الاستاذ شعوبي ابراهيم، فنان مبدع، متعدد المواهب، وهو متواضع الى درجة الزهد والتصوف، لايحب الحديث عن نفسه، ولايحسن ذلك، حتى بات مغمورا في اوساط كثيرة من الناس، لايعرفون عنه إلا انه عازف ماهر على (الجوزة)، من الجيل الماضي، وانه لم يساير روح العصر المتطور في المظاهر والمصطلحات. وانا قد زاملت الاستاذ شعوبي منذ ايام الصبا، وقد امتدت هذه المزاملة اربعين عاما.. عرفت من خلال ذلك مواهبه العديدة، وقابلياته الفنية والادبية..
ورأيت من الواجب علي ان اشير الى بعض اللمحات والجوانب من حياة هذا الفنان القدير، والنابغة الكبير، خدمة للفن وتاريخه وترجمة اعلامه.
* مولده ونشأته
ولد الاستاذ احمد شعيب (شعوبي) في محلة الشيوخ بالاعظمية سنة 1925 وهو ابن الحاج ابراهيم بن خليل بن اسماعيل العبيدي الاعظمي. ووالدته العلوية الحاجة ماهية بنت السيد غدير بن السيد قدوري النعيمي الاعظمي.. اكمل الاستاذ شعوبي دراسته الابتدائية في مدرسة الاعظمية الاولى، ثم الدراسة المتوسطة، واكمل دراسته الاعدادية في ثانوية بيوت الامة المسائية الاهلية في الكاظمية، واشتغل بوظيفة مراقب في امانة العاصمة، ثم موظفا في الزراعة.. ثم انتسب الى معهد الفنون الجميلة القسم المسائي، وتخرج في فرع (الكمان) ثم جدد الدراسة في المعهد المذكور ثانية، وتخرج في فرع (العود).
وعين معلما في المدارس الابتدائية، ثم مشرفا على الاناشيد المدرسية في وزارة التربية، ثم مدرسا في معهد الفنون الجميلة، واخيرا مدرسا (للجوزة) في معهد الدراسات النغمية.
وانتسب الاستاذ شعوبي الى فرقة (الجالغي البغدادي) في اذاعة بغداد سنة 1952 م، ولازال يواصل عطاءه الفني باعلى مستوى.
* مواهبه الفنية
نشأ (شعوبي) في الاعظمية، وهي بيئة تحب المقام العراقي، وتتذوقه، وتحافظ عليه، وكان في صباه يحرص على حضور المناقب النبوية (الموالد) والاستماع الى قرّاء المقام العراقي و(الاشغال) التي يترنم بها (الردادة)، ويحضر حلقات الذكر القادري (التهليلة)، وكان يرعاه ويشجعه السيد جواد السيد قطب، وكان يستمع الى التمجيد ليلة الجمعة وضحاها، وتلاوة القرآن الكريم في جامع الامام الاعظم، وكان على رأس القراء فيه المرحومان الحافظ مهدي العزاوي والحاج محمود عبد الوهاب.
ويضاف الى ذلك كله استماعه الى المقام عن طريق الاسطوانات، وكان يجلس الى بعض العازفين باصول المقام العراقي – وهم كثير في الاعظمية – يسألهم عن بعض القطع والاوصال، حتى الم باصول المقام وفروعه، واصبح خبيا واسع المعرفة، في دقائق المقام ورقائق الالحان والانغام.
والاستاذ شعوبي، فنان موهوب يمتلك ذوقا مرهفا، واذنا موسيقية ذات حس وتمييز نادرة المثال.
ومن الطريف ان نذكر ان (شعوبي) تخرج في فرعي (الكمان) و(العود) في معهد الفنون الجميلة، ولكنه تخصص بالعزف على (الجوزة) وتدريسها، ولعل السبب في ذلك. ان عازفي الكمان والعود كثيرون، والجوزة (يتيمة) في اول الخمسينات، فالزم نفسه بها، واحياها، واعاد لها مجدها.
