(سينما الأعظمية) بناية وحكاية .
الصورة : سينما الأعظمية عام 1966م .
البناية : في الثلاثينات أقدم رجل الأعمال الثري (إسماعيل شريف العاني) على تشييد سينما الحمراء والتي احترقت بعد عدة سنوات ، وهو صاحب سينمات الحمراء في كل محافظات العراق ، كما أنه أنشأ فيما بعد سينما الأعظمية والبيضاء في بغداد الجديدة .شيد العاني سينما الأعظمية نهاية الأربعينات ، بعدما كلف المصمم المهندس (نعمان منيب المتولي) على متابعة بنائها ، وبإشراف (صالح حمام) مدير الشرطة العام . اسم المعمار "نعمان منيب المتولي"، هو اسم مركب، ولد في اسطنبول عام 1898، لأب من اصول بغدادية، وأم تركية. كان والده مصطفى افندي "متولياً" لجامع الامام الاعظم في بغداد، بنهاية القرن التاسع عشر. . كان نعمان منيب شابا متعلما ومثقفا عندما وصل الى بغداد، مطلعا على تنفيذ الرسوم المعمارية، وممارسا للتصوير الفوتوغرافي، بالإضافة الى مقدرته العزف على الآلات الموسيقية. عمل مع احدى الهيئات الاستشارية المعمارية الانكليزية العاملة في بغداد، كخطاط ورسام، وأُدخّل لموهبته، عدة دورات تدريبية هندسية ومعمارية، وفي فترة قصيرة برز، كما يقول رفعة الجادرجي، الذي اورد معلومات عنه، في كتابه "الاخيضر والقصر البلوري" ص. 503 ، <كاول مهندس معماري عراقي>. وبمؤهلاته تلك، تم توظيفه في العمل كمساعد الى المعمار الانكليزي ولسون، عندما كان الاخير منهمكاً في تنفيذ مباني جامعة آل البيت بالاعظمية (1922-24). كما شغل نعمان منيب وسيطاً بين ولسون، والاسطوات العراقيين، العاملين ، وقتذاك، في اعمال تشييد الجامعة. وله تعود فكرة الكتابة الآجرية وتنفيذها في اعلى افريز الكلية الدينية للجامعة. صمم عدة مبان عامة في بغداد وفي كافة ارجاء العراق، كما صمم الكثير من الدور السكنية في الاعظمية وفي مناطق مختلفة من بغداد. ويقال، بانه صمم <سينما الزوراء> بالمربعة في شارع الرشيد . وبالتأكيد، هو مصمم سينما الاعظمية، التى ازيلت، مع الاسف، مؤخراً. صمم واشرف على دار توفيق السويدي بالصالحية، ودار ناجي الخضيري في الاعظمية، ودار سلمان الشيخ داود في شارع ابي نؤاس، كما صمم سوق الامانة، وفندق الامير، ومبنى "جمعية الطيران" في بغداد (الذي ازيل، واحتفظت الساحة، التي كان يطل عليها، لاحقاً، باسم مبناها المميز: ساحة الطيران). عين مدير اشغال المنطقة الوسطى في لواء الحلة، بعدها عين كمهندس معماري في أمانة العاصمة. احيل التى التقاعد في بدء الخمسينات. انتهت سيرة نعمان منيب، الذي نعرف عنه بانه عاش عازباً، وتوفي في سنة 1961.
الحكاية : يتحدث إبن كاظم ماجود صاحب مقهى تقي في الأعظمية فيقول :- منذ ُ العام 1958 نزحنا من لواء الكوت وبالذات من ناحية شيخ سعد وهي مدينة صغيره غافية على نهر دجلة .واستقر بنا المقام في منطقة الاعظمية حيث كان لأحد اقاربنا عمل بسينما الاعظمية المرحوم (ماهود سرع) الذي عمل حارساً للسينما ليلاً وبواباً بالنهار وفتحنا مقهى صغيراً مقابل السينما مستخرجا من حديقة النعمان انا ووالدي واخوتي الصغار ومن ثم انتقلنا الى مقهى اكبر منه في راس الحواش بداية شارع عشرين مجاور لجامع الحاجة نشميه [گهوة تقي] الذي ما زال قائماً لحد الان ، {ومن شهرة ومحبة المقهى عند أهل الأعظمية ، فإنهم كانوا يتلاطفون فيما بينهم ويقولون [إنت وين تلتقي ،،، بگهوة تقي]} . واستمرت علاقتنا الانسانية باهل الاعظمية مبنية على الود والاحترام ، ولحد الان نتواصل مع أهالي الأعظمية بأفراحهم واحزانهم وبالعكس ، ولم نلمس من اهل الاعظمية أي حس طائفي ابداً لا من صغير ولا من كبير ، لا من مثقف ولا من شخص عادي ابداً ، وما زالت المواصلات مستمرة .حتى ان اخي (تقي) لا ينقطع عن زيارة احبائه في الاعظمية لحد الان حيث يتواجد مرة بالأسبوع بالأعظمية ، وكما ان اخي علي الذي لم نعثر على رفاته في الحرب الايرانية العراقية كانت وصيته انه في حال استشهاده ان يشيع من الاعظمية في رأس الحواش الى النجف الاشرف ولم تتحقق امنيته لاننا لم نستلم رفاته الى الان . (رحم الله شهداء العراق). كما اني بحكم عملي يدركني وقت الصلاة قرب مرقد (الشيخ عبد القادر الكيلاني) فادخل واصلي داخل مرقد الشيخ حيث كانت هناك قاعة صغيرة وفيها مجموعة من (الترب) حيث يؤدي الشيعة الصلاة داخل مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني وهذه الحادثة ارويها لكم بحدوثها قبل اكثر من عشر سنوات. وكما اروي لكم بأن والدي المرحوم (كاظم ماجود) طيلة فترة وجوده بالأعظمية بالسنين الماضية من القرن الماضي كان يضع (تربته) في جيبه وعندما يحين وقت الصلاة يدخل الى جامع الحاجة نشميه في راس الحواش ويؤدي صلاته مع المصلين من اهل الاعظمية ولم ير والدي أي تذمر من هؤلاء المصلين بل بالعكس كانت تربطه صداقة انسانية لامثيل لها بهم. وكما حدثني احد معارفي بان عمه كان مقر عمله قرب جامع الفضل فما ان يحين وقت الصلاة يدخل الى الجامع ويؤدي صلاته في احدى زوايا الجامع ولكن يؤدي صلاته بدون (تربة) وبمرور الايام لمحه امام الجامع بعد انتهاء صلاته قال له لماذا تؤدي صلاتك بدون (تربة) فما كان من امام الجامع ان قال له هناك عدد من (الترب) وباستطاعتك الصلاة داخل الجامع وموجودة على احد رفوف الجامع ولا احراج بالموضوع يا ابني ان صلاتك وصلاتي الى الله هذه الحوادث التي اسردها هي من سنين مضت قبل الاحتلال الامريكي حيث لا طائفية تذكر ولا هم يحزنون انما كان هنالك الود والمحبة . تباً للطائفية ، تباً لمروجيها ، تباً لمن اوجدها ، تباً لم عمل بها. وتحياتي لاهل الاعظمية الكرام وخصوصاً راس الحواس وشارع عشرين مع فائق التقدير والاحترام .
ا.ھ . خالد عوسي الأعظمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق