الخميس، 25 أغسطس 2016

نكهة الأعظمية في المقام العراقي



المقال : نكهة الأعظمية في المقام العراقي .
الصورة : الموسيقار ( طالب القرن غولي ) مع المطرب ( محمد الشامي ) .

الرابط : أغنية محمد الشامي (يفر بيه) http://youtu.be/LC7IKnPSjvY
كانت اغنية (يفر بيّه هوى المحبوب يا يمه) علامة فارقة له، وفي الغناء العراقي ومازالت ، حية وقريبة من الشفاه ، ويتردد صداها في الايام ، على الرغم من مرور عدة سنين على انطلاقتها بداية التسعينات لاول مرة . لكنه لم يتواصل بعدها وظهرت عنه شائعات كثيرة ، وطال غيابه . يقول المطرب (محمد الشامي) :- كنت خلال مدة الغياب متواصلا مع الفن واؤدي التمارين، وانني واثناء دخولي الى المعهد ذهبت وتعلمت (التجويد) على يد الشيخ (جلال الحنفي) الذي كان يدرسنا مادة (اللغة العربية) وبسببي دخلت (مادة التجويد) الى (معهد الدراسات النغمية) وكان من المفروض ان اغني (المقام العراقي) ولكن كانت عندي (لكنة نجفية) وكان لا بد ان تزول ، لكي استطيع غناء المقام ، وعندما درست التجويد زالت ، ثم حاولت ان احصل على (النكهة الاعظمية) فسافرت مع (الملا بدر الأعظمي) و (الملا سامي الاعظمي) وشاركت معهما في إحياء (الموالد) و (المناقب النبوية) بعد ان راحت اللكنة النجفية التي في صوتي ، وكان المطرب (حسين الاعظمي) بسبب هذه اللكنة يقول لي : (انك لا تصلح للمقام لان لكنة بغداد ليست بك) ولكنني تعلمت (اللهجة البغدادية) ونجحت فيها. لقد عشت حياتي السابقة كمهندس وكأنسان ناجح وواعي، ولكنني كنت احس ان الفن اذا ما فارقني لحظة احسني ميتا . لقد كنت امشي وراء الفنان (طالب القره غولي) من (وزارة الاعلام) الى (الاذاعة) فاستمتع بمشيته وكأنه يغني لي، كنت استمتع بايقاع مشيته، هذا اوصل الحس عندي بالآخرين، وبالضبط صرت ارى الحياة (ديجتال)، ارقام ، واستمتع على قدر ما يحمله ذلك الانسان من شعور صادق وابداع .
 . ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

الجمعة، 5 أغسطس 2016

مصارع على بساط الريح



المقال : مصارع على بساط الريح .

الصورة : (نادي الأعظمية الرياضي) الواقع في (شارع الشباب) . من اليمين ، بطل العراق ، المصارع (خالد دَدَوْ) ثم المصارع و المدرب العراقي الكبير (عبد الرزاق محمد صالح) و من بعده المصارع (هشام نورمان) ثم (خالد عوسي) و (عوسي الأعظمي) ثم المصارع و المدرب الكبير (حسين علي عبود) في عام 1971 م .

إحتوى (نادي الأعظمية) و (النادي الملكي - الأولمبي) على خيرة اللاعبين الذين أنجبهم العراق في المصارعة و الملاكمة و كرة السلة و كرة الطائرة و السباحة و غيرها من الألعاب الفردية و الجماعية . و كان من أبرزهم ، المصارع الدولي و المدرب العراقي الكبير (عبد الرزاق محمد صالح الدليمي) الذي تحدَّث عنه الأستاذ (سمير الشكرچي) قائلاً :- هو إبن الاعظمية الذي تخصص في خطف الذهب في الدورات الرياضية العربية !! ولد في منطقة (السفينة / الأعظمية) عام 1935م . هو بعض من جيل كتب إسمه بحروف من ذهب ، أمثال (أموري اسماعيل) و (إبراهيم طه) و (خلدون عبدي) و (صالح مهدي) و (صبيح كرادي) و (كريم رشيد) وغيرهم ، أشرف على تدريبه عام 1954 المدرب الألماني (الهر گريمر) ضمن تشكيلة المنتخب العراقي ، إضافة الى (رحومي جاسم) و (حسن عبد الوهاب) و (جلال شاكر) و (صالح مهدي بحر) و (لطيف شهاب) و (خالد أحمد) فاز ببطولة العراق للوزن الخفيف عام 1955 ، و التي بقي محتفظاً بها منذ ذلك التاريخ حتى إعتزاله ، فاز عام 1957 ببطولة وزنه وحمل (الميدالية الذهبية) في (الدورة الرياضية العربية الثانية) التي جرت في (بيروت) أسهم وزميله (رحومي جاسم) عام 1959 في تكوين فريق للمصارعة ، في سلك الشرطة ، وفي نفس العام شارك في (بطولة العالم) التي اقيمت في (طهران) و من نتائجه المتميزة تاريخياً ، تعادله مع المصارع العالمي الاذربيجاني (صاري أحمدوف) في النزال الذي جرى بتاريخ 7/5/1962 على (قاعة الشعب) في بغداد ، و في آذار عام 1963 كان ضمن الوفد العراقي الذي شارك في لقاءات (كرمنشاه) و حصل على (الوسام الفضي) في (بطولة العالم العسكرية) التي جرت عام 1963 في (القاهرة) و حصل على بطولة (الدورة الرياضية العربية الرابعة) التي جرت في (القاهرة) عام 1965وزيَّن الوسام الذهبي صدره ، في (دورة الكانيفو الآسيوية) عام 1966 و حصل على (الوسام البرونزي) فاز عام 1967 على البطل السوري (فيصل زهرة) في بغداد . إعتزل عام 1972 و إنتقل الى التدريب في فريق (نادي الشرطة) . يقول الأستاذ (مؤيد البدري) :- بعد عودة وفد المصارعة الذي شارك في بطولة آسيا للناشئين ضيَّفت مدرب الفريق (عبد الرزاق محمد صالح) و مجموعة من المصارعين في برنامج (الرياضة في إسبوع) و عندما شارف اللقاء على الإنتهاء حاول المدرب عبد الرزاق أن يتكلم ، لكنني و بسبب ضيق الوقت لم أسمح له بذلك ، و إنتقلت الى فقرة أخرى . بعد إنتهاء البرنامج ، سألت المدرب عبد الرزاق ، الذي كان يسكن محلتي السفينة نفسها ، و تربطنا علاقات وثيقة مذ كنا أطفالاً ، ما الشيء الذي أَرَدْتَ الكلام عنه ؟! فقال رحمه الله على بساطته : ( والله أستاذ ردت أقول صارلنا إسبوع من رجعنا ولا واحد كرَّمنا)! . كان البطل (عوسي الأعظمي) معجباً بالمصارع (عبد الرزاق) كثيراً ، حيث كان يقول :- من الصعب أن تطبق على (إرزوقي) مسْكة ، فهو كالطائر على بساط المصارعة . و كان يرى فيه الإخلاص و الحرص و المثابرة مع الأخلاق في التدريب . رافقه و أحبه ، و حزن على فراقه كثيراً . فقد أدركته المنيَّة ، حين صعق بالكهرباء أثناء عمله في مركز شباب الحرية ، بتاريخ 7/7/1977 م . رحم الله ذلك الطائر ، على ذلك البساط . 
. ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

ملك في الذاكرة


المقال : ملكٌ في الذاكرة .

لم يكن الملك فيصل الثاني ، كبقية من كان في عمره ، كان يرسم على وجهه إبتسامات حزينة . ولم يتكلم إلا إذا سُئِل ، ولم تعجبه الثرثرة أبداً . تعّلم ألا يكون لوحده أبداً ، فمنذ طفولته تعّود أن يحيطه الكبار ، وقد عرفت أن خالته الأميرة عابدية بدأت ترعاه بعد وفاة أمّه التي كانت له سندا ، وبموتها فقد الملك الطفل فيصل الثاني كل فرحة ، ولكنه كان إنساناً عجيباً في كظم حزنه . كان يعجبه إحتساء الشاي بالحليب ، ويعجبه إستقبال الشباب العراقي من الفتوة . ويرحب دوماً بجولات في شوارع بغداد ، إذ كان يرغب أن يكون في سيارة مكشوفة ، ليحي شعبه الذي يصفق له كلما يراه . كان يعشق الصور الفوتوغرافية ، ومراقبة الأفلام السينمائية . كان يحب الرسم ، وبدأت هوايته منذ سن مبكرة ، كان يتكلم مع مربيته ومعلمته بالانكليزية ، التي نجحت في غرس جُمل كثيرة من التعابير والمصطلحات النادرة والثمينة في ذهنيته ، وعلمته كيفية النطق بها منذ صغره حتى يمكنه في المستقبل أن يتميز بها على ملوك الأرض وزعمائها . ولكن القدر لم يمهله لينتفع العراق بمثل هذا الملك ، الذي يبدو أنه لم يخلق للعراق أبداً !
المصدر: (من مذكرات روزاليند راميريس 1912 - 1999م) .

أيام السباحة في نهر دجلة


الصورة : من اليسار ، كاتب المقال (وسام الشالچي) مع خاله (سعد) منتصف السبعينات .

زمان .. في النصف الاول من عقد السبعينات كانت لدينا فعالية انا وخالي (سعد) هي السباحة عصرا بنهر دجلة . لقد كان بيتنا (قرب ساحة عنتر ، بالاعظمية) ليس بعيدا عن المنطقة التي كنا نسبح فيها قرب (كورنيش الاعظمية) لكننا لم نكن نذهب وحدنا بل كنا طيلة أيام الصيف على موعد يومي مع زوج عمتي الاستاذ (ابراهيم الشالچي) ، حيث كان يأتينا عصرا بحدود الساعة الخامسة بصحبة ولده (قصي) رحمه الله ، وربما يصحبه ايضا أحد اصدقائه . 
كنا نسمع صوت رنّة هورن سيارته وهو بباب البيت فنخرج اليه مسرعين لنركب معه ثم نتوجه الى المنطقة المحصورة حاليا بين (جسر 14 رمضان) والذي لم يكن موجودا في وقتها و (ساحة الدلال) والتي كانت منطقة مكشوفة في حينها وفيها جرف طويل صالح للسباحة يستغله اغلب اهالي الاعظمية لممارسة هذه الهواية . وعلى مدى ساعتين او اكثر كنا نتمتع بالسباحة في النهر حيث كان الماء صافيا ونقيا كالزلال وارض الجرف زاخرة بالرمال النظيفة التي تتوهج حين تسقط عليها اشعة الشمس لتبدو وكأنها رمال من ذهب . كنا كثيرا ما نعبر الشط لنصل الى (منطقة السايلو) في المنطقة المقابلة (بالكرخ) حيث يستقبلنا السباحون في الجهة المقابلة بالتحية والترحاب , وحتى اتذكر ، كيف كنا نعبر الشط مرتين في اليوم الواحد ، أحياناً . كانت اجمل اللحظات برحلتنا اليومية هي حين نتوسط النهر حيث نشعر بسرعة تيار الماء القادم من الشمال من مناطق (الكاظمية) و (الگريعات) والمتجه جنوبا حيث (جسر الصرافية) ثم وسط (بغداد) كان عمّو ابراهيم يغط بالنهر في تلك اللحظات ثم يخرج رأسه وينتصب في وسط النهر وهو يصيح باعلى صوته (نحمد الله على هذه النعم) من شدة الشعور بالانتعاش والسعادة والتي كنت انا ايضا أحسها بقوة مثله . كثيرا ما كنت اشعر بالاسماك وهي ترتطم بأرجلي الغاطسة بالماء , لكني كنت لا اخاف من هذا بل اخاف فقط من (السويرة) التي كان يحذرنا منها السباحون ويقولون بأنها تغرق امهر سباح . لذلك كنا لا ننسى بان نأخذ معنا (چوب) خلال سباحتنا للإحتياط وللطواريء . اذكر جيدا في احدى المرات حين وصلنا الى (منطقة السايلو) حيث الارض صخرية خرجنا قليلا لنستريح فاخترقت قطعة زجاج محشورة بين الصخور رجل خالي سعد فاخذ ينزف منها بغزارة . سارع احد الأخوة من الجهة المقابلة فجلب قطعة قماش كبيرة لف بها الجرح فتوقف النزف , ثم تطوع احد الكرخيين يملك زورق بان ينقله بزورقه الى الجهة المقابلة . عدنا نحن الى الجرف المقابل سباحة حيث سارع زوج عمتي الى اعادتنا للبيت حيث قمنا باسعافه . كانت حياة جميلة للغاية لا نشعر ابدا فيها بالخطر او الخوف من شيء , وكان الناس يعيشون متآخين لا يستغرب أحدا من أحد , وليس هناك مشاعر كره او احاسيس طائفية في نفوس الناس بل احاسيس الحب والعطف تملأ الوجدان والقلوب . لقد كانت فعلا ايام رائعة مملوءة (بالنِعم) كما كان يقول عنها زوج عمتي , الرحمة عليه وعلى تلك الايام التي ذهبت وما اظن ان لها من عودة ..
.(منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي ) . .

الخميس، 4 أغسطس 2016

العندليب الأسمر في بغداد





المقال : العندليب الأسمر في بغداد .

الصورة : الرئيس العراقي (عبد السلام عارف) في القصر الجمهوري ، يستقبل الفنان (عبد الحليم حافظ) لدى زيارته الثانية الى العراق عام 1965م . 


في ذلك الصباح الندي الرائق ؟ من ذلك الصيف البديع ! ، دعت الصحف العراقية ، جماهيرها ، الى حضور حفلة ساهرة كبرى ، في الثامنة ، من مساء نفس اليوم . يحييها ساحر ذلك الزمان (العندليب الأسمر ، عبدالحليم حافظ) أفضل من ذوَّب قلوب العذارى ، بل ، و العانسات أيضاً !! , و كانت الصحف ، تحمل البشرى التي لم تتهيأ من قبل ! . فقد نُشِرَ الخبر في أغلب الصحف ، بمكان بارز مع صورة (صاحب الصوت الدافيء ، حتى في برد كانون) ليس لي بالطبع . ولكن لجميلات وشباب العرب ! . و لقد كان من المفرح حقاً ، أن سعر التذكرة لايتجاوز سعر أكلة ( باچة) أو (كباب) عراقي ! . فقد جاء عبد الحليم حافظ ، للمرة الأولى ، مع وفد الفنانين العرب ، لإقامة حفلتين في بغداد ، ليومي (الثلاثاء 9 و الخميس 11 يونيو حزيران 1964م) على مسرح سينما النصر ، بدعوة من إذاعة فلسطين ، لدعم صندوق فلسطين ، و كان معه نجوم الفن العربي ، و الذين وصلوا بغداد يوم 8 حزيران ، فيما حضر العندليب ، فجر اليوم التالي (يوم الحفل الساعة 5,30 صباحاً) قادماً من الأردن . بعد أن ساهم في إحياء حفل زفاف إبن شقيق نهلة القدسي (زوجة محمد عبد الوهاب) بالإضافة لحفلي (5 - 6 يونيو) في عمّان . كان مقر إقامة الضيف الفنان عبدالحليم حافظ ، في فندق بغداد الدولي ، مقابل دار سينما النصر تقريباً ، في شارع السعدون ، أهم شوارع بغداد في ذاك الوقت ، الذي إكتظ بالفتيات والنسوة المعجبات ، فقد شهد الشارع تظاهرات نسوية ضخمة طيلة مكوث العندليب في بغداد ، و كذلك المعجبين من الرجال ، الذين جاؤوا لمشاهدته وجهاً لوجه ، حتى وصل الأمر ، لغلق الشارع عدة مرات ، بسبب الإزدحام الكثيف ، الذي عرقل سير المركبات . {ويستذكر الاعلامي (محمد سبع الفياض) عندما كان يعمل مدير ستوديو التلفزيون قائلا :- حضر لتلفزيون بغداد عبد الحليم حافظ فكُلِّفْت بإجراء حوار تلفزيوني معه والتقطنا صورة تذكارية داخل المبنى} . كان الفنان عبد الحليم حافظ ، ضمن وفد الفنانين العرب ، الكبير العدد ، من الفنانين والفنانات والموسيقين والعازفين الكبار والفنيين المرافقين للوفد ، والذي ضم كل من المطرب (محمد قنديل - غنى ، وحدة مايغلبها غلاب و على بغداد) وغنت (نجاة الصغيرة - لاتكذبي) و (كارم محمود - أمجاد ياعرب أمجاد) و (شريفة فاضل - السقايين) و (هدى سلطان - إن كنت ناسي افكرك) و (لبلبة - تقليد الفنانين) و (مها صبري - فيها گول) و (فائزة أحمد) و (أحمد غانم) و (ثريا حلمي) و (إسماعيل ياسين) و (إسماعيل شبانة - شقيق عبد الحليم) و (محمد عبد المطلب) و (صباح) و (فهد بلان) و (سميرة توفيق) و (فايدة كامل) و (مريم فخر الدين) و (أمينة رزق) وربما هنالك آخرين . و بعد أن قدمه الفنان (حسن يوسف) غنى عبد الحليم حافظ ، مجموعة من أغانيه : الحلوة ، المسؤولية ، بلدي الثوار ، وحياة قلبي وأفراحه ، حكاية شعب . و رافق حسن يوسف ، عبد الحليم ، الى الموصل ، و قدمه هناك أيضاً . و في إحدى حفلتي (عام 64) نشرت مجلة مصرية مشهورة ، صورة عبد الحليم حافظ ، يمسك بيد الفنان (رضا علي) ويقول إنه عبد الحليم حافظ العراق ! . أما الزيارة الثانية والاخيرة لعبد الحليم مع وفد الفنانين العرب الى بغداد ، فقد كانت عام 1965م ، حيث قدم فيها أغنية (يا أهلا بالمعارك) و (بلدي الثوار) في دار سينما النصر أيضاً . كانت بغداد ، عرساً عربياً كبيراً ، و حكاية (حليم) إحدى حكايات الزمن الجميل !

رجلٌ يساوي وزنه دُرَراً


المقال : ( رجلٌ يساوي وزنه دُرَراً ) --- 
للكاتب الصحفي الأستاذ (سمير الشكرچي) .

الصورة : (عوسي الأعظمي) يقف على نهاية (الجَزْرة) وسط نهر دجلة ، مقابل (قصر بلاسم - الأعظمية) و تظهر في الخلف ضفة (بساتين الكاظمية) عام 1936م .


هذا الرجل الذي سأتكلم عنه اليوم ، ولد في زمانٍ غير زمانه ، و تفوَّق على التاريخ و الجغرافيا ، و على نفسه ، يوم أصدر صحيفةً رياضية ، و راسل صحف العالم المتخصصة بكمال الأجسام ، و هو أمي ، لا يجيد القراءة و الكتابة ، كما تعلمها أغلب إعلاميي اليوم ، ولد (جاسم محمد الأعظمي) عام 1913م ، في منطقة (الأعظمية) و عمل منذ طفولته ، مع والده (الحطّاب) و إمتلك قوة جسدية غير إعتيادية ، جعلته متميزاً حتى بين من هم أكبر منه عمراً ، في السباحة و الجَري و المصارعة و ممارسة الحركات الجمبازية الأرضية ، أطلقت عليه جدته ، لقب (عوسي) بعد أن إختنق في طفولته ، و بلغ حد الموت ، و بقدرة قادر ، عاد ليتنفس فأصبح عوسي ، منذ ذلك التاريخ حتى لحظة وفاته ، مارس المصارعة في الزورخانات ، في الثلاثينات ، و تعلم أبجدياتها ، على يد (عباس الديك) و (مجيد ليلو) و بدأت الصحف تنشر أخباره منذ تلك الفترة ، كونه لم يكن مصارعاً فقط ، و إنما برز في مجموعة ألعاب ، منها ، كمال الأجسام و السباحة و ركوب الدراجات والجمناستك ، و من أبرز محطاته ، أنه كان يطبع صوره ، و يوزعها على معجبيه ، و دخل التاريخ كونه أول عراقي ، أقام سباقاً للتزلج شتاءً ، و وضع كأساً بإسمه للفائز ، أبرز نتائج المصارعة التي برز فيها ، كانت فوزه على المصارع الهندي (علي محمد علي) عام 1938م ، في نزال أقيم على ساحة الكشافة بحضور الأمير (عبد الإله) الوصي على عرش العراق ، الذي أكرم عوسي ، بمبلغ 20 ديناراً ، تقديراً لإنجازه . في عمر الخامسة بعد الثلاثين ، بدأ مشاريعه الكشفية ، و السياحية ، بالتجول في الأقطار الشقيقة ، على دراجته الهوائية ، و إستغل تواجده في (لبنان) و (تركيا) لينازل و يفوز على البطلين ، اللبناني (زكريا شهاب) و التركي (محمد اوغلو) إضافة الى عدد آخر من مصارعي (بلغاريا) رحم الله عوسي ، الرجل الذي لن يتكرر ، الذي كانت أبرز إنطلاقاته الكشفية ، عند بلوغه (مصر) عام 1952م ، حيث تدرب مع مصارعيها ، و نازل عدد منهم ، إضافة الى مقابلته للرئيس (محمد نجيب) الذي أمر بإقامته في مصر ، على حساب شعبها و حكومتها ، و تنظيم جولات سياحية له ، على إمتداد بلاد الفراعنة .

. ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

( السياب ) بين الذهاب و الإياب

المقال : ( السياب ) بين الذهاب و الإياب .

كتب (هادي الحسيني) عن مشاهدته لبرنامج ، عن حياة الشاعر العراقي (بدر شاكر السياب) و كيف تم علاجه في مستشفى لبناني ، عام 1962م ، و قد فشلت عمليته ، الأمر الذي ناشد الادباء في (لبنان) الزعيم (عبد الكريم قاسم) بأن ينقذ حياة هذا الشاعر المهم ، فأمر قاسم ، بمنحة للشاعر ، و قدرها 500 دينار عراقي ، و يذهب الى العلاج في (لندن) و أثناء علاجه ، داخل المستشفى البريطاني ، الذي وافق يوم 8 شباط ، وجاء الطبيب المعالج ، ليقول للسياب ، هل سمعت أخبار بلدك العراق ؟ ، فقال : لا ، قال الطبيب: إن الزعيم قاسم قد مات هذا اليوم .... كان السياب لا يستطيع تحريك قدميه بسبب الشلل ، وحين سمع بالخبر قال للطبيب ، أجمل خبر سمعته ، و أحس الآن بأني أستطيع المشي . يضيف الحسيني ، السياب ناكر للجميل و لعل الشاعر الراحل (جان دمو) كان على حق حين قال أن البياتي أفضل منه بكثير . ( إ هـ . عدنان أبو زيد ) . في طريق عودة السياب من لندن الى العراق عام 1963م ، مر (بباريس) و قضى فيها أياماً ، بصحبة بعض الأصدقاء ، و منهم (سيمون جارحي) و الصحفية البلجيكية الأصل (لوك نوران) التي كان قد التقى بها في (بيروت) من قبل ، و كانت مهتمة بترجمة بعض شعره الى الفرنسية . و قد ساعده سيمون جارحي في إستشارة طبيب فرنسي مختص بالأعصاب ، ولم يختلف تشخيص الطبيب الفرنسي عن تشخيص الأطباء الإنكليز ، في ندرة مرض بدر ، و عدم توصل العلم آنذاك لعلاجٍ له . فارق بدر الحياة ، في المستشفى الأميري (بالكويت) يوم الخميس 24 كانون الأول عام 1964م . في يوم إستمر هطول المطر فيه بدون توقف ، كأني به ، يودع إنساناً تغنى به طويلاً ، و أنشد أجمل و أروع قصائده فيه ، نقل جثمان بدر الى (البصرة) بصحبة صديقه الوفي (علي السبتي) و وصلت الجنازة (العراق) في اليوم الذي يحتفل العالم كله بميلاد السيد المسيح ، الذي طالما تماهى بدر بسيرته . و وري الثرى في مقبرة (الحسن البصري) و لم يمش في جنازته إلا نفر قليل ، إلا أن المطر ظل ينهمر .
مطر ... مطر ... مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ... مطر ... مطر ...
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى . 


. ( خالد عوسي الأعظمي ) . 

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...