صورة - ( عبدالكريم قاسم في طريقه الى مكتبه وفي يده بندقية نصف آلية في 21 تموز 1958م ) .
بمناسبة حلول الذكرى الحادي و الخمسون لاعدام الزعيم عبد الكريم قاسم في 9 شباط 1963 , ارفع هنا مقالا عن الساعات الاخيرة من حياة هذا الرجل بالاضافة الى وقائع اعدامه والحقيقة وراء مصير جثته .
في 14 تموز من عام 1958 تولى الزعيم عبد الكريم قاسم منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة . وقد كان هذا المنصب استنادا الى الدستور المؤقت الذي شرعته الثورة هو اعلى منصب في الدولة , اذ كان منصب رئيس مجلس السيادة الذي يعد بمثابة رئيس الجمهورية هو منصب فخري بلا صلاحيات تشريعية او تنفيذية . وبعد اربع سنوات ونصف تقريبا , وبالذات في 8 شباط عام 1963 (الموافق 14 رمضان) حصلت حركة انقلابية ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم قادها حزب البعث العربي الاشتراكي وبعض العسكريين من بينهم عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وحردان التكريتي . وقعت احداث الحركة صبيحة ذلك اليوم الذي كان يصادف يوم جمعة حيث هاجم عدة مئات من البعثيين المدنيين المسلحين باسلحة خفيفة مقر وزارة الدفاع ساندتهم بعض الدبابات التي جلبت بعض العسكريين من ضباط الحركة من معسكر ابو غريب وبعض الطائرات التي انطلقت من قاعدة الحبانية والتي قادها بعض الطياريين البعثيين مثل المقدم الطيار منذر الونداوي والرائد الطيار محمد جسام الجبوري . لم يكن الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع وقت حصول الحركة الا انه قرر الذهاب من منزله الى هناك لقيادة العمليات المضادة التي كانت تهدف الى سحق المهاجمين , وكان هذا القرار من اكبر الاخطاء التي اتخذها عبد الكريم قاسم لانه ادت الى حصره داخل الوزارة دون وجود امدادات خارجية . وبعد معارك قوية استمرت طيلة ساعات مساء وليلة الثامن على التاسع من شباط بدأت القوات المدافعة عن الوزارة بالتقهقر خصوصا بعد مقتل أمرها الزعيم عبد الكريم الجدة – آمر الانضباط العسكري وقائد القوة المدافعة . وفي الوقت الذي كان يجري فيه القصف على وزارة الدفاع ، سجل عبد الكريم قاسم على شريط تسجيل تحت أصوات الانفجارات والقصف خطاب منه موجه إلى الشعب والقوات المسلحة وأرسله إلى دار الإذاعة مع الرائد سعيد الدوري على امل اذاعته لكن هذا الاخير سلم الشريط إلى قادة الحركة ، كما أن دار الإذاعة كانت قد احتلت من قبل قادة الحركة ، ولذلك لم يتسنَ إذاعة الخطاب ، وفي صباح يوم التاسع من شباط تسلل عبد الكريم قاسم ومعه مرافقه المقدم قاسم الجنابي والزعيم طه الشيخ أحمد أمر الحركات العسكرية والزعيم فاضل عباس المهداوي ابن خالة قاسم ورئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة واحد الضباط المرافقين الشخصيين اسمه الملازم كنعان حداد . ومن هناك قام عبد الكريم قاسم بالاتصال هاتفياً بدار ألاذاعة ، وتحدث مع عبد السلام عارف طالباً منه التفاوض للمشاركة في السلطة أو السماح له بمغادرة العراق ، لكن عبد السلام عارف طلب منه الاستسلام وقال له بانه ليس قائد الثورة وانه مجرد عضو بالمجلس الوطني لقيادة الثورة ثم وعده بانه سينقل مطاليبه الى قادتها . وعند الساعة الواحدة والنصف من ظهر 9 شباط 1963 سلم عبد الكريم قاسم نفسه حيث اقتيد هو ورفاقه إلى أستوديو التلفزيون في مقر دار الاذاعة العراقية على متن عدة مدرعات عسكرية . وبعد دخول عبد الكريم قاسم ومجموعته الى دار الاذاعة حصلت محاورة بينه وبين كل من عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وعبد الغني الراوي وعلي صالح السعدي (الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في حينها) . استحلف عبد السلام عارف عبد الكريم قاسم بالقرأن بان يعترف بانه هو الذي كان القائد الحقيقي والمنفذ الفعلي لثورة 14 تموز وليس عبد الكريم قاسم . كان عبد الكريم قاسم يظن بان عبد السلام عارف هو الذي يقود الحركة ضده لذلك طلب منه تسفيره للخارج او تعيينه سفيرا في تركيا او النمسا قائلا له (سلام , اني ما عدمتك فلا تعدمني) . لكن بعد سير الاحاديث ادرك قاسم بان الموجودين يتربصون به شرا فطلب محاكمته محاكمة عادلة كما فعل هو مع خصومه . لم تستمر هذه المحاورة لاكثر من عشر دقائق او ربع ساعة دخل بعدها احد العسكريين الموجودين بالخارج عليهم وابلغ قادة الحركة بان المدنيين من الشيوعيين وانصار عبد الكريم قاسم بدأوا بالتجمع امام مقر الاذاعة وفي سطوح المنازل القريبة وان كل دقيقة اضافية بعمر عبد الكريم قاسم تمر تنذر شرا كبيرا وقد تؤدي الى فشل الحركة . بعدها خرج قادة الحركة من استوديو التلفزيون وتداولوا فيما بينهم وقرروا إعدام عبد الكريم قاسم ومجموعته على الفور رميا بالرصاص . هنا تدخل عبد السلام عارف محاولا التوسط معهم من خلال الطلب من قادة حركة عدم اعدام قاسم الا ان طلبه رفض بشدة خصوصا من قبل علي صالح السعدي . بعد دقائق دخل بعض الضباط الى استوديو التلفزيون وقرأوا على الموجودين قرارا صادرا عن المجلس الوطني لقيادة الثورة يتضمن تشكيل محكمة برئاسة عبد الغني الراوي لمحاكمتهم فورا واصدار قرار الحكم العادل بحقهم . لم تتضمن المحاكمة سوى تلاوة لائحة الاتهام التي كان من بينها الخيانة العظمى والانحراف عن مباديء ثورة 14 تموز والتفرد بالحكم , صدر بعدها قرار الحكم الذي كان الحكم بالإعدام رميا بالرصاص عليهم جميعا . ثم سئل الموجودين هل يطلبون شيئا قبل تنفيذا الحكم فطلب عبد الكريم قاسم قدحا من الماء . وحين حاولوا تعصيب عيونهم قبل التنفيذ رفضوا ذلك . وفي تلك اللحظة تقدم حردان التكريتي من المقدم قاسم الجنابي وسحبه من كرسيه قائلا لماذا يعدم هذا الضابط الشريف الذي ليس له دخل في كل ما جرى فكتب بذلك عمرا جديدا لهذا الضابط الذي عاش بعدها فترة طويلة . بعد ذلك جرى اطلاق الرصاص من البنادق الرشاشة من قبل عبد الغني الراوي ومنعم حميد على عبد الكريم قاسم ورفاقه وهم جالسين على الكراسي فسقط فاضل عباس المهداوي والملازم كنعان حداد على الارض مضرجين بدمائهم بينما ظل عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد مسمرين على مقاعدهم . ثم جلبت كاميرا سينمائية لتصوير جثث القتلى بفلم سينمائي عرض من على شاشة التلفزيون . بعد تنفيذ الحكم جلبت سديات وضعت عليها الجثث ونقلت الى مدخل دار الاذاعة والتلفزيون حيث وضعت على الرصيف بطريقة تمكن الموجودين بالخارج من التأكد بان عبد الكريم قاسم ومجموعته قد جرى اعدامهم . لم تستغرق كل الاحداث من دخول عبد الكريم قاسم ومجموعته الى دار الاذاعة مستسلمين الى اخراجهم قتلى ووضعهم على الرصيف اكثر من ساعة واحدة . وبعد حوالي الساعة جيء بعدد من السيارات العسكرية لنقل الجثث ودفنها في مكان سري . تحركت السيارات الى منطقة معامل الطابوق شرق بغداد حيث قام بعض الجنود هناك بحفر حفر دفنت بها الجثث الاربعة . ومن على مسافة غير بعيدة كان هناك بعض العمال في المنطقة الذي رأوا عملية الدفن واحسوا بانها ربما تكون عملية دفن لعبد الكريم قاسم الذي اعلن عن اعدامه قبل ساعات . وما ان تحركت السيارات العسكرية عائدة حتى هرع بعض سكان المنطقة ونبشوا الحفر فعثروا على جثة عبد الكريم قاسم فقاموا بسحبها بينما تركوا بقية الجثث في مكانها معاودين دفنها . اخذت جثة عبد الكريم قاسم الى احد الدور القريبة وبدأ الناس يتجمعون هناك حولها وسط عويل وصريخ وبكاء من اهل المنطقة الذين كانوا يحبون قاسم لما عرفوا فيه من زهد وحب للفقراء . وصل الخبر بسرعة الى اسماع قادة الحركة فارسلوا مفرزة عسكرية مسلحة الى تلك المنطقة حيث فرقت الجموع عن طريق اطلاق الرصاص بالهواء واخذت الجثة من جديد . كان المساء قد حل والظلام قد شاع فتم في حينها وضع جثة عبد الكريم قاسم في كيس (گونية) حشيت بعدد من الصخور . ثم تحركت السيارة العسكرية التي تحمل الجثة في وسط الليل الى جسر ديالى حيث قامت بالقائها في النهر الذي كان في ذلك الوقت نهرا عامرا ممتلئا بالمياه الى ضفافه . وبذلك طويت صفحة هذا الرجل الذي له محبين كثيرين وكارهين كثيرين ايضا , وكان لحياته وقعا كبيرا وتأثيرا لا يستهان به على وقائع تاريخ العراق الحديث . كما غابت جثته في قعر نهر ديالى من غير ان يحصل على قبر . ان هذه هي الحقيقة الثابت حول مصير جثة عبد الكريم قاسم , وان كل ما يقال عن العثور على قبر له هو مجرد ادعاء . وقد نشرت صور مؤخرا عن مجموعة قبور في منطقة المعامل في بغداد قيل بان من بينها قبر للزعيم عبد الكريم قاسم . ان هذه القبور قد تكون حقيقية فعلا لافراد المجموعة التي اعدمت مع عبد الكريم قاسم , اما وجود قبر له بينها فهو أمر بعيد عن الصحة .
ملحوظة : جانب من المعلومات التي وردت بهذا المقال مأخوذة شخصيا من لسان شاهد عيان لا يسعني ذكر اسمه كان موجودا في دار الاذاعة اثناء وقوع تلك الاحداث .
في 14 تموز من عام 1958 تولى الزعيم عبد الكريم قاسم منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة . وقد كان هذا المنصب استنادا الى الدستور المؤقت الذي شرعته الثورة هو اعلى منصب في الدولة , اذ كان منصب رئيس مجلس السيادة الذي يعد بمثابة رئيس الجمهورية هو منصب فخري بلا صلاحيات تشريعية او تنفيذية . وبعد اربع سنوات ونصف تقريبا , وبالذات في 8 شباط عام 1963 (الموافق 14 رمضان) حصلت حركة انقلابية ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم قادها حزب البعث العربي الاشتراكي وبعض العسكريين من بينهم عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وحردان التكريتي . وقعت احداث الحركة صبيحة ذلك اليوم الذي كان يصادف يوم جمعة حيث هاجم عدة مئات من البعثيين المدنيين المسلحين باسلحة خفيفة مقر وزارة الدفاع ساندتهم بعض الدبابات التي جلبت بعض العسكريين من ضباط الحركة من معسكر ابو غريب وبعض الطائرات التي انطلقت من قاعدة الحبانية والتي قادها بعض الطياريين البعثيين مثل المقدم الطيار منذر الونداوي والرائد الطيار محمد جسام الجبوري . لم يكن الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع وقت حصول الحركة الا انه قرر الذهاب من منزله الى هناك لقيادة العمليات المضادة التي كانت تهدف الى سحق المهاجمين , وكان هذا القرار من اكبر الاخطاء التي اتخذها عبد الكريم قاسم لانه ادت الى حصره داخل الوزارة دون وجود امدادات خارجية . وبعد معارك قوية استمرت طيلة ساعات مساء وليلة الثامن على التاسع من شباط بدأت القوات المدافعة عن الوزارة بالتقهقر خصوصا بعد مقتل أمرها الزعيم عبد الكريم الجدة – آمر الانضباط العسكري وقائد القوة المدافعة . وفي الوقت الذي كان يجري فيه القصف على وزارة الدفاع ، سجل عبد الكريم قاسم على شريط تسجيل تحت أصوات الانفجارات والقصف خطاب منه موجه إلى الشعب والقوات المسلحة وأرسله إلى دار الإذاعة مع الرائد سعيد الدوري على امل اذاعته لكن هذا الاخير سلم الشريط إلى قادة الحركة ، كما أن دار الإذاعة كانت قد احتلت من قبل قادة الحركة ، ولذلك لم يتسنَ إذاعة الخطاب ، وفي صباح يوم التاسع من شباط تسلل عبد الكريم قاسم ومعه مرافقه المقدم قاسم الجنابي والزعيم طه الشيخ أحمد أمر الحركات العسكرية والزعيم فاضل عباس المهداوي ابن خالة قاسم ورئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة واحد الضباط المرافقين الشخصيين اسمه الملازم كنعان حداد . ومن هناك قام عبد الكريم قاسم بالاتصال هاتفياً بدار ألاذاعة ، وتحدث مع عبد السلام عارف طالباً منه التفاوض للمشاركة في السلطة أو السماح له بمغادرة العراق ، لكن عبد السلام عارف طلب منه الاستسلام وقال له بانه ليس قائد الثورة وانه مجرد عضو بالمجلس الوطني لقيادة الثورة ثم وعده بانه سينقل مطاليبه الى قادتها . وعند الساعة الواحدة والنصف من ظهر 9 شباط 1963 سلم عبد الكريم قاسم نفسه حيث اقتيد هو ورفاقه إلى أستوديو التلفزيون في مقر دار الاذاعة العراقية على متن عدة مدرعات عسكرية . وبعد دخول عبد الكريم قاسم ومجموعته الى دار الاذاعة حصلت محاورة بينه وبين كل من عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وعبد الغني الراوي وعلي صالح السعدي (الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في حينها) . استحلف عبد السلام عارف عبد الكريم قاسم بالقرأن بان يعترف بانه هو الذي كان القائد الحقيقي والمنفذ الفعلي لثورة 14 تموز وليس عبد الكريم قاسم . كان عبد الكريم قاسم يظن بان عبد السلام عارف هو الذي يقود الحركة ضده لذلك طلب منه تسفيره للخارج او تعيينه سفيرا في تركيا او النمسا قائلا له (سلام , اني ما عدمتك فلا تعدمني) . لكن بعد سير الاحاديث ادرك قاسم بان الموجودين يتربصون به شرا فطلب محاكمته محاكمة عادلة كما فعل هو مع خصومه . لم تستمر هذه المحاورة لاكثر من عشر دقائق او ربع ساعة دخل بعدها احد العسكريين الموجودين بالخارج عليهم وابلغ قادة الحركة بان المدنيين من الشيوعيين وانصار عبد الكريم قاسم بدأوا بالتجمع امام مقر الاذاعة وفي سطوح المنازل القريبة وان كل دقيقة اضافية بعمر عبد الكريم قاسم تمر تنذر شرا كبيرا وقد تؤدي الى فشل الحركة . بعدها خرج قادة الحركة من استوديو التلفزيون وتداولوا فيما بينهم وقرروا إعدام عبد الكريم قاسم ومجموعته على الفور رميا بالرصاص . هنا تدخل عبد السلام عارف محاولا التوسط معهم من خلال الطلب من قادة حركة عدم اعدام قاسم الا ان طلبه رفض بشدة خصوصا من قبل علي صالح السعدي . بعد دقائق دخل بعض الضباط الى استوديو التلفزيون وقرأوا على الموجودين قرارا صادرا عن المجلس الوطني لقيادة الثورة يتضمن تشكيل محكمة برئاسة عبد الغني الراوي لمحاكمتهم فورا واصدار قرار الحكم العادل بحقهم . لم تتضمن المحاكمة سوى تلاوة لائحة الاتهام التي كان من بينها الخيانة العظمى والانحراف عن مباديء ثورة 14 تموز والتفرد بالحكم , صدر بعدها قرار الحكم الذي كان الحكم بالإعدام رميا بالرصاص عليهم جميعا . ثم سئل الموجودين هل يطلبون شيئا قبل تنفيذا الحكم فطلب عبد الكريم قاسم قدحا من الماء . وحين حاولوا تعصيب عيونهم قبل التنفيذ رفضوا ذلك . وفي تلك اللحظة تقدم حردان التكريتي من المقدم قاسم الجنابي وسحبه من كرسيه قائلا لماذا يعدم هذا الضابط الشريف الذي ليس له دخل في كل ما جرى فكتب بذلك عمرا جديدا لهذا الضابط الذي عاش بعدها فترة طويلة . بعد ذلك جرى اطلاق الرصاص من البنادق الرشاشة من قبل عبد الغني الراوي ومنعم حميد على عبد الكريم قاسم ورفاقه وهم جالسين على الكراسي فسقط فاضل عباس المهداوي والملازم كنعان حداد على الارض مضرجين بدمائهم بينما ظل عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد مسمرين على مقاعدهم . ثم جلبت كاميرا سينمائية لتصوير جثث القتلى بفلم سينمائي عرض من على شاشة التلفزيون . بعد تنفيذ الحكم جلبت سديات وضعت عليها الجثث ونقلت الى مدخل دار الاذاعة والتلفزيون حيث وضعت على الرصيف بطريقة تمكن الموجودين بالخارج من التأكد بان عبد الكريم قاسم ومجموعته قد جرى اعدامهم . لم تستغرق كل الاحداث من دخول عبد الكريم قاسم ومجموعته الى دار الاذاعة مستسلمين الى اخراجهم قتلى ووضعهم على الرصيف اكثر من ساعة واحدة . وبعد حوالي الساعة جيء بعدد من السيارات العسكرية لنقل الجثث ودفنها في مكان سري . تحركت السيارات الى منطقة معامل الطابوق شرق بغداد حيث قام بعض الجنود هناك بحفر حفر دفنت بها الجثث الاربعة . ومن على مسافة غير بعيدة كان هناك بعض العمال في المنطقة الذي رأوا عملية الدفن واحسوا بانها ربما تكون عملية دفن لعبد الكريم قاسم الذي اعلن عن اعدامه قبل ساعات . وما ان تحركت السيارات العسكرية عائدة حتى هرع بعض سكان المنطقة ونبشوا الحفر فعثروا على جثة عبد الكريم قاسم فقاموا بسحبها بينما تركوا بقية الجثث في مكانها معاودين دفنها . اخذت جثة عبد الكريم قاسم الى احد الدور القريبة وبدأ الناس يتجمعون هناك حولها وسط عويل وصريخ وبكاء من اهل المنطقة الذين كانوا يحبون قاسم لما عرفوا فيه من زهد وحب للفقراء . وصل الخبر بسرعة الى اسماع قادة الحركة فارسلوا مفرزة عسكرية مسلحة الى تلك المنطقة حيث فرقت الجموع عن طريق اطلاق الرصاص بالهواء واخذت الجثة من جديد . كان المساء قد حل والظلام قد شاع فتم في حينها وضع جثة عبد الكريم قاسم في كيس (گونية) حشيت بعدد من الصخور . ثم تحركت السيارة العسكرية التي تحمل الجثة في وسط الليل الى جسر ديالى حيث قامت بالقائها في النهر الذي كان في ذلك الوقت نهرا عامرا ممتلئا بالمياه الى ضفافه . وبذلك طويت صفحة هذا الرجل الذي له محبين كثيرين وكارهين كثيرين ايضا , وكان لحياته وقعا كبيرا وتأثيرا لا يستهان به على وقائع تاريخ العراق الحديث . كما غابت جثته في قعر نهر ديالى من غير ان يحصل على قبر . ان هذه هي الحقيقة الثابت حول مصير جثة عبد الكريم قاسم , وان كل ما يقال عن العثور على قبر له هو مجرد ادعاء . وقد نشرت صور مؤخرا عن مجموعة قبور في منطقة المعامل في بغداد قيل بان من بينها قبر للزعيم عبد الكريم قاسم . ان هذه القبور قد تكون حقيقية فعلا لافراد المجموعة التي اعدمت مع عبد الكريم قاسم , اما وجود قبر له بينها فهو أمر بعيد عن الصحة .
ملحوظة : جانب من المعلومات التي وردت بهذا المقال مأخوذة شخصيا من لسان شاهد عيان لا يسعني ذكر اسمه كان موجودا في دار الاذاعة اثناء وقوع تلك الاحداث .
بقلم وسام الشالجي
جمع واعداد خالد عوسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق