الصورة - الشورجة في الستينات
نبذة تاريخية عن سوق الشورجة .اختلف المؤرخون في اصل تسميتها فمنهم من يقول انها تعني (الماء والملح) ومنهم من يقول انها تعني (دهن السمسم) ما أن تطأ قدماك سوق الشورجة حتى تشدّك اليها رائحة توابلها الذكية ونكهة اعشابها الطيبة ومنظر شموعها الملونة المدلاة بشكل أنيق وجميل، وحين تتجول في ارجائها تشعر كأنك تعيش في اعماق التاريخ فتأخذك الايام الى الماضي التليد انه عالم ساحر وغريب يجمع بين التراث والمعاصرة . لقد أختلف المؤرخون والباحثون في اصل تسمية الشورجة وتعددت آراؤهم، فالشيخ جلال الحنفي يؤكد ان كلمة الشورجة منحدرة من كلمة (شوركاه) اي محل الشورة او (الماء المالح) اذ كانت محلة الشورجة قديما بئرا او بركة ماء فحرّفت الى الشورجة . يقال ان منطقة الشورجة كانت منطقة مستنقعات وجاءت التسمية من بيع دهن (الشبرج) فيها ويقال الشورجة اسمها مشتق من دهن السمسم . هناك من يقول ان اصل كلمة الشورجة جاءت من (الشبرج) وهو دهن السمسم اذ كانت في السوق معاصر خاصة للسمسم والاسم ينسب الى الشبرجة او الشرجة التي حُرفت الى الشورجة . ويقول من الذين عاصروا سوق الشورجة منذ بدايات القرن الماضي ان هذه السوق المتعارف عليها الان باسم الشورجة هي ليست الشورجة وانما هي التي تبدأ من شارع الملك غازي (الكفاح حاليا) حتى مدخلها في شارع الرشيد عند جامع مرجان .
وكانت فيها معالم بارزة شاخصة للعيان تهدّم وانقرض بعضها في فترات مختلفة من الزمن يذكر منها، خان الدجاج وحمام الشورجة وسوق التمارة وسوق الغزل وسوق العطارين وعلاوي الشورجة وخان مخزوم . اما كتب التاريخ تحدثنا ان هذه السوق العريقة نشبت فيها حرائق عديدة بسبب تكديس البضائع فيها ، ففي زمن الوالي جمال باشا السفاح التهمت النيران سوق العطارين وامتدت ألسنة النار الى جامع مرجان ودام الحريق اكثر من اسبوع . والشورجة سوق تراثية وشعبية عند البغداديين فاغلب البيوت البغدادية تجري سعيا اليها والتبضع فيها خصوصا في ايام رمضان والمناسبات والاعياد واذ تكثر الشموع والتوابل بانواعها ومستلزمات الاعراس والافراح كافة . ويقول احد اصحاب المحلات لبيع التوابل والاعشاب في السوق عن اصل تسمية الشورجة قائلا :- الشورجة كلمة تركية تتكون من مقطعين المقطع الاول (الشور) ويعني النهر والمقطع الثاني الـ (جه) فتعني (المالح) وبذلك يكون معنى الشورجة (النهر المالح) او النهر المالح الصغير وهذا مستند الى القاموس التركي . ويضيف في ذلك الوقت كان الناس مجتمعين حول هذا النهر المالح من اجل البيع والشراء وكل شخص يعرض بضاعته حول هذا النهر . وتعد المنطقة من المناطق التراثية وفي الاونة الاخيرة تعرضت بعض مبانيها القديمة للهدم مثل الخانات التراثية القديمة كخان الاغا الصغير وبعض المباني القديمة الاخرى المجاورة وقد عثر فيها على عدد من آبار الماء المالح وهذا يؤكد على ان التسمية صحيحة . كما تباع التوابل ومواد الاعشاب الطبية الاخرى التي تعالج مختلف الامراض اذ ان اغلب الادوية نتاج هذه الاعشاب فيوجد في الشورجة ورد ماوي ، عرج اللوية ، لسان الثور ، عرج الكراح ، جوزة بوة ، اليانسون ، البابونج ، وغيرها من الاعشاب المفيدة . ولقد ادخلت التوابل والبهارات الى العراق عن طريق الهنود الوافدين اليه والعطاريات تشمل التوابل والاعشاب فمنها الغذائية ومنها الطبية وكل منها لها استعمالاتها واستخداماتها المختلفة سواء في الطعام او لعلاج الامراض . تباع الشموع باحجامها المختلفة فهي تصنع في معامل خاصة ، فمنها ما يستخدم لاعياد الميلاد والاعراس ، ومنها ما يستخدم في ايام زكريا وهذه الشموع تلّون وتزّين بمواد مختلفة بحيث تعطيك شكلا جذابا من الالوان . توجد خانات تخصصت في بيع مواد الخياطة والقرطاسية والملابس ذات المنشأ الاجنبي والمعدات البلاستيكية المنزلية ومحلات (الكرزات) ، ومما يلفت نظر الزائر هو الازدحام الشديد حيث ان اغلب الممرات الوسطية استغلت من قبل الباعة الجوالين الذين زحفوا ايضا الى حوض الشارع مما عرقل السير والتمتع بمناظر هذه السوق العريقة . وتغيرت ملامح هذه المنطقة وامست بعد الاحتلال الامريكي الغاشم مهملة تكثر فيها النفايات والانقاض وتجتاحها المياه الثقيلة والحواجز الكونكريتية والمباني المهدمة ويسودها الاضطراب والفوضى .
جمع واعداد: خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق