الثلاثاء، 31 مارس 2015

ولد الخط في بغداد



المقال : ولد الخط في بغداد...! . الصورة : عميد الخط العربي هاشم البغدادي .
(ولد الخط ومات في بغداد)!! هذه العبارة الشهيرة قد قالها الخطاط التركي الشهير(حامد الآمدي) بمناسبة وفاة الخطاط العراقي الكبير(هاشم الخطاط). وكان يقصد بالولادة الخطاط العراقي العباسي(ابن البواب)، اما الموت فهو موت (هاشم الخطاط) عام 1973.وقد استمد العراقيون براعتهم في الخط العربي من ميراثهم العريق في ابداعهم لأول خط في تاريخ البشرية، الخط المسماري، ثم بعده الخط(الآرامي السرياني) الذي منه اشتق الخط العربي، وبالذات شكله الكوفي.. منذ الخط الكوفي الأول الذي كتب به القرآن الكريم، وحتى يومنا هذا كان للخطاطين العراقيين السبق في الإبداع. و على رأسهم الخطاط (هاشم البغدادي) فلقد كان الملك فيصل الثاني يكن له كل الإعجاب والتقدير وكان يحرص على افتتاح معارضه بنفسه برعايته الملكية المهيبة. اما بعد 14 تموز 1958 فقد كان هاشم الخطاط من المقربين للزعيم عبد الكريم قاسم فلقد حرص على افتتاح معارض هاشم الخطاط بنفسه حيث اوصاه وصيته المهمة، قائلا له:ـ(يا هاشم تقع على عاتقك مهمة كبيرة وهي اني اوصيك بكتابة وخط القرآن الكريم) . و بعد أن طلب منه أن يكون خطاط القصر الجمهوري في عهد البكر . شد الرحال الى المانيا لمدة ثلاث سنوات، وفي المانيا منح لقب (بروفيسور) وقد طلبت منه الحكومة الالمانية العمل في متحف (هامبورغ) و(برلين) ولكنه رفض ذلك وفضل العودة الى بلده والتدريس في معهد الفنون الجميلة ببغداد. ومن الصفحات المشرقة في حياته، ان بابا الفاتيكان استقبله ومنحه (وسام البابا) تقديرا له على انجازه خط القرآن الكريم حيث اهدى هاشم الخطاط نسخة من القرآن الكريم الى البابا. وكان بيت المرحوم هاشم الخطاط اشبه بمزار لشخصيات العراق المهمة من ادباء وشعراء وموسيقيين ورجال دين وسياسة ومن امثلة هذه الشخصيات جواد سليم وفائق حسن وخالد الجادر والجواهري واحمد سوسة والدكتور علي الوردي. وقد زار بيت الراحل اشهر خطاطي العالم من تركيا وباكستان وافغانستان وسوريا والاردن ومصر ومعظم بلدان المغرب العربي ودول الخليج العربي، وقد تلقى الراحل رسائل عديدة من بعض الدول العربية وتمت مفاتحته لغرض فتح متاحف خاصة باعماله في مصر والكويت ولكنه رفض مفضلا العمل في بلده. وقد كانت امنية المرحوم هاشم الخطاط ان يكتب مصحفا خالدا يحفظ ذكره، ويبقي اثره حيث تقدم بطلب التفرغ الى وزير التربية آنذاك الدكتور احمد عبد الستار الجواري، والحقيقة ان الدكتور الجواري قد وافق مبدئيا على رغبة المرحوم هاشم الخطاط وكان الراحل بانتظار عدة العمل مثل الورق الخاص بذلك والاحبار الخاصة ولكن هذه العدة وصلت متأخرة جدا وبشكل مؤلم وغريب حيث وصلت قبل يوم واحد من وفاته!


جمع واعداد/ خالد عوسي.

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان



المقال : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان . الصورة : آخر وزير داخلية في العهد الملكي (سعيد قزاز) وسط الصورة .
يذكر (سالم عيسى تولا) عن حادثة حدثت معه فقال :" كنا في سيارة في طريقنا من القوش الى الموصل فتعطلت في الطريق ومعنا نساء واطفال في السيارة والوقت صيف والاطفال يبكون من العطش . حتى مرت سيارة سوداء فتوقفت . سأل سائقها هل تحتاجون الى أي مساعدة فقال سائقنا سيارتنا تعطلت يمكن بسبب البطارية فقال سائق السيارة الثانية اذا دفعناه تشتغل . نزل الرجل الاخر الذي كان جالس في تلك السيارة للمساعدة في الدفع وبدأوا يدفعون الى ان اشتغلت سيارتنا ، وفي هذه الاثناء قال سائق تلك السيارة السوداء لسائق سيارتنا :هل تعرف من دفع معنا ؟ انه متصرف الموصل سعادة المتصرف سعيد قزاز!!. (إ. هـ) . كان سعيد قزاز يعمل بدأب وجد في فيضان 1954 فكان يتنقل في ساعة الشدة وفي لحظة الازمة بين السداد وبين مقره في وزارة الداخلية مشيداً بعزيمة الرجال العاملين على حماية السدود وبقيت بغداد مهددة بالخطر على الرغم من جميع الجهود المبذولة للسيطرة على الفيضان ففي الوقت الذي بات فيه بعض الوزراء بنقل امتعتهم وأثاثهم الى الجانب الغربي من بغداد . واصل سعيد قزاز تنقلاته بين المناطق المختلفة داخل العاصمة . فكان ينتقل من تل محمد حتى الصليخ في سيارته ليتابع الاعمال القائمة على السداد الشرقية فكان يبقى حتى الساعة الثالثة او الرابعة بعد منتصف الليل يشرف بنفسه على اعمال المكافحة والانقاذ . وقد استطاع من خلال عمله المستمر انقاذ موظفي الزراعة في الزعفرانية الذين كادت المياه ان تبتلعهم من خلال ارساله الزوارق البخارية على وجه السرعة لانتشالهم . فاشارت جريدة الايام الى هذا العمل بأنه (نعمة تذكر له على الدوام). اعتقل يوم الإنقلاب على الملكية في العراق، فوقف بعزيمة ووقار وثبات أمام الشتائم والاهانات الصارخة في محكمة المهداوي ، كما وقف يوم 29/1/1959 يدافع عن نفسه امام المحكمة المذكورة بخطاب بليغ غاية في البراعة، وقد ختم كلامه قائلاً: انني أقف الآن وأرى الموت مني قاب قوسين او أدنى، ولا ترهبني المشنقة، وعندما أصعد عليها سأرى الكثيرين ممن لا يستحقون الحياة تحت قدمي، وأقف الان بين يدي الله عز وجل لأقول كلمتي الاخيرة كمسلم لا أمل له الاّ بعدالة خالقه العظيم ولا ايمان الا بدينه الاسلامي الحنيف، أقف كعراقي قدم ثلاثاً وثلاثين سنة في تعزيز الوحدة العراقية المقدسة، وأعلن على رؤوس الاشهاد بأني فخور بما قدمت لوطني الحبيب من أعمال وخدمات، فخور بانني كافحت الشيوعية بدافع اسلاميتي ووطنيتي.. فخور بانني كنت وزيراً فعالاً اعمل بوحي من ربي وعقل في رأسي وقلب في صدري.. محذراً من شرور الشيوعية الدولية وأخطارها على وطني العزيز.. لذلك اختتم دفاعي بأنني لا أطلب الرحمة والغفران من أي بشر كان، بل أترك أمري الى الله وأصبر حتى يحكم الله، وهو خير الحاكمين.
جمع واعداد/ خالد عوسي.

الإنتماء الديني في العهد الملكي

المقال : الإنتماء الديني في العهد الملكي . الصورة : رئيس الوزراء نوري سعيد .
في عام 1944 تخرج أحد عشر طالباً من الثانوية في الموصل بمعدلات تؤهلهم للدخول الى الدارسات العالية . اي الكليات ولكن كان سبعة منهم ، من المسيحيين !! فإعترض أحد الوزراء وقال :- كيف يحدث هذا ! ما ممكن ابدا" ان يكون سبعة منهم مسيحيين و الاربعة الباقية مسلمين!! . و لكن الباشا اصر على النتائج كما هي ، و قال :- كلهم مواطنون عراقيون بغض النظر عن إنتمائهم الديني، وأيد فاضل الجمالي نوري السعيد الذي كان يومئذ وزيراً في وزارته !! و كذلك الوصي عبد الاله ايد نوري السعيد في ذلك واصروا على قبول المسيحيين ووصل الموضوع الى استقالة الوزير . فتدخل السفير البريطاني و هدأ الموقف و دخل الطلاب المسيحيين السبعة الكلية واستقال الوزير المعارض !!!

مؤسس الدبلوماسية العراقية

المقال : مؤسس الدبلوماسية العراقية . الصورة : رئيس الوزراء الدكتور (محمد فاضل الجمالي) للفترة من 1953 - 1954 . مقيداً بالسلاسل بعد إنقلاب تموز عام 1958 .
[يقول يونس بحري في مذكراته :- عندما جاؤوا بالجمالي إلى السجن في القاعة التي كنت أول من سجن بها سألته عن صحة ما سمعته عنه في أنهم قتلوك وسحلوك في بغداد قال لي بلهجته الساخرة :لقد شبه لهم ولكن ياليتهم فعلوا ذلك على الأقل لكنت قد تخلصت من الآم الضرب والتعذيب التي تعرضت لها. انظر إلى هذه الكدمات والجروح التي في جسدي من جراء ضربي بأخمص البنادق والمسدسات على راسي وجسمي لساعات طويلة. ثم يضيف: عندما كبلوني بالحديد والسلاسل قلت لهم: إن هذه السلاسل قد اشتريتها ضمن صفقه للجيش العراقي من أمريكا، فقال لي الضابط بعدها إذن أنت الذي اشتريت هذه السلاسل لتقيد الشعب العراقي بها. قلت له لا ليس لهذا السبب فقال لي لماذا اشتريتها قلت له ضاحكا من اجل أن تكبلوني بها، وها انتم فاعلون، وهذه الطريقة بالكلام معهم لربما أنقدتني من الموت... وبعدها حصلت ضجة إعلامية عالمية بسببه في الأمم المتحدة (لكونه من المساهمين في صياغة ميثاقها عند تأسيسها عام 1945) أجبرت الحكومة وقتها، وبعد فتره على إطلاق سراحه عام 1961.
و إليكم بعض الحوار الذي دار بين المهداوي و الجمالي في محكمة المهداوي .
المهداوي : انتم حكومة تعاملتم مع أمريكا...!
فاضل الجمالي : نعم تعاملنا مع أمريكا، وأنتم قررتم التعامل مع الإتحاد السوفييتي والله يعينكم (قالها بشيء من التهكم)...!
المهداوي: يقولون أنت ماسوني...!!!
فاضل الجمالي: لو فرضنا يا سيادة رئيس المحكمة أنا ماسوني... فبأي مادة من القانون العراقي سوف تحاكمني . Cardiovascular Surgeon]
رفض الجمالي التكريم من خلال دعوته لحضور الإحتفال بمضي نصف قرن على تأسيس الأمم المتحدة عام 1995 . بسبب العدوان و الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة ضد العراق بإسم الأمم المتحدة . مات الجمالي في تونس و دفن بها عام 1997 .
بلادي وإن جارت علي عزيزة ---------- وأهلي وإن ضنوا علي كرام
بلادى وأن هانت على عزيزة ---------- ولو أننى أعرى بها وأجوع
ولى كف ضرغام أصول ببطشها ---------- وأشرى بها بين الورى وأبيع
تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها ---------- وفى بطنها للمجدبين ربيع
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى ---------- خلاصا لها ؟ أني اذن لوضيع
وما أنا إلا المسك فى كل بلدة ---------- أضوع وأما عندكم فأضيع


جمع واعداد/ خالد عوسي

أطفال المملكة العراقية

المقال : أطفال المملكة العراقية . الصورة : من اليمين (سعيد قزاز) ثم (غازي الداغستاني) .
" في احد الايام وقبل موسم الامتحانات النهائية طلب مني مدير ناحية (القوش) شمال الموصل . بصفتي مدير المدرسة الإبتدائية الوحيدة آنذاك في القوش، و بإعتبار مدير الناحية مسؤولا إداريا عن المدارس الإبتدائية في النواحي ،طلب مني أن أُخرج التلاميذ والمعلمين الى مدخل البلدة لاستقبال سعادة متصرف اللواء والترحيب به و لقد كان ذلك اليوم ، يوما حارا ومغبرا ، فنفذت الأمر وخرجنا مع المعلمين والتلاميذ الى مدخل البلدة (سكان هذه البلدة هم من أتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية) وأنتظرنا قدوم سعادته وكان أنذاك سعيد قزاز ، وحال وصوله صفقنا له نحن و التلاميذ مرحبين باستقباله ." " توقعنا من المتصرف أن يقابلنا بابتسامة وبالشكر والتقدير وبعلامات الفرح على وجهه لهذا الإستقبال ولتحملنا الجو الحار والمغبرّ وأنتظارنا ساعات مع مدير الناحية وموظفي مركز الناحية و تصفيق التلاميذ ، ولكن الواقع كان غير ما توقعنا فنزل منزعجا متجهم الوجه ..غاضبا يلتفت يمينا وشمالا يسأل من منكم مدير المدرسة ؟؟ فتقدمت اليه وقلت له أنا سيدي ! " فقال : " باي حق تخرجون هؤلاء الأطفال بعمر الورود وتوقفوهم في هذا الجو الحار المغبر ساعات وتحرمونهم من دروسهم ؟ هل أنا أريد منكم أستقبالا وتصفيقا ؟ بل أنا قادم لأزورهم بنفسي في صفوفهم !! لاطلع على سير التدريس في المدرسة واطلع على مشاكلهم ان وجدت ".!! قلت : " سيدي أنا أخرجت التلاميذ بامر من مدير الناحية ، لاننا كما تعرفون تابعين إداريا لمدير الناحية! فقال لو كنت أنت المسؤول عن هذا التصرف لعاقبتك ! . ثم ألتفت الى مدير الناحية وعاتبه على تصرفه هذا " . 

جمع واعداد/ خالد عوسي.
الحديث منقول عن مدير المدرسة (العم إلياس اسطيفان مدالو) - كاردينيا - إقتباس بتصرف .

الرياضي المصارع: عوسي الأعظمي وأولى علاقات (العراق) الرياضية مع (اليابان)


المقال : (عوسي الأعظمي) وأولى علاقات (العراق) الرياضية مع (اليابان) !!!؟؟؟ . الصورة : إحدى نزالات عوسي الأعظمي (المصارع الأيمن) نهاية الثلاثينات في المهرجان الرياضي السنوي الذي كان يقيمه في القشلة .
ذكر الدكتور (سنان صادق حسين الزيدي) في كتابه (العلاقات العراقية اليابانية من 1921 - 1958) ص136 - ص137مايلي :- أرسل المصارع العراقي عوسي الأعظمي رسالة الى صحيفة (الزمان) أبدى فيها رغبته بمصارعة البطل الياباني (بوت رونوس) بطل اليابان في الوزن المتوسط الذي كان راغباً في زيارة العراق في كانون الثاني 1940 ضمن جولة له لزيارة دول المنطقة لمنازلة المصارعين العراقيين من فئة وزنه بغية الحصول على (بطولة العالم) وأولت صحيفة الزمان في عددها الصادر في 27 كانون الثاني عام 1940 إهتماماً واضحاً بالأمر بيد أن المصارع الياباني قرر تأجيل زيارته للعراق الى شهر آذار وأرسل رسالة بهذا الشأن الى صحيفة الزمان جاء في نصها (( أقدم خير التمنيات لبلدكم المحبوبة ولجلالة ملككم (فيصل الثاني) المعظم واني أشكر الله على حسن العلاقات بين البلدين وقد قررت تأجيل المصارعة الى يوم 8 آذار مادمت أرغب في زيارة بلادكم)) وكما يبدو بما نشرته الصحافة العراقية آنذاك ان المصارع الياباني لم يصل الى العراق بسبب إشتداد نيران الحرب العالمية الثانية . وعلى الرغم من كون هذه المحاولة متواضعة إلا أنها كانت لبنة في صرح علاقات الشعبين العراقي والياباني وتوثيق علاقاتهما .
 

الأسد الشبعان و النمر الجوعان


المقال : الأسد الشبعان و النمر الجوعان . الصورة : رئيس الوزراء (ناجي شوكت) .
تقول الحكاية ان حكومة الكيلاني التي جاءت بُعَيد انقلاب عسكري في نيسان 1941 قام به العقداء الاربع هرب على اثره الوصي على العرش عبد الاله ورئيس الوزراء نوري سعيد باشا الى القدس وكانا الاثنان من اقوى حلفاء بريطانيا العظمى فيما الانقلابيين بقيادة الكيلاني طلبا معونة المانيا والتحالف معها وكانت ذلك الوقت تُحكم من قبل الحزب النازي الالماني بقيادة ادولف هتلر الذي يشن حربا عالمية على تحالف بريطانيا - امريكا. و للحصول على تاييد دول الجوار وبعض الدول العربية والعالم ارسلت حكومة الانقلاب وفود الى مختلف الدول !! وكان الوفد الذي تم ارساله الى السعودية برئاسة ناجي شوكت . وكان يشغل منصب وزير العدلية . يقول ناجي شوكت :- وصلت السعودية وكان في استقبالي ولي العهد الذي ادخلني على الملك ابن سعود الذي رحب بي فشرحت له السبب من زيارتي واننا اي الحكومة العراقية الجديدة نطلب اعتراف السعودية والوقوف معنا . يسترسل ناجي شوكت - لم ينطق الملك باي رد وانما توجه الى ولي العهد طالبا منه اكرامي ونصب خيمة مجهزة قرب خيمته وانه سيراني صباحا . يقول ناجي شوكت - قضيت ليلتي فلما ولج الصباح خرجت من الخيمة لاجد في باب خيمتي سيارة حمراء اللون موديل 1941 جديدة نوع رولز رايز تخلب الانظار وهي تعكس اشعة الشمس . - اخذني ولي العهد الى خيمة الملك الذي بادرني بالقول :- سلملي على جماعتك في العراق وقل لهم ان ابن سعود يقول لكم ، الرجل الحكيم هو الذي يصاحب الاسد الشبعان ويترك النمر الجوعان اللي فاتح حلقه لالتهامه . وانت لقدومك لنا وتجشمك عناء السفر هاي سيارة هدية لك . يقول ناجي شوكت :- خرجت من حضرة الملك السعودي وانا في حيص بيص فلما سالت ولي العهد عما يقصده الملك بقوله شرح لي ان حكومتنا تخطأ غاية الخطأ بتركها بريطانيا العظمى او امريكا التي هي كالاسد الشبعان يُطْعَمْ ولايغدر ويتبع المانيا النازية التي هي كالنمر الجوعان تريد التهام اي شيء في طريقها .

جمع واعداد/ خالد عوسي : المصدر (مذكرات ناجي شوكت) .

إنتخبوا (الباشا) و إلا ...!؟


المقال : إنتخبوا (الباشا) و إلا ...؟ .
طلب رئيس مركز بلدي من (الزبّالين) و (الكنّاسين) انتخاب الباشا نوري سعيد، فرد عليه أحد الزبّالين بالرفض، بعد ترأس الباشا للحكومة، وتثبيت رئيس المركز البلدي في منصبه أصدر عقوبة بذلك المعترض، حوّله من زبّال الى كنّاس، ولأن الانتخابات كانت تجري بين حين واخر بحل مجلس النواب في إرادة ملكية، كرر المسؤول الطلب من ذات الشخص متوعداً بانه سيرجعه الى عمله او يعاقبه مرة أخرى، فرد عليه بانه الان مجرد كنّاس فما الذي يستطيع فعله هل يحوله الى مساعد كنّاس مثلا ؟؟ مثل هذه النكتة لا تمنع من الاعتراف بان الباشا نوري سعيد كان أكثر ساسة العراق قدرة على التكيف مع الظروف ما دامت تحافظ على أهدافه الاستراتيجية وهي ازدهار العراق وتقدمه، ولم يكن يمتنع عن التحالف مع اشد خصومه قسوة في تشكيل الحكومة ، انه فهم اليات التوازن في ادارة الدولة ، دوليا في قبول المصالح البريطانية من اجل بناء القدرات العراقية ومن ثم المطالبة بالحقوق وفقا لتلك الاتفاقات التي عقدها مع بريطانيا العظمى حينها ، وإقليميا عرف كيفية إدارة مصالح العراق وسط تنازعات مصالح الدول المحيطة من خلال توازنات دقيقة جدا تكاد لا تفرق ما بين دولة وأخرى، وداخليا تعامل مع الشعب بروح ابوية من حيث كون الجميع تحت قانون واحد حتى العاق منهم ينتظر العقاب حينما يخطأ وليس العكس!

جمع واعداد / خالد عوسي.

المخبر السري

المقال : المخبر السري . الصورة : (سعيد قزاز) يحاكم في محكمة المهداوي عام 1958 و قد تم إعدامه عام 1959 .
في سنة 1948 كان (سعيد قزاز) آنذاك متصرف اللواء (قوش/شمال الموصل) ، وكانت تلك السنة ، سنة قحط و مجاعة لا لقة الإنتاج فقط ولكن بسبب جشع الإحتكاريين في تلك السنة التي كانت سنة المجاعة و سنة الإنتفاضة الكبرى ، صدّر إلإحتكاريون ما يزيد على (نصف مليون) طن من الحبوب الى خارج العراق !!. وأثناء وجودي في كركوك ، كنت أسمع من الأهالي أن المتصرف أي سعيد قزاز كان يتنكر بزي تاجر تصدير الحبوب أو أي زي آخر ليتمكن من أكتشاف عنابر الحنطة عند الإحتكاريين ، وفي اليوم التالي يرسل مفرزة لإجبار الإحتكاريين على عرضها في السوق لتباع للأهالي بسعر السوق العادي .

 مقالة من تاليف: (حنا بطاطو) .
جمع واعداد: خالد عوسي.

بإسم المملكة (الباشا) يفتتح صالة سينما


المقال : في صيف عام 1952 ووسط اجواء الترقب والفوضى وحالات الهرج والمرج التي سادت مكان الاحتفال . اطل الباشا نوري سعيد وهو يرتدي بذلة (سموكن) انيقة بسحنته المشوبة بحمرة ووجهه الجاد المتجهم وجسمه المكتنز يعتمر السدارة الفيصلية البغداديـة . يتهادى في مشيتـه . ووسط ذهول الناس واعجابهم بشخصية الرجل القوي الذي حكم العراق زمنا طويلا . وحضورهم المبكر لاستقباله بمصاحبة الفرق الموسيقية الشعبية . وانطلقت عاصفة من التصفيق والهتاف المدوي تحيي الباشا مع خروجه واطلالته على الجمهور المحتشد يحيط به الوفد المرافق له كأن الناس تشاهده لاول مرة بقامته الممشوقة المديدة وشخصيته الجذابة التي تأخذ بمجاميع القلوب والافئدة . وكان يتجاذب اطراف الحديث مع كبار مستشاريه واركان الدولة والسادة الوزراء والمسؤولين في الدولة والحكومة منهم عبد الوهاب مرجان . بالاضافة الى حضور السادة صالح جبر احد رؤساء الوزراء السابقين وضياء جعفر وزير الاعمار وخليل كنه وزير المعارف وأعقب الموكب الوزاري السادة السفراء العرب والاجانب المعتمدين ببغداد . وما ان وصل الباشا الى المكان المخصص له يرافقه السيد حبيب الملاك صاحب الدار وجلوس بقية المدعوين حتى اذن الباشا نوري سعيد بافتتاح صالة سينما الوطني الشتوي انطفأت الاضواء وبدأ المشغل عباس نمر في ادارة محركات العرض وشاهد الجمهور الفيلمين العربيين "انتصار الشباب ونور الشباب" بطولة فريد الاطرش وتم توزيع الفواكه والحلويات بين الحضور وكان السيد الملاك لا يهدأ له بال من اجل راحة المدعوين . وما ان انتهى العرض حتى ارتجل نوري سعيد كلمة اشاد فيها ببناء الصالة في بغداد واعتبرها واحدة من المظاهر الحضارية المهمة في البلد الذي يتطلع الى بناء نهضة شاملة في مختلف المجالات ومنها ميدان السينما الذي يعتبر مهما في تنشيط العملية الابداعية الثقافية التي يشهدها العراق في مختلف مناحي الحياة . 

جمع واعداد: خالد عوسي.

العدل أساس الملك



المقال : العدل أساس المُلك . الصورة :الملك (فيصل الأول) بداية العشرينات .
من أرشيف وزارة العدل العراقية .
المدعي: السيد كاظم جلعوط/ صاحب معمل طابوق جلعوط .
المدعى عليه: فيصل بن الحسين/ ملك العراق.
يدعي السيد/ كاظم بانه جهز الملك.. بكمية من الطابوق تساوي 100 دينار.. لم يسددها الملك .. وقال القاضي.. بانه درس الملف بالكامل.. ولم يجد اي شيء غير قانوني.. او اي معاملة خاصة.. للملك. حيث تم استدعاء الملك.. عن طريق مبلغ المحكمة الى الحضور امام القاضي.. في الوقت والمكان المحددين. .وحضر الملك في الوقت والمكان المحددين.. ونودي عليه بصوت عال من قبل منادي المحكمة باسمه الصريح.. واجاب.. حاضر. وجميع اقوال الملك... مدونة في ملف القضية, حيث اعترف الملك.. بما ادعى عليه السيد /كاظم وطلب الملك من القاضي.. ان يقسط المبلغ 10 دنانير كل شهر. فوافق.. السيد كاظم على ذلك.. وامر القاضي ان يدفع هذا القسط اول كل شهر في المحكمة.
جمع واعداد: خالد عوسي.

الاثنين، 30 مارس 2015

نادي النعمان الرياضي


 الصورة : الأول على اليمين وقوفاً سعد السيد جعفر و الثاني موفق هويدي (أبو رميث) و الثالث بطل السباحة و المدرب مصطفى حمودي (أبو كمال) و الخامس البطل و المدرب الأستاذ مصطفى هويدي أما الثاني على اليمين جلوساً فهو الأستاذ حسن السيد جعفر و الثالث البطل الحاج ابراهيم طه إمام جامع نشمية والرابع البطل طارق حنكورة . المكان : نادي العلوية . والسنة : 1965م . والمناسبة : فوز ناد...ي النعمان الرياضي بالمركز الثاني في بطولة العراق بكرة الماء .
لا تذكر الاعظمية الا وتتبادر الى الاذهان تلك المعالم التراثية الخالدة والشخوص والاعلام التي كان لها دور بارز في تاريخ العراق القديم والحديث، فهذا (ابو حنيفة النعمان)، وهذا (بشر الحافي)، وذاك (عبدالقادر الخطيب)، وهذا علامة العراق (امجد الزهاوي)، وهذا فخر الشعراء (وليد الاعظمي) ، و ذاك فارس الرياضة العراقية (عوسي الأعظمي) وهذه (جمعية حمدي الاعظمي) ، و (منتدى ابو حنيفة) ، و(جمعية القراء والمجوّدين العراقيين) ، و (النادي الاولمبي) ، و (نادي الاعظمية) الذي خرج عشرات الأبطال في المصارعة والملاكمة والجودو والكراتيه ، و (المقبرة الملكية) ، و(جامعة آل البيت) و (نادي النعمان الرياضي) الذي يرفع شعار العقل السليم في الجسم السليم . ففي عام 1954 شمرَت نخبة من رياضيي الاعظمية الفيحاء عن ساعد الجد، وأسست نادياً رياضياً خلف المقبرة الملكية سمي في وقتها بنادي النعمان الرياضي، أخذ النادي على عاتقه مهمة احتضان المواهب الرياضية الشابة ورعايتها وتأهيلها لخوض البطولات المحلية والعربية والاسيوية، ورفع اسم العراق عاليا في المحافل الدولية، وكان من ابرز المؤسسين الاوائل للنادي، كل من السيد رياض عبد الستار الجدة، وابراهيم طه، وعباس يوسف السامرائي، ومثنى الدوري، واللواء الركن مصطفى الجنابي، إضافة الى ثلة أخرى من الرياضيين المعروفين، ومرت السنون سراعاً فعصفت بالنادي جملة من الظروف القاهرة والمصاعب المالية التي لا يتسع المجال للخوض في تفاصيلها انتهت بأغلاق النادي لفترة طويلة بعد سجل حافل من الانجازات والبطولات الرياضية، جمع واعداد: خالد عوسي.

ما أشبه اليوم بالبارحة


الصورة : رئيس الوزراء الباشا نوري سعيد بداية الخمسينات .
ذات يوم قام شيخ عشيرة كبيرة باهداء اثنين من خيوله العربية الأصيلة الى الباشا نوري سعيد تقديرا و إعتزازاً به , و قد كان الباشا يحظى بعلاقات طيبة مع شيوخ العشائر . وعند وصول الخيول (الهدية) الى بغداد, اتصلوا بالباشا بذلك, فامر بايداعها في مقر سرية الخيالة, ثم ذهب فيما بعد (الباشا) لمشاهدتها فوجد بان هيئة الخيول المهداة له, لم تعجبه فقد بدت هزيلة وضعيفة ومتعبة, لكن آمر سرية الخيالة, الخبي...ر بالخيول, اوضح للباشا السعيد بان هذه الخيول من اجود الخيول العربية الاصيلة, وان هيئتها الحالية الهزيلة جاءت نتيجة تعبها وارهاقها جراء نقلها عبر مسافة الطريق الطويلة, مما اصابها الضعف والجوع والعطش, واذا ما اخذت العلف الكافي من الشعير وقسط من الراحة والرعاية فسوف تسترد هيئتها الطبيعية الجميلة, فاقتنع الباشا نوري سعيد بكلام امر سرية الخيالة, وساله عن كمية العلف المطلوب من الشعير فاجابه: بأنها تحتاج الى وزنتين من الشعير, ثم سأله الباشا عن سعر الوزنة الواحدة, فأجابه ان سعر وزنة الشعير الواحدة بـ(750) فلسا بعدها اخرج الباشا (جزدانه) من جيب سترته وسحب دينارا ونصفا ليسلمها اليه, لشراء وزنتين من الشعير علفا للخيول المهداة اليه, فانبرى امر سرية الخيالة قائلا: باشا عليش تصرف من جيبك, و عندنا في مقر السرية كميات كبيرة من الشعير, فاجابه الباشا السعيد قائلا: ((آني زين اذا خلصت من كلامهم وآني اصرف ثمن وزنتين الشعير من جيبي الخاص, فكيف تريدني ان آخذ شعير الدولة علفاً لخيولي الخاصة, ويسمعون بذلك))..
(الحاج محمد الخشالي صاحب مقهى الشابندر)..

جمع واعداد: خالد عوسي

الأربعاء، 18 مارس 2015

جوِّع كلبك يتبعك


الصورة : الباشا نوري سعيد بداية الخمسينات .
أسس نوري السعيد دولة العراق، على لبنات مثلى (الدستورية الشرعية) . و ربط العراق بمعاهدات تمنح شعبه ارجحية في الافادة من الاحتلال، بنى عراقا أنموذجيا عجز الذين تلوه عن اللحاق به، حتى بعد ان عادوا الى فقرات الخطة الخمسية التي وضعها مجلس الاعمار برئاسته . الزم بريطانيا بسداد اقساط النفط التي عجزت عنها، من خلال طلبة درسوا في جامعا...تها، وعادوا لبناء جامعات عراقية ومستشفيات ودوائر هندسية ومعامل . صنع نوري السعيد دولة من دون تكلف، وتكلف العسكر في تهديمها، بل اجبروا الشعب على ان يدفع ثمن التهديم من قوته، ويجبرونه على التصفيق مسبحاً بحمدهم. والغريبة انهم على درجة من الصلف والغرور والغفلة، يصدقون بان الشعب الممجد لهم خوفاً.. يطريهم نفاقا، ودرءاً لخطرهم، محب مؤمن بفكرهم الخاوي! حكومات العراق المتعاقبة، قامت على اذلال الشعب (جوع كلبك يتبعك) وانتهوا الى التآكل في مابينهم، على الفريسة . فاقرأوا التاريخ جيدا واتعظوا مما آل اليه السابقون، كي لا تظلوا رهينوا الآية الكريمة "كلما دخلت امة لعنت اختها. ونوري السعيد منقذ شعب اكره على التنكر له، بل سار على مبدأ القطيع (وياهم وياهم.. عليهم عليهم) ولو سألت من سحلوا رئيس الوزراء بالحبل: لماذا؟ لما وجدوا ما يجيبون به، ثم يتذكرون كلاما شعارتيا لا وجود له: امتهن الكرامة الوطنية وربط العراق بمعاهدات مع بريطانيا وتخلى عن فلسطين. فلا تملك غير ان (تعفط) لأن اعز مرحلة للانسان العراقي، هي العهد الملكي، . وما ربط العراق بمعاهدات مع بريطانيا الا والارجحية فيها للعراق، لو ان احدا قرأها، لكن المشكلة الشعب لم يطلع على المعاهدات، انما استند الى ما عبأه به اصحاب النوايا المغرضة، الذين اطلعوا على الخير الوفير للعراقيين في تلك المعهادات، فالبوا الشعب ضدها؛ كي لا تحسب منجزات لنوري السعيد، وهنا تتعطل مساعيهم الى كرسي الحكم. اتمنى على الشعب، الا يعيد ما فعله بنوري السعيد، ساحلا مستقبله الى القدر المعتم الذي بلغناه، بالحبل الذي جر نوري السعيد . {من أراد كنوز الأرزاق و الدم المهراق فليتجه للعراق} . 
مقالة من تأليف/ منير حداد . 
جمع واعداد/ خالد عوسي.

فيصل الأول و شعراء عصره


لمعت في العهد الملكي في العراق ثلاثة اسماء شاعت شعبية أصحابها بين الناس، الاول (عبود الكرخي)، والثاني (معروف الرصافي)، والثالث (جميل صدقي الزهاوي). اشتهر الكرخي بشعره الشعبي وهجائه القاسي وعباراته البذيئة. وربما ذاع اسمه بين الناس لهذا السبب. ولهذا السبب ايضا لم يسندوا له أي وظيفة او مقعد في مجلس النواب. ضاق ذرعا بذلك فتوسل بالملك (فيصل الاول) ألا يغمط حقه. فالتم...س الملك من (نوري السعيد) ان يرتب له عضوية في المجلس، ولكن رئيس الوزراء ظل يماطل. وظل الكرخي يلح على الملك، والملك يلح على نوري السعيد. قال له هذا شاعر شعبي وللشعراء الشعبيين مكانة في الادب، فلماذا لا تريده في المجلس؟ اضطر ابو صباح ان يكشف للملك حقيقة الامر. قال له: نعم، انه شاعر شعبي مجيد، ولكن ألديك فكرة عن شعره؟ ثم أنشد ابو صباح بيتا واحدا من شعره تمنعني بذاءته من ذكره هنا او في اي مكان آخر. ما ان سمع الملك الشطر الاول من البيت حتى سد اذنيه وقال «اسكت اسكت! هذا فيه الكفاية!»، أفهم الآن لماذا لا ترشحه نائبا». للرصافي ايضا اشعار بذيئة. ولكن كان جلها على حساب فيصل الاول الذي كان يعتبره صنيعة للانجليز. وكان مما قال فيه ذلك البيت الشهير:-
ليس له من امره غير انه ----------- يعدد اياما ويقبض راتبا .
سمع الملك بذلك فانتهز فرصة وليمة اقامها لأدباء العراق وشعرائه، فاندس الى الرصافي وقال له معاتبا: هل انا حقا يا معروف، ذلك الرجل الذي يعدد اياما ويقبض راتبا؟ فأجابه الشاعر: «عسى ألا تكون كذلك!». على عكس الرصافي، كان جميل صدقي الزهاوي شاعرا ممالئا للسلطة وتمتع بعلاقة جيدة مع البلاط. وكان هذا من دواعي كره الرصافي له، بالاضافة الى المنافسة المهنية بينهما. كان فيصل الاول حريصا على المصالحة بين العراقيين الذين لا يؤنسهم شيء في الحياة اكثر من العراك فيما بينهم. اعتبر الملك جهوده جزءا من دعم الوحدة الوطنية للدولة الجديدة. فدعا الرصافي والزهاوي الى تناول العشاء معه ليصلح فيما بينهما. وكان العشاء من الرز المتوج بالديك الرومي المحشي على الطريقة العراقية باللوز والزبيب. سموا باسم الله وبدأوا بالاكل . فما كان من الزهاوي إلا أن اخذ يمعن هجوما على جانبه من الرز بحيث انقلب الديك الرومي الى جانبه فأنشد وقال:-«عرف الفضل أهله فتقدما» فأكمل له الرصافي البيت قائلا: «كثر النبش تحته فتهدما»! فاستغرق الملك بالضحك على محاولته الاصلاح بين شاعر وشاعر.
مقالة من تأليف:  خالد القشطيني.
جمع واعداد: خالد عوسي

الشاعر الظريف



 
الصورة : مقهى الزهاوي في شارع السراي .

لم يكن هذا المقهى يعرف بهذا الاسم، و انما باسم قهوة امين. دعا نوري السعيد الزهاوي للالتقاء به يوما. سأله الزهاوي ، وين نلتقي. قال له رئيس الوزراء في قهوة امين . ليس فيها من متاع الدنيا غير بضعة مصطبات و كراس قديمة و فونوغراف ابو الزمبرك. تصوروا رئيس الحكومة يجتمع في مثل هذه المقهى !!. مع ذلك ، اعجب الزهاوي بها فاتخذها مقاما له. و سرعا...ن ما تحولت الى وكر للادباء و المفكرين. كان بينهم الرصافي . انطلق الرصافي في انشاد قصيدة طويلة فأخذ الزهاوي يتضايق منها و من صاحبها. جلس يتربص لفكرة يعمل فيها مقلبا عليه. حتى ظهر صبي يبيع الحب. فقاطع الزهاوي زميله الرصافي متوجها الى بياع الحب.»يا ولد عندك قميص شبابي على كدي؟» استغرق الحاضرون بالضحك. و ضاعت القصيدة على الرصافي فخرج غاضبا و لم يعد الى ذلك المقهى ابدا. و عندئذ تربع الزهاوي في جلسته وقد نصب من نفسه اميرا على المقهى !!. ذهب الرصافي، واذا بمحله يأخذه شاعر نابغ آخر تعرفونه : محمد مهدي الجواهري. انطلق الجواهري يتلو شيئا من شعره هو الآخر حتى قاطعه الفيلسوف. « افندم تتراهن؟» استغرب الشاعر الشاب . كان عمره سبعا و عشرين سنة، من هذا السوآل. أعاد الكرة :» نتراهن على أي شيء استاذ؟» على ان اقطع نفسي و انت تقطع نفسك، و خلي نشوف منو يخلص نفسه بالأول! كانت لعبة مما يلهو به الاطفال ، و لكن الجواهري الشاب لم يشأ ان يعترض على سيده وهو في السبعين. فمسك نفسه. و فعل مثله الزهاوي. بعد برهة من الوقت استسلم الجواهري. « يا استاذنا كفاية!» فكسب الزهاوي الرهان و حق على الجواهري ان يدفع عنه اجرة المقهى : آنة !!!. يقول المثل الشائع بيننا : (ديكين على مزبلة واحدة ما يعيشون.) كان الافضل لصاحب المثل ان يقول شاعران في مقهى واحد لا يعيشان. بيد ان الزهاوي لم يكن بخيلا في الواقع ، او حريصا على الآنة ، اجرة المقهى. بل كان المعتاد له عندما يهم بالانصراف ان ينادي على الخادم و يدفع على الجالسين ممن يحبهم و يستثني من الدفع من لا يحبهم ، او من اغضبوه و عاكسوه في جلسة ذلك اليوم. لا. هذا اخذ حسابك منه! يقول للخادم و يشير بأصابعه الى من اغضبه !!. هكذا كان مقهى الزهاوي ، واحة من واحات الفكر و الادب ارتبط باسماء مشاهير تلك الحقبة. يوسف عز الدين، عبد الرزاق الهلالي، ماهر حسن فهمي، عبد الحميد الرشودي. انضم اليهم عبد القادر المميز صاحب جريدة ابو حمد . وهناك كان ينفث افكاره الفلسفية في شتى العلوم.، الداروينية و اصل الانسان، و جاذبية الارض و نحو ذلك. فيما كان يوما محلقا بأفكاره هذه ، اقتحم المقهى رجل يتطاير الغضب من عينيه ، و توجه فورا الى الزهاوي. كلب ! كافر! زنديق! تنكر خلقة الخالق؟ تقول اصل الانسان قرد! آني ابويه قرد؟! مسك به الزهاوي و قال له : لا، ابني. انا ما قلت ابوك انت كان قرد. حاشا. انا قلت ، ثم كشف الشاعر عن رأسه الاصلع و وجهه المكرمش و اسنانه المنخورة ، و مسك ذقنه بيده و قال:انا قلت ، آني ابويه كان قرد! ضج الجالسون بالضحك في ذلك اليوم .
جمع واعداد/ خالد عوسي.

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...