الخميس، 13 فبراير 2014

إعدام شفيق قزاز وفرهود اليهود المستباح


الملك فيصل الأول يتوسط كبار رجالات اليهود العراقيين في منتصف العشرينات .

عاد الملك الشاب غازي من سهرة بسيارته ليلا في 4 نيسان 1939 لقصر الزهور وکان مسرعا وبين الاشجار المتراصفة على جانبي الطريق الترابي اصطدمت سيارته بعمود الکهرباء ( التيل ) قرب نهر الخر بتمام الساعة الحادية عشر والنصف ليلا مما ادى الى انقطاع الکهرباء عن قصر الزهور ..
صباح اليوم الثاني الخامس من نيسان تلي على الشعب العراقي نبأ وفاة الملك غازي ..و لم يکتمل قراءة البيان حتى هبت الجماهير الغاضبة وهي تندد بالاستعمار والامپريالية وزحفت باتجاه السفارة البريطانية بالشواکة منددين بنوري السعيد وعملاء الوطن ونتج عن هذا الغضب زحف الناس والانتقام من اليهود فنهبت المحلات في الشورجة ومحلات طاطران وسوگ حنون واعتدوا على الشبان اليهود واستمرت السفارة الالمانية ببغداد بالتحريض ضد اليهود ، مما شجع الناس على الاستمرار بالعداء الغير مبرر ضد ابناء البلد .. کانت عائلة شوميخ لاتبتعد عن محلة طاطران ، خرج المغربية ليشتري خبزا من باعة الخبز في السلال حتى سمع بصيحات الناس تمجد بغازي وتسب نوري السعيد عميل الانگليز ويلعنون اليهود ، اسرع الخطى للبيت وهو لايعرف ماجرى ..!! اتصل بجاره ليخبره إن غازي المعظم قد مات ..لم يجرؤ أيآ من اليهود من الخروج ، خائفين من ردات فعل الناس وهم ابعد مايکونون من تلك التهمة وبالنتيجه کانت صباح يوم السادس من نيسان احراق وسرقة أغلب محلات الشورجة وحنون وطاطران والهيتاويين ؛ لم تکتمل فرحة شوميخ حين کان يحضر عرس احد اقاربه فقد انقلبت تلك الايام الى احزان وهو يسمع اصوات الناس تنادي ( اقتلوا اليهود ) .. بعد شهرين في 2 مايس قام رشيد عالي الگيلاني بإنقلاب ضد الوصي ونوري السعيد متکئآ على ضباط الجيش الذين عاونوه على تعطيل الدستور وتآييد مفتي القدس ( ضيف العراق ) امين الحسيني وتشجيع السفير الالماني ( غروبا ) وقد اجتمعا معاً حين نجحت الحرکة ... بلغ عدد البلاغات التي تليت اثناء حرکة الگيلاني 33 بلاغا في 2 مايس مما أقلق الطائفة وکانت تلك البلاغات هي مقدمات لتقليص اعداد اليهود ... کل تلك العوامل زادت من مخاوف الطائفة اليهودية .وحاولوا التغلب على خوفهم والخروج لمزاولة اعمالهم وعيونهم تتلفت يمينا ويسارا خوفا من ردات الاهالي ولم يمر احدأ من الصبية اليهود الا وقد شبع ضربا من ( الراشديات والکفخات ) على ايدي المسلمين ورغم هذا حاولوا أن يتأقلموا من جديد ، و في الثاني والثالث من حزيران 1939 حصلت مجازر شنيعة بحق هؤلاء الابرياء ، فقد قتل باليوم الاول 179 يهوديآ من العمال والکسبة والتجار واصحاب المحلات وکانت أشنعها حين قام أحد رجال الدين بقتل طفل يهودي أمام مرآى الناس بمحلة باب الشيخ وأحرقت المحلات وسرقت المحلات وعاد الشغب باليوم الثاني ليکملوا جريمتهم ولينهوا على ماتبقئ وبلغ اعداد القتلئ قرابة 900 يهودي وهرع الناس صوب محلات طاطران والشورجه وسوگ حنون والقشل لحمل ماخف وزنه وغلا ثمنه وللاسف لم تصدر فتوى بتحريم تلک الاعمال الشنيعة .. هرب اليهود بأبنائهم مرعوبين من هول الفجيعة من بيت الى بيت وسميت تلك بفر اليهود أو الفرهود ..لم تتدخل الحکومة لحفظ ممتلکات ابناء الوطن ، بل کانت هناك الدعاية مستمرة وموجهة ضد هؤلاء العزل ..إلتجأت مئات العوائل مع اطفالهم للمعابد وللجيران المسلمين عشرة عمرهم طالبين الامان ،،،، فکانت المأسآة فيما بعد أکبر والفاجعة أعظم حينما تسائلت کل أم عن ابنها أو اخيها أو طفلتها التي نسيتها تلعب بالطرف وهي لم ترتکب خطئآ لکي تدفع هذا الثمن الباهض .. رجع بعض اليهود وقد ناله من الضرب مالم ينله احد ، بلغ اعدادهم من الجرحى بالالاف وقد سرقت أموالهم وملابسهم وتعرضوا للاهانات من الاخرين .. بعد أيام حين هدئت الامور خرج بعض اليهود مع الاخيار من الناس للبحث عن اولادهم و ذويهم فوجدوهم قتلى . فتم دفنهم بمقبرة جماعية قرب الميزرة بجانب السور القديم .. نهبت المحلات والممتلکات وقدرت ب3 الى 4 ونصف مليون پاون إسترليني ولم تدخر الحکومة وسعآ لتعويض هؤلاء ..هرب البعض منهم نحو البصره والمناطق الاخرى وبإتجاه ايران خوفا من أن تتوسع دائرة الانتقام .. يقول ماجد خضوري باحث عراقي من الطائفة اليهودية ( إن البريطانيين يتحملون الجزء الاخر من المجزرة التي حصلت لنا فهم کانوا في مخيمات خارج الولاية ( معسکرات ) کما ويتحمل توني آيدن تلك المسؤولية ايضاً .. فکرت الجمعيات الصهيونيه بفلسطين افضل السبل لانقاذ اليهود من تلك المجازر البشعه ، کما وفکر البعض من يهود العراق الاتصال بالجمعية الصهيونية التي اصبحت الملجأ الوحيد لهم بعد أن ضاقت بهم السبل لإنقاذ ماتبقى من إخوتهم يهود العراق ، شعرت الحکومة العراقية بالاحراج أمام ماحصل ولاسيما أن الملك الصغير فيصل وخاله الوصي عبد الاله ونوري السعيد قد هربوا من جراء المحاولة التي قام بها رشيد عالي الگيلاني وثلة من ضباط الجيش بتعطيل الدستور و وقف جلسات البرلمان . عاد شفيق قزاز من تجارته الاخيره وماهي الا أيام وقد طوقت الشرطة باب منزله واقتادته الى السجن ومن ثم اجراء محاکمة له بتهمة تزويده بالسلاح لاسرائيل عن طريق ايطاليا وقال المدعي العام ( إن المتهم شفيق قزاز واثناء تجارته بين الهند وايطاليا وأيران والعراق قد اشترى مخلفات الخرده اسلحة الجيش البريطاني من هناك وارسلها لاسرائيل ) . دافع شفيق قزاز عن نفسه برمي تلك الاتهامات وقد توکل محاميان عراقيان مسلمان بالدفاع عن قزاز وقال احد المحامين بالمحکمة :- ( إن الحکومة تريد أن ترمي فشلها على ماحصل من مجازر لليهود ببغداد والصاق التهمة بموکلنا السيد شفيق قزاز المعروف عنه اکبر تاجر بالبصره ويشهد له العموم ) . إلا إن المحکمة العسکرية قررت النطق بإعدام شفيق قزاز ولم يسمحوا له بإجرائات الاستئناف وأعدم ثاني يوم بباب منزله بالبصره وأمام مرآى الناس .. لبغداد ذکريات أليمة يصنعها السياسيون ولها طعم وسحر يجذبك إليه دون أن تدري ،، تقلص أعداد اليهود العراقيون وهم لازالوا يضمدون جراحاتهم التي حصلت لهم جراء سياسات رشيد عالي الگيلاني ..
کان ليهود بغداد اليد الطولى بکل جوانب الاقتصاد العراقي ولن تجد معلما او مصنعا او وزارة الا وبه اقتصاديان يهوديان وشهد شارع الرشيد لهم فأغلبية السينمات والملاهي والبارات والمنتديات الادبية والاذاعة والراديو قد غنت بحسيبة مکنو وسمحة وسليمة مراد واخريات .. حاولت الدول الکبرى بعد الخروج من الحرب العالمية أعادة النظر لما أصاب اليهود من جراء المحارق النازية والابادة والتصفية والتنکيل والتهميش ضرورة عقد مؤتمر في عام 1947 بتشکيل وطن قومي لليهود في اسرائيل أرض الميعاد کما جاء ذکرها بالتوراة .. في عام 1948 أقرت الجمعية العمومية بالامم المتحدة على تأسيس وطن لليهود بعد أن تقوم حکومة اسرائيلية منتخبة تحاول أن تشجع اليهود المظطهدين بالعالم على العودة الى اسرائيل وانهاء معاناتهم وتضميد جراحاتهم ... وبد ات الحركة الصهيونية بعملها من خلال تشجيع اليهود للعودة.. وبالعراق قام حزب الاستقلال بتحريض الرأي العام ضد اليهود حيث ذکر الحزب ( إن اللائمة تقع على اليهود تحت الارض ) مما فسره البعض على أن الصهيونية تعمل سرا على تهريب اليهود لفلسطين ، فقد کان هذا کافيا على القيام بأعمال تحريضية وانتقامية واعادة أثارة الفتن والکراهية ضد اليهود .. کان ببغداد أقدم کنيس لليهود وهو معبد الشيخ اسحاق الغاووني في محلة الشيخ اسحق ويفضي بابه على شارع سوگ حنون من حارات اليهود وقد کان هذا الرجل صيرفيا عند الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام وأعلى القبر حجرا من الرخام مکتوب عليه بالعبرانية (( تاريخ الراقد الرباني إسحاق الغاووني المتوفي سنة 620 لخراب بيت المقدس )) وفوق القبر قماش مطرز الشکل وعليه قنديل ينير المکان وقد عبئ القنديل بدهن السيرج السمسم کما يسميه العراقيون ، والمعبد اصبح ملجئ للعميان اليهود للدراسة فيما بعد .. انا اتساء ل فقط، لو لم یحصل ما حصل للیھود علی ایدي العرب المسلمین وبقي الیھود في بلدانھم كالعراق ومصروغیرھا من البلدان، ھل كانت اسرائیل موجودة الیوم؟ ما فعله الالمان قمة النازیة، متفقون علی ذلك، ولكن ماذا نسمي ما حصل للیھود فی العراق وغیرھا من البلدان؟ مجرد سؤال ؟
( مقالة للكاتب: فاضل شناشيل ) .

جمع واعداد خالد عوسي.

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ)

  جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ) . الصورة : ملتقطة من جهة ساحة النسور ، وعلى اليسار (قصر الرحاب) وعلى اليمين (قصر الزهور) الذي لم يظهر . شيد الع...