الثلاثاء، 31 أغسطس 2021

العيد في الأعظمية أيام زمان

 


العيد في الأعظمية أيام زمان .

الصورة : المؤرخ (وليد الأعظمي) في الوسط وعلى يساره أخيه (إبراهيم أبو وسام) صاحب ستوديو القيثارة ، وعلى يمينه أخيه (سهيل أبو نوفل) الذي فقد في (معركة الطاهري) إبان الحرب العراقية الأيرانية ، وهم واقفون أمام حديقة الرحبي في شارع 20 .  بعدسة أخوهما المصور (زهير كاكا) عام 1967م .

المقال : يقول المؤرخ وليد الأعظمي رحمه الله عن تجمعات العيد 

 كان والدي رحمه الله يصطحبني وأخواي (زيد) و (زهير) من الفجر الى (جامع الإمام الأعظم) لشهود صلاة العيد   وخطبتها ، وبعد إداء الصلاة نذهب الى زيارة الموتى من أقاربنا وتلاوة سورة يس أو سورة الفاتحة على أرواحهم ، ثم نذهب الى بيوتنا لتناول طعام الفطور ، ونقبِّل أيدي آبائنا وأمهاتنا ، نستلم (العيدية) منهم ثم ندور على بيوت أقاربنا من الأعمام والأخوال ثم نعود وفي جيوبنا مجموعة النقود المعدنية قد أثقلتها . وأذكر في صباي ، تجمع الأطفال في العيد ونصب ، دواليب الهواء والأراجيح الصغيرة على الجذوع في منطقة (النزيزة) موضع (قاعة القادسية) اليوم كما يأتي بعض أبناء القرى والريف ببعض رؤوس الخيل والحمير لكرائها وركوبها من قبل الأولاد ، وكانت الأراجيح العالية تُشد بجذوع النخيل الطويلة الباسقة في (بستان الدرعية) في محلة النصه بالأعظمية [مابين سوق الأعظمية وبإتجاه مائل الى شارع 20] وكانت الشابات من البنات يركبن تلك الأراجيح ، وأذكر أنني كنت أرى الشابة في الأرجوحة وهي ترتدي العباءة السوداء ولا تشعر بحرج في ذلك . وأذكر أن الحاجة (ملكة أم غازي) [والدة بيبيّه بنت بحر/أم أحمد] رحمهما الله ، كانت تنصب في بيتها جذعين يتدلى بينهما سرير من الخشب (تخت) يحمل عشر أشخاص ويسمونه ( لَلّو ) وكان النساء يذهبن الى بيت الحاجة ملكة في العيد ويركبن في هذا السرير ويتأرجحن به ، وكنت أرى نساء متزوجات يركبن في هذا السرير الأرجوحة مع أطفالهن . وأذكر في طفولتي أن أمي إصطحبتني في العيد مرة الى بيت الحاجة ملكة وركبتُ معها . وكنا نركب الأراجيح ودولاب الهواء بالنقود أيام العيد الأولى وعندنا مبلغ وافر منها ، وفي آخر أيام العيد نكون قد صرفنا تلك النقود ، فنركب الأرجوحة بالمقايضة فندفع لصاحب المرجوحة شيئاً من كعكة العيد (الكليچة) وبعد العيد ينتظر الناس يوم الأربعاء الأول بعد العيد ويذهبون الى زيارة مرقد (أبو رابعة) {أبو رابعة هو الأمير أحمد بن الخليفة المستعصم بالله العباسي وزوجته أم رابعة هي عصمة الدين شاه لبنى حفيدة القائد صلاح الدين الأيوبي} وكانت تحيط به الزروع والبساتين ، وتنتشر الناس بين الحقول ، وتجلب بعض العوائل معها الطعام وأدوات الشاي ، وينشد بعض الشباب قصائد من الزجل الشعر الشعبي (المربَّع) وبعص الشباب يركبون الخيل ، وينتشر بين الناس باعة المرطبات والحلويات والمخللات . ولما إنتشر العمران وبناء المنازل في تلك المواضع إنتقل الناس بالإحتفال يوم الأربعاء بعد العيد الى (المقبرة الملكية) وكانت تحيط بها البساتين وغابة كبيرة من أشجار السدر (النبق) العالية ، ثم إمتد العمران الى هذه المنطقة أيضاً فإنصرف الناس عن هذه العادة . من كتاب ذكريات ومواقف ص24 - 26 .

 إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

الاثنين، 30 أغسطس 2021

الأعظمية والزعيم الأوحد


الأعظمية والزعيم الأوحد .
الصورة : من اليمين محل بزاز (بائع قماش) من أهالي النجف سكن الأعظمية لفترة طويلة ، وقد حل محله فيما بعد (غانم أبو القماش) مقابل (علوة عون) . وفي المحل المجاور مجموعة من شباب الأعظمية وخلفهم صور الزعيم عبد الكريم قاسم بعد إنقلاب تموز عام 1958م ، أذكر منهم ، الواقفون من اليمين في الصف الخلفي ، الأول (قاسم أبو سعد) وهو أول من أدخل أكلة الگص (الشاورمة) وإشتغل بها في الأعظمية ونافسه على هذه المهنة (عطا الوطني) ، ويقف أمام قاسم (هادي الكردي/ أبو حسن) وأمامه (ناجي إبن ملكه أبو خالد شقيق غازي أبو النفط). والثالث ناجي أبو فاروق (أبو الدوندرمه) صاحب (مطعم ناجي) من أقدم المطاعم في الأعظمية وما زال قائماً ، وهذه الصورة على يسار محله الذي شغله فيما بعد (إبراهيم أبو البيض/أبو خليل) في بداية السوق الكبير من جهة (مقهى محمد عزوز) . والرابع حامل صورة الزعيم ، البطل (فتاح حنكورة) وأمامه (نافع أبو شامل/أبو البايسكلات) وعلى يمينه أخيه (ثابت) ثم (حلومي إبن مله معطي) . وفي الوسط أبو الكاسكيته (عبد الباري/عبود) من بيت كاكا ، وعلى يمينه الضابط (هشام مجيد دولي أبو أحمد/إبن بيجة) . وفي الصف الأمامي على اليمين (سعدي أبو قصي/ شقيق مله سامي) وعلى يمينه الأستاذ (سعدي إبن أبو الطنافيس) وفي الصورة أيضاً (قاسم زينل) و(فاضل إبن ترفه) و(صبحي إبن شعيب) .
المقال : من كتاب ذكريات ومواقف للمؤرخ (وليد الأعظمي) مع الزعيم عبد الكريم قاسم :- في ليلة 27 رمضان 1380ھ منتصف آذار جمعونا [السجناء] من مراكز الشرطة في مركز شرطة السراي وأفطرنا هناك وأخبرونا أن الزعيم (عبد الكريم قاسم) يريد مقابلتنا في الساعة السابعة مساءاً في مكتبه بوزارة الدفاع ، وبعد الفطور ذهبنا مشياً على الأقدام من مركز شرطة السراي الى وزارة الدفاع وسجلوا أسماءنا وجلسنا في إحدى القاعات ننتظر إستدعاءنا ثم أشاروا لنا بالصعود الى الطابق الأول حيث مكتب الزعيم فصعدنا وأرشدنا بعض الضباط الى المكتب فدخلنا ووجدنا طاولة كبيرة من الخشب وحولها كراسي وفي صدر الطاولة كرسيان فجلسنا ننتظر وذلك في الساعة التاسعة مساءاً ، وبعد لحظات دخل الزعيم (أحمد صالح العبدي) الحاكم العسكري العام وبعد لحظات دخل الزعيم عبد الكريم قاسم ومعه آمر الإنضباط الزعيم (عبد الكريم الجده) وبعض المرافقين من الضباط فوقفوا وراء الزعيم ولم يجلس واحد منهم ثم توجه الزعيم بالسؤال من الحاكم العسكري عنا وعن قضيتنا فأجابه العبدي : ان هؤلاء جماعة الحزب الإسلامي وأصحاب المذكرة المنشورة في جريدة الفيحاء . فابتسم الزعيم وأعاد الترحيب بنا وقال أنتم ظلمتوني كثيراً وكانت المذكرة قاسية ثم أخذ يشيد بأعماله في خدمة الشعب ويهاجم (عبد الناصر) ويلوم بعض الضباط من خصومه على تآمرهم عليه وعدم إعطائه الفرصة للنهوض بمشاريعه العمرانيه والثقافية ولم يتناول موضوعاً إلا قاطعناه قبل أن يتمه ونجادله ونرد عليه وكان يتحمل ذلك بأخلاق عالية وكان عندما ينزعج ويأخذه الغضب يترك كرسيه ويذهب يغسل وجهه بالماء البارد وكنا نراه يمسح وجهه بالمنديل ، وهكذا إستمر الجدال سبع ساعات من التاسعة مساءاً حتى الرابعة فجراً وقد غادر القاعة ليغسل وجهه عدة مرات وكلما خرج الزعيم كان آمر الإنضباط عبد الكريم الجده يتكلم ويقول لنا : يا أخواني ، إن الزعيم يريد أن يصرفكم الى بيوتكم وأهلكم فلا تجادلوه وإسمعوا له فقط ولا تقولوا له لا ، ولا تقاطعوه ودعوه يكمل كلامه ولا تقولوا له حتى نعم ، فقط إسكتوا وإسمعوا حتى تنصرفوا الى أهلكم . وإنقضى الليل فلم نشرب ماءاً ولا شراباً ولا تسحرنا وإنما قدموا لنا وقت السحور كاسات صغيرة بقدر الأكواب فيها كاستر .ورأينا الزعيم على جانب كبير من التواضع وحسن الخلق والأدب . ومن الطريف أن أذكر أن الزعيم عبد الكريم قاسم هو الرجل الوحيد الذي صورته بالطبيعة أجمل بكثير من صوره الوتغرافية . وعند إنتهاء المقابلة نهض الزعيم مبتسماً وقال إذهبوا الى أهليكم لتحتفلوا بالعيد المبارك سوية ، ثم غادر القاعة . وكل هذا الذي ذكرناه من تواضع الزعيم وبساطته وحسن خلقه وأدبه لا يعادل عشر معاشر موقف صغير من مواقفه الرديئة ، وأهمها قانون الأحوال الشخصية وقضية الميراث ، فهل كان الميراث الشرعي مشكلة إجتماعية ؟ وهل شكى أحد طوال أربعة عشر قرناً من قسمة الميراث ؟ وهل قامت ثورة 14 تموز لتلغي حكم الله تعالى ؟ . ثم خرجنا وبادر بعض الضباط بإيصال الجماعة الى بيوتهم ، وكان نصيبي أن يحملني آمر الإنضباط الزعيم عبد الكريم الجده بسيارته الى بيتي في شارع عشرين بالأعظمية فوصلت الى أهلي عند وقت الإمساك يوم 27 رمضان 1380 ھ الموافق 17 آذار 1961 م . (ص86-88) إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

 

الجمعة، 27 أغسطس 2021

(الحافظ خليل) وتر الكمان وأرشيف الأنغام


(الحافظ خليل) وتر الكمان وأرشيف الأنغام .

الصورة : من اليمين الحافظ (خليل إسماعيل) وفي الوسط (الشيخ حبيب/شرحبيل) ثم الحافظ (مهدي البهرزي) والجالس في الأسفل (الأستاذ يحيى) والواقف وراءه (ياسر أبو الگهوه) وآخر الجالسين من جهة اليسار هو المله (علي حسن داود) المكان حرم جامع أبو حنيفة الداخلي والزمان سنة 1997م والمناسبة هي تكريم الحافظ خليل من قبل وزارة الأوقاف . الصورة من أرشيف الأخ العزيز علي الدباغ .

المقال : تنقل الحافظ بين الكثير من جوامع بغداد مبتدأ بجامع السراي حتى استقر به المقام في جامع بنية وخلالها اصبح شيخ محفل القراء في جامع الامام الاعظم . دخل الأذاعة عام 1941 ولما عُرف وذاع صيته في الأمصار دعي الى كثير من الدول وقرأ في مساجدابرزها المسجد النبوي والمسجد الأقصى ومرقد السيدة زينب في الشام والكويت وقد سجلت له هناك تلاوات نادرة محفوظة لليوم. عاصر اغلب القراء البغداديين،أما قراءاته مع العرب فهي كثيرة فقرأ مع الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في وفاة الملكة عالية عام 1950 حيث بدأ عبد الفتاح وبعده قرأ خليل فقال الشعشاعي بحقه “والله كويس خالص” وكررها وأردف “هكذا يقرأ القرءان لقد أعتديتم علينا عندما أتصلتم بنا في مصر وعندكم هذا الخليل” وعند أنتهاء التلاوة باشروا بالختمة وكان الدعاء للحافظ خليل”اللهم أجعل أشرف صلواتك دائمأ أبدأ بعدد أنفاس الخلائق فردأ فردا” الى أخر الدعاء وعند أنتهائه توجه نحوه الشعشاعي قائلأ :يحفظك الله أكرمك الله ما هذا الدعاء البركة وما فعلت بنا يا شيخ أريد منك أن تسجله لي واردف “إني لم أطرب ولم أكن أسمع مثل الحافظ خليل أنه وتر الكمان” كذلك ألتقى مع أبو العينين شعيشع في بغداد وقرأ معه والتقى مع الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ومحمد صديق المنشاوي في الستينيات وأيضأ مع الشيخ محمود خليل الحـــــــصري وقرأ مـــــــــعه في القصر الجمهوري عام 1964في شهر رمضان بحضور الرئيس عبدالسلام عارف. قال العازف سامي الشوا لعدد من القراء العراقيين عندما سمع قراءة خليل “أحب أن أقول لكم أن تراثكم في التلاوات هو الأصل وما عداه هو الفرع وقد زرت عدة دول عربيةولم أسمع مثل هذا التراث العظيم فحافظوا عليه من الضياع وسط موجة الدواخل من الأنغام البعيدة كل البعد عن تراثنا الزاهر الأصيل” وقال عنه العلامة الشيخ جلال الحنفي ان خليل يعد أرشيفاً للأنغام البغدادية يجيد استعمالها ويحسن التجوال في أرجائها قرارا وميانة،وما من نغمة يتقنها قدامى المقرئين إلا كان الحافظ خليل في هذا المدخل تصل درجته إلى تسعين درجة وهي درجة عالية لا يرقى إليها سوى العدد القليل في العالم”. حضرت الى العراق عام 1970 لجنه أزهريه لتعليم القراء ضبط أحكام وقواعد التلاوة القرآنية مؤلفه من شيخين أزهريين هما الشيخ رافع والشيخ محمود سيبويه وفتحوا دورة في جامع الحيدرخانة،ويروي الحاج محمد الخشالي صاحب قهوة الشابندر المعروفة القصة قائلآ “كنت أرافق الحافظ خليل وقد دخل على هذين الشيخين في جامع الحيدرخانه وكانا لايعرفان الحافظ خليل سابقآ وبعد السلام عليهما طلب منهما التسجيل في الدورة التي يفتحانها وأرادا سماع قراءته قبل درج اسمه لمعرفة قابليته الأقرائية وما أن بدأ الحافظ خليل بالقراءة أمامهما حتى قفزا من مكانهما إعجابآ به وأندهاشآ لما سمعوا وقالا له توقف يرحمك الله ياشيخ،نرجو منك أن تفتح أنت لنا دورة لتعليمنا مثل قراءتك وأنقلب المجلس الى حفاوة بالحافظ خليل وخاصة بعدما عرفوا بمكانته بين القراء العراقيين واعتذروا منه اعتذارآ شديدآ” . 


 

مجالس الأعظمية البغدادية الثقافية نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين



مجالس الأعظمية البغدادية الثقافية نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين 

الصورة : مجلس من مجالس الأدب والثقافة والفن ، في إحدى مقاهي الأعظمية منتصف الستينات . من اليمين الأول ( ؟ ) والثاني البطل الحاج (فتاح حنكوره/أبو أحمد) والثالث (عبد الكريم العاني/أبو نزار) والرابع الأستاذ الفنان (شعوبي إبراهيم/أبو هيثم) والخامس الشاعر والخطاط والمؤرخ الأستاذ (وليد الأعظمي/أبو خالد) والسادس ( ؟ ) والسابع السيد (عبد الرحمن الريس/أبو محسن 1926_2009) الذي ذكره الدكتور (هاشم الدباغ) في كتابه الموسوم (الأعظمية والأعظميون/ص157) في {أشهر مجالس الأعظمية} فقال :- مجلس عبد الرحمن عبد الكريم الريس . وأسرته من أسر الأعظمية المعروفة بالفضل والعلم والأدب والأخلاق الحسنة والشيم العالية . يعقد مساء كل يوم أحد من كل أسبوع بعد صلاة العشاء ، ومجلسه مجلس أدب ومطارحة ومنادمة (ا . ھ) .

المقال : منطقة الاعظمية في شمال الجزء الشرقي من بغداد مقابل الكاظمية ، شهدت نهاية القرن التاسع عشر وفي النصف الأول من القرن العشرين ، شهدت ظهور العديد من المجالس البغدادية الثقافية . منها مجالس الحاج حسن بيگ الكولمن وخيري الهنداوي وبيت سند وبيت متولي الأعظمية وآل الچوربچي وآل سلطان الحمود والشيخ نعمان الأعظمي والسيد أمين الأعظمي والعلامه حمدي الاأعظمي والشيخ محمد القزلچي ومجلس السيد أحمد السيد عثمان الخطيب وغيرها من المجالس الثقافية الغير مشهورة في هذه المنطقة الخالدة من مناطق بغداد . وكان مجلس السيد أحمد السيد عثمان الخطيب المعروف بيته في الأعظميه ببيت آل الخطيب ، فلقد كان هذا عالماً فاضلاً من الخطباء المشهورين ومن العلماء العاملين وكان يأخذ بالقلوب والأفئدة إذا ما إرتقى منبر الخطابة في (جامع الامام الاعظم) وكان له مجلس في الأعظمية يتردد عليه العلماء والفضلاء ، وبعد وفاته أعقب في مجلسه اولاده السيد عبد الله والسيد محمد سعيد ومجلس الحاج حسن بيگ الكوله من ، من المماليك الذي كان رجلاً فاضلاً لطيفاً ظريفاً وكان له مجلس في الأعظمية عامر بمن يختلف اليه من رجالات الفضل وأعيان الأمة ، وكانت له صحبة مع بعض رجالات الآلوسيه وقد أفرد له ترجمة الحاج علي الآلوسي قاضي بغداد نهاية العهد العثماني وبداية الحكم الوطني في كتابه (الدر المنتثر) وبعد وفاته أعقبه في مجلسه ولده كامل وكان من ملازمي مجلسه العلامه الشيخ قاسم القيسي والحاج حمدي الأعظمي وغيرهم من علماء بغداد . ومن المجالس المشهورة في الأعظمية مجلس الشاعر الكبير معروف الرصافي ، عندما أستأجر داراً في محلة السفينة بالأعظمية حيث كان يعقد مجلسه فيها وفي مقهى واقعة على نهر دجلة في الشارع المؤدي الى الكاظمية . ومن مجالس الأعظمية الأدبية مجلس حكمت سليمان إبن سليمان بيگ طالب الكهيه رئيس الوزارء سنة 1936 الكائن في منطقة الصليخ شرق الأعظمية وهو مجلس لا يقل عن مجلس والده ، ولقد جمع بين الأدب والسياسة ، وكذلك مجلس الحاج حمدي الأعظمي العالم الفاضل صاحب العلوم العقلية والنقلية ، وفي القانون والفقه له مكتبة كبيرة بشتى اللغات وله مجلس في داره بمحلة السفينة في الأعظمية بعد صلاة العصر من يوم الجمعة من كل أسبوع يتردد عليه رجالات العلم والفضل وأعيان البلد من علماء وأدباء يتداولون فيه مختلف الأحاديث الشيقة والأبحاث القيمة ، وكثيراً ما تضطرب الآراء والأفكار فيكون الأستاذ الأعظمي ومكتبته الحافلة الحكم العدل وكان في الأعظمية مجلس العلامه الشيخ محمد القزلچي العلامه الكبير أبو الحسن الشيخ محمد القزلجي من مشاهير علماء العراق المدرس في مدرسة نائله خاتون ومحاضر في كلية الشريعة ، كرس حياته لخدمة العلم والتدريس والفتوى ومسجده في مسجد بشر الحافي في الأعظمية ، مجلس يحفل بأهل العلم وطلابه يتردد عليه فضلاء بغداد والأعظمية من علماء وأدباء ووجهاء وله المرجعية الدينية المعروفة والمؤلفات والمخطوطات في الصرف والنحو والسير وفي شتى فنون المعرفة . ومن الأعظمية مجلس السيد أمين الأعظمي إبن السيد سلمان حيث إشتهر بيتهم بالفضل والأدب وكان له مجلس في محلة السفينة بالأعظمية يختلف إليه رجالات البلد وعلماؤها وقد توفي سنة 1909م ومن الأعظمية مجلس عبد العزيز بيگ المطير النابغة الفاضل من فضلاء عضو محكمة التمييز في العهد الملكي والذي  إبتدأ تعيينه كقاض من العهد العثماني وأثناء الاداره الانگليزيه وكان له ميل الى الأدب والعلم وله مجلس في داره في الأعظمية يتردد عليه الساسه والقضاة والعلماء والأدباء ونظراً للآراء والأفكار الجريئة التي تناقش في هذا المجلس فقد تعرض للغلق . ومن الأعظمية مجلس بيت سند من بيوتات بغداد القديمة ، جمع أهله بين طريق العلم والتجارة ، لهم بيوت في الأعظمية ومجالس وبساتين منذ زمن طويل وترجع وقفيه عن بستان لهم في محلة الحاره الى سنة 1826م وفي الأعظمية مجلس السيد أحمد خطيب الأعظمية وهذا البيت من بيوتات بغداد القديمه انخذوا دوراً لهم في بغداد والاعظميه وكان عميد اسرتهم السيد أحمد يتولى الخطابه في جامع الامام الاعظم ومما يروى ان جدهم كان السبب في مجيء السلطان مراد الرابع فاتحاً بغداد سنة 1638 م وكان لرجال هذه العائله مجلس علمي يبحث فيه المسائل العلميه ولم يبقى في هذا البيت سوى بعض الناس ومن مجالس الاعظميه البغداديه الثقافيه مجلس بيت متولي الاعظميه تلك الاسره المعروفه في الاعظميه وبغداد التي لها مكانه محترمه حيث كانوا المتولين على أوقاف جامع الامام الاعظم منهم نعمان ابن عبد اللطيف الذي كان له مجلس في داره مقابل مشهد الامام الاعظم يتردد عليه وجهاء الاعظميه وبغداد وأعيان العلم ورجالات الادب لما عرف به من حسن الاخلاق بحيث منحته الدوله العثمانيه رتبة رفيعه وخلف أولاده وأحفاده وكان يحضر الناس مجالسه . والحضور الى احتفالات المولد النبوي الشريف التي تحصل في الاعظميه وكان من هذا البيت من يتولى السدانه في مرقد الامام الاعظم وكان في هذه العائله الكثير من المحامين . ومن مجالس الاعظميه مجلس آل سلطان حموده والتي كان لها مجالس بغداديه ثقافيه متعدده في الاعظميه وباب الشيخ والحيدرخانه تتردد عليها وجوه البلد واعيان الامه تبحث فيها المسائل الاجتماعيه وأصل هذه العائله من حلب ونبغ منهم التاجر والفاضل سلطان حموده المتوفي ببغداد سنة 1695وترك ذرية واملاك كثيره ومن المجالس الثقافيه في الاعظميه مجلس واعظ العراق الشيخ نعمان الاعظمي المولود في الاعظميه فهو من وعاظ بغداد ومرشديها الذي تخرج على يد الشيخ عبد الرزاق الاعظمي والشيخ عبد الوهاب النائب وكان للواعظ الدور الاساس في انشاء كلية الامام الاعظم وفي الحصول على مطالبات أهل الاعظميه وكانت له مكتبه عامره  بنوادر المخطوطات والمؤلفات وكان يلقي مواعظه في رمضان في عدة جوامع منها القبلانيه والميدان وقد كان أحد أعضاء الوفد الذي ارسلته الحكومه العثمانيه للتفاوض مع آل سعود في الجزيره العربيه . 
بقلم الأستاذ ( طارق حرب ) 
منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي 


