الجمعة، 1 يوليو 2022

مقامات شعوبي

 

المقال : مقامات شعوبي.
الأستاذ شعوبي أديب موهوب بالفطرة ، وقد نشأ مع أتراب له ذوي نزعة أدبية وفنية ، مثل (مولود احمد الصالح) و(حيدر العمر) والأستاذ (عبد الرحمن الريس) والمحامي (عبد الباقي العمر) و(المحامي عبد الملك إبراهيم) رحمهم الله وغيرهم ، وهو ذكي سريع الحفظ ، وقد نظم في شبابه بعض المسرحيات الهزلية ، بالمشاركة مع زميله مولود ، وصنعا لهما مسرحاً صغيراً في (بيت الحاج أحمد الصالح) وقاموا بتمثيل عدة مسرحيات . وشعوبي شاعر مطبوع ، ذو خيال واسع ، وصور فنية بارعة ، وهو ينظم القريض بكل أوزان العروض ، ومشتقاتها ، وينظم الموشحات والدو بيت ، ويجيد التخميس والتضمين ، ويبدع في الأراجيز ، كما أنه ينظم الشعر الشعبي (الزجل) من المربع وغيره ، وينظم الزهيري (الموال) والأبوذية والعتابة ببراعة تامة وإبداع في الجناس . وللأستاذ شعوبي قابلية طيبة في النثر ، وله سجع مستملح مرغوب ، وأنشا في شبابه بعض (المقامات) وأغلبها على سبيل الدعاية والمزاح مع أصحابه وأقرانه . وللحقيقة ان شعوبي ألف كتابه (المقامات) 1961م في (مقهى عباس) بالأعظمية ، كان ينشيء كل يوم مقامة او مقامتين ، يمليها إملاء ، فيها سجع أدبي ، وفيها معلومات قيمة عن الأنغام والألحان والمقامات العراقية ، ولم يرجع فيها الى مصدر يعتمد عليه ، سوى حفظه للأشعار ، ولكنه جعل في آخر الكتاب قائمة بالمصادر ، وكل إفادته منها هي تحديد تواريخ وفيات الأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب أو الأشارة الى أرقام الصفحات في دواوين الشعراء الذين ذكر لهم بعض الأبيات أمثال ، المتنبي والرصافي وشوقي وغيرهم . وأغلب قصائد شعوبي في الأخوانيات ، ومداعبة أترابه ، وتعزية بعضهم في الرسوب أثناء الدراسة ، وكان يلمع شعره بألفاظ عامية أو إنجليزية وهندية وفارسية وكردية . فتقع تلك الألفاظ الغريبة كالشذرات البهية في أبياته . ولو أنه حمل نفسه على الجد والمداومة في نظم الشعر في شتى أغراضه ، لكان من كبار شعراء العراق . وشعوبي لا يكتب قصائده ولا يحتفظ بها ، بل ينشدها في المقهى أو الچرداغ أو مجلس من مجالس أصدقائه ، ويعطي القصيدة لمن يطلبها منه ولايسأل عنها بعد ذلك . ذكرنا أن شعوبي كان ذكياً قوي الذاكرة وكان في صباه وشبابه ، يكتفي بتقرير المعلم أو المدرس في الصف ، ولا يراجع كتب الدراسة ، ولا يقرأ إلا في أيام الإمتحان ، وحتى في أيام الإمتحان لا يقرأ ، والكل أيام الإمتحانات يخرج الى الحقول والبساتين في (شارع عمر بن عبد العزيز) للمطالعة ومراجعة الدروس ، وشعوبي منشغل بأكل المشمش والتوت والسباحة في الساقية ، ويذهب مع أترابه ويعود دون مراجعة ، بل كان يلهي أصحابه بطرائفه ونوادره وغنائه ، وعذره في ذلك ، أن كتبه ممزقة وناقصة من أولها وآخرها، لأن يده تعرق وتبلل صفحات الكتاب ، فيخلعها ويرميها وهكذا حتى يطير الربع الأول والربع الرابع من كل كتاب ، يضاف إلى ذلك أن كتب شعوبي مملوءة في حواشيها بالأشعار والأبوذيات 
والموالات ، فإذا فتح كتابه للمطالعة ، فإنه ينصرف الى مراجعة الأشعار ولا ينصرف إلى مراجعة المادة العلمية 


ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...