وشعوبي عازف بارع على الكمان والعود والقانون والسنطور، بدرجة عالية وكفاءة ممتازة، وهو ضابط ايقاع منقطع النظير، ويحسن الشدو بالناي والمزمار، وكان في صباح ينتزع صنع في شبابه (سنطورا) اما الة الجوزة فقد صنع منها الكثير.
بعض القصبات من (الاكلاك) الواردة الى الاعظمية، ويصنع من تلك القصبات (شبابات)، كما وشعوبي ضارب ماهر على الدف (المزهر) في حلقات الاذكار القادرية والرفاعية الخليلية.. التي تثير الشوق والتواجد لدى الشيوخ.
وقبل سنتين كان في الاعظمية مجلس ذكر، وقد حضر (شعوبي) الفصل الاخير من مجلس الذكر، بعد فراغه من (خان مرجان) فطلب الحاضرون من (شعوبي ) مشاركة الشيوخ ومعاونتهم، واستجاب شعوبي واخذ الدف، واجاد في الضرب حتى بث الحماس في الشيوخ والحاضرين، وكان في ليلته تلك قد (خلط عملا صالحا واخر سيئا).
وتمتد مواهب الاستاذ شعوبي الفنية الى الموسيقى الغربية، فهو يعزف على اغلب الاتها بمهارة عالية.
وحبذا ان تتولى مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ذلك وتسجل له عزفا على بعض الالات الشرقية والغربية للتوثيق.
والمطلوب من المركز الموسيقي ان يتولى ذلك ايضا ويضيفها الى مكتبته الفنية. ومن المناسب ان نذكر ان لشعوبي براعة في التمثيل، وبخاصة الاتجاه الفكاهي، الذي يتضمن الفرح والانبساط، وهو يناسب ادوار (الحاج راضي).. كما انه ملحن جيد، وقد لحن بعض الاغاني للمطربين قبل عشرين عاما او اكثر بالاضافة الى تلحين الاناشيد المدرسية.
ولابد لي ان اذكر انه نجار ماهر في فن النجارة وكان في شبابه يصنع (الزوارق) الصغيرة، من شرائط الخشب والقماش المشمع، وكان يحمل زورقه فوق رأسه من بيته في سوق الاعظمية القديم الى (الشط) ويعود به ليلا، وكان يصنع في كل صيف زورقين او ثلاثة ويبيعها.
وما زال يمارس هذه الهواية كلما اتسع لها وقته. وان الاثاث الخشبي في بيته كله من صنعه، كاسرة النوم له ولبعض اولاده، ودواليب حفظ الاواني، والرفوف، وخزائن الكتب، ودواليب التحف. وقد صنع كثيرا منها لاصدقائه، وهو يبيعها بارخص من سعر السوق.
* مواهبه الادبية
الاستاذ شعوبي اديب موهوب بالفطرة. وقد نشأ مع اتراب له ذوي نزعة ادبية وفنية مثل المرحومين مولود احمد الصالح وحيدر العمر والاستاذ عبد الرحمن الريس والمحامي عبد الباقي العمر والمحامي عبد الملك ابراهيم وغيرهم، وهو ذكي سريع الحفظ. وقد نظم في شبابه بعض المسرحيات الهزلية بالمشاركة مع المرحوم مولود، وصنعوا لهم مسرحا صغيرا في (بيت جدي لامي الحاج احمد الصالح) وقاموا بتمثيل عدة مسرحيات.
وشعوبي شاعر مطبوع، ذو خيال واسع، وصور فنية بارعة، وهو ينظم القريض بكل اوزان العروض، ومشتقاتها، وينظم الموشحات والدوبيت ويجيد التخميس والتضمين، ويبدع في الاراجيز، كما انه ينظم الشعر الشعبي (الزجل) من المربع وغيره، وينظم الزهيري (الموال) والابوذية والعتابة ببراعة تامة وابداع في الجناس.
وللاستاذ شعوبي قابلية طيبة في النثر، وله سجع مستملح مرغوب وانشا في شبابه بعض (المقامات) واغلبها على سبيل الدعابة والمزاح مع اصحابه واقرانه.
وللحقيقة اذكر ان (شعوبي) الف كتابه (المقامات) 1961م في (مقهى عباس) بالاعظمية، كان ينشي كل يوم مقامة او مقامتين، يمليها إملاء، فيها سجع ادبي، وفيها معلومات قيمة عن الانغام والالحان والمقامات العراقية ولم يرجع فيها الى مصدر يعتمد عليه، سوى حفظه للاشعار ، ولكنه جعل في اخر الكتاب قائمة بالمصادر. وكل افادته منها هي تحديد تواريخ وفيات الاعلام الوارد ذكرهم في الكتاب او الاشارة الى ارقام الصفحات في دواوين الشعراء الذين ذكر لهم بعض الابيات امثال المتنبي والرصافي وشوقي وغيرهم.
واغلب قصائد (شعوبي) في الاخوانيات، ومداعبة اترابه، وتعزية بعضهم في الرسوب اثناء الدراسة.
وكان يلمع شعره بالفاظ عامية او انجليزية وهندية وفارسية وكردية، فتقع تلك الالفاظ الغربية وشعوبي ضارب ماهر على الدف (المزهر) في حلقات الاذكار القادرية والرفاعية الخليلية.. التي تثير الشوق والتواجد لدى الشيوخ.
وقبل سنتين كان في الاعظمية مجلس ذكر، وقد حضر (شعوبي) الفصل الاخير من مجلس الذكر، بعد فراغه من (خان مرجان) فطلب الحاضرون من (شعوبي ) مشاركة الشيوخ ومعاونتهم، واستجاب شعوبي واخذ الدف، واجاد في الضرب حتى بث الحماس في الشيوخ والحاضرين، وكان في ليلته تلك قد (خلط عملا صالحا واخر سيئا).
وتمتد مواهب الاستاذ شعوبي الفنية الى الموسيقى الغربية، فهو يعزف على اغلب الاتها بمهارة عالية.
وحبذا ان تتولى مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ذلك وتسجل له عزفا على بعض الالات الشرقية والغربية للتوثيق.
والمطلوب من المركز الموسيقي ان يتولى ذلك ايضا ويضيفها الى مكتبته الفنية. ومن المناسب ان نذكر ان لشعوبي براعة في التمثيل، وبخاصة الاتجاه الفكاهي، الذي يتضمن الفرح والانبساط، وهو يناسب ادوار (الحاج راضي).. كما انه ملحن جيد، وقد لحن بعض الاغاني للمطربين قبل عشرين عاما او اكثر بالاضافة الى تلحين الاناشيد المدرسية.
ولابد لي ان اذكر انه نجار ماهر في فن النجارة وكان في شبابه يصنع (الزوارق) الصغيرة، من شرائط الخشب والقماش المشمع، وكان يحمل زورقه فوق رأسه من بيته في سوق الاعظمية القديم الى (الشط) ويعود به ليلا، وكان يصنع في كل صيف زورقين او ثلاثة ويبيعها.
وما زال يمارس هذه الهواية كلما اتسع لها وقته. وان الاثاث الخشبي في بيته كله من صنعه، كاسرة النوم له ولبعض اولاده، ودواليب حفظ الاواني، والرفوف، وخزائن الكتب، ودواليب التحف. وقد صنع كثيرا منها لاصدقائه، وهو يبيعها بارخص من سعر السوق.
* مواهبه الادبية
الاستاذ شعوبي اديب موهوب بالفطرة. وقد نشأ مع اتراب له ذوي نزعة ادبية وفنية مثل المرحومين مولود احمد الصالح وحيدر العمر والاستاذ عبد الرحمن الريس والمحامي عبد الباقي العمر والمحامي عبد الملك ابراهيم وغيرهم، وهو ذكي سريع الحفظ. وقد نظم في شبابه بعض المسرحيات الهزلية بالمشاركة مع المرحوم مولود، وصنعوا لهم مسرحا صغيرا في (بيت جدي لامي الحاج احمد الصالح) وقاموا بتمثيل عدة مسرحيات.
وشعوبي شاعر مطبوع، ذو خيال واسع، وصور فنية بارعة، وهو ينظم القريض بكل اوزان العروض، ومشتقاتها، وينظم الموشحات والدوبيت ويجيد التخميس والتضمين، ويبدع في الاراجيز، كما انه ينظم الشعر الشعبي (الزجل) من المربع وغيره، وينظم الزهيري (الموال) والابوذية والعتابة ببراعة تامة وابداع في الجناس.
وللاستاذ شعوبي قابلية طيبة في النثر، وله سجع مستملح مرغوب وانشا في شبابه بعض (المقامات) واغلبها على سبيل الدعابة والمزاح مع اصحابه واقرانه.
وللحقيقة اذكر ان (شعوبي) الف كتابه (المقامات) 1961م في (مقهى عباس) بالاعظمية، كان ينشي كل يوم مقامة او مقامتين، يمليها إملاء، فيها سجع ادبي، وفيها معلومات قيمة عن الانغام والالحان والمقامات العراقية ولم يرجع فيها الى مصدر يعتمد عليه، سوى حفظه للاشعار ، ولكنه جعل في اخر الكتاب قائمة بالمصادر. وكل افادته منها هي تحديد تواريخ وفيات الاعلام الوارد ذكرهم في الكتاب او الاشارة الى ارقام الصفحات في دواوين الشعراء الذين ذكر لهم بعض الابيات امثال المتنبي والرصافي وشوقي وغيرهم.
واغلب قصائد (شعوبي) في الاخوانيات، ومداعبة اترابه، وتعزية بعضهم في الرسوب اثناء الدراسة.
وكان يلمع شعره بالفاظ عامية او انجليزية وهندية وفارسية وكردية، فتقع تلك الالفاظ الغربية كالشذرات البهية في ابياته. وهو يحمل بين جنبيه قلبا سليما طاهرا، وروحا مرحة ذات دعابة ومزاح، وإلقاؤه للنكتة نكتبة، وعرضه للنادرة نادرة، وصوته وسحنته يزيدان في الانشراح والانبساط، وهو زينة المجلس في حديثه وتلميحه، وتعريضه وتصريحه.. سريع البديهية حلو النادرة، ولم في المقهى جالسا وحده وحتى اذا جلس وحده، فسرعان ما ترى محبيه ينتقلون اليه، ويستمعون الى حديثه وتعليقه وشعره وغنائه، وهو ينسجم بسرعة ويستغرق في الفن حتى يستولي عليه الموضوع، فيسهو عن اصدقائه ولم يسقهم شايا او مرطبات، واحيانا يسقيه زواره وقاصدوه، فلم يشعر بذلك ولم ير فيه معرة. ولم يعتب عليه احد من اصدقائه لحبهم له. وتعلقهم به، ولو صدر ذلك عن غيره لعوتب وقوطع وشعوبي فنان بسيط سليم القلب.. له براءة الاطفال، وهو متواضع وقنوع وخجول، ينتهي من احياء الحفلة، ويعرض عليه القائمون بها ما يشاء من المكافاة فيستحي ويطلب مبلغا ضئيلا، فيعطونه ثلاثة اضعاف ما طلب.
وشعوبي يحب الطعام حبا جما، حتى انه ياكل حلويات نعوش وهو مصاب بالسكر، ويدعي انه (يأكل البقلاوة يليه حس السكر) وهو من العاملين بالمثل القائل (العزايم تحل العزايم) وليست لديه مقاومة عن الاكل الذي يضره ويؤذيه.
ولشعوبي في وصف الطعام واللحم والعظام قصائد عظام!
منها (الثانية الوسطى) التي عارض فيها ابن الفارض في ثانيتيه الكبرى والصغرى قال شعوبي:
تذكرت احبابي فقلت لمقلتي
افيضي دموعا بعد فقد الاحبة
احباي كاسات الطعام جميعها
وكيف يعيش المرء من غير اكلة
الى ان يقول:
خرجت بليل والنجوم لالئ
به البدر انساني همومي ومحنتي
قصادفت عن بعد رجالا وبينهم
بصير بدا من بين تلك الجماعة
عمامته بيضاء لاح كانه
يجز القاطرات بسرعة
مقالة من تأليف : وليد الاعظمي
جمع واعداد : خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق