته بعد منتصف الليل، عندما سمع وقعَ أقدامٍ تقترب من زنزانته. فظنَّ أول الأمر أنهم سيقودونه للإعدام، خاصَّة أنهم أعدموا زميله السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الملقب بفهد (يوسف سلمان يوسف) قبل أسبوعين أو ثلاثة. ولكنَّه فوجئ بفتح باب الزنزانة ووقوف نوري السعيد، رئيس وزراء العراق آنذاك، عند بابها، في حين ظلّ مرافقوه بعيداً عنه بعض الشيء. فبقي عبد القادر إسماعيل ممدَّداً على فراشه دون أن يقف احتراماً لنوري السعيد.
قال نوري السعيد مخاطباً عبد القادر إسماعيل الذي كان أخوه خليل إسماعيل وزيراً للمالية في حكومة نوري السعيد نفسه آنذاك:
ـ قدوري [ وهو تصغير لاسم عبد القادر، للتحبيب]، كنتُ في فراشي ولم يواتِني النوم، فقد كنتُ أفكِّر فيك وفي رفاقك. وقلتُ في نفسي: إنهم من الشباب المخلصين بلا شكّ، وإنهم يرومون تقدُّم العراق ورفعته، فلماذا نزجٌّ بهم في السجن، ولماذا لا نشركهم في الحكم من أجل أن يستغلّوا طاقاتهم الفكرية في الإصلاح والتنمية.
أجابه عبد القادر إسماعيل:
ـ أبو صباح، نحن لسنا إصلاحيِّين. نحن ثوريّون. [ أبو صباح هي كنية نوري السعيد، لأن اسم أكبر أولاده هو صباح الذي قُتِلَ معه في انقلاب 14 تموز/ يوليوز 1958، ويستعمل العراقيّون الكنية في مخاطبة الشخص للتعبير عن المودة تجاهه].
قال نوري السعيد:
ـ يعني أنكم تخطِّطون لثورةٍ، وإذا نجحتْ فإنكم ستقتلوننا.
أجاب عبد القادر إسماعيل:
ـ ممكن.
قال نوري السعيد:
ـ إذن من حقِّنا أن نقتلكم قبل أن تقتلونا.
أجاب عبد القادر إسماعيل:
ـ ممكن.
قال نوري السعيد:
ـ أنا لا أريد قتلكم، وأكره أن تبقوا في السجن، وأنتم لا تريدون المشاركة في بناء العراق. إذن، اخرجوا من العراق.
وهكذا تمَّ إسقاط الجنسية العراقية عن عبد القادر إسماعيل وعددٍ من قادة الحزب الشيوعي العراقي الآخرين، وتمَّ نفيهم إلى سوريا حيث استضافهم خالد بكداش (1912 ـ 1995) زعيم الحزب الشيوعي السوري آنذاك

(من كتاب طرائف الذكريات عن كبار الشخصيات للدكتورعلي القاسمي)

 إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الثلاثاء، 14 أبريل 2020

أول مشجع للحركة الرياضية في الأعظمية .

أول مشجع للحركة الرياضية في الأعظمية .
الصورة : إعلان حالة الطواريء والتأهب القصوى في العراق إثر مصرع الرئيس (عبد السلام عارف) في حادث طائرة مروحية بعد غروب يوم 13 نيسان 1966م مما أدى الى إغلاق الحدود العراقية مع دول الجوار ، وبهذا الإغلاق منعت قوافل الحجيج من دخول العراق وبقائهم على الحدود الأردنية ومنها قافلة الشيخ (شاكر البدري) إمام وخطيب (جامع لإمام الأعظم) وكان البدري قد أقنع الرياضي عوسي الأعظمي بالمجيء معه مجانا بصفة حمدار ، وافق عوسي على العرض شريطة إصطحاب تلميذه ورفيق دربه المصارع (خلدون عبدي) بصفة حمدار ثاني ومجانا أيضا . وافق البدري على شرط عوسي ومضت القافلة بسلام . إلتقطت الصورة صبيحة 14/4 (الحاج عوسي الأعظمي على الحدود الأردنية العراقية) .
المقال : يقول الشيخ المؤرخ (هاشم لأعظمي) إمام (جامع أبو حنيفة) وخطيب (جامع الشيخ عبد القادر الگيلاني) في كتابه الموسوم (جامع الإمام الأعظم ومساجد الأعظميةج2) (مطبعة العاني 1965) ص291 . والأعظمية أنجبت علماء كانوا بدورا في سماء العلم وشعراء وأدباء ووزراء ورجالا عسكريين ومدنيين إشتهروا بالنزاهة والعفة والإستقامة وأبطالا رياضيين ، إذ إن حركة الرياضة ظهرت فيها منذ ثلاثين سنة تقريبا وكان أول مشجع لها (الحاج عوسي الأعظمي) المصارع المعروف ، و(عبد العزيز حمودي الشلال) (وهو إبن عم السادة العميد عبد الكريم وعبد اللطيف جهاد وإبن أخ السيد صالح الشلال) وهذان الرياضيان المصارعان دربا كثيرا من شباب الأعظمية في نواد أنشأت خصيصا لذلك وعلى نهر دجلة في فصل الصيف حتى نشأ فيهم شباب كان لهم السبق في ميدان الرياضة العربي والعالمي ، نالوا عدة أوسمة عربية وعالمية في المصارعة والسباحة ، ومنهم السباح السيد (ناجي شاكر) والمصارع (رحومي الشيخ جاسم) والمصارع (قاسم السيد) و(عبد الفتاح الحاج محمد) ولا تزال الحركة الرياضية تزداد نموا في نفوس بعض الشباب كما أنشأت فيها عدة مدن بسبب إتساعها وتقدم العمران فيها ومنها مدينة الشعب وجميلة والقاهرة ولها عشرات المحلات ا.ھ . ومن الجدير بالذكر ان اشهر مصارعي بغداد من الابطال الرواد (الحاج محمد بن اسطة ابريسم) مختار (محلة خان لاوند) الاسبق ، و(السيد ابراهيم ابي يوسف) سادن (جامع الامام ابو يوسف) في (الكاظمية) ، و(الحاج غني القرة غولي) ، و(الحاج عباس صندقجي) ، و(الحاج حسن كرد) و(اسماعيل ابراهيم الدروبي) و(الحاج عباس الديك) و(مهدي زنو) و(مجيد لولو) و(عبد الجليل عوني) و(صبري الخطاط) و(موسى ابو طبرة) و(ناجي زين الدين المصرف) و(زكي كاظم حمادي) و(محمود الخشالي الخياط) و(عوسي الاعظمي) ، وغيرهم كثير . كانوا الرواد الاوائل في الحفاظ على تراث فن المصارعة وادب الرياضة الشعبية.. ا.ھ . من كتاب (بغداد مدينة السلام منذ تأسيسها حتى الوقت الحاضر) للدكتور (حسين امين) . إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

السبت، 29 فبراير 2020

تاريخ السباحة العراقية


 .
الصورة : السباح (عوسي الأعظمي) مع تلامذته على ضفاف نهر دجلة عام 1935م .
المقال : ((وفي ميدان السباحة كانت وزارة المعارف اوائل الثلاثينات تهتم بتعليم تلاميذ المدارس رياضة السباحة بتحديد مناطق خاصة على شواطئ دجلة والفرات .. اذ لم يكن في العراق الا بضعة مسابح .. ! وتاسس اتحاد السباحة العراقي في عام 1954 وكان جزءا من اتحاد العاب القوى ثم اصبح قائما بذاته في عام 1958 ! اهتم اتحاد السباحة منذ تاسيسه بتطوير سباحة المسافات الطويلة وعمل في الاتحاد مطلع تاسيسه صادق الصفار وعزيز الحجية ومهدي رشيد واسماعيل حمودي وغيرهم .. وتم تبني نشاطات السباحة بمبادرات فردية من عوسي الاعظمي وعطا وفتاح الاعظمي وعباس غانم الدباغ وسعدي الدوري وغيرهم ! وكانت السباقات في بغداد تشمل قطع المسافة في نهر دجلة بين منطقة الفحامة قرب الراشدية وحتى الباب الشرقي واشتهر عدد من السباحين في تلك المسافات مثل ناجي شاكر وعلاء الدين النواب وعبد الامير حنا وحمدان ابو حظية وصادق محمد صالح وجعفر محمد صالح وبدري عبد الوهاب واشقاؤه .. ورسمي عبد الحسين وحسام محمد سعيد وغيرهم ! وقد انطلق السباحون العراقيون الى الميدان الدولي .. فشاركوا في سباقات صيدا-بيروت واحرز علاء الدين النواب المركز الاول عام 1956 بعد ان سبح فترة تزيد على 23 ساعة في مياه البحر المتوسط !! وبعد عام احرز النواب بطولة العالم للهواة في سباق كابري-نابولي بايطاليا بصحبة مرافقه عزيز الحجية .. ثم قام النواب بمحاولته الجريئة لعبور بحر المانش ليصبح اول سباح عراقي يعبر القنال الانكليزي! وفي عام 1959 فاز رسمي عبد الحسين بالمركز الثاني بسباق كابري-نابولي .. كما احرز بدري عبد الوهاب المركز الثالث في السباق ذاته ...وحقق صادق محمد صالح وعبد عباس وناجي شاكر نتائج متقدمة ! وعن فوز النواب كتبت صحيفة البلاد على لسان الصحفي الراحل شاكر اسماعيل : سمكة دجلة التي قهرت تماسيح البحر !! اما على صعيد السباحة الاولمبية فقد احتضنت اندية : العلوية والنعمان والاعظمية وقريش و الهواة والشباب فرقا للسباحة .. ففي نادي الهواة برز السباحون سعد وامير زارة وناصر ومنصور السعدون وباسل جزمي والاخوة هاشم وباسل وعادل عبد المهدي ووائل كبة ومطر مجيد وعادل وهاشم حمام .. كما برز مع نادي الشباب السباحون صفاء احمد وعبد الاله محمد وفياض عبد الله وضياء المنشئ وصبري زلال ومحمد خطاب وغيرهم ... وبرز مع نادي المنصور كل من ارسلان وشكيب عبد الوهاب وعوني ابراهيم وشهاب احمد... اضافة الى بدري محمد صالح وبدري عبد الوهاب وجليل صيهود وادام داود ورحيم عاصي وعبد عباس مع الجيش ! )) . مقتبس من كتاب الدكتور ضياء المنشئ صفحات من تاريخ العراق الاولمبي .. الصادر في بغداد عام 1987 . خالد عوسي الأعظمي .

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...