المقال : أحبك يا أعظمية
الصورة : المراحل الأخيرة من توسيع جامع الإمام الأعظم منتصف السبعينات
انا بغدادي اصيل من عائلة كرخية عريقة عمرها الموثق 400 سنة في الكرخ . كرخي الاصل والولادة . انتقلت العائلة عام 1939 الى الاعظمية بسبب امتلاك البيت لغرض اقامة الجسر الذي ما يسمى اليوم بجسر الشهداء .كان عمري اقل من عام فبدأت انمو واكبر في الاعظمية والان عمري ثمانون عاما وانا اعيش في الاعظمية افلا يعني ذلك انني احب الاعظمية وانني افضلها على كل احياء بغداد بما فيها كرخنا العريق . كانت بغداد قبل ذلك محصورة بجانبيها بين البابين اي الباب الشرقي جنوبا وباب المعظم شمالا وطبيعي كان مايقابل البابين في جانب الكرخ مشمولا بهذا النطاق . وحين بدأت تتطور بغداد ما بعد نهاية الحكم العثماني بدأ اليهود والنصارى يتجهون نحو الجنوب خلف الباب الشرقي اما مسلموا بغداد فبدأوا يتجهون نحو الشمال باتجاه ما خلف باب المعظم فبدأت احياء جديدة في الظهور شمالا وجنوبا . كانت الاعظمية مدينة حضرية صغيرة يسكنها لفيف من عشيرتي العبيد والنعيم جاء بهما السلطان العثماني مراد الرابع بعد فتحه لبغداد المحتلة من قبل الحكم الصفوي في ايران وهدفه كان حماية قبر الامام الاعظم ابي حنيفة النعمان بن ثابت الكائن في مقبرة العجم المنعزلة عن بغداد المنصور التي بنيت عام 145 للهجرة ..وفي العهد العثماني كانت مجموعة من البساتين تفصل بين بغداد والاعظمية اهمها بستان الخفاجي وبستان ال نجيب باشا وبستان الدفاعي وبستان الدركزلي وبستان الرزنلي وبستان البغدادي وبستان ال رئيس الكتاب والجوربه جي...ان اول حي انشئ خارج السور والباب باتجاه الاعظمية كان حي العلوازية ثم جاء بعده حي نجيب باشا المسمى بشارع طه وهو يشكل بداية الاعظمية الحالية وتفصل بينهما قرية صغيرة يسكنها بعض الزرّاع من عشائر العبيد وخفاجة وسميت بالكسرة وامتد العمران باتجاه قبر الامام الاعظم فتأسست شوارع جديدة كالحريري وسيف الاسلام وعقمان نوري وعمر بن عبد العزيز وكذلك احياء جديدة كهيبة خاتون وراغبة خاتون والصليخ وامتلأت الشوارع والاحياء بالقصور الفخمة وحدائقها وبالبيوت الجميلة صغيرة وكبيرة وبالاسواق والمحلات التسويقية . في البدء بدأت بعض العوائل الارستقراطية البغدادية ببناء القصور الفخمة والانتقال للسكن فيها كناجي الخضيري وكامل الجادرجي وطه الهاشمي والحاج محمد صالح البغدادي وعبد الهادي الجلبي وسامي سليمان وجمال بابان وعبدالله الدملوجي وعائلة محمد فاضل باشا الداغستاني وعزت كركوكلي زادة وابراهيم الاوي ومصطفى العمري ومحمد فاضل الجمالي وعبد المجيد محمود وعبد العزيز البغدادي ومحمد حسن البغدادي وجودي البغدادي وعبدالله لطفي وحكمت سليمان ورشيد عالي الكيلاني وعبد الوهاب باشا الشركسي ونور الدين محمود ومحمد جعفر ابو التمن وعبد الامير علاوي وعائلة الجوربه جي وغيرهم الى جانب جمهرة من كبار الموظفين والضباط بعد ذلك بدأت الطبقة المتوسطة من موظفين وتجار وطبقة المثقفين من شعراء وادباء واساتذة وكتاب ومهندسين ومعماريين وكبار الفنانين بالانتقال الى الاعظمية والسكن فيها حتى اصبحت الحي او المدينة التي يتسم اهلها بالوعي والثقافة والابداع والاناقة . منطقة مزدهرة بحدائقها انيقة بمقاهيها تزهو بصباياها وشبابها لها طعم مميز ورائحة مميزة وجو مميز ورب سائل يسألني لماذا تحب الاعظمية ؟ اجيبه بأنه يجب ان يسأل الملك فيصل الاول لماذا اختار قصر شعشوع الكائن في الكسرة سكنا له ولماذا اختار البلاط الملكي في الاعظمية ولماذا أسس أول جامعة فيها وحتى قبره اختاره في الاعظمية وفيصل الاول هو باني العراق ومؤسسه ....ليسأل السائل لماذا اختار الشريف حيدر الاعظمية ليشيد فيها معهد الفنون الجمبلة وخالد الجادر الذي اختار الاعظمية لتكون مقرا لاكاديمية الفنون الجميلة ولماذا اختيرت الاعظمية لتكون اول مقر لجامعة بغداد وكل مباني الكليات ولماذا اختير اول نادي ملكي رياضي اجتماعي في ساحة عنتر وبني اول ملعب رياضي في الاعظمية ولماذا بنيت ثانوية كلية بغداد وجامعة الحكمة والمعهد البريطاني في الاعظمية . لقد تكون وعيي السياسي في الاعظمية وبدأت ملكتي الشعرية تتفتخ في الاعظمية وتزوجت في الاعظمية وجاء اولادي الثلاثة في الاعظمية واحلى واوفى اخوتي واصدقائي في الاعظمية ، فهل بعد ذلك كله يسألني السائل لماذا احبك يا اعظمية ؟
مقال من تأليف : د. طالب البغدادي
منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي .
مقال من تأليف : د. طالب البغدادي
منقول بتصرف خالد عوسي الأعظمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق