الجمعة، 1 نوفمبر 2013

حياة عبد السلام عارف يرويها مرافقه الدكتور صبحي ناظم توفيق



صورة نادرة لعائلة الشيخ محمد عارف الذي يتوسط الصورة وهو والد رئيسا جمهورية العراق ، الرئيس عبد السلام عارف للفترة من 1963-1966 ، وهو الثاني من يسار الصورة . والرئيس عبد الرحمن عارف للفترة من 1966 - 1968 ، وهو الأول من يمبن الصورة ، وفي حضنه أخيه صباح الذي وافته المنية في الثاني من آذار 2013، وكان قد زودني بالكثير من الصور النادرة رحمه الله التي تخص هذه العائلة . والأول من يسار الصورة هو الأخ الأكبر عبد السميع .

 واليكم نبذة تاريخية عن أخوة الرئيس عبد السلام محمد عارف .
 أكبر أخوة " عبد السلام محمد عارف" هو " الملازم المتقاعد عبد السميع " ، صاحب "مكوى النعمان " الواقع على "شارع الإمام الأعظم " وعلى مقربة من " كازينو النعمان". وكان المُشاع في الشارع العراقي خلال أواسط الستينيات أن " عبد السميع" كان " مقدم متقاعد".. إلا أن نجله" صلاح " و زوجته السيدة " وفاء " أوضحا لي أنه كان ملازما متقاعداً منذ أن أُحيل على التقاعد بعد فشل حركة مايس 1941.
 لم أقابله مطلقاً ، و لم يصادف أن زار دار أخيه خلال أي تواجد لي في مهمة الحماية، ولم أعرف غير نجله " ملازم أول طيار صلاح " الذي كان صهر " عبدالسلام " كما أسلفت. و كان اللواء" عبد الرحمن محمد عارف " الأخ الثاني ، أكبر عمراً من " عبد السلام"، إلا أن الأخير قد سبقه في الدراسة و القبول في الكلية العسكرية. و كان يشغل منصب " رئيس أركان الجيش وكالة" في حينه , إذْ لم يُثَبَّت بهذا المنصب الرفيع أصالةً لعدم إشتراكه بدورة في كلية الأركان. و مثلما كان عليه الحال مع " عبد السميع" ، فإنني لم ألاحظ شخصياً أية زيارة له أو لعائلته لدار أخيه. كان " صباح " أخوهم الأصغر ، و" مُدلّل العائلة المالكة " كما كان يحلو لبعض معارف النظام تسميته .. تخرّج في كلية الحقوق ببغداد ، متوسط القامة والبنية ، جميل المنظر، صديقا لأولاد " عبد السلام" أكثر من كونه مجرد عمّ لهم.. يحضر الى البيت لوحده، إذ كان عازبا لم يتزوج بعد، وكانوا يرحّبون به بحرارة، و يركض البنون والبنات نحوه و يتحاضنون معه و يقبّلونه و يقبّلهم، و لطالما كنت أسمع مزاحاتهم في حديقة الدار، و يخرج بالأولاد و صغار البنات عادة بسيارته المتواضعة من طراز" فولكس واكون".
كان" صباح " يشغل منصب " الكاتب العدل" ضمن مجمع محاكم الأعظمية الواقع على " الكورنيش " ، و لا يرتدي إلاّ بدلة أنيقة حتى في صيف العراق القائض، و يحمل مسدسا تحت سترته، ذلك المسدس الذي بعض الناس الذين كانوا يتهامسون فيما بينهم فيما لو كان من حقّ أخٍ مدني لرئيس الجمهورية أن يحمل مسدساً، و لكني علمتُ من السائق " الحاج أحمد" أن" صباح محمد عارف " قد حصل على إجازة رسمية من الشرطة لحمل ذلك المسدس كونه " كاتب عدل" له مساس بمشكلات و مصالح الناس يومياً. أما "عبد السلام " فقد كان يعتبره " شابا متهوراً " لعدم التزامه بأصول الدين و الصلاة، لذلك فلم يكن على وفاق معه. و كانت لي مع السيد " صباح " مفارقة وكان حديث مسدسه الخاص من ضمنها.. ففي يوم من أيام صيف عام 1965 جاءني صديق يحتاج حلاً لمشكلته لدى المحكمة الشرعية في قضاء الأعظمية، وكان لي قريب هناك إسمه " كامل حسين / أبو مؤيد " يشتهر بعصبية مزاجه وتدخينه ( 100 ) سيكارة أو أكثر يوميا، و يشغل منصب " كاتب أول " لدى المحكمة نفسها. عندما دخلتُ مكتب " أبي مؤيد "وجدتُه خالياً، حيث أفاد أحد موظفيه أنه ذهب الى مكتب " الكاتب العدل" ،فتوجهت مع ذلك الصديق الى تلك الدائرة.. ولدى إقترابنا منها سمعتُ صياحا عاليا ،سرعان ما اكتشفت أنه صادر من حنجرة " أبي مؤيد" ، حتى فتحتُ باب الغرفة لأجد " صباح محمد عارف " جالسا على كرسي مكتبه و" أبا مؤيد "واقفا و يديه متّكئَتين على المنضدة، و هو يوجه كلاما جارحا وبصوت عالٍ نحو "صباح محمد عارف " ، كانت آخر عباراته : (.. اُنظر في عيني يا ...فإني أنصحك أن لا تحسب نفسك أخاً لرئيس الجمهورية ، فإن المسدس الذي تحمل سأضعه في ..ك لو لم تكمل ما كلّفتك به) بينما " صباح " يبتسم قائلاً : ( حسناً،حسناً يا أبا مؤيد، طلباتك أوامر ، فأنت الأكبر عمراً، وأنا أخوك الصغير" ...وخرج " أبو مؤيد" معي وهو - فوق كل ذلك - غير راضٍ عن موقف" صباح"، وظلّ يتمتم طوال إجتيازنا الممر المؤدي الى غرفته.
والحقيقة لم أُقابله أو أتعرّف عليه من قرب، فقد كان يزور بيت رئيس الجمهورية عند عدم تواجدي، و لم يكن - إستناداّ الى التعليمات - خاضعا لمساءلة عند إيقافه لسيارته المتواضعة أمام باب الحديقة مباشرة. (وهذه من تفاصيل عن حياة عبد السلام عارف يرويها مرافقه الدكتور صبحي ناظم توفيق )

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ)

  جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ) . الصورة : ملتقطة من جهة ساحة النسور ، وعلى اليسار (قصر الرحاب) وعلى اليمين (قصر الزهور) الذي لم يظهر . شيد الع...