 

الأحد، 22 أغسطس 2021

مقاهي بغداد حفظت تراثنا من الاندثار




مقاهي بغداد حفظت تراثنا من الاندثار .

الصورة : عام 1999م في (مقهى أبو قيس) التي أصبحت (مقهى حلومي/أبو محمود) فيما بعد . عند مدخل السوق الكبير في محلة الشيوخ بالأعظمية مقابل جامع الإمام الأعظم . ويظهر في الصورة من اليمين قاريء المقام (فاروق الأعظمي) رحمه الله ثم السيد (رعد إبن قِلّيلَه) ويليه (إبراهيم/أبو محمد) بيت أبو الحَب ، وبعده (عميد الشرطة الحقوقي المتقاعد الحاج عبدالسلام السعدي ) و (مازن أبو بدر) و (إسماعيل چيعين) وبعده قاريء المقام (محمود السماك) ثم (سلام هاشم سلام العبيدي) ثم قاريء القرآن والمناقب النبوية (محمد معتوق) رحمه الله .

المقال : الدستور - هشام عودة يسأل والأستاذ حسين اسماعيل الاعظمي العبيدي يجيب .

مثلت الاعظمية حاضنة مهمة للمقام العراقي ، باعتبارك واحدا من ابنائها وتحمل اسمها لقبا ، ما دور الاعظمية في بناء شخصيتك الفنية؟

ـ في اعتقادي ان سببين اثنين منحا الاعظمية هذا الحضور القوى ، في الحياة البغدادية بشكل خاص والحياة العراقية بشكل عام ، وهما وجود الشط حيث تقع على شاطئ دجلة ووجود قبر الامام ابي حنيفة النعمان ، وهما عاملان مهمان في حياة اية منطقة . الاعظمية لم تشتهر كونها حاضنة للمقام العراقي فقط ، بل اشتهرت ايضا كونها قدمت للعراق والوطن العربي خيرة ابطال المصارعة الحرة ، وكنت في بداية حياتي مصارعا ، ولولا انشغالاتي الفنية لكنت اليوم مدربا للمصارعة. بيئة الاعظمية ، اضافة الى بيئة اسرتي الصغيرة التي كانت متدينة بغير غلو ، زرعت في داخلي حب المقام العراقي ، فمن المعلوم ان أي منطقة تضم مراكز دينية تصبح واحدة من مهماتها حفظ الموروث الشعبي وحمايته ، وهذا ما فعلته الاعظمية تماما ، ولان الينابيع الاولى للمقام العراقي هي ينابيع دينية ، فقد ساعدتني الاسرة والمنطقة على امتلاك التعابير الحقيقية للاداءات المقامية بصورة عفوية ، أي دون تدخل العقل ، وهذا ينسجم مع القول ان"التراث يمتلك ولا يعطى" ، وكنت في صغري اتسلل الى المقاهي لاستمع بشغف لمطربي هذا اللون من الغناء الاصيل.

ھل ساهمت مقاهي بغداد في الحفاظ على المقام العراقي ونشره ، الى أي مدى يمكن اعتبار هذه المقولة صحيحة؟

ـ هي مقولة صحيحة تماما ، فمنذ ما يزيد على خمسمائة عام ارتبط المقام العراقي بالمقاهي ، وصار رواد هذه المقاهي يستمتعون بالطرب الاصيل الذي يقدمه المقام ، ومع بدايات القرن العشرين ، بدأت تتوسع ظاهرة المقاهي في بغداد ، وصار كل واحد منها يحرص على استقطاب نجم من نجوم اداء المقام العراقي المشهورين في حالة تشبه الاحتكار ، ليتمكن من استقطاب مزيد من الزبائن ، وهناك امثلة على ذلك مثل المقاهى التي استقطبت الرواد رشيد القندرجي واحمد زيدان ونجم الشيخلي وعباس كنبير وغيرها ، وبالمناسبة فان اول مرة اعتليت فيها خشبة المسرح لاغني المقام امام جمهور كانت في مقهى المتحف البغدادي في اذار من عام 1973 . ولعل مقهى عزاوي تظل واحدة من اشهر مقاهي بغداد التي ارتبطت بالمقام العراقي ، وزاد من شهرتها حين تناولتها اغنية عراقية شهيرة ، ومما يجب التوقف عنده ان هذه المقاهي لم تكن موجودة في المناطق الشعبية فقط ، كما يمكن للبعض الاعتقاد ، بل انتشرت في معظم مناطق بغداد لان "سميعة" المقام ينتمون الى كل شرائح المجتمع ومن بينهم السياسيون والادباء والمثقفون وغيرهم . وفي سبعينيات القرن الماضي قامت الحكومة ، ولاول مرة في العراق ، بدعم المقاهي التي تقدم المقام العراقي وتوفر لها كل اسباب النجاح ، في محاولة للحفاظ على هذا التراث ومن ضمنها مقهى المتحف البغدادي. إقتباس بتصرف خالد عوسي الأعظمي .

 

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...