الصورة : عام 1960 . من فوق ساعة جامع الإمام الأعظم (أبو حنيفة النعمان) رحمه الله ، و تظهر بداية بيوت منطقة (الحارَّة) على يسار الجسر ، و على اليمين (محلة الشيوخ) و تظهر من بعيد ، عِبْرَ النهر ، المنارات الأربع للإمام (موسى الكاظم) عليه السلام . تصوير (زهير كاكا) .
(محلة الحارَّة) أصلها بتخفيف الراء، و قد بنيت بعد الخراب والطاعون اللذَين حلاّ بالأعظمية سنة 1831م ، ثم تحول اسمها مع مرور الزمن ليلفظ بشكل (حــارّة) بتشديد الراء. ليست لأنها منطقة حارَّة كما يتوهم البعض ، وإنما سميت الحارَّة ، لكونها محلة صغيرة أزقَّتها ضيِّقة ، أي (حارَة) بالقياس الى بقية محلات بغداد ، وهي تحاذ وتحيط مرقد الإمام (أبو حنيفة النعمان) ومسجده الذي لا يوصف من حيث الروحانية والتكافل . وكَتب عن (أبي حنيفة) الكثيرون لورعه وحُكمه الفقهي الحنفي . نذكر بعض ما قيل عنه ، حيث قال (إبن خلكان) في تاريخه : قبره مشهور يزار، بني عليه المشهد والقبة سـنـة (459 هـ) وقـال (إبـن جـبـيـر) فـي رحـلـتـه (وبـالرصافة مشهد حفيل البنيان ، له قبة بيضاء سامية في الهواء ، فيه قبر الإمام) وقـال (إبـن بـطـوطـة) فـي رحـلته ، (قبر الإمام أبي حنيفة (رض) عليه قـبـة عظيمة ، وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الـطـعـام فيها ما عدا هذه الزاوية ، ثم عدَّ جملة من قبور المشايخ ببغداد فقال : وأهل بغداد لـهم في كل جمعة يوم لزيارة شيخ من هؤلاء المشايخ ، ويوم لشيخ آخر يليه ، هكذا إلى آخر أيام الأسبوع) وتضيف محلة الحارة بمكانتها الموقعية والدينية مرقد المتصوف (بشر الحنفي) ومسجده المعروف عندهم (بشر الحافي) . تعد محلة الحارَّة جزء مهم من الأعظمية التي تعتبر من المدن الدينية ، ففيها مرقد الإمام (أبي حنيفة) ومرقد الشيخ (أبو بكر الشبلي) الصوفي الكبير، و في مقبرتها ، دفن الكثير من الأولياء و العلماء و الصالحين و كذلك الشعراء و الأدباء وكثير من المشاهير و مَن له شأنٌ كبير في كافة المجالات . وتحتضن (الحارَّة) (مدرسة الإمام أبي حنيفة) التي تأسست سنة (459 هـ) ، فلذلك يقصدها الزوار وطلاب العلم و العمل من باكستانيين وهنود وأفغان وأتراك خصوصاً وعرب و مسلمين عموماً ، وكان الأمر مألوفاً أن تجد بعض طلاب العلم من الدول الإسلامية يجاورون مرقد الإمام (أبي حنيفة) في الحارَّة للدراسة والتعلم ، وقد مرت أقوام من هؤلاء الغرباء منهم من قام بالزيارة وانصرف ومنهم من مكث فيها للتعلم والتعليم أو طلب الرزق ، فطاب له المقام فيها ، ولا يمكن عد هؤلاء أو حصرهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق