الخميس، 29 سبتمبر 2016

عوسي الاعظمي أو جاسم محمد طه 70 سنة رياضة و تدريب - الجزء الأول .



المقال : عوسي الاعظمي أو جاسم محمد طه 70 سنة رياضة و تدريب . ج1 .
الصورة : (عوسي الأعظمي) عام 1981م . بعدسة المصور (زهير كاكا) .
رغم أنه بلغ السبعين من عمره ، أو ربما تجاوز هذه السن ، إلا أنه إعتاد النهوض مبكراً كل يوم ، ليؤدي تمارينه الرياضية الصباحية ، ساعة كاملة . أما في الصيف ، فيضيف اليها سباحة 100م ، و يبتسم عوسي قائلاً : قبل أن تسألوا أجيبكم ، لم أتعب ، و أعتقد ، أن السر يعود ، الى أنني ، لم أدخن أو أشرب الخمرة في حياتي . و عوسي الأعظمي بطل الزورخانة ، و المصارع المخضرم ، ولد عام 1913م . و يقول عن إسمه : إنه مجرد كناية أطلقتها عليَّ جدتي ، حينما أوشكتُ على الموت في طفولتي ، و قد نجوتُ بأعجوبة ، أما إسمي الحقيقي ، فهو (جاسم محمد طه) و لكن من يعرفه بهذا الإسم ؟ حتى أبناءه لا يُعرفون في المنطقة و المدرسة و العمل ، إلا بابناء عوسي ، و هذا ما ينسحب على الأبطال العالميين الذين تصارع معهم ، و أشهرهم (الهرگريمر) حيث يسمونه (مستر واسي) ضعف ذاكرة عوسي ، لم تمنعه من إستذكار الأحداث ، و لعله يتذكر القديمة منها ، أكثر من الحديثة ، فيقول عن صورة ثبت عليها أنها أُلتقطت عام 1936م ، إنها قبل حوالي عشرة أعوام !. بدأ لهفته نحو الرياضة ، مذ كان عمره ثمانية أعوام ، حيث علَّمه أبوه السباحة ، أثناء فراغه من عمله كبائع حطب ، ثم أخذ يخرج مع أقرانه الى الشط القريب من محلة سكناه (الاعظمية) للسباحة و اللعب ، و هناك يتحلَّقون حول زورخانات الشط ، التي تُخَطَّطْ على الرمل في الجَزْرات ، و يرقبون المتصارعين في ألعابهم و حركاتهم الرياضية ، ثم في تصارعهم على إيقاعات و غناء بغدادي شجي . يقول الحاج عوسي : ولَّدت هذه الصور الجميلة ، رغبة كبيرة عندي ، و عند جميع أقراني ، بدأنا فعلاً ، نمارس أوليّات المصارعة ، على شاطيء النهر ، و نتلهَّف لسماع أخبار أبطال الزورخانات المعروفين آنذاك مثل (عباس الديك و حجي بريسم و أسطه غني و صبري الخطاط) و لما كانت زورخانات الشط ، ملاعب موسمية ترتبط بفصل الصيف ، علاوة على أنها ، غير نظامية ، فهناك قواعد و أصول و مواصفات للزورخانة ، أخذنا نتساءل عن أماكن تواجد الزورخانات ، و عثرنا على واحدة قريبة منها حيث عبرنا (الجسر الخشبي) الذي يربط (الأعظمية بالكاظمية) و إتجهنا الى (خان كعبوري) لندهش بزورخانة (فاضل التميمي) و كانت دائرة محفورة بعمق متر تحت الارض ، تحيطها كراسي و تخوت للمتفرجين ، و مقابل (10فلوس) يسمح لنا بالدخول في القاعة ، مع الحصول على قطعة حلوى (لُقُمْ) و بدأ أمامنا الصراع البطولي ، و كنا ننتصر لهذا ، و نُصَفِّق لذاك ، إنها صور مشجِّعة و ذكريات بديعة ، بعدها أخذنا نتردد على زورخانات بغداد ، و تعلَّمت المصارعة على يد بعض الأبطال ، مثل عباس الديك و (مجيد ليلو) حيث أخذتُ أُدَلِّكْ لبعضهم و أتعلم المسْكات و الأصول في المواجهة مع البعض الآخر ، و أخذ إسمي يتردد في الثلاثينات ضمن زورخانات بغداد و التي توزعت في محلة (الدهّانة) التي يملكها المصارع عباس الديك و في (الصالحية/نفس مكان الاذاعة والتلفزيون حالياً) و كان يملكها المصارع (محمد الخيّاط) و زورخانة (جامع المصلوب) و زورخانة خان كعبوري . و تعتبر لعبة عباس الديك مع الهرگريمر - المصارع الالماني المعروف ، أشهر لعبة شهدتها بغداد ، حيث جرت على ساحة (المتوسطة الغربية) و بحضور حشد كبير من المتفرجين ، و كنت وقتها أُدَلِّكْ لكلا المتصارعَيْن ، فما إن تمكَّن عباس الديك من الوثوب على گريمر ، حتى أخذت الجموع ، تهتف ، و تطلق الرصاص ، و خرجَت في حينها ، تظاهرة كبيرة . مقال من تأليف جميل الطائي/المدى . 


الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

لا تَهشّوا الذباب .



المقال : لا تَهشّوا الذباب .
الصورة : ( نوري سعيد ) لا يَهش ( الذبابة ) التي فوق حاجبه .
روى لنا الكاتب (سعد محسن خليل) بأن الباشا نوري سعيد ، رئيس وزراء العراق ، كان في جلسة جمعته مع وزرائه و نوّابه ، يتكلم لهم عن حالات الفساد التي شمَّ رائحتها في بعض مفاصل الحكومة ، و عن المسؤولين عنها ، حيث ذكر لهم حكاية قديمة طريفة ، سمعها من والده ، و مفادها . خرج والدي ذات يوم من الجامع ، بعد أن أدى (صلاة الظهر) فوجد رجلاً مسكيناً شحاذاً ، و على عيناه أسراب راكدة من الذباب ، تَمُصُّ بالتَقَيُّح الموجود على جفْنَيْهْ ، تألَّم والدي من منظر ذلك الرجل المسكين ، فتقدم منه و هشَّ بيده لإزاحة الذباب "الموكِّر" على عيناه ، و بعد أن طار الذباب ، صرخ الشحاذ بوجه والدي معترضاً على ذلك ، حيث قال لوالدي " الله لا يعطيك العافية ، لماذا أزحت الذباب عن عيوني" ؟! . إستغرب والدي من ذلك ، و أجابه " أنا خلَّصْتك من الذباب الذي يأكل عينيك و يلوثها و يخربها ." فأجاب المسكين الشحاذ قائلا " إن الذباب القديم الذي طار عن عيني كان قد شبع من مصِّ القيح في عيوني ، و أصبح ضرره و تأثيره محدوداً لا يؤذيني ، و لكن الآن سيأتي ذباب جديد و يقوم من البداية بعملية مَصْ جديدة ، ستكون قوية و ستؤذيني و تؤلمني" . قرأ الباشا هذه الحكاية ، و تأمَّلها ، و أدرك حكمتها و مقاصدها ، و على ضوئها وصف الباشا الوزراء و المسؤولين الفاسدين بالذباب ، الذي كان يعشِّشْ على عيون الرجل الشحّاذ "بطل حكايتنا" . و أشار الى مكافحته و التصدي له ، و إلا فأن الفاسد الجديد سيكون أكثر ضرراً من الفاسد القديم الذي شبع من فساده ، و تتحمل الحكومة مسؤولية عدم كشف و تخليص الناس من ضرره و شره ( إ . هـ ) . [ كانت للباشا فلسفة في حكم العراق ، و أهل العراق . و قد سُئِل يوماً عن الطريقة المثلى في حكم العراق فقال :- " يجب أن تُشعرهم بقوتك ، فهم لايحترمون الضعيف ، و لو كان حكيماً ، ثم تعمل مخلصاً للتعرف على مطالبهم الحقة ، فتبادر الى تحقيق النافع منها ".

 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

حفاة على جسر الذهب



المقال : حفاةٌ على جسر الذهب .

الصورة : المليونيرة المعَمِرَة (هيوغيت كلارك) في شبابها .


كاد العثور على جثة مشرّد مجمدة تحت أحد الجسور ، تمر مرور الكرام ، لو لم تكشف التحقيقات ، أن الميت ، سليل أسرة من أباطرة التعدين ، و وريث ، ثروة هائلة ، لم يكن يعرف بها . الحدث تناولته عناوين الصحف الأمريكية (متشرد يرث 19 مليون دولار ويموت قبل تسلمها)(وفاة مشرد قبل تحوله إلى ثري)(مشرد عاش فقيراً و مات متجمداً من البرد ، و هو لا يعلم أنه مليونير) . فعندما توفيت المليونيرة الأمريكية ، غريبةالأطوار (هيوغيت كلارك) خلَّفت وراءها ثروة قدرت ، بنحو 307 مليون دولار على الأقل ، و كان ضمن ورثتها قريب مفقود لها ، يدعى (تيموثي غراي) أوصت بأن يرث نحو %7 من أموالها ، لكن المشكلة كانت في العثور عليه . إن تيموثي هنري غراي (60 سنة) عاش مشرداً ، و عثر عليه الأطفال ، ميتاً على الثلج ، قرب إحدى سكك الحديد في ولاية (وايومينغ) الأمريكية . وتبين أن سبب الوفاة هو انخفاض درجة حرارة جسمه . إن الأميركية (هوغيت كلارك) وريثة (وليام أندروز كلارك) الرجل الذي أعتبر (ثاني أكبر أثرياء أميركا) تركت وصية حرمت بموجبها كل أقاربها من ثروتها ، مما إضطر عائلتها ، للطعن بالوصية . ما أثار ضجة إعلامية كبيرة ، فقد كانت تكره الأقارب و الغرباء ، و تعتقد أن لا أحد يتقرب منها ، إلا من أجل أموالها . و تزوجت كلارك مرة واحدة و من ثم إنفصلت ، من دون أن ترزق بأولاد . و تخلت كلارك عن قصورها وأموالها الكثيرة ، و إختارت العيش في عزلة ، عبارة عن غرفة  في أحدى مستشفيات نيويورك ، طوال 20 عاماً ، قبل وفاتها في مايو 2011م ، عن عمر 104 أعوام. 

                      ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

العازف ( أينشتاين) حساب ضعيف وأداء نظيف



المقال : العازف ( آينشتاين ) حسابٌ ضعيف و أداءٌ نظيف .
عُرف عن العالِم الفذ البرت آينشتاين 1879- 1955 وَلَعَه بالموسيقى وهوايته العزف على الكمان، وهناك الكثير من القصص والنوادر التي تتحدث عن هذا الجانب في حياته، وفيها قدر كبير من التناقض حول مستوى إدائه على الكمان. بدأ آينشتاين تعلم الكمان وهو في السادسة من عمره ، بتأثير أمه ، وكانت عازفة بيانو جيدة، لكنه لم يستمتع كطفل بالعزف على الكمان إلا في سن الثالثة عشرة، عندما "اكتشف" سوناتات الكمان لموتسارت فأحبها، وأخذ يتعلم العزف بشكل أفضل. مع ذلك لم يكن يتمرن بانتظام، وهو شرط أساسي لتعلم العزف بشكل جيد. بعد ذلك رافقه كمانه على الدوام، وكان يشارك في عزف موسيقى الصالة مع الأصدقاء غالباً، لكنه عزف كذلك في مناسبات عامة، منها حفل تكريمه في طوكيو باليابان سنة 1922 عندما قدم سوناتا بيتهوفن المسماة كرويتسر، وهي ليست من الأعمال التي يعزفها الهواة. وكان يعزف في الحفلات الموسيقية التي تقام لاغراض خيرية . وكان آينشتاين مغرما بشكل خاص بموسيقى موزارت وباخ . ومن النوادر التي تروى عنه ، أنه عزف سوناتا لموتسارت ذات مرة مع عازف البيانو النمساوي الشهير آرتور شنابل 1881-1952، عندما أخطأ آينشتاين مرة في الدخول في الوقت المطلوب بالعزف، قال له شنابل: "ألفريد، أنت ضعيف بالحساب!". من جانب آخر، قالت عنه عازفة الكمان ليلي بتشيكوف بعدما عزفا سوية في بيتها في هوليوود سنة 1930 أعمال باخ وموتسارت وشومان أن أدائه كان نظيفاً ولم تصعب عليه حتى أكثر فوغات باخ دقة. كتب عنه ناقد موسيقي بعد سماعه عزف آينشتاين في برلين، أنه "يعزف بشكل ممتاز. مع ذلك لا أفهم شهرته الواسعة في العالم. فهناك الكثير من عازفي الكمان الذين يعزفون مثله دون أن يشتهروا" لربما كان هذا الناقد هو الوحيد في برلين، الذي لم يسمع بالنظرية النسبية يومها. واصل آينشتاين العزف حتى توقف كفه الايمن عن الحركة بالسرعة والدقة المطلوبتين عندما شاخ . كما كان يستخدم الموسيقى كوسيلة للاسترخاء طيلة حياته..

 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...