الخميس، 27 فبراير 2014

أي أمة هذه التي يتحول فيها المخلوق من كلب الى بيگ في ثوان معدودات



الصورة (الفريق الاول الركن صالح صائب الجبوري مرافق الملك غازي ورئيس اركان الجيش العراقي شغل منصب وزير النقل والاعمار والداخلية واخيرا عضو مجلس الاعيان ) . 

كثيرا ما نتهم بأننا أمة جامدة عاجزة عن التطور. هذه تهمة باطلة في رأيي كليا. نحن ننتقل من موقف الى موقف في اقل من لمح البصر. تذكروا كيف غير اهل العراق موقفهم من الامام الحسين حالما رأوا جيوش امية تتصدى له ثم عادوا فراحوا يبكون عليه بعد ان خذلوه. اين تجدون مثل هذا التحول السريع بين عشية وضحاها؟ الانجليز ما زالوا لخمسة قرون يتجادلون ويقضون السنوات في البحث والكتابة ويتساءلون هل ماتت الملكة اليزابث الاولى بكرا عذراء فعلا ام اخذ بكارتها السير ولتر رالي بعد نجاحه في تدمير الاسطول الاسباني في معركة الارمادة. اين ذلك مما اعتاد عليه شعراؤنا وكتابنا وصحافيونا وهم يغيرون مواقفهم وولاءاتهم بأسرع من تغير سعر النفط وقيمة الدولار. وهذا امر لاحظه في الواقع امير اللواء صالح صائب الجبوري عندما كان رئيسا لأركان الجيش العراقي. ذهب لمشاهدة فيلم سينمائي ووراءه اثنان من جنوده يتوليان حراسته بالملابس المدنية. جلسا وراءه فيما بدأ نفر من الشباب بالتحرش بامرأة جالسة بجانبهم وهي تحاول ردهم عنها. عز على القائد الكبير ان يرى مواطنة محصنة تواجه مثل هذا الإرهاق والإحراج فتطوع وتدخل في الموضوع. طلب من الفتيان التأدب واحترام السيدة الجالسة. ردوا عليه بعنف وتحد. «وانت شنو دخلك بالموضوع؟ هي بنتك او اختك؟» احتدم الجدل والصياح فقام احدهم ينوي الاعتداء على اللواء الجبوري. «كلب انت شنو شايف نفسك؟» هب الجنديان الحارسان من مكانهما وسحبا مسدسيهما في وجه الشاب. ادرك الفتى خطورة ما اوقع نفسه فيه فتغيرت نغمته. «بيگ، سامحنا يعني ما كنا نعرف...». قبل اللواء صالح صائب الجبوري اعتذار الشاب وعاد الى بيته ليكتب في مذكراته : أية امة هذه الامة التي يتحول فيها المخلوق من كلب الى بيگ في ثوان معدودات! وهو بالضبط ما اقوله عن قدرة المواطن العربي على التطور. وهو شيء رأيته ايضا بأم عيني عندما كنا نتظاهر ضد المعاهدة العراقية البريطانية. وصلت المظاهرة ساحة باب المعظم. وكان احد المتظاهرين قد وقف امام مبنى المكتبة العامة. جاءه شرطي وطلب منه الانصراف وعدم الوقوف. رفض الانصراف. «مالك حق تطردني. انا مواطن حر. اقف وين ما اريد». عاد الشرطي المسكين ليتوسل به: «عيني هذي اوامر الحكومة. ممنوع الوقوف هنا. تفضل تكلم مع الضابط». «وشنو يعني الضابط؟» مد الشاب يده نحو حذائه وهو يقول: «انت وضابطك ومديرك وكل حكومتك...» كان الفتى على وشك ان يكمل الجملة ويقول: «وقندرتي» ولكنه لمح من زاوية عينيه قبل ان يقول ذلك ضباط الشرطة وراءه، واقفين بملابسهم المهيبة وكل رتبهم وأوسمتهم ونياشينهم الذهبية تتألق بنور الشمس، وبيد كل منهم العصا والقرباج، فحول حركة يده بقوس كامل منتظم من اتجاه قندرته الى قمة رأسه واكمل الجملة وقال: «كلكم على راسي. آني اش قلت يا أخي؟ تريدني امشي امشي..!». خالد القشطيني .

جمع واعداد / خالد عوسي.

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

السمچة من راسهه خايس


حوار الشاعر عبود الكرخي مع نوري سعيد في سوق السمك ((السمچة من راسهه خايس )) .
يعتبر الشاعر الشعبي الكبير الملا عبود الكرخي من الشعراء الذين امتزج ادبهم بحكمة عالية وقدرة على التعبير عن مشاعرهم بقوة ووضوح وله مواقف سياسية مؤثرة وذات معان عميقة لا زالت مرتسمة في ذاكرة العراق الحديث ومن تلكم المواقف مادار بينه وبين رئيس وزراء العراق في فترة الحكم الملكي الباشا نوري السعيد المعروف بدهائه وحنكته السياسية وقدرته على ادارة فن السلطة والموقف يتلخص في ان شاعرنا الكبير الملا عبود الكرخي كان يتمشى في احد اسواق بغداد فمر على سوق بيع السمك وتوافق ان مر رئيس وزراء العراق نوري السعيد بالقرب من الملا عبود وكانت بينهما معرفة سابقة لعظيم مكانة الشاعر الكبير فأراد الملا عبود بحكمته وذوقه الادبي الرفيع ان يبعث برسالة عميقة المعنى الى داهية السياسة نوري السعيد "وحيث انه قد جرت العادة على شم رأس السمكة لمعرفة فيما اذا اصابها عفن او تلف " فأن الملا عبود اخذ احدى الاسماك ليشمها وبدلا من ان يقرب الرأس من انفه فأنه قرب ذيلها واخذ يشمه فرمقه نوري السعيد بنظرة ماكرة وقال (( ملا عبود ليش السمچة تنشم من ذيلهه لو من راسهه)) فرد عليه الشاعر الكبير الملا عبود الكرخي بسرعة بديهة وكأنه ينتظر رد الباشا بفارغ الصبر قائلاً (( باشا الراس منتهين منه خايس،، بس دا اشوف بلكي الخياس ما واصل للذيل )).. كم نحن اليوم بحاجة الى طبقات من المثقفين والادباء والجامعيين ان يكونوا بمستوى حكمة الملا عبود الكرخي و عمق ثقافته وقدرته على التعبير بقوة ارادة وجرأة وصلابة واقتدار والى قادة سياسيين بمستوى انفتاح نوري السعيد وحنكته السياسية واستعداده لتقبل النقد وحضوره بين الناس البسطاء وسط الاسواق.
جمع واعداد/ خالد عوسي.

الأحد، 23 فبراير 2014

تاريخ مدينة الاعظمية ومحلاتها



صورة نادرة لجامع الامام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رحمه الله مابين العقد الثاني والثالث من القرن العشرين وقبل بناء الساعة

تواريخ مهمة لمدينة الأعظمية ومحلاتها

كمدينة بغداد العريقة بتاريخها، لاسماء محلات ومناطق منطقة الأعظمية أصولها التاريخية التي سنحاول في هذه الصفحة معرفتها
 
 في عام ١٩٠٥ تم نصب أول ماكنة ماء في الاعظمية من قبل السيد مراد سليمان شقيق حكمت سليمان في محلة الصليخ على نهر دجلة لسقي البساتين والمزارع العائدة لهما.
 قبل بداية الحرب العالمية الأولى في عام ١٩١٠ أقام الوالي ناظم باشا سداً حول بغداد الشرقية لحماية الجزء الشرقي من المدينة من الفيضانات وتعرف بسدة ناظم باشا.
 اهداء ساعة الحضرة الكيلانية ذات الوجهين إلى جامع الإمام الأعظم في عام ١٩١٩ لتصليحها ونصبها فيه، وقد قام الحاج عبدالرزاق محسوب الاعظمي بالتعهد بتصليحها ولم تنجح محاولاته.
  في عام 1920 حصلت موافقة الأوقاف على صنع ساعة جديدة بدلا من الساعة القديمة التالفة، وبدأ تنفيذ المشروع في بيت (معمل) الحاج عبد الرزاق محسوب الاعظمي في الاعظمية محلة الشيوخ. وقد وضع تصميما جديدا لساعة ذات أربعة وجوه، وبعد عمل دؤوب استمر عدة سنوات وبمساعدة أولاده محمد ورشيد وعبدالهادي تم إكمالها بتاريخ 28/12/1929 وقدمها هدية إلى الأوقاف ولأهالي الأعظمية بدون مقابل، وما زالت تشتغل حتى اليوم.
وفي عام 1920 احتفل الاعظميون بثورة العشرين في مقهى (فرج بوش) وكانت المقهى على (مياه وهاب) في شط الباشا وان أول من رفع راية الثورة هو المرحوم محي الدين الحلي
  وفي نيسان من عام 1921 احتفل الاعظميون في حديقة قصي ناجي الخضيري وأعلنوا مبايعة الأمير فيصل الأول ملكا على العراق، وهي أول بيعة صدرت للملك في العراق. وفي اليوم الثاني ذهب وفد من أهالي الاعظمية برئاسة رئيس البلدية الشيخ علي ظريف لمقابلة الملك واطلاعه على توقيع الناس وقد شكرهم الملك، وفي الجمعة التالية جاء الملك لزيارة جامع وكلية الإمام الاعظم
  وضع الملك فيصل الأول في عام 1922 حجر الأساس لجامعة آل البيت (دار المعلمين الابتدائية سابقا) والحجر الأساس للمقبرة الملكية لتكون قبة الجامعة وان يدفن الملك تحت قبة الجامعة تكريماً للعلم.
  تم إنشاء مشروع ماء الاعظمية في عام 1922 وهو مشروع أهلي أنشأه رئيس البلدية المرحوم مصطفى السيد أمين الاعظمي.
  بناء البلاط الملكي تم في عام 1923 في منطقة الاعظمية على ضفاف نهر دجلة وعلى شارع الإمام الأعظم في الكسرة.
  تم انشاء ملعب الكشافة في الاعظمية في عام 1924 في (منطقة الكسرة)، وهو الملعب الوحيد الذي زرعت أرضيته بالثيل، وكان يسمى (نادي الكشافة والألعاب الرياضية) وظل حتى يومنا هذا يواكب الرياضة الكروية والألعاب الأخرى ويعرف باسم (ملعب الكشافة).
  تم إنشاء مشروع كهرباء الاعظمية في عام 1925 وهو أيضا مشروع أهلي للمرحوم مصطفى السيد أمين الاعظمي (المشروع بدأ سنة 1932).
  وتم إنشاء (نادي الرياضة والأدب) في الاعظمية عام 1928 وكان أعضائه المرحومون عبد الرزاق نعمان الاعظمي والشاعر حسين علي الاعظمي وكمال إبراهيم وعبد الحميد حمدي وعواد معروف وحسين علي ظريف وإسماعيل الغانم.
  بدأت أول دائرة للبريد في الأعظمية عام 1930 وتقع بين جامع الإمام الأعظم وباب كلية الشريعة ، وهي عبارة عن غرفة صغيرة.
 بعد الحرب العالمية الثانية شيدت لدائرة البريد بناية جديدة ، وقد هدمت وأصبحت الآن ساحة لوقوف السيارات
جمع واعداد / خالد عوسي.

دليل المواقع العربية

هل تزوج نوري السعيد من امرأة تركية و ما قصة إبنته المجهولة ؟؟


لعلّ الكثيرين من الناس لا يعلمون ان الباشا نوري السعيد ليس لديه ذرية سوى ابنه صباح (ويقال ان لديه ولداً اخر اسمه فلاح قد توفي غرقاً وهو صغير ) من زوجته نعيمة العسكري شقيقة وزير الدفاع الاسبق جعفر العسكري . ولان الباشا رجل العراق الاول في حياته السياسية حتى بعد وفاته لم يأت الى السلطة رجل دولة رصين وديمقراطي وعفيف اليد . هذه حقيقة غُيِّبت عن اذهان الناس عقود عديدة بدوافع سياسية محدودة كان يُخَطَّأ الباشا على ضوئها بأعتباره داعية للرأسمالية وللغرب وان المضحك بأن تلك القوى نفسها التي دفعت هذا الشعار وحاربت الباشا نجدها اليوم وهي في السلطة تدعوا للغرب وللرأسمالية وللقطاع الخاص ، فهل يرحمهم التاريخ ؟! فيا اسفي على العراق... العراق الذي اكتوى بنار سياسيين همهم فقط السلطة والمال والجاه . ونعود الان الى موضوع مقالنا هذا، اذ كان للباشا بنت اسمها سعاد حينما كان ضابطاً في الجيش العثماني ويعيش في تركيا من زوجة على الارجح انها تركية وعندما جاء مع ركب الملك فيصل الاول الى العراق قادماً من الحجاز اقترن بأمرأة ثانية وهي نعيمة العسكري الا انه كان ( عادلاً) منفذاً لأمر الله بشأن تعدد الزوجات وكان يتردد كثيراً على زوجته الاولى ويربي ابنته سعاد على شمائله واخلاقه كانت سعاد تأتي احياناً مع ابيها وتفرح كونها ابنة نوري السعيد . وحينما قتل و بعد وفاة والدتها بقيت لوحدها فقررت المجئ الى العراق ظناً منها بأنها ستجد إرثاً وفيراً وقصوراً عديدة وتنال حصتها من الارث وهو في مخيلتها كبير يمكنها ان تعيش برخاء واستقرار وعندما جاءت لم تجد شيئاً على الاطلاق حتى البيت الذي كان يسكنه ابيها هو ملك للدولة ولم تحصل الا على راتب تقاعدي بسيط لان اباها كما يبدو لا يملك بيتاً في تركيا ولان الراتب التقاعدي المخصص لها قليل لا يكفيها مسكناً وميعشة فأضطرت ان تذهب الى دار العجزة لتسكن فيها وتنفق راتبها البسيط لسد حاجاتها. يروي لي صديقي العزيز المصرفي اللامع الاستاذ مثنى الجبوري وكان يومها مديراً لفرع مصرف الرافدين الذي تتسلم منه راتبها انها كانت تأتي متكأة على عصا ومعها امرأة متوسطة العمر ظننت انها من اقربائها الا انها قالت له انها احدى موظفات دار العجزة وحينما تنفق ماعندها من الراتب البسيط تضطر الى المجيء قبل موعد تسلم الراتب وكانت تنتخي صديقنا ( ابا الحارث) الذي اشرنا اليه فيصرف لها من كيسه الخاص بعد ان يستحصل توقيعها وبما يؤيد تسلمها الراتب عند حلول الموعد وهذا ليس غريبا على ذوي الشهامة والغيرة فهم كثر في العراق . انقطعت اخبارها واتضح بعد ذلك انها انتقلت الى جوار ربها عساها ان تحظى برحمته وغفرانه. المدى - تاليف سهيل العباسي .
جمع واعداد / خالد عوسي
 .
الصورة ادناه / نعيمة العسكري (أم صباح) زوجة الباشا نوري السعيد و أخت الباشا جعفر العسكري.

  أصل العنبة والصمون التي تفردت بها مدينة بغداد في أيام زمان .


من الاكلات الشعبية التي كانت شائعة في ايام الخير في بغداد بين الاطفال وصغار الاولاد اكلة العنبة و صمون او الصمون و العنبة. كنا نخرج من المدرسة و نحن احر من الجمر تحرقا اليها. لا نخرج من الباب الا و نرى بائع العنبة و صمون و معه ذلك البرميل الخشبي الصغير المليء بالعنبة الصفراء و سلة صغيرة مليئة بالصمونات الصغار. و معه سكينة صغيرة يشق بها الصمونة و ملعقة اصغر منها يدير بها شيئا من العنبة داخل الصمونة. " عمي الله يخليك شوية چمالة." يجيبنا الرجل فيضيف قطعة صغيرة اخرى من العنبة اذا كان كريما ، او ينهر بنا اذا كان بخيلا : " لا ابني لا. هذا كافي. هي كلها فلسين. تريد اطلعني كسر." اكلة العنبة وصمون من الاكلات الشعبية التي تفردت بها مدينة بغداد. العنبة موجودة في مصر و يزرعونها هناك، و لكنهم يأكلونها كفاكهة حلوة و طرية. لم يعرف احد غير اهل بغداد اكل العنبة المخللة و المطيبة بالملح والفلفل والكاري المركز. وهي اكلة لم يعرفها اجدادنا العرب في العهد العباسي او العثماني. طالما تساءلت ، من الذي جاءنا بها ؟ و كيف تعلمنا عليها ؟ اكتشفت ان من جاء بها الى العراق كان التجار اليهود العراقيون الذين هاجروا الى الهند و استقروا في بومبي. عملوا على استيراد التمور و الخيول العربية من العراق و توريد التوابل الهندية الى الشورجة. و كانوا في الهند قد تعلموا على اكل العنبة المخللة بالكاري. صدروا عدة براميل منها الى سوق حنون في بغداد فذاقها ابناء الطائفة الموسوية و استلذوا بها و شاعت بينهم. و منهم انتقل استعمالها الى بقية سكان بغداد من مسلمين و نصارى. ارتبطت بصورة خاصة بأكل السمك المسقوف و الكبة البرغل، حتى لم يعد من الممكن ان نتصور سمكة مسقوف في شارع ابي نوآس بدون عنبة و طماطا. ومما يذكر ان اليهود العراقيين الذين هاجروا الى اسرائيل اخذوا معهم اكلة العنبة واشاعوها هناك. 
قالوا انه عندما اطلق صدام حسين صاروخا على اسرائيل سقط الصاروخ على حي اليهود العراقيين لأنه اشتم رائحة العنبة فيه فتوجه اليها. 
عراقيون بصورة عامة لايحبون الكاري والفلفل الحار، ولكنهم يهيمون بأكل العنبة حتى تعلق بها الصغار واولاد المدارس وراح الكسبة والباعة المتجولون يدورون بها في الازقة والاسواق الشعبية وحول ملاعب الكرة و رياض الاطفال تسمعهم ينادون بها: بفلسين، بفلسين، صمونة و عنبة بفلسين! ايام خير يا عمي . كثيرا ما كانوا يضيفون اليها شرائح من الطماطا ايضا ليخففوا من حدة الكاري و الفلفل. و بالطبع ، شرائح الطماطا المزروعة في العراق ارخص من شرائح العنبة المستوردة من الهند. غير ان بعضهم اخذوا يزورون و يغشون الاولاد بأن يستبدلوا شرائح العنبة بشرائح البطاطا المسلوقة. وهكذا شاع بين الناس: اذا كنت تريد عنبة مضبوطة فروح اشتريها من اليهود في سوق حنون. و كما اخذ اليهود العراقيون اكلة العنبة الى اسرائيل ، اخذنا نحن، ابناء العراق المغتربون اكل العنبة الى لندن و باريس. اصبح من المألوف ان ترى شيشة العنبة في اي دكان للمأكولات الشرقية في اوربا. و انا اكتب هذا الحديث بعد عودتي من المخزن التعاوني العراقي في رتشموند ، محملا بالخبز العراقي ، و طبعا شيشة العنبة ، و عندما استذكر كل ذلك و ايام بياعي العنبة و صمون في بغداد ، اتذكر كيف ان كل هذه الشعبية التي احتلتها العنبة في المطبخ العراقي تعود لأؤلئك الرواد من التجار اليهود الذين رحلوا من البصرة و بغداد الى بومبي و كراتشي، 
مقالة من تاليف الكاتب خالد القشطيني .
الصورة - أشهر بائعي العنبة في الأعظمية منذ الثلاثينيات (عوسي الأعظمي) . و هنا يبيع في محله الواقع في محلة الشيوخ وكان جزءاً من البيت الذي يسكن فيه ومن ورائه ولده خالد . و كان يبيع للأطفال ربع صمونة تغمس بالعنبة بعانة , ألتقطت هذه الصورة عام 1965م.

جمع واعداد /خالد عوسي.



السبت، 22 فبراير 2014

نوري سعيد على غلاف مجلة التايمز البريطانية

غلاف مجلة التايمز البريطانية في اوضح صورة وجدتها للباشا نوري السعيد . من المواقف الطريفة للباشا نوري السعيد . في العهد الملكي كانت هنالك نكت قليلة متداولة لأن العراقيين كانوا يفضلون التعبير المباشر في التشهير والسخرية ، واتوقف عند طرفة مباشرة واحدة من ذلك العهد ، فقد وقعت ازمة وزارية في العراق في الاربعينيات وكلف القصر اكثر من شخصية بتأليف الوزارة ولكن الخلافات خاصة داخل البرلمان كانت تُفشل كل رئيس مكلف وكان رئيس الوزراء المستقيل يومها نوري السعيد على رأس حكومة تصريف الأعمال ، فطلب من الحكومة قائلا «راجيا ان تبقوا في مناصبكم حتى تشكيل حكومة جديدة» ، وبعد أسابيع وقف نوري السعيد في جلسة للبرلمان وقال لهم: «بابا ماكو فايده ، لو ا لقندره لو قيطانها» وكان يقصد انه لا توجد فائدة من استمرار الازمة لانه في النهاية لا يمكن النجاح بتشكيل الحكومة الا اذا كان رأسها الكندره «القندرة» او قيطانها «رباطها» . وكان نوري السعيد يردد ما كانت تهتف به الجماهير العراقية تلك الايام في المظاهرات: «نوري السعيد القندره ، صالح جبر قيطانها»،.
جمع واعداد / خالد عوسي


الكشافة في بغداد ١٩٦٩


صورة نادرة وتظهر مشاركة الكشافة العراقية في احتفالات المولد النبوي الشريف في مدينة الاعظمية يوم 11 ربيع الاول 1389 هـ ليلة المولد النبوي الشريف الموافق يوم الثلاثاء 27/5/1969م .

ذكرى عسى ان تنفع الذكرى

صورة رائعة لبرلمان المملكة العراقية عام ١٩٥٦م ( المجلس الوطني فيما بعد ) وكلمة أروع لنائب البرلمان سعد صالح . سفر تاريخ البرلمان العراقي ذكرى عسى ان تنفع الذكرى .

لنا في تاريخ العراق وقفه على جلسة مجلس النواب في عام 1945 وكما وصفها النائب آنذاك سعد صالح والذي أشاد بوطنيته الأستاذ علي كاشف الغطاء بكتاب(سعد صالح) ومن اجل الاستفادة والتذكير من الهفوات والأخطاء والعمل على تصحيحها وان التاريخ لم يرحم من يقع في فخ هفواتهم ونزعاتهم الشخصية يذكرنا التاريخ وعسى ان تنفع الذكرى يلقي النائب سعد صالح كلمته البليغة ويقول:- أنهم يريدون ان يلبسوا الرذيلة ثوبا من الدمقس والحرير لتبدو جميلة وفاتنة وهم مع ذلك يشتكون من سوء الوضع وتدهور الاخلاق وفساد الجهاز الحكومي وانصراف الكثيرين الى السلب والنهب مستعملين في سبيل ذلك نفوذ مناصبهم ووظائفهم,ايها السادة نريد حرية نحارب بها الرذيلة,نحتاج الى احزاب سياسية ومنظمات اجتماعية تتسابق لبعث الفضيلة وتشجيع الكرامة الوطنية فالبلاد التي تنموا بها الموبقات والآثام لا تعيش بها الفضائل والامجاد. والامة التي تتعود على احتمال الهوان تموت ميتة الجبناء,فيدوس التاريخ جثتها بأقدامه احتقاراً وازدراء ومن يهن يسهل الهوان عليه......مالجرح بميت ايلام ولكن ليس في وسعنا بعث الكرامة الاجتماعية,وكرامات الافراد موضوعة بالمناقصة وكيف نبث الشعور بالكرامة آبا إسدال الستار على الاثام والموبقات ونجاة مقترفيها من الحساب والعقاب؟تسود العراق محنة اخلاقية متازمة لاتمتحن بها امة من الامم الا وتعرض كيانها الى الانهيار فاذا لم يعالجها قادة الراى واصحاب الكلمة النافذة حل بنا الويل والثبور فلينسى اولئك الرجال حزازاتهم وليجمعوا امرهم على محاربة الرذيلة في كل موطن من مواطنها ولينشلوا الاخلاق من هذه الهوة السحيقة وليتقوا الله في بلادهم ايها السادة انا لا انكر ان تدهور الاخلاق حصل تدريجياً ولم يحدث كله دفعة واحدة في عهد الوزارة القائمة,ولكن هذا التدهور بلغ الذروة في الحقبة الاخيرة,لما صادف من ظروف خاصة ومشجعة لاتخفى على الناس,فليعيدوا لنا الاخلاق ولياخذوا كل شى اننا نترك لهم في سبيل ذلك حتى رغد العيش الذي وعدتنا به الوزارة القائمة في مهاجها, وادان اللجان التي شكلت لرصد ثراء الموظفين غير المشروع ومحاسبتهم وطعن في نزاهتها عند البحث في لائحة القانون من "اين لك هذا" وقال ان هولاء العفاريت فثرواتهم من منهوبات هذا البلد المسكين ,وربما اختاروا هولاء الموظفين الذين تحوم عليهم شبهه او ربما دخل الحرام في ثرواتهم,وحينذ يخشى ان يقول الموظف الماثل امامهم كما قال المحامي الفرنسي امام محكمة الثورة الفرنسية نفتش فيكم عن قضاة فلا نجد الا متهمين.نغترف من التاريخ العبر ونقطف الثمار ونعزل الصالح عن الطالح لعل اولي الالباب القائمين على الشعب الاستفادة وتغير المسار ونذكر عسى ان تنفع الذكرى .
المقالة من تاليف : ستار الجودة .

جمع واعداد/ خالد عوسي.

الجمعة، 21 فبراير 2014

الواجب وخيانة الواجب



صورة الملك فيصل الثاني يستعرض الحرس الملكي البريطاني .
كانت سويسرا بلدا فقيرا جدا، اضطر أبناؤه إلى كسب قوتهم من التطوع كمقاتلين مرتزقة لكل من يدفع. اعتادت الحكومات الغربية الاعتماد عليهم في شتى المهمات، ومنها حراسة القصور الملكية. استمر ذلك حتى أواخر القرن التاسع عشر، وإلى الآن في الفاتيكان مرتزقة بروتستانت يحرسون معقل الكاثوليك. اعتمدوا عليهم لشجاعتهم والتزامهم بالواجب.ذهبت لزيارة بحيرة لوسن فلفت نظري فيها نصب تذكاري ضخم يخلد ذكرى مئتي مرتزق سويسري قاتلوا حتى أبيدوا عن بكرة أبيهم دفاعا عن لويس السادس عشر وقصر فرساي الذي هاجمه الثوار إبان الثورة الفرنسية.لم يبنوا هذا النصب
التذكاري لمجرد تخليد ذكراهم وإنما كإعلان تجاري لكل السياح ورجال الأعمال: اعتمدوا على الماركة السويسرية في كل شيء: الساعات السويسرية، الأدوية السويسرية، الشكولاته السويسرية... والمرتزقة السويسرية.جرني التمثال لتذكر شيء آخر. عندما قامت ثورة 14 يوليو (تموز) في العراق، كانت الدولة قد عهدت بحراسة البلاط وقصر الرحاب إلى فوج الحرس الملكي. لا أشك في أن الأمير عبد الإله قد خابر الفريق نوري جميل، قائد الحرس الملكي، بأن يهب ويأتي بالفوج لرد الثوار وحماية القصر.ركب سيارته وذهب للموقع يتلصص على الموقف. وعندما أدرك أن المهاجمين كانوا قوة لا يستهان بها، إنضم إليهم! ولم يتحرك جندي واحد من الحرس الملكي لأداء واجبه. وبذلك، تمكن الثوار من إبادة كل من كان في القصر، بمن فيهم النساء، في مجزرة شنيعة.بدلا من قيام عبد الكريم قاسم كضابط بإحالة الفريق نوري إلى المحاكمة بخيانة واجبه العسكري، كافأه بتعيينه سفيراً للعراق في واشنطن! فعل مثل ذلك لكل الضباط الذين أقسموا على القرآن الكريم مثلهم بولائهم للعرش ثم حنثوا بيمينهم وخانوا واجبهم وانقلبوا على سيدهم.كافأهم جميعا بمناصب رائقة. أعطى بذلك درسا للجميع بأن خيانة الواجب تجارة رابحة. وكان عبد الكريم قاسم أول من دفع ثمنا لهذا الدرس في انقلاب 1963. ما إن هاجمه البعثيون ورجحت كفتهم، حتى هرب العساكر وتخلوا عن حمايته. لم يبق معه غير نفر قليل من أقاربه الضباط. اعتقلوهم وأعدموهم لقيامهم في الواقع بواجبهم العسكري. في حرب القرم، هرب ضابط روسي وسلم للإنجليز ليعطيهم ما عنده من أسرار الجيش الروسي. جاؤوا به إلى الجنرال كاردغان، القائد البريطاني. نظر في وجه الضابط الروسي باحتقار: «جاسوس؟! تخون بلدك! ستشعر أمك بالعار عندما تسمع بك. اخرج من هنا». وطرده دون أن يتسلم منه المعلومات.أنا واثق لو أن الأمير عبد الإله عهد بحماية القصر والبلاط إلى فصيل من المرتزقة الأجانب، إنجليز أو سويسريين، لما سقط النظام ولا تعرض العراق لكل هذه المصائب التي مر بها.وهذا أمر جلل، خطر في ذهني وعالمنا العربي يمر بهذه المحن والاضطرابات. هل يأتي زمن تجد فيه بعض الأنظمة أن من الأفضل لسلامتها واستمرار حكمها أن تعتمد في حراستها وأمنها على أفواج من المرتزقة الأجانب، سويسريين أو ألمان أو يابانيين، يقومون بالمهمة بتكلفة أقل وكفاءة أكبر؟. للكاتب ( خالد القشطيني ) .
جمع واعداد / خالد عوسي.

الخميس، 20 فبراير 2014

الخطاط هاشم البغدادي



محمد هاشم الخطاط ثـروة وطنية نـادرة و تجربــة فنيــة رائـــدة .
ولد عميد الخط العربي هاشم بن محمد بن درباس في منطقة الفضل/ بغداد ويعتبر علماً من أعلام الخطاطين العراقيين، بدأ حياته ذوَّاقاً للخط محباً له شغوفاً به منذ صغره. وأصل تجويده للخط وبرع في الثلث والتعليق خاصة، ونال شهرة فنية بفضل أساتذة مشهورين، وبرع في بقية الخطوط العربية والزخارف الإسلامية وجاب البلاد العربية بغية الاتصال بكبار الخطاطين، يعرض عليهم خطوطه ويطلعهم على نتاجه الفني فرحل إلى الشام وإلتقى بالخطاط الدمشقي بدوي الديراني والى مصر حيث قدم للإمتحان في القاهرة عن طريق مدرسة تحسين الخطوط الملكية في الإسكندرية وحصل على شهادة الدبلوم بدرجة امتياز عام 1945م، والتقى الخطاطين إبراهيم ومحمد حسني البابا فمنحاه الإجازة في أنواع الخطوط. ثم شد الرحال إلى استانبول مأوى أفئدة الخطاطين في ذلك العصر ليتشرف بلقاء إمام الخطاطين آنذاك الأستاذ حامد الآمدي فقدره وإستحسن خطه وقال اعجاباً به قولته المشهورة “نشأ الخط في بغداد وانتهى فيها”، ويقصد من ذلك أنَّ الخط العربي بدأ حياته المجيدة بظهور عملاق الخط العربي علي بن هلال المعروف بابن البواب وانتهى هذا بظهور هاشم البغدادي وهذا يعتبر وساماً ومكرمة تضاف إلى المآثر الحميدة التي تكرم بها عمالقة الخط لهذا الفنان، أجازه حامد الآمدي بإجازة هذا نصها : بسم الله الرحمن الرحيم “ولدي هاشم محمد البغدادي الخطاط شاهدت فيك الصدق والإخلاص والمحبة لهذا الفن الذي لم يندثر ما دام الإسلام باقياً واعهد فيك أن تكون من أخيارهم وأول الخطاطين في العالم الإسلامي فلك اهدي أزكى التحيات لما أنت عليه من تقدم دائم”، كتب في الإستانة سنة 1317هـ التوقيع موسى عزمي المعروف بحامد الآمدي قال عنه أحد المؤرخين بالحرف الواحد: ولما كان الأستاذ حامد الآمدي قد بلغ من العمر عتياً وقد بلغ التسعين أو جاوزها فقد بات الأستاذ هاشم أبرع من يكتب الحرف العربي في العالم. على يده انتقلت الريادة والقيادة والرئاسة في فن الخط إلى العرب بعد أن تولاها الأتراك بما يقرب من خمسة قرون وقد بقيت هذه الأصول تتجاذب أطراف فنه وهو يحاول التوفيق فيها ليكسب الحرف جمالاً إلى جماله ويضيف إليه هندسة تزيد في روعة هندسته حتى استقامت له القواعد وتكاملت في شخصه الإصول ومن هنا كانت له قاعدة عرف بها، على الرغم من حرصه على التقليد وإلتزامه بالقواعد وقد ظل طلابه ومعارفه يتابعون إجتهاده وهو يأخذ أبعاده ويشعرون شعوره وهو يتجدد من خلال الممارسة المستديمة ويؤكد التزامه بالقواعد التي رسمها أعلام الخط البارزين ولعل مكتبته الخطية تعد أروع مكتبة خطية في نفائس النماذج ونوادر المخطوطات التي إقتناها عبر رحلته الطويلة مع هذا الفن الجميل. وله إسهامات كثيرة ومتنوعة في الخط العربي،وبالأخص تلك التي زينت واجهات مساجد بغداد العريقة ومن أشهرها جامع الحاج بنية، وجامع الحيدر خانة قرب شارع المتنبي في بغداد. وإشتغل خطاطاً في مديرية المساحة العامة في بغداد، وله من الآثار الفنية الكثيرة على المسكوكات العراقية والتونسية والمغربية والليبية والسودانية.
من مؤلفاته:- أصدر كراساً عن قواعد الخط العربي عام 1961م، لا زالت تُدرس في كثير من معاهد الخط.
وفاته:- توفي في شهر ربيع الأول/نيسان من عام1393هـ/1973م.
جمع واعداد / خالد عوسي.

الباشا نوري سعيد و بيّاع الأحذية .


في يوم من الأيام نزل الباشا نوري سعيد الى السوق قرب القشلة   في
شارع المتنبي ، جنب سوق القرطاسية الآن ، شاف رجل كبير بالسن فاتح چنبر ويبيع أحذية وشحّاطات ، سأل الباشا صاحب الچنبر ، بيش هاذا الحذاء ، بيش هاي الشحاطة ، ظل الباشا يعامل على الأسعار مع صاحب الچنبر مايقارب 5 دقايق بيش هاي وبيش ذيچ ، إنتفض الرجل صاحب الچنبر وصاح بوجه الباشا ، صارلك ساعة إتعامل بيش هاي وبيش هاي وبعدين متشتري مني ، وإللي يشوفك ويشوف لبسك يگول عبالك الباشا نوري سعيد ، كون الرجل صاحب الچنبر مشايف وميعرف نوري سعيد ، بعد مااتعصَّب صاحب الچنبر عالرجل اﻻنيق ، صاح الرجل المرافق للباشا احترم كلامك يابو الچنبر وانت تتكلم مع الباشا نوري سعيد .إهنا الرجل صاحب الچنبر خاف وإرتعش بعد ماعرف هذا الرجل هوه الباشا . وبدأ يعتذر ويتوسل للباشا ان يسامحه . هنا رد الباشا على صاحب الچنبر . قال له . آني إللي أعتذر منك لأني ضوجتك بس حبيت أطمئن على اﻻسعار . وطالب الباشا من صاحب الچنبر أن يسامحة . هذه القصة أخبرني إيّاها إبن صاحب الچنبر قبل عشرون سنة . لكون قائل هذافي المكان الواقفين بيه هوه مكان والدي .اي الچنبر في شارع المتنبي

تاليف/ سعد جساس الوحيلي

جمع واعداد / خالد عوسي.

فيدل كاسترو

"لا تحتقر الافعى لانها بدون قرون فقد ياتي اليوم الذي تتحول فيه الى تنين"مثل صيني

في عام 1956 نزل "فيدل كاسترو" مع واحد وثمانين مسلحا من قارب انزال على شاطيء "اورينت"في "كوبا". لم يمض سوى شهر واحد حتى لم يبق منهم سوى اثنى عشر رجلا بعد ان قُتل من قُتل او اُسر من اُسر حتى قبل ان يلتحقوا بالجبل!. هؤلاء الاثنى عشر هم كل ذخيرة "كاستروا" الذين استخدمهم للتحضير للثورة واسقاط نظام "باتيستا". احتقر "باتيستا" اول الامر تلك العصابة الصغيرة المعزولة في الجبال, كان بامكان قوة عسكرية صغيرة ان تبيدهم عن بكرة ابيهم لو تم اتخاذ القرار المناسب في حينها. لم يتخذ"باتيستا" قرار مواجهتهم عسكريا الا بعد ان تحول "الافعى" الى "تنين", لذلك خسر باتيستا كل فرص النجاح في حرب ثورية تنمو "الافعى" فيها عضويا.
جمع واعداد / خالد عوسي


بغداد أم الدنيا و سيدة البلاد


 
بغداد أم الدنيا و سيدة البلاد . يوم أضاءت عيون الجن شوارع بغداد . 

ليست هناك مدينة في الكون مثل بغداد صنعت تاريخها بعذاباتها. مجَّدَها شعراؤها حتى وصفوها بجنة الخلد، وَرَثَوها بمراثيهم حتى وصفوها بأرض الخراب وينبوع الدم . ماتت ثم قامت للحياة عشرات المرات . انها بعشر ارواح. تستنسخ علماؤها وافذاذها وكرامها وشعراؤها مثلما تستنسخ أنذالها ولصوصها وطغاتها. انها اعجوبة الامل واعجوبة الالم، ورغم كل شيء تبقى بغداد هي بغداد كما وصفها ياقوت الحموي في معجم البلدان: 'ام الدنيا وسيدة البلاد'. بين سنة1917 وسنة 1929 اثنتا عشرة سنة. وفي هذه السنوات الاثنتي عشرة حصلت في بغداد احداث مهمة، لعل من ابرزها انتقال العراق من التبعية العثمانية الى التبعية البريطانية. فلقد انقضى عصرٌ أخذ من عمر العراق اربعة قرون، وبدأ عصر جديد اصبحت فيه بغداد تدار من قبل الجيش البريطاني، وكان على هذا الجيش ان يؤلف حكومة لبغداد وان يدير المدينة بما ينبغي ان يجعل اهلها يحبون العيش فيها لا ان يهجروها. لكن الحدث الاهم هو دخول 'الكهرباء' الى بغداد عام 1917. وتخيل حين تدخل الكهرباء الى بلد كان يعيش الحياة اليدوية، اي كل شيء كان يدار باليد وكانت ايدي الناس تتلمس الطريق بصعوبة وسط ظلام الحياة.. ظلام يخيم على العقول والنفوس حتى حين كانت الشمس تشرق على هذه المدينة التي تضع اقدامها في وحل الفيضان والاوبئة كل ثمانية اشهر من كل عام. ففي تشرين الاول من عام 1917 انتهت عمليات غرس اعمدة الكهرباء الضخمة في وسط بغداد. وربطت الاسلاك الناقلة للتيار الكهربائي عليها. وفي اول ليلة من شهر تشرين الثاني عام 1917 تألقت الانوار في الجادة الجديدة (شارع الرشيد).وخرج اهل بغداد عن بكرة ابيهم الى الشارع وراحوا يتحلقون حول اعمدة النور، ونظراتهم تتطلع الى اعلى حيث تلك المصابيح التي تشتعل بدون كاز او نفط او شخاط. كأنها عيون الجن. وراح بعضهم يصرخ بين المتجمعين بان هذه الاضوية تشتعل بسحر الشيطان. وان الانكليز الكفرة جاؤوا بالشيطان معهم بعد ان اخرجوا العراق من رحمة الخلافة الإسلامية.

جمع واعداد/ خالد عوسي.

خذوا الحكمة من ((الرجعيين))

 

خذوا الحكمة من " الرجعيين " !! مـع نــــوري باشــــا الســـعيد . المشهد . في كلية ضباط الإحتياط في معسكر الرشيد سنة 1957 ونحن في المطعم و على مائدة الغداء دخل علينا أحد الضباط من معلمي الكلية وقال :-" يا أخوان راح يزورنا الباشا اليوم رجاءا على كيفكم وياه " وأعتقد كان يقصد ألا نشكيهم عند الباشا !! كنت أنا جالسا من جهة الممشى ، المائدة قبل الأخيرة والى جانبي في الوسط طالب إسمه أحمد ، خريج كلية الشريعة كنا نسميه ملا أحمد ، شاب خفيف الظل ظريف يحب الضحك والمزاح والتنكيت كثيرا ، قلت له يوما :-" ملاّ ! أنت مو خريج كلية الشريعة " ؟ ، فهم قصدي على أساس أن تصرفاته لا تليق بشخص سيصبح رجل دين لاحقا ! قال لي : "مو.. حفظتْ القرآن بعد شنو ، يطلبوني طْلابه " !! أما الملا ففور سماعه بقدوم الباشا فرح وقال : " أي د خلي يجي حتى ندردش ويا شويّا " قلتُ :" دردش ويا شنو !! قال شكو بيها .!! وبعد دقائق ونحن ملتهين بالأكل دخل الباشا القاعة دون أية حماية ومن دون ان يطلب منا الوقوف أو الإستعداد ، فكان يكره كل هذه الأتكيتات وفجأة الملا رفع يده وأخذ يصيح :" باشا باشا... ...!! " قلت له :" على كيفك شدت سوي " ! وبدأ الباشا يحادث الطلاب وهم يأكلون ويديه خلف ظهره الى يمينه وزير المعارف وعلى ما اذكر كان خليل كنه ، رجل قصير معتدل القيافة والى يساره آمر الكلية وبدأ ينتقل من مائدة الى أخرى ويسأل ويستفسر ... حتى وصل الينا ووقف بجانبي لأني كنت جالسا جهة الممشى كما ذكرت أعلاه .وقال : ـ " ها ... هنا منو صاح عليّ "ـ الملا : ... أنا باشا ! ـ الباشا وبين المبتسم والجاد قال وبهدوء وأحترام " گوم .. ها شعندك " ؟ والباشا أمسك إظهار أبتسامته ! وكأن يوجد معرفة سابقة مع الملا أو من امثاله! ـ الملا : " باشا أحنا طلاب كليات .. ! قابل ما نعرف نمشي ؟ ثلاثة اشهر يعلمونا المشي يس يم يس يم !! لو ناطينا سلاح جان أتدربنا عليه ورحنا لبيوتنا "!! ـ باشا بكل رزانة وهدوء وإبتسامة : " وأنت من يا كلية " ؟ ( يغير الموضوع ) ـ الملا :" من كلية الشريعة باشا " ؟ ـ الباشا : " زين وأنت شجابك علينا ما دگلّي " ؟ ـ الملا : " باشا أنتم جبتوني قابل آني جيت " !! ألتفت باشا الى وزير المعارف والأخير هز رأسه مفيدا بان طلاب كلية الشريعة أيضا مشمولين بالدورة ! ثم نظر الباشا الى المائدة وقال : ـ " زين و أنت ليش لام كل البصل الك ؟ وماخذ البصل من جماعتك؟ هلگد تحب البصل ترى البصل مو زين عالمعدة "!! ـ الملا : " باشا أنت ما جاوبتني على سؤالي ". ـ الباشا : " أنت وين ساكن " ؟ ـ الملا : " في محلة الجعيفر.. .باشا " . ـ الباشا " ها لعد أنت جيران احمد بابان زين سلملي على أحمد بابان .. . دأكعد لا تأكل البصل هوايا . البصل مو زين عالمعدة .."!! وإنتقل الباشا يدردش ! مع غيرنا من الطلاب . لم يأت الباشا نوري السعيد ، لا بموكب .. ولا تحيط به مفرزة لا من الجنود و لا الشرطة ولا دق له بوق للإصطفاف للإستقبال ولا للتوديع ، بل جاء بسيارة ستيشن كالتي كان يستعملها قادة الفرق ولم نشعر بقدومه ، بل دخل كما كان يدخل أساتذة الكلية الى الصفوف أو القاعات ، بل منهم استمروا بالأكل ولم ينتبهوا اليه ! طبعا لأنه رأس الرجعية لا يفيد الكلام معه ! ، بل لم يطلب منا القيام كما كنا نقوم للمعلم أو للقادة العسكريين أحيانا ، كان يكلمنا ويستمع الينا بكل أحترام وتقدير وبابتسامة ونكت لا يسمع صوته على بعد خطوات ولم يأخذ موقف الناصح أو الخطيب يخطب أو يقدم الإرشادات كوعاظ السلاطين . إذاً هذا هو نوري باشا السعيد نقف معه وجهاً لوجه ، نوري باشا ، والذي لم يظهر يوما على شاشة التلفزيون ليخطب أو ليوجه النصائح او التهديدات ، وأكثر العراقيين لم يروا صورته لا على صفحات الجرائد ولا على التلفزيون ولا سمعوا صوته من الراديو ! لأن كل القرارات التي كانت تصدر من مجلس الوزراء تذيعها المديرية العامة للنشر والإعلام . وكان يمقت التظاهر بمظهر الحاكم ككثير من الحكام والمتنفذين أشباه الأميين في الثقافة والسياسة . إذاً هذا هو الذي كنا ننادي بسقوطه حتى في الأيام التي لم يكن في السلطة رئيسا للوزراء أو حتى وزيرا !! هذا هو الذي دوّخ العراق و حامي ملوكه وقاتلهم في آن واحد ، كما أتهموه بقتل الملك غازي وربما فيصل الأول ، بل هو الذي كان محور السياسة في الشرق الأوسط ومعتمد بريطانيا في المنطقة ، هو نوري باشا السعيد الذي تكلمتْ عنه مس بيل راسمة حدود العراق السياسية !! وقالت : "عندما جلست مع نوري باشا لأول مرة شعرت كأنني أمام عملاق في السياسة " !! وكان الباشا كثيرا ما يختلف مع الانكليز بالرغم من أن البريطانيين كانوا يعترفون بأن نوري كان من أكبر رجالات الشرق الأوسط ....وكما تبين من وقائع مختلفة وعديدة ، ان نوري السعيد لم يكن مستعدا للتفريط بمصالح العراق ، ويكفي أن الإيرانيين ما كانوا يرغبون ان يشترك نوري بالمفاوضات التي جرت في بغداد بخصوص قضايا الحدود اواسط سنة 1933 !! "(سعاد رؤوف ـ رسالة ماجستير). وجاء في رسالتها ".... إن الجميع إعترفوا بنوري السعيد سياسيا ماهرا من طراز خاص ، ففي رأي البريطانيين كان نوري السعيد واحدا من ابرز ساسة الشرق الاوسط ، أما ( ويندل ويلكي ) المندوب الخاص للرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت الى الشرق الاوسط إعتبر نوري السعيد من " أدهى الأدمغة " السياسية التي قابلها في حياته !!، أما الألمان فانهم اعتبروا أن نوري السعيد "دبلوماسيا بالمعنى " وأضافت السيدة سعاد في رسالتها : ".... واشاد بنوري السعيد كبار المسؤولين الاتراك الذين " جلبت قدرته الشخصية وسعة اطلاعه على تفرعات الامور انظارهم ، مما جعلهم يعتقدون بأن ليس في سوريا او مصر رجل دولة بمعياره " .[ و كأن الباشا يرى العراقيون اليوم ولسان حاله يقول ( جرّب غيري و أعرف خيري ) .. !!] .

منقول بتصرف (هرمز كوهاري ) .
جمع واعداد / خالد عوسي.

الخميس، 13 فبراير 2014

كيف إسترجع (نوري سعيد) محفظة الدكتور (موزي) من النشّال (يوسف الأشرح) ؟

 

استعدت الحكومة العراقية في بداية الخمسينيات لاستقبال الدكتور (موزي) رئيس الاتحاد السويسري الأسبق لغرض دراسة الوضع الإداري للدولة لغرض تحديث مؤسساتها وإتباع الوسائل الحديثة سواء في الشؤون الداخلية والخارجية بوصفه خبيرا وأستاذا في هذه المجالات... وقد أعدت له الحكومة جناحاً في فندق (ريجينت بالاس) العائدة لإدارة السكك الحديد آنذاك، والواقع في منطقة السنك في شارع الرشيد، وكان هذا الفندق من فنادق الدرجة الأولى في بغداد . وفي أثناء تجوال الدكتور موزي في شارع الرشيد تعرض لحادث نشل في المنطقة المحصورة ما بين السنك والشورجة، حيث ( نشلت) محفظته التي تحوي جواز سفره ونقوده وصورة زوجته ... في منتصف السبعينيات جمعتني ظروف العمل بالسيد عبد الرحمن السامرائي أحد ضباط الشرطة القدامى والمحقق الفذ في قضايا التجسس ومكافحتها، وحدثني عن هذه القضية حيث كان وقتئذ مأمور مركز شرطة العبخانه ومحققاً فيها، وقد كلف بإجراء التحقيق ومتابعة هذه القضية لكونها مسألة تتعلق بسمعة البلد الخارجية ولاسيما أنها تخص شخصية دولية معروفة ... قال السيد السامرائي :- اتصل بي مدير شرطة بغداد وذكر لي بأن مدير الشرطة العام اتصل به ذاكراً ان ( الباشا ) نوري السعيد رئيس الوزراء آنذاك أمره بأن تكون محفظة الضيف السويسري على طاولته خلال 24 ساعة وإلا يعاقب الجميع !. من جانبه أمرني مدير شرطة بغداد بالاهتمام بالقضية، وبصفتي مأمور مركز المنطقة وأن الجريمة حدثت في منطقتي، وطلب العمل بسرعة لتنفيذ أمر رئيس الوزراء والاهتمام بالعثور على المحفظة ! تأمل قليلا والكلام لا يزال للسيد السامرائي مفكراً بالوسيلة التي تمكنه بإلقاء القبض على النشال . استدعيت إلى المركز عددا من قدامى النشالين في المنطقة وشرحت لهم الأمر وهددتهم بأسوأ العواقب إذا لم تأتِ الحقيبة قبل الساعة الثانية عشرة ظهرا من اليوم التالي... وبعد صمتٍ طلب مني أحدهم (وهو كبير النشالين) أن أجمعه بالضيف السويسري ليفهم منه مكان الحادث والطريقة التي واجهها أثناء عملية النشل وبعض التفاصيل الأخرى... وفعلاً توجهت به الى الفندق والتقى مع الضيف واخذ النشال يسأل والسويسري يجيب وأخيرا التفت إلي النشال (المتقاعد) وقال لي إن المحفظة عند (يوسف الاشرح) لأن الطريقة التي تم بها النشل هي طريقته الخاصة. انطلقت للبحث عن يوسف الاشرح وعلمت من أهله انه سافر إلى البصرة في قطار الساعة السادسة والربع مساءً.. وفورا توجهت إلى المحطة الكائنة في علاوي الحلة قبيل موعد تحرك القطار بقليل .. وبعد أن أخذت أوصافه ولباسه ... ألقيت القبض عليه في محطة قطار السماوة، حيث عدت به بالقطار الصاعد إلى بغداد من البصرة وفي الساعة التاسعة صباحا من اليوم التالي كانت المحفظة على طاولة رئيس الوزراء...!!.
والطريف الظريف في هذه القضية، الذي سمعته من بعض المقربين من رئيس الوزراء آنذاك أن الضيف السويسري قال لرئيس الوزراء نوري السعيد: لماذا استدعيتموني إلى بلدكم لتنظيم شؤونكم الإدارية في الوقت الذي لا يستطيع فيه البوليس السويسري أن يحسم مثل هذه القضية قبل خمسة عشر يوما؟
تاليف الدكتور علي العكيدي / جريدة الصباح الرسمية
جمع واعداد خالد عوسي

ثعلب السياسة الباشا ( نوري سعيد ) رجل الدبلوماسية و السلام .


عند ترسيم الحدود بين العراق وايران من قبل الانكليز في ثلاثينات القرن الماضي وضعوا في كل متر مشكلة على الحدود بين العراق مع ايران هذا ديدن خبثهم -
وفي خمسينات القرن الماضي ، وفي احد الليالي فتح حرس الحدود الايراني النار على المخفر الحدودي العراقي في منطقة زين القوس في خانقين الذي بسبب نفس هذا المخفر اشتعلت نار الحرب العراقية الايرانية و كان عدد افراد الحرس في المخفر العراقي لايتجاوز عن خمس افراد تم اخبار الموقف من قبل وزارة الداخلية الى رئاسة اركان الجيش وفي صباح اليوم التالي تحرك رئيس اركان الجيش الى بعقوبة ومنها الى المنصورية وجلولاء حيث كانت معسكرات الفرقة الثالثة في حينها هناك واستصحب معه امري الوحدات ذاهبا الى منطقة خانقين وجرت العادة في وزارة الدفاع ان يلتقي الوزيرمع رئيس اركان الجيش في بداية الدوام الرسمي وفي هذا اليوم لم يشاهد الباشا نوري السعيد رئيس اركان الجيش وعند الاستفسار من هيئة ركنه اخبروه بما حصل امس على الحدود وان رئيس اركان الجيش ذهب الى خانقين فما كان من الباشا إلا ان يستقل سيارته وينطلق باقصى سرعه لها قاصدا خانقين فوجد رئيس اركان الجيش يصدر اوامره الى امري الوحدات لغرض شن هجوم على المخفر الايراني – قال له ماذا تفعل؟؟ - شرح رئيس اركان الجيش الى الباشا نوري السعيد ماحصل يوم امس – فقال الباشا الى امري الوحدات اركبوا عجلاتكم واذهبوا الى وحداتكم واوعز الى رئيس اركان الجيش بالركوب مع الباشا ودار بينهم حديث طويل حتى وصولهم الى بغداد واوعز الباشا باعداد برقية شرح فيها ماحدث من اعتداء على المخفر العراقي من قبل حرس الحدود الايراني وارسلت البرقية عن طريق وزارة الخارجية العراقية الى حكومة الشاه ولم تمضي 24 ساعة جاء رد الحكومة الايرانية متمثل بالشاه شخصيا بتقديم اعتذار رسمي الى الحكومة العراقية ومحاسبة الذين تسببوا في هذا الحادث من قبل الشاه شخصيا وتعهد بعدم حدوث مثل هذا الموقف مستقبلا عند ذلك استدعى الباشا رئيس اركان الجيش وقال له اقرأ البرقية وبعد قرائته للبرقية علق الباشا نوري السعيد (مشاكل الحدود ماتنحل بالحروب تنحل بالسياسة ).
جمع واعداد خالد عوسي.

إعدام شفيق قزاز وفرهود اليهود المستباح


الملك فيصل الأول يتوسط كبار رجالات اليهود العراقيين في منتصف العشرينات .

عاد الملك الشاب غازي من سهرة بسيارته ليلا في 4 نيسان 1939 لقصر الزهور وکان مسرعا وبين الاشجار المتراصفة على جانبي الطريق الترابي اصطدمت سيارته بعمود الکهرباء ( التيل ) قرب نهر الخر بتمام الساعة الحادية عشر والنصف ليلا مما ادى الى انقطاع الکهرباء عن قصر الزهور ..
صباح اليوم الثاني الخامس من نيسان تلي على الشعب العراقي نبأ وفاة الملك غازي ..و لم يکتمل قراءة البيان حتى هبت الجماهير الغاضبة وهي تندد بالاستعمار والامپريالية وزحفت باتجاه السفارة البريطانية بالشواکة منددين بنوري السعيد وعملاء الوطن ونتج عن هذا الغضب زحف الناس والانتقام من اليهود فنهبت المحلات في الشورجة ومحلات طاطران وسوگ حنون واعتدوا على الشبان اليهود واستمرت السفارة الالمانية ببغداد بالتحريض ضد اليهود ، مما شجع الناس على الاستمرار بالعداء الغير مبرر ضد ابناء البلد .. کانت عائلة شوميخ لاتبتعد عن محلة طاطران ، خرج المغربية ليشتري خبزا من باعة الخبز في السلال حتى سمع بصيحات الناس تمجد بغازي وتسب نوري السعيد عميل الانگليز ويلعنون اليهود ، اسرع الخطى للبيت وهو لايعرف ماجرى ..!! اتصل بجاره ليخبره إن غازي المعظم قد مات ..لم يجرؤ أيآ من اليهود من الخروج ، خائفين من ردات فعل الناس وهم ابعد مايکونون من تلك التهمة وبالنتيجه کانت صباح يوم السادس من نيسان احراق وسرقة أغلب محلات الشورجة وحنون وطاطران والهيتاويين ؛ لم تکتمل فرحة شوميخ حين کان يحضر عرس احد اقاربه فقد انقلبت تلك الايام الى احزان وهو يسمع اصوات الناس تنادي ( اقتلوا اليهود ) .. بعد شهرين في 2 مايس قام رشيد عالي الگيلاني بإنقلاب ضد الوصي ونوري السعيد متکئآ على ضباط الجيش الذين عاونوه على تعطيل الدستور وتآييد مفتي القدس ( ضيف العراق ) امين الحسيني وتشجيع السفير الالماني ( غروبا ) وقد اجتمعا معاً حين نجحت الحرکة ... بلغ عدد البلاغات التي تليت اثناء حرکة الگيلاني 33 بلاغا في 2 مايس مما أقلق الطائفة وکانت تلك البلاغات هي مقدمات لتقليص اعداد اليهود ... کل تلك العوامل زادت من مخاوف الطائفة اليهودية .وحاولوا التغلب على خوفهم والخروج لمزاولة اعمالهم وعيونهم تتلفت يمينا ويسارا خوفا من ردات الاهالي ولم يمر احدأ من الصبية اليهود الا وقد شبع ضربا من ( الراشديات والکفخات ) على ايدي المسلمين ورغم هذا حاولوا أن يتأقلموا من جديد ، و في الثاني والثالث من حزيران 1939 حصلت مجازر شنيعة بحق هؤلاء الابرياء ، فقد قتل باليوم الاول 179 يهوديآ من العمال والکسبة والتجار واصحاب المحلات وکانت أشنعها حين قام أحد رجال الدين بقتل طفل يهودي أمام مرآى الناس بمحلة باب الشيخ وأحرقت المحلات وسرقت المحلات وعاد الشغب باليوم الثاني ليکملوا جريمتهم ولينهوا على ماتبقئ وبلغ اعداد القتلئ قرابة 900 يهودي وهرع الناس صوب محلات طاطران والشورجه وسوگ حنون والقشل لحمل ماخف وزنه وغلا ثمنه وللاسف لم تصدر فتوى بتحريم تلک الاعمال الشنيعة .. هرب اليهود بأبنائهم مرعوبين من هول الفجيعة من بيت الى بيت وسميت تلك بفر اليهود أو الفرهود ..لم تتدخل الحکومة لحفظ ممتلکات ابناء الوطن ، بل کانت هناك الدعاية مستمرة وموجهة ضد هؤلاء العزل ..إلتجأت مئات العوائل مع اطفالهم للمعابد وللجيران المسلمين عشرة عمرهم طالبين الامان ،،،، فکانت المأسآة فيما بعد أکبر والفاجعة أعظم حينما تسائلت کل أم عن ابنها أو اخيها أو طفلتها التي نسيتها تلعب بالطرف وهي لم ترتکب خطئآ لکي تدفع هذا الثمن الباهض .. رجع بعض اليهود وقد ناله من الضرب مالم ينله احد ، بلغ اعدادهم من الجرحى بالالاف وقد سرقت أموالهم وملابسهم وتعرضوا للاهانات من الاخرين .. بعد أيام حين هدئت الامور خرج بعض اليهود مع الاخيار من الناس للبحث عن اولادهم و ذويهم فوجدوهم قتلى . فتم دفنهم بمقبرة جماعية قرب الميزرة بجانب السور القديم .. نهبت المحلات والممتلکات وقدرت ب3 الى 4 ونصف مليون پاون إسترليني ولم تدخر الحکومة وسعآ لتعويض هؤلاء ..هرب البعض منهم نحو البصره والمناطق الاخرى وبإتجاه ايران خوفا من أن تتوسع دائرة الانتقام .. يقول ماجد خضوري باحث عراقي من الطائفة اليهودية ( إن البريطانيين يتحملون الجزء الاخر من المجزرة التي حصلت لنا فهم کانوا في مخيمات خارج الولاية ( معسکرات ) کما ويتحمل توني آيدن تلك المسؤولية ايضاً .. فکرت الجمعيات الصهيونيه بفلسطين افضل السبل لانقاذ اليهود من تلك المجازر البشعه ، کما وفکر البعض من يهود العراق الاتصال بالجمعية الصهيونية التي اصبحت الملجأ الوحيد لهم بعد أن ضاقت بهم السبل لإنقاذ ماتبقى من إخوتهم يهود العراق ، شعرت الحکومة العراقية بالاحراج أمام ماحصل ولاسيما أن الملك الصغير فيصل وخاله الوصي عبد الاله ونوري السعيد قد هربوا من جراء المحاولة التي قام بها رشيد عالي الگيلاني وثلة من ضباط الجيش بتعطيل الدستور و وقف جلسات البرلمان . عاد شفيق قزاز من تجارته الاخيره وماهي الا أيام وقد طوقت الشرطة باب منزله واقتادته الى السجن ومن ثم اجراء محاکمة له بتهمة تزويده بالسلاح لاسرائيل عن طريق ايطاليا وقال المدعي العام ( إن المتهم شفيق قزاز واثناء تجارته بين الهند وايطاليا وأيران والعراق قد اشترى مخلفات الخرده اسلحة الجيش البريطاني من هناك وارسلها لاسرائيل ) . دافع شفيق قزاز عن نفسه برمي تلك الاتهامات وقد توکل محاميان عراقيان مسلمان بالدفاع عن قزاز وقال احد المحامين بالمحکمة :- ( إن الحکومة تريد أن ترمي فشلها على ماحصل من مجازر لليهود ببغداد والصاق التهمة بموکلنا السيد شفيق قزاز المعروف عنه اکبر تاجر بالبصره ويشهد له العموم ) . إلا إن المحکمة العسکرية قررت النطق بإعدام شفيق قزاز ولم يسمحوا له بإجرائات الاستئناف وأعدم ثاني يوم بباب منزله بالبصره وأمام مرآى الناس .. لبغداد ذکريات أليمة يصنعها السياسيون ولها طعم وسحر يجذبك إليه دون أن تدري ،، تقلص أعداد اليهود العراقيون وهم لازالوا يضمدون جراحاتهم التي حصلت لهم جراء سياسات رشيد عالي الگيلاني ..
کان ليهود بغداد اليد الطولى بکل جوانب الاقتصاد العراقي ولن تجد معلما او مصنعا او وزارة الا وبه اقتصاديان يهوديان وشهد شارع الرشيد لهم فأغلبية السينمات والملاهي والبارات والمنتديات الادبية والاذاعة والراديو قد غنت بحسيبة مکنو وسمحة وسليمة مراد واخريات .. حاولت الدول الکبرى بعد الخروج من الحرب العالمية أعادة النظر لما أصاب اليهود من جراء المحارق النازية والابادة والتصفية والتنکيل والتهميش ضرورة عقد مؤتمر في عام 1947 بتشکيل وطن قومي لليهود في اسرائيل أرض الميعاد کما جاء ذکرها بالتوراة .. في عام 1948 أقرت الجمعية العمومية بالامم المتحدة على تأسيس وطن لليهود بعد أن تقوم حکومة اسرائيلية منتخبة تحاول أن تشجع اليهود المظطهدين بالعالم على العودة الى اسرائيل وانهاء معاناتهم وتضميد جراحاتهم ... وبد ات الحركة الصهيونية بعملها من خلال تشجيع اليهود للعودة.. وبالعراق قام حزب الاستقلال بتحريض الرأي العام ضد اليهود حيث ذکر الحزب ( إن اللائمة تقع على اليهود تحت الارض ) مما فسره البعض على أن الصهيونية تعمل سرا على تهريب اليهود لفلسطين ، فقد کان هذا کافيا على القيام بأعمال تحريضية وانتقامية واعادة أثارة الفتن والکراهية ضد اليهود .. کان ببغداد أقدم کنيس لليهود وهو معبد الشيخ اسحاق الغاووني في محلة الشيخ اسحق ويفضي بابه على شارع سوگ حنون من حارات اليهود وقد کان هذا الرجل صيرفيا عند الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام وأعلى القبر حجرا من الرخام مکتوب عليه بالعبرانية (( تاريخ الراقد الرباني إسحاق الغاووني المتوفي سنة 620 لخراب بيت المقدس )) وفوق القبر قماش مطرز الشکل وعليه قنديل ينير المکان وقد عبئ القنديل بدهن السيرج السمسم کما يسميه العراقيون ، والمعبد اصبح ملجئ للعميان اليهود للدراسة فيما بعد .. انا اتساء ل فقط، لو لم یحصل ما حصل للیھود علی ایدي العرب المسلمین وبقي الیھود في بلدانھم كالعراق ومصروغیرھا من البلدان، ھل كانت اسرائیل موجودة الیوم؟ ما فعله الالمان قمة النازیة، متفقون علی ذلك، ولكن ماذا نسمي ما حصل للیھود فی العراق وغیرھا من البلدان؟ مجرد سؤال ؟
( مقالة للكاتب: فاضل شناشيل ) .

جمع واعداد خالد عوسي.

باجة الحاتي في صحون حكام بغداد




الصورة ... مطعم الحاتي ، في شارع الشيخ عمر من عام١٩٥٩

اذا كانت الموصل قد اشتهرت بأكلات لا تعد ولا تحصى ربما ابرزها اصناف (الكبي) فان بغداد منذ اكثر من 70 سنة ترفع لافتة عريقة في احد اعرق شوارعها تعلن عن باچة الحاتي!. لا ادري هل تستحق باجـة الحاتي هذه الشهرة.. البغداديون يتفقون ان هذه الباجـة ليست بحاجة الى اعلان او توصيف دعائي فهي (اشهر من نار على علم) كما يقال. في الايام الخوالي.. في ازهى سنوات عمري في صباي وشبابي كنت اسمع عن تسميات غريبة مثل ابن سمينة وابن طوبان والحاتي ولا اعرف لها معنى وكنت اظنها الغازا او احجيات ومنذ سنوات تذوقت اشهى طبق رز في مطعم ابن سمين (ابن سمينة كما هو مشهور) وفي احدى الليالي تمتعت بصحن ثريد في محل ابن طوبان بالكرخ ولكني لم استطع الوصول الى الحاتي الا بعد احتلال بغداد!. حدثني ضيفي وصديقي ليث ابراهيم العامري (الحاتي) عن بدايات انتشار الاكلة البغدادية الشهيرة التي صارت بعد اكثر من سبعين سنة جزءاً من تاريخ الملوكية والجمهورية في بغداد بل وصارت احدى الحكايات التي تروى عن اشهر رجالات بغداد في العهدين الملكي والجمهوري. قال السيد ليث وهو من مواليد بغداد 1949 ومتزوج وله عدد من الاولاد ويتولى ادارة مطعم الحاتي الشهير بالتعاون مع اشقائه:- ان اكلة الباجـة ليست غريبة عن المجتمع العراقي فقد اشتهرت هذه الاكلة ابتداءً في مدينة الموصل حيث كان الناس قد اعتادوا على تناولها في الفترة الصباحية واذا تأخر فإنهم يتناولونها في العصاري ولم يكن احد يقدم على تناولها في الليل!. ويضيف ليث: افتتح والدي محلا في شارع الشيخ عمر بجانب (علوة المخضر) ولكنه لم يجعله محلاً تقليدياً مثل بقية محلات بيع الباجـة في الموصل وبغداد فقد ادخل لاول مرة في حياة اهل بغداد صحون الفرفوري في تقديم الاكلة ورصفه كراسي خيزران اصيلة لجلوس الزبائن وهي حالة نادرة جداً وقتذاك اذ كان المرحوم عبدالرزاق علي صاحب محلات لاستيراد البضائع الاجنبية في شارع النهر في ثلاثينيات القرن الماضي هو المستورد الوحيد لهذا النوع من الكراسي التي استخدمها الباشوات والعوائل الثرية في بغداد وادخل والدي النشرات الضوئية ليضفي اجواء ساحرة على ليل بغداد بعد ان يرش العمال الماء على مساحة كبيرة امام المطعم.. كانوا في السابق يوزعون اكلة الباجـة في صحون فافون مقززة للنفس او تثبت هذه الصحون بمسامير على ارضية الموائد ويجلس الزبون على دكة او تنكة.. والدي اضفى لمسات جديدة على طريقة تقديم هذه الاكلة وليس على الاكلة بذاتها!. ويضحك ليث: في البداية افتتح والدي هذا المطعم بالقرب من (علوة المخضرات) في شارع الشيخ عمر حيث كان بياعة الخضر يصلون الى العلوة بعد منتصف الليل ولا يجدون ما يأكلون الا الباجة.. يعد والدي هو البغدادي العراقي الوحيد الذي اشاع اكل الباجـة في الليل بعد ان كانت مقبولة عند الناس في الصباح والعصر.. وكان البياعة عندما يجدون انفسهم صرعى الجوع يدخلون المطعم ليأكلوا الباجـة في الليل!. ولأن الليل ساحر وجذاب يومذاك - والكلام لم يزل للسيد ليث - وله عالمه الخاص من الناس الذين اعتادوا اللهو تحت استاره اخذ المطعم يقدم الباجة وجبة لذيذة للذين يقضون الليل سهارى! . ارتاد المطعم كبار رجال العهد الملكي بعد ان نال نصيبه من الشهرة وكانت عوائل الباشوات والبكوات والافندية تبعث بخدمها الى المطعم لملء القدور بالباجـة لتتمتع بوجبة عشاء طيبة. يستذكر ليث الحاتي جوانب من ذكريات والده المرحوم ابراهيم الحاتي (1901 - 1999) قائلاً: كان من اشهر رواد المطعم المرحوم صباح نجل نوري السعيد وكان صباح يأتي في ساعة متأخرة من الليل بعد ان يقضي وقته في اللهو المعروف عنه واحياناً يصطحب معه بعض من الفنانات المعروفات لتناول الباجة. في نهاية الاربعينيات زارت المطعم الشخصية البغدادية المعروفة رشيد مطلك وله صداقة مع ابراهيم الحاتي وبعد فترة من الصداقة اقترح رشيد على والدي افتتاح المطعم في مكان آخر ارقى من منطقة الشيخ عمر ووافقنا على افتتاحه في منطقة جسر مود (جسر الاحرار حالياً). يقول ليث: في احد الايام عصراً من عام 1948 انتبه والدي الى شاب انيق يرتدي بنطالاً وقميصاً يدخل المطعم ويجلس على كرسي ويطلب الشاي وحده من دون ان يطلب العشاء وتكررت زيارة هذا الشاب لثلاث مرات متتالية حيث يسحب كرسياً ويجلس ويطلب شايا فقط ما اثار انزعاج والدي فأمر عماله بعد تقديم اي شيء للشاب مادام يمتنع عن طلب صحن باجة وفي اليوم الرابع جاء الشاب ايضاً وكالعادة انتظر ان يقدم له العمال قدح الشاي فالتزموا بأوامر والدي ما دفع الشاب الى مغادرة المطعم على الفور وهو في حالة انزعاج شديد وانتظرنا ان يأتي في اليوم التالي لكنه جاء في اليوم الخامس وهو بزي عسكري يضع على كتفيه رتبة مقدم ركن!. كانت لهذه الرتبة اهتمام اجتماعي كبير وقتذاك... دخل الشاب الى المطعم وطلب استعمال الهاتف وقدم له فأجرى اتصالاً ثم غادر من دون ان ينبس ببنت شفة.. وجاء رشيد مطلك الى المطعم ذات يوم وعاتب والدي على تصرفه مع هذا الشاب الذي اتضح انه ضابط كبير واسمه عبدالكريم قاسم قائلاً له انه من محلتنا وابوه فلان وامه فلانة فكيف اسأت التصرف معه، فاعتذر والدي له ولعبدالكريم قاسم فيما بعد ولم يزر عبدالكريم مطعمنا الا في احدى الليالي بعد ثورة 14 تموز1958 وقال لوالدي اتذكرني، فاعتذر له مجدداً وتناول عبدالكريم مع مرافقيه صحون الباجة وغادرنا بين هتاف وتصفيق. ويستمر ليث في ذكرياته: عدد كبير من شخصيات العهد الملكي كانوا من رواد المطعم منهم نوري باشا السعيد وارشد باشا العمري وبيت الخضيري وعوائل المسؤولين. بعد وثبة 1952 حطم المتظاهرون زجاج واجهة مطعمنا في منطقة راس جسر مود فقرر والدي فك شركته مع المرحوم رشيد مطلك والعودة الى منطقة الشيخ عمر وافتتحنا مطعمنا الجديد - القديم وهناك كان يزورنا المسؤولون ويتناولون اشهر باجة في بغداد. ويقول ليث: تعرفت الى العميد قاسم الذي شغل - كما اخبرني - منصب آمر حراسة في كتيبة دبابات القصر الجمهوري في عهد الرئيس الراحل عبدالسلام عارف عام 1965 واخبرني العميد قاسم في حديث جانبي في مطار بغداد الدولي انه ذات يوم من عام 1965 بينما كان في القصر الجمهوري خرج عليه المرحوم الرائد عبدالله مجيد سكرتير عبدالسلام عارف ومرافقه الشخصي وكان الوقت متأخراً في تلك الليلة واخبره بوجود شغل لديه يضطره لمغادرة القصر من دون اعلام رئيس الجمهورية وان عبدالله طلب مني - العميد قاسم - ان اخبر الرئيس اذا سألنا بخروجه المبكر وفعلا ترك الرائد عبد الله سيارته الحديثة الاوبل في گراج القصر وغادرنا بسيارة واز عسكرية وبعد ثلاثين دقيقة على مغادرته فوجئت بالمرحوم عبدالسلام عارف واقفا قربي فسألني عن عبدالله مجيد فاخبرته انه غادر للتو بسيارة عسكرية تاركا سيارته الاوبل فرفع المرحوم عبدالسلام يديه الى فوق وقال لي:(آني اليوم مو بس ضايج.. جوعان) فقلت له:(هل اجلب لسيادتكم طعاما) فقال:(مشتهي باجة) فقلت: (سيدي هل اجلب لك الباجة) قال:(لا.. آني اروح اكل باجـة بره) فاقترحت عليه الذهاب الى مطعم ابن طوبان بالكرخ فصاح بي: (شلون الكرخ كلهم يعرفوني معناها راح يجتمعون علينا وماكو فايدة). واخيرا - والكلام للعميد قاسم - اقترحت عليه الذهاب الى مطعم الحاتي وفعلا ذهبنا الى هناك واوقفت السيارة في مكان مظلم حيث نزلت منها وحدي وذهبت الى صاحب المطعم واخبرته ان والدي عاجز ويرغب بصحن باجة ولكننا جلبنا صينية باجـة ووضعناها في السيارة حيث يجلس عبدالسلام وتناول الباجـة ثم كانت المشكلة في جلب الصابون وابريق الماء وهيأ صاحب المطعم مستلزمات غسل اليدين من دون ان يعرف ان رئيس جمهورية العراق جالس في السيارة قبالة المطعم يتناول الباجة!. ويبقى الحاتي الجزء الساحر والمثير من تاريخ بغداد في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. والحاتي مشتقة من يحت اللحم وقد اطلق هذه التسمية المحامي غازي الاورفلي في اوائل خمسينيات القرن الماضي وكان من اشهر رواد (المطعم وصديق رشيد مطلك وابراهيم الحاتي). ألم اقل لكم ان وهج بغداد لايصنعه الباشوات والرؤساء والوزراء، بل تصنعه أنامل البغداديين؟
إقتباس بتصرف / شامل عبد القادر . — مع ‏قتيبه الحاتي‏ و‏قيس الحاتي الحاتي‏.
جمع واعداد خالد عوسي.

حكاية الدب الذي قـُتل مع العائلة الملكية


 قصر الرحاب صبيحة يوم ١٤ تموز عام ١٩٥٨م و تعَّرضه للسلب والنهب والتدمير وإبادة العائلة الملكية
.
بعد عودتي من الدراسة الى العراق وتكليفي بالوظيفة، جلب لي ابراهيم السائق وملتزم أعمالي في المقاولات الانشائية دباً صغيرا من منطقته في الشمال، وهي المنطقة التي حاولنا بها انا واحمد سوسه ان نقيم مصيفاً للفنانين العراقيين بها. كان ابراهيم كرديا قوي البنية، واتذكر انه كان شيوعياً عقائدياً، تمكن من الهروب عبر بحر قزوين الى روسيا، ظل الدب يعيش في حديقة بيتنا في العلوية حتى عام 1957، وهو من البيوت التي شيدها الانكليز بعد الحرب العالمية الاولى. كبر الدب وضاق به المكان، فأشار علي (الشريف حسين بن علي) ـ زوج الاميرة بديعة شقيقة الوصي عبدالاله . وقد صممت ونفذت بناء داره بالمنصور، بأن اهديه الى الملك فيصل الثاني. رحبت بالفكرة وقصدت في اليوم التالي قصر الرحاب، انتظرت في غرفة استقبال الضيوف، بينما ظل الدب ينتظر في سيارة الجيب مع ابراهيم السائق، بعدها وصل الملك فيصل مع الامير عبدالاله، وبعد حديث قصير، وما يقتضيه واجب المجاملة، قدمت له الدب بالقول:ـ (احسن مكان لهذا الدب ان يعش بظل ملك، ومن دواعي سروري امكانية قبول الهدية)، ضحك الملك ضحكته الخجولة، وتقبل الهدية مسروراً. 
إستغرق اللقاء نحو الربع الساعة، فالوقت كان نهاية الدوام اليومي .
 كان الملك فيصل الثاني متواضعاً خجولاً، ففي اكثر من مناسبة التقيته بها شعرتُ بخجله وحيائه، وكأنه يقف بين يدي والده. بعد نحو السنة، وردني خبر مؤكد ان الدب قُتل مع من قتلوا من العائلة الملكية في قصر الرحاب صبيحة يوم 14 تموز 1958، ومن المفارقات ان يهرب احد كلاب قصر الرحاب (القصر الملكي) بعد مهاجمته، فيلجأ عبر الحدائق التي تفصل بيتي عن القصر بمنطقة المنصور، الى البيت طالبا مأوى، اويناه واطلقنا عليه اسم (لكي) فالحظ حالفه ولم يقتل يوم ثورة 14 تموز

من كتاب ((خواطر السنين))  للدكتور / محمد مكية.

. جمع واعداد خالد عوسي.

قصر الرحاب و حكاية حلويات ... من سما


تمسك الأمير عبد الاله ، الوصي على عرش العراق في العهد الملكي، بتقليد سنوي وهو ان يدعو تلامذة الكلية العسكرية الى بيته، قصر الرحاب لتناول وليمة العشاء معه بعد اجتيازهم الامتحان النهائي احتفالا بتخرجهم واستلامهم رتبتهم كضباط، رتبة ملازم ثاني. 
حدث مثل ذلك عند تخرج دفعة عام 1951 فدعي الخريجين ليتناولوا العشاء التقليدي معه في قصر الرحاب. و رغم ان عميد الكلية ، الزعيم الركن عبد القادر سعيد، قد القى عليهم محاضرة في آداب السلوك الرسمي واصول الولائم الملكية، فإن اكثرهم كانوا قد انحدروا من عوائل شعبية بسيطة، واحيانا من القرى النائية في العراق دون ان تكون لهم أي خبرة سابقة في الولائم الراقية  جمعهم الزعيم الركن عبد القادر سعيد والقى عليهم محاضرة مفصلة عن كيفية السلوك. وما تغلطون وتخلطون السكينة بالشوكة والشوكة بالملعقة.
 تمسكون السكينة باطراف اصابعكم اليمنى و الشوكة باليد اليسرى . لا تنسون و تخزونا. الملعقة للحلويات . و ما تتكلمون الا لما سيدنا سمو الأمير يكلمكم. ولكن سرعان ما اختلطت عليهم القواعد و الاصول و راحت قطع اللحم و افخاذ الدجاج تتطاير يمينا و شمالا وتقفزمن صحن الملازم محمد الى حضن الرئيس الاول حمد و بالعكس، نتيجة سوء استعمال الشوكة و السكينة . ضاعت عليهم لذة الاكل و الشرب و بدأوا يشعرون وكإن هذه الوليمة اصبحت عليهم مثل معركة عسكرية، مشقة اكثر مما هي متعة . فلاحظ الامير عبد الاله ذلك فألقى من يديه الشوكة و السكينة جانبا . و توجه اليهم قائلا:-" يا اولادي لا تتكلفوا معي. اريدكم تعتبرون هذا البيت مثل بيتكم. و تاكلون كما تفعلون بين اهلكم في بيوتكم." ثم دفع الشوكة و السكينة جانبا و بدأ يأكل بيديه. فزال التكلف و انطلق الطلبة في الاكل على طريقتهم الشرقية التقليدية. يغرفون الباميا على الدجاج و التمن على الحلاوة و السمك على الشوربة ، وعلى ما يحلو لكل منهم و يطيب. كانت الوليمة قد اقيمت في حديقة القصر، و لدى انتهائها ، انفض الحاضرون للتجول في الحديقة و تبادل الحديث. غير ان نفراً منهم توغلوا الى ما هو ابعد من ذلك فدخلوا بهو القصر وتجولوا في الغرف. و هناك وجدوا في احدى الزوايا علبة من حلوى المن السما بالفستق. ففتحوها . و لما استطابوا طعم محتوياتها ، واصلوا الاكل منها حتى اتوا على نهايتها . فأغلقوا العلبة و اعادوها الى مكانها كما كانت و لكن فارغة بالطبع !!. بعد هنيهة من الوقت ، جمع الوصي الحاضرين و دعاهم لمشاهدة داخل القصر، فراح يطوف بهم في الغرف و الحمامات حتى وصل بهو الاستقبال فالتفت اليهم و قال: " و من حسن الصدف يا اولادي، انه وصلتني اليوم من تركيا علبة من (من السما) من نوع ممتاز . اسمحوا لي اشارككم بها قبل ان تغادروا البيت." التقط العلبة من مكانها فوجدها خفيفة على غير ما كان يتوقع. فتحها فإذا بها فارغة كليا من أي شيء. اسقط في يده و شعر بالحرج و كأنه كان يعمل مقلبا عليهم و يستهزيء بهم. غير ان التلميذ الضابط المسؤول عن اكلها اسرع لنجدته بكثير من الشجاعة. تقدم الى الامام و قال:- " آسف سيدنا. انا و الزملاء معي دخلنا قبل شوية في الصالون و شفنا علبة المن السما و اكلناها. تعذرنا سيدي." ساد صمت رهيب جوانب البهو. و لم يعرف عميد الكلية العسكرية عبد القادر سعيد ، ماذا يقول ، او كيف يعتذر عن تلاميذه. و لكن الامير عبد الاله اغناه عن الاعتذار. التفت الى التلميذ الضابط ، المسؤول عن الوقيعة، و قال له : " احسنت. و الحمد لله. الآن فرحتوني. انا قلت لكم ان تعتبرون هذا البيت بيتكم . و الان انتو تصرفتوا تماما كما لو كنتم في بيتكم . وعوافي عليكم كل هالمن السما" ، واستحسن الحاضرون كلماته فازدادوا انشراحا وانطلاقا في تلك الامسية الراقية من امسيات أيام الخير. وبقيت ذكراها في أنفسهم الى يومنا هذا يروون حكايتها لي ولأمثالي . 
يوم من ايام الخير اللي فاتت وراحت.
تاليف. خالد القشطيني .
جمع واعداد خالد عوسي

دولة الديمقراطية يقودها نوري سعيد .


إلتقيت شخصياً قبل فترة بشخص كبير في السن وهو لواء طبيب في الجيش العراقي وخدم في مستشفى الرشيد العسكري فتكلمنا بعدة مواضيع ثقافية وسياسية تحاكي الواقع وذكرنا العهد الملكي وديمقراطيته الخيالية فقال الرجل آنا شاهد على ذلك العصر شخصياً فبدأ يعرِّفني عن نفسه وعن عائلته . هذا الشخص كان أخوه الأكبر أحد الطيارين الذين استشهدوا عندما تعرضت طائراتهم للسقوط في سرب الملك فيصل الأول . وقال انا كنت اخرج مظاهرات ضد الملكيه واؤيد اقامة الجمهورية لكن ندمت على مافعلت على ماحصل في العراق فبدأ بي الفضول والدخول بالتفاصيل بتلك الحقبه قال بعد إستشهاد أخي كان البيت الملكي يتصل بنا دائما للإستفسار عن حالنا ويرسل الينا المؤونه من المواد الغذائية دائما ولم ينقطعوا عنا . و أنا في شبابي أخذتني الشعارات الثورية الوطنية وخرجت في إحدى المظاهرات ضد البلاط الملكي فتم فصلي من الجامعة كعقوبة لي ..لكن كانت مرحلتي حرجة . طالب في الثاني من كلية الطب يضيع عليه المستقبل فاخذوا الاصدقاء والاقارب بالالحاح علي ان اقابل الوصي عبدالاله او نوري باشا السعيد وبعد فترة طلبت من احد اقاربنا وهو ضابط كبير في الجيش العراقي في ذلك الوقت بان يساعدني فاتصل بالامير عبدالإله وقال ان فلان يريد ان يقابل سموكم وهو اخو الشهيد الطيار فلان ..فرحب الامير بذلك وحدد موعد له ..يقول ذهبت له وانا متردد فجلست معه وقال لي ما المشكله قلت له انا خرجت في المظاهرات وتم فصلي من الجامعه ومن المفروض ان يقابلنا الباشا نوري السعيد كي ينظر في امرنا فرفع الامير ًعبدالإله التلفون واتصل برئيس الوزراء نوري السعيد وقال له باشا يجلس معي الان فلان وهو خرج في المظاهرات ونريد ان نعيده الى الجامعه ليكمل دراسته الطبيه فقال له الباشا نوري السعيد (جُر أذانه من يمَّك وگُلّه خلي يصير سياسي زين مو بس شعارات لان العراق يحتاجه بالمستقبل) يقول فتعجبت من هذا الكلام اخرج ضدهم وهكذا يعاملوني وعدت الى الدراسه واكملتها .. فبعد ان تم الحديث بتلك الحادثه الشخصيه اخذنا نتحسر على زمن كان فيه دولة ديمقراطية يقودها شخص سياسي ذو صدر رحب يتحمل الشتائم من عامة الناس يدعى نوري السعيد ومن عائلة ملكية هاشمية لاتملك قصر وترفع القرآن وتباد بمجزرة دموية .. جمع واعداد خالد عوسي

الساعات الاخيرة من حياة الزعيم عبد الكريم قاسم


صورة - ( عبدالكريم قاسم في طريقه الى مكتبه وفي يده بندقية نصف آلية في 21 تموز 1958م ) .

بمناسبة حلول الذكرى الحادي و الخمسون لاعدام الزعيم عبد الكريم قاسم في 9 شباط 1963 , ارفع هنا مقالا عن الساعات الاخيرة من حياة هذا الرجل بالاضافة الى وقائع اعدامه والحقيقة وراء مصير جثته .
في 14 تموز من عام 1958 تولى الزعيم عبد الكريم قاسم منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة . وقد كان هذا المنصب استنادا الى الدستور المؤقت الذي شرعته الثورة هو اعلى منصب في الدولة , اذ كان منصب رئيس مجلس السيادة الذي يعد بمثابة رئيس الجمهورية هو منصب فخري بلا صلاحيات تشريعية او تنفيذية . وبعد اربع سنوات ونصف تقريبا , وبالذات في 8 شباط عام 1963 (الموافق 14 رمضان) حصلت حركة انقلابية ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم قادها حزب البعث العربي الاشتراكي وبعض العسكريين من بينهم عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وحردان التكريتي . وقعت احداث الحركة صبيحة ذلك اليوم الذي كان يصادف يوم جمعة حيث هاجم عدة مئات من البعثيين المدنيين المسلحين باسلحة خفيفة مقر وزارة الدفاع ساندتهم بعض الدبابات التي جلبت بعض العسكريين من ضباط الحركة من معسكر ابو غريب وبعض الطائرات التي انطلقت من قاعدة الحبانية والتي قادها بعض الطياريين البعثيين مثل المقدم الطيار منذر الونداوي والرائد الطيار محمد جسام الجبوري . لم يكن الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع وقت حصول الحركة الا انه قرر الذهاب من منزله الى هناك لقيادة العمليات المضادة التي كانت تهدف الى سحق المهاجمين , وكان هذا القرار من اكبر الاخطاء التي اتخذها عبد الكريم قاسم لانه ادت الى حصره داخل الوزارة دون وجود امدادات خارجية . وبعد معارك قوية استمرت طيلة ساعات مساء وليلة الثامن على التاسع من شباط بدأت القوات المدافعة عن الوزارة بالتقهقر خصوصا بعد مقتل أمرها الزعيم عبد الكريم الجدة – آمر الانضباط العسكري وقائد القوة المدافعة . وفي الوقت الذي كان يجري فيه القصف على وزارة الدفاع ، سجل عبد الكريم قاسم على شريط تسجيل تحت أصوات الانفجارات والقصف خطاب منه موجه إلى الشعب والقوات المسلحة وأرسله إلى دار الإذاعة مع الرائد سعيد الدوري على امل اذاعته لكن هذا الاخير سلم الشريط إلى قادة الحركة ، كما أن دار الإذاعة كانت قد احتلت من قبل قادة الحركة ، ولذلك لم يتسنَ إذاعة الخطاب ، وفي صباح يوم التاسع من شباط تسلل عبد الكريم قاسم ومعه مرافقه المقدم قاسم الجنابي والزعيم طه الشيخ أحمد أمر الحركات العسكرية والزعيم فاضل عباس المهداوي ابن خالة قاسم ورئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة واحد الضباط المرافقين الشخصيين اسمه الملازم كنعان حداد . ومن هناك قام عبد الكريم قاسم بالاتصال هاتفياً بدار ألاذاعة ، وتحدث مع عبد السلام عارف طالباً منه التفاوض للمشاركة في السلطة أو السماح له بمغادرة العراق ، لكن عبد السلام عارف طلب منه الاستسلام وقال له بانه ليس قائد الثورة وانه مجرد عضو بالمجلس الوطني لقيادة الثورة ثم وعده بانه سينقل مطاليبه الى قادتها . وعند الساعة الواحدة والنصف من ظهر 9 شباط 1963 سلم عبد الكريم قاسم نفسه حيث اقتيد هو ورفاقه إلى أستوديو التلفزيون في مقر دار الاذاعة العراقية على متن عدة مدرعات عسكرية . وبعد دخول عبد الكريم قاسم ومجموعته الى دار الاذاعة حصلت محاورة بينه وبين كل من عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وعبد الغني الراوي وعلي صالح السعدي (الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في حينها) . استحلف عبد السلام عارف عبد الكريم قاسم بالقرأن بان يعترف بانه هو الذي كان القائد الحقيقي والمنفذ الفعلي لثورة 14 تموز وليس عبد الكريم قاسم . كان عبد الكريم قاسم يظن بان عبد السلام عارف هو الذي يقود الحركة ضده لذلك طلب منه تسفيره للخارج او تعيينه سفيرا في تركيا او النمسا قائلا له (سلام , اني ما عدمتك فلا تعدمني) . لكن بعد سير الاحاديث ادرك قاسم بان الموجودين يتربصون به شرا فطلب محاكمته محاكمة عادلة كما فعل هو مع خصومه . لم تستمر هذه المحاورة لاكثر من عشر دقائق او ربع ساعة دخل بعدها احد العسكريين الموجودين بالخارج عليهم وابلغ قادة الحركة بان المدنيين من الشيوعيين وانصار عبد الكريم قاسم بدأوا بالتجمع امام مقر الاذاعة وفي سطوح المنازل القريبة وان كل دقيقة اضافية بعمر عبد الكريم قاسم تمر تنذر شرا كبيرا وقد تؤدي الى فشل الحركة . بعدها خرج قادة الحركة من استوديو التلفزيون وتداولوا فيما بينهم وقرروا إعدام عبد الكريم قاسم ومجموعته على الفور رميا بالرصاص . هنا تدخل عبد السلام عارف محاولا التوسط معهم من خلال الطلب من قادة حركة عدم اعدام قاسم الا ان طلبه رفض بشدة خصوصا من قبل علي صالح السعدي . بعد دقائق دخل بعض الضباط الى استوديو التلفزيون وقرأوا على الموجودين قرارا صادرا عن المجلس الوطني لقيادة الثورة يتضمن تشكيل محكمة برئاسة عبد الغني الراوي لمحاكمتهم فورا واصدار قرار الحكم العادل بحقهم . لم تتضمن المحاكمة سوى تلاوة لائحة الاتهام التي كان من بينها الخيانة العظمى والانحراف عن مباديء ثورة 14 تموز والتفرد بالحكم , صدر بعدها قرار الحكم الذي كان الحكم بالإعدام رميا بالرصاص عليهم جميعا . ثم سئل الموجودين هل يطلبون شيئا قبل تنفيذا الحكم فطلب عبد الكريم قاسم قدحا من الماء . وحين حاولوا تعصيب عيونهم قبل التنفيذ رفضوا ذلك . وفي تلك اللحظة تقدم حردان التكريتي من المقدم قاسم الجنابي وسحبه من كرسيه قائلا لماذا يعدم هذا الضابط الشريف الذي ليس له دخل في كل ما جرى فكتب بذلك عمرا جديدا لهذا الضابط الذي عاش بعدها فترة طويلة . بعد ذلك جرى اطلاق الرصاص من البنادق الرشاشة من قبل عبد الغني الراوي ومنعم حميد على عبد الكريم قاسم ورفاقه وهم جالسين على الكراسي فسقط فاضل عباس المهداوي والملازم كنعان حداد على الارض مضرجين بدمائهم بينما ظل عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد مسمرين على مقاعدهم . ثم جلبت كاميرا سينمائية لتصوير جثث القتلى بفلم سينمائي عرض من على شاشة التلفزيون . بعد تنفيذ الحكم جلبت سديات وضعت عليها الجثث ونقلت الى مدخل دار الاذاعة والتلفزيون حيث وضعت على الرصيف بطريقة تمكن الموجودين بالخارج من التأكد بان عبد الكريم قاسم ومجموعته قد جرى اعدامهم . لم تستغرق كل الاحداث من دخول عبد الكريم قاسم ومجموعته الى دار الاذاعة مستسلمين الى اخراجهم قتلى ووضعهم على الرصيف اكثر من ساعة واحدة . وبعد حوالي الساعة جيء بعدد من السيارات العسكرية لنقل الجثث ودفنها في مكان سري . تحركت السيارات الى منطقة معامل الطابوق شرق بغداد حيث قام بعض الجنود هناك بحفر حفر دفنت بها الجثث الاربعة . ومن على مسافة غير بعيدة كان هناك بعض العمال في المنطقة الذي رأوا عملية الدفن واحسوا بانها ربما تكون عملية دفن لعبد الكريم قاسم الذي اعلن عن اعدامه قبل ساعات . وما ان تحركت السيارات العسكرية عائدة حتى هرع بعض سكان المنطقة ونبشوا الحفر فعثروا على جثة عبد الكريم قاسم فقاموا بسحبها بينما تركوا بقية الجثث في مكانها معاودين دفنها . اخذت جثة عبد الكريم قاسم الى احد الدور القريبة وبدأ الناس يتجمعون هناك حولها وسط عويل وصريخ وبكاء من اهل المنطقة الذين كانوا يحبون قاسم لما عرفوا فيه من زهد وحب للفقراء . وصل الخبر بسرعة الى اسماع قادة الحركة فارسلوا مفرزة عسكرية مسلحة الى تلك المنطقة حيث فرقت الجموع عن طريق اطلاق الرصاص بالهواء واخذت الجثة من جديد . كان المساء قد حل والظلام قد شاع فتم في حينها وضع جثة عبد الكريم قاسم في كيس (گونية) حشيت بعدد من الصخور . ثم تحركت السيارة العسكرية التي تحمل الجثة في وسط الليل الى جسر ديالى حيث قامت بالقائها في النهر الذي كان في ذلك الوقت نهرا عامرا ممتلئا بالمياه الى ضفافه . وبذلك طويت صفحة هذا الرجل الذي له محبين كثيرين وكارهين كثيرين ايضا , وكان لحياته وقعا كبيرا وتأثيرا لا يستهان به على وقائع تاريخ العراق الحديث . كما غابت جثته في قعر نهر ديالى من غير ان يحصل على قبر . ان هذه هي الحقيقة الثابت حول مصير جثة عبد الكريم قاسم , وان كل ما يقال عن العثور على قبر له هو مجرد ادعاء . وقد نشرت صور مؤخرا عن مجموعة قبور في منطقة المعامل في بغداد قيل بان من بينها قبر للزعيم عبد الكريم قاسم . ان هذه القبور قد تكون حقيقية فعلا لافراد المجموعة التي اعدمت مع عبد الكريم قاسم , اما وجود قبر له بينها فهو أمر بعيد عن الصحة .
ملحوظة : جانب من المعلومات التي وردت بهذا المقال مأخوذة شخصيا من لسان شاهد عيان لا يسعني ذكر اسمه كان موجودا في دار الاذاعة اثناء وقوع تلك الاحداث . 

بقلم وسام الشالجي
جمع واعداد خالد عوسي.

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...