المقال : ساعة الأعظمية .
الصورة : الحاج (عبد الرزاق محسوب الاعظمي العبيدي) أمام ساعته عام 1929م .
ولد (عبد الرزاق محسوب) في (محلة الشيوخ/الأعظمية) عام 1882 واكمل فيها دراسته الابتدائية ، في (كتاتيب المدارس التركية) افتتح معملا لصناعة (النواعير) وابدع فيه . انخرط في (الجيش العثماني/ فوج المجاهدين) عند اندلاع (الحرب العالميه الأولى/1914) واشترك في (معركة الحويزه) و قام بتصليح (المدفع الكبير) الذي كان له دور مهم في (معركة الكوت) وفيهما انتصر الأتراك على الأنكليز . ولكونه ميكانيكي بارع ، تقدم بتاريخ 19/3/1921 لفحص (الساعة الگيلانية ذات الوجهين) المهداة الى جامع الامام الاعظم منذ عام 1919، لتصليحها و نصبها ، فوجدها غير صالحة، و في 25/3/1925 إبتدأ في معمله وبمساعدة ولديه (محمد رشيد) و (عبد الهادي) بصنع ساعة كبيرة مع هيكلها الخاص و بأربعة اوجه وثلاثة عقارب ، حتى اتم صنعها في 28/12/1929 فوهبها الى ادارة الاوقاف لتوضع بدلا من تلك الساعة التالفة في جامع الامام الاعظم، رفضت الأوقاف تسلمها ، فاحتفظ بها ونصبها على سطح معمله وكانت تعمل بإنتظام . وبتاريخ 8/11/1931 زار الملك (فيصل الأول) كلية (دار العلوم الدينية والعربية) في الأعظمية ومعه رئيس التشريفات (تحسين قدري) ومدير الأوقاف العام (نوري القاضي) وبعد أن أتموا زيارة الكلية اقترح عليهم عميد الكلية الحاج (نعمان الأعظمي) زيارة (معمل محسوب) مقابل (مسجد خطاب) للاطلاع على الساعة ، فذهبوا إلى المعمل مع بعض وجوه الأعظمية ، أعجب الملك بالساعة وخاطب صانعها بقوله: لعل عبد الرزاق لا يطلب لها ثمناً باهضاً !، فأجابه انه قام بصناعتها خدمة للوطن وانه لذلك متبرع بها ولا يرجو سوى الأجر والثواب، فشكره الملك ووعده بقبولها ونصبها في موضعها في الوقت المناسب ، و منحه (الوسام الهاشمي) ثم بعد ذلك ذهب الملك ومن معه إلى بيت الحاج عبد الرزاق المجاور للمعمل حيث تناولوا طعام الغداء . شاركت الساعة في (المعرض الزراعي الصناعي) الذي اقيم في (حدائق باب المعظم) في 7نيسان 1932 حيث فازت بالجائزة الاولى وكانت من ابرز المعروضات واجدرها باهتمام الجمهور، وظلت على أرض المعرض 11 شهر تقريباً ، ومن هنا اشتهرت ب(ساعة المعرض) وبعد هذا الفوز ، وافقت الاوقاف على تسلمها لتوضع رهن التوقيف والحجز في احد مخازنها ، فداهمها الصدأ وكادت تتلف ، وفي سنة 1952 شعر الحاج عبد الرزاق وقد أقعده المرض بدنو أجله وذهاب أمنياته عبثاً في تحقيق نصب الساعة وضياع وتشتت أدواتها من بعده فطلب إلى ابنه (الدكتور صالح) مراجعة دائرة الأوقاف لخزن أدوات الساعة في إحدى غرف جامع الإمام أبي حنيفة حتى يحين نصبها . توفي الحاج عبد الرزاق في 7/11/1953 وفي نفسه حسرة لأن ساعته التي صرف من أجلها كل اهتمامه وكل ماله من طاقة فكرية ومالية، لم تر النور ولم تنصب في جامع أبي حنيفة والتي كانت أغلى أمنياته . قال فيه الشاعر(عطا حمدي الاعظمي) يد محسوب يد مااهرة * صنعت للجامع المعمور ساعة * جاورت قبر امام اعظم * منه ترجى ساعة الحشر شفاعة * كلما دقت ذكرنا فضله * وسالنا الله ان يجزي اختراعه * و سالنا الله ان يرحمه * ان شكر االله من شكر الجماعة . وفي عام 1958 قرر مجلس الوزراء ، إستخراج الساعة من الأوقاف بعد معاينتها وصلاحيتها، ونصبها على برج يناسبها في جامع الامام الاعظم على ان تقوم به (وزارة الاسكان) وبعد وضع التصاميم والخرائط من قبل المعماري (هشام منير) اتجهت النية الى بناء الابواب الرئيسية وسياج الجامع مع برج الساعة. وقد بوشر بالعمل بأشراف المهندس (محب الطائي) حتى أصبحت جاهزة للعمل عام 1961 .
. ( خالد عوسي الأعظمي ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق