في لقاء جمعني وشيخ المصورين العراقيين الفوتوغرافي الرائد الحاج امري سليم عندما زرته قبل وفاته في بيته مع الزميل عادل العرداوي للسؤال عنه وعن أحواله الصحية بعد ان الم به المرض وألزمه الفراش، خلال مجريات الحديث الشيق معه ذكر لنا جوانب أثيرة عن نفسه من مسيرته الفنية الطويلة في مجال الفوتوغراف التي تعود بداياتها الى الأربعينيات من القرن الماضي تمثلت في عطاء فني متواصل لزمن تجاوز النصف قرن ، وثق خلاله العديد من الموضوعات التراثية والفلكلورية الى جانب توثيقه الكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية التي مرت على العراق قبل وبعد ثورة 14/ تموز/ 1958 والأحداث اللاحقة التي أعقبتها إضافة الى تصويره العديد من الشخصيات السياسية والفكرية والفنية التي مازال يحتفظ بصورها في أرشيفه الخاص. من بين العديد من المواقف التي مرت به ذكر لنا موقفا حصل معه عندما التقاه الصحفي الراحل الأستاذ صادق الازدي وهو في بداياته مع التصوير الفوتوغرافي، حيث عرض عليه يومها العمل معه في المجلة التي كان يصدرها الازدي يومذاك (كمصور صحفي). وفي اليوم التالي طلب منه ان يذهب الى بناية القشلة التي كانت مقراً لديوان الحكومة آنذاك لتصوير رئيس الوزراء نوري السعيد، لكن الازدي لم يخبره بان الشخص المراد تصويره هو رئيس الوزراء وانما ذكر له الاسم فقط مجردا من الصفة الرسمية حيث قال له:» تذهب غدا صباحا لتصوير نوري سعيد في القشلة». وفي اليوم التالي ذهب الحاج امري الى هناك ويبدو ان الامر قد اختلط عليه، فسأل عن شخصين يدعيان (نوري) و(سعيد) فأخبروه انه لا يوجد لديهم أشخاص بهذه الأسماء يعملان في ديوان الحكومة، وانما يوجد شخص يعمل (جايجي) داخل بناية القشلة يدعى (نوري) فظن الحاج امري انه وجد ضالته وعندما توجه اليه وطلب منه ان ينادي على صاحبه (سعيد) ليقوم بتصويرهما معا لنشر صورتيهما في المجلة، فأبدى الرجل استغرابه وقال له:» انه لا يوجد شخص يعمل معي بهذا الاسم»، فظن الحاج ان الرجل يمازحه، فقال له: «سأصورك أولا وسأعود في ما بعد لتصوير صديقك سعيد»، وبعد ان أنجز مهمته عاد الى الأستاذ صادق الازدي فقدم له الصور، فكانت مفاجأة لم يتوقعها الازدي فقال له: «يا رجل طلبت منك تصوير رئيس الوزراء فتأتي الي بصورة (جايجي)»، عندها أحس امري بالحرج فحاول تدارك الأمر بإقناع أستاذه الازدي بالذهاب ثانية الى القشلة لتصوير نوري باشا السعيد ولكن الازدي قرر اصطحاب الحاج امري معه للإشراف على عملية التصوير بنفسه.. وما ان وصلا الى هناك حتى اخبر الأستاذ صادق رئيس الوزراء بحقيقة ما حدث، عندها ضحك نوري السعيد وقال لهما: «هاي تالي عمرنه صرنه جايجيه»! يقول الحاج امري سليم.. لا أنسى ذلك الموقف الصعب ولكن كانت فرصة رائعة لي، لألتقط في اليوم التالي صورا فريدة لرئيس الوزراء آنذاك، مازلت اعتبرها من الصور المتميزة التي اعتز بها الى جانب صور أخرى مازلت احتفظ بها في أرشيفي الخاص الذي أتامل ان تتولى الجهات المعنية طبعه لانه يضم حتما وثائق تاريخية وجوانب مهمة من تاريخ العراق قبل فوات الأوان ويطويني النسيان !
جمع واعداد/ خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق