لعلّ الكثيرين من الناس لا يعلمون ان الباشا نوري السعيد ليس لديه ذرية سوى ابنه صباح (ويقال ان لديه ولداً اخر اسمه فلاح قد توفي غرقاً وهو صغير ) من زوجته نعيمة العسكري شقيقة وزير الدفاع الاسبق جعفر العسكري . ولان الباشا رجل العراق الاول في حياته السياسية حتى بعد وفاته لم يأت الى السلطة رجل دولة رصين وديمقراطي وعفيف اليد . هذه حقيقة غُيِّبت عن اذهان الناس عقود عديدة بدوافع سياسية محدودة كان يُخَطَّأ الباشا على ضوئها بأعتباره داعية للرأسمالية وللغرب وان المضحك بأن تلك القوى نفسها التي دفعت هذا الشعار وحاربت الباشا نجدها اليوم وهي في السلطة تدعوا للغرب وللرأسمالية وللقطاع الخاص ، فهل يرحمهم التاريخ ؟! فيا اسفي على العراق... العراق الذي اكتوى بنار سياسيين همهم فقط السلطة والمال والجاه . ونعود الان الى موضوع مقالنا هذا، اذ كان للباشا بنت اسمها سعاد حينما كان ضابطاً في الجيش العثماني ويعيش في تركيا من زوجة على الارجح انها تركية وعندما جاء مع ركب الملك فيصل الاول الى العراق قادماً من الحجاز اقترن بأمرأة ثانية وهي نعيمة العسكري الا انه كان ( عادلاً) منفذاً لأمر الله بشأن تعدد الزوجات وكان يتردد كثيراً على زوجته الاولى ويربي ابنته سعاد على شمائله واخلاقه كانت سعاد تأتي احياناً مع ابيها وتفرح كونها ابنة نوري السعيد . وحينما قتل و بعد وفاة والدتها بقيت لوحدها فقررت المجئ الى العراق ظناً منها بأنها ستجد إرثاً وفيراً وقصوراً عديدة وتنال حصتها من الارث وهو في مخيلتها كبير يمكنها ان تعيش برخاء واستقرار وعندما جاءت لم تجد شيئاً على الاطلاق حتى البيت الذي كان يسكنه ابيها هو ملك للدولة ولم تحصل الا على راتب تقاعدي بسيط لان اباها كما يبدو لا يملك بيتاً في تركيا ولان الراتب التقاعدي المخصص لها قليل لا يكفيها مسكناً وميعشة فأضطرت ان تذهب الى دار العجزة لتسكن فيها وتنفق راتبها البسيط لسد حاجاتها. يروي لي صديقي العزيز المصرفي اللامع الاستاذ مثنى الجبوري وكان يومها مديراً لفرع مصرف الرافدين الذي تتسلم منه راتبها انها كانت تأتي متكأة على عصا ومعها امرأة متوسطة العمر ظننت انها من اقربائها الا انها قالت له انها احدى موظفات دار العجزة وحينما تنفق ماعندها من الراتب البسيط تضطر الى المجيء قبل موعد تسلم الراتب وكانت تنتخي صديقنا ( ابا الحارث) الذي اشرنا اليه فيصرف لها من كيسه الخاص بعد ان يستحصل توقيعها وبما يؤيد تسلمها الراتب عند حلول الموعد وهذا ليس غريبا على ذوي الشهامة والغيرة فهم كثر في العراق . انقطعت اخبارها واتضح بعد ذلك انها انتقلت الى جوار ربها عساها ان تحظى برحمته وغفرانه. المدى - تاليف سهيل العباسي .
جمع واعداد / خالد عوسي
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق