( الإنقلاب ) :- في 2 شباط 1950م تشكلت حكومة توفيق السويدي الثالثة على أنقاض حكومة علي جودت الأيوبي التي استقالت بعد أن مكثت في السلطة فترة قصيرة لم تتجاوز الشهرين ،وكان وزير الداخلية فيها الأستاذ صالح جبر ومن الشخوص المهمة التي كانت تقود الداخلية آنذاك هو السيد خالد الحجازي الذي كان في منصب مدير الشرطة العام . والحجازي كان متصرفا (أي محافظا ) للواء السليمانية ،ثم نقل إلى منصب مدير الشرطة العام سنة 1948م ونظرا لوصول خصمه التقليدي صالح جبر إلى منصب وزير الداخلية فقد تقرر نقله متصرفا للواء السليمانية على أن يتم ذلك بعد موافقة مجلس الوزراء الذي عقد جلسته بتاريخ 10/شباط 1950م ،وفي مساء ذلك اليوم وبعد أن سمع الحجازي بأن أمر نقله قد أصبح حقيقة قائمة ، أخذ بتدبير مؤامرة للحيلولة دون لجوء الوزارة إلى تنفيذ أمر النقل ،وليضع صالح جبر أمام الأمر الواقع ،بدأ الحجازي بتنفيذ مؤامرته مساء السبت بعد أن سهر حتى منتصفها وهو يحتسي الخمر في إحدى بارات بغداد في تلك الفترة بعدها توجه إلى بيته ومن هناك ارتدى ملابسه الرسمية وحمل مسدسه وعاد بسيارته إلى معسكر القوة السيارة في محلة السعدون واستدعى الضابط الخفر هناك وأمره بإرسال كافة السيارات المسلحة وسرية الإسناد وهي القوة التي كانت تحت الإنذار آنذاك إلى معسكر القوة السيارة في الصالحية للالتحاق به هناك ....وتنفيذا لأمره هذا فقد توجهت اثنتا عشرة سيارة من سيارات الجيب وسبع سيارات من نوع اللوري وكلها مجهزة بالرشاشات بكامل أفرادها وتوجهت اثنتان منها إلى مركز شرطة السراي فأخذ أحد أفراد الشرطة وذهب بها إلى دائرة البريد المركزية في الميدان بناء على أمر (الحجازي) التلفوني له واشغل أفراد الشرطة بنايتها ووضعوا الرشاشات على سطحها وعند وصول (الحجازي )إلى الصالحية مستصحبا معه سيارة المخابرة استدعى ضابط الخفر هناك وأمره أن يبلغ حراس المعسكر بمنع كل شخص يروم الدخول إليه وطلب منه إحضار أمراء الوحدات وجميع قوات الشرطة للمعسكر المذكور ولما حضر أمامه المعاون أمره بالذهاب إلى دار الإذاعة اللاسلكية ودائرة البريد واحتلالها إلا أن الموما إليه لم ينفذ ذلك.. كما طلب (الحجازي)من ضابط مقر مديرية الشرطة العامة أن يجمع أفراد وحدات الشرطة التابعين إلى مركز السعدون للانضمام إليه في معسكره وبناء على ذلك فقد حضر قسم من مدراء الشرطة ولما شاهدوا (الحجازي)مصمما على القيام بحركة خطيرة مخلة بالأمن والنظام تعتبر جريمة في نظر القانون فقد تداولوا في ما بينهم وقرروا عدم إطاعة أوامره التي كان يصدرها إليهم وعدم تنفيذ شيء منها بل قاموا بتوزيع السيارات المسلحة التي كانت قد وصلت المعسكر المذكور وإخفائها داخل المعسكر وتفريق القوات التي كانت قد تجمعت وتبليغها بعدم القيام بأي عمل مهما كان بينما كان (الحجازي )يتصل تليفونيا ببعض الجهات المسؤولة وغير المسؤولة مخبرا إياهم عن محل وجوده وما صمم القيام به فاتصل بمعالي السيد عمر نظمي واخبره انه في المعسكر ولما طلب إليه الخروج منه رفض قائلا (سوف لا اخرج ما لم يستقل صالح جبر وإلا سأقلب بغداد رأسا على عقب )كما اتصل برئيس الوزراء وكلمه بلهجة شديدة قائلا (إن لم يستقل صالح جبر سأحتل بغداد غدا ) وقد جاء في مراجع التاريخ الحديث تفاصيل أخرى عن تلك المؤامرة التي انتهت بالقبض على الحجازي والحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وذلك في 13 شباط 1950.(أ. هـ) د.علي العكيدي .
( النكتة ) :- هناك طرفة يتداولها الناس حول السعادة تذكر بأن المرحوم صالح جبراحد رؤساء الوزارة في العهد الملكي ذهب في وفد رسمي الى المملكة المتحدة وبعد انتهاء اللقاءات الرسمية نظمت له جولة ترفيهية في العاصمة لندن وضواحيها,واثناء تجواله دفعه الفضول للدخول الى مقبرة جميلة الأبنية والحدائق,ولكنه استغرب عندما قرأ مامكتوب على شواهد القبور,فأغلب مامكتوب عليها ان من دفن فيها قد عاشوا حياة تتراوح بين ستة اشهر وخمس سنين,فظن ان هذه مقبرة اطفال,وعند الأستفسارمن مرافقه المضيف عن هذه الحالة,اجابه بأن هذه الفترات الزمنية المكتوبة على شواهد قبور المتوفين ليست اعمارهم الحقيقية وانما هي مدد ماعاشوه من سعادة في حياتهم,وهنا التفت المرحوم الى احد اعضاء الوفد العراقي وقال له مازحاً (اذا انا مت اكتب على شاهد قبري: هنا يرقد صالح جبر,من بطن امه للقبر),رحم الله صالح جبر كنت اتمنى ان يمد الله بعمره الى الآن ليرى بنفسه ان كل عراقي هو صالح جبر .
جمع واعداد : خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق