المقال : "عوسي الاعظمي" أثرى الرياضة بامكانياته المتواضعة لا ينساه التأريخ (ج3) .
الصورة : الجوّال (عوسي الأعظمي) يحط الرحال و يقضي سنوات عمره الأخيرة محاطاً بتلاميذه الصغار على مسبح الصفا في الطالبية بداية التسعينات .
بضوء علاقاته وبمساعدة من الاصدقاء اصدر صحيفةً رياضية وراسل بعض الصحف المتخصصة بكمال الاجسام . كانت (مقهى الجسر) في السفينة بالاعظمية مكان سلواه، وهي قريبة من سكناه وفيها يلتقي رواد الرياضة بمختلف ممارساتهم، وشخصيات المنطقة ومعارفهم . له شعبية كبيرة وعرف عنه خفة دمه وسرعة البديهة التي يملكها ومداعباته التي كانت محل اعتزاز من قبل الجميع . كان الفريق (صالح مهدي عماش) رياضي وممارس لها طيلة حياته أضافة الى دوره السياسي والادبي ، وعندما اصبح وزيرا للدفاع عام 1963 كرم الرياضيين ومنهم (عوسي الاعظمي) مسيرة عوسي ليست رياضية فقط فحب المساعدة متأصل به رغم قلة مدخولاته المالية من المحل والتدريب . دجلة الذي كان الرياضيون يجتمعون على ضفافه فى الصيف وهناك تنصب الچراديخ صيفا، بضمنها (چرداخ عوسي) قرب جفرته ، حيث تقام سباقات السباحة والتجذيف والرياضة الشاطئية كالجري والطائرة ، تتخللها جلسات الليل الجميلة مع الطرب والموسيقى . افتتح له محلاَ تجاريا صغيرا للألبسة الرياضية وبعض من الجوائز الرياضية كالكؤوس والطوايع في (محلة السفينة) وكان يتردد عليه نخبة من الرياضيين واصبح مقراَ رياضياَ وملتقى للاصدقاء وعشاق الرياضة وابطالها القدامى . حضي في بداية السبعينات بتكريم مالي من قبل الرئيس (صدام حسين) عندما كان نائبا،استلم التكريم الدكتور (اموري اسماعيل) الذي كان يشغل وكيل وزارة الشباب من قبل المرافق الاقدم (صباح ميرزا) أوعز الدكتور اموري لمكتبه باستدعاء عوسي صباح اليوم التالي ليفاجئه بالتكريم، وفي الصباح حضر اموري للدوام واذا به يفاجئ بوجود عوسي بانتظاره منذ الساعة السابعة وبادره عوسي ضاحكا اعطني المكافئة يا ابن الأخ لأنني تعبان لم انم منذ ان علمت بالمكافئة من السيد النائب ، وكنت اخاف ان اصاب بالجلطة وانا نائم وأحرم منها. عوسي من النجوم الذين صنعوا أنفسهم بعرق جبينهم ، واستحقوا شهرتهم الواسعة ، ومن الذين أثروا الحركة الرياضية في العراق ، وهو واحد من أولئك الذين تركوا لهم بصمة واضحة في كل ما يخص الرياضة سواء في الجانب الجماهيري أو الإعلامي ، واستطاعوا بإبداعهم ومهارتهم أن يدوِّنوا أسماءهم في صفحات تاريخ الرياضة ، وهو من طينة الرياضيين الذين قلَّ أن يجود بهم الزمن وخاصة في أيامنا هذه، من الرواد الذين يستحقون ان نخلد اسمه في شاطىء الاعظمية في محلة السفينة في (نادي النعمان) أو (النادي الاولمبي) عند (ساحة عنتر) وفي قاعة المصارعة بالذات التي عاشها كرياضي وبرز فيها وفاء له ولما قدمه بهذا القدر او ذاك في بناء بعض الفعاليات الرياضية العراقية وتحديد نهجها وافاق تطورها لاحقاً. هكذا كانت حياة عوسي اشبه بسحابة مطر روت الارض بامطارها، ثم رحلت تاركة محاصيل نافعة، لم يعد موجودا بيننا لكنه ترك من بعده فريقاً من المصارعين والاتحادات عمل بجهد وبيقين لأستمرار اللعبة والابطال، عاش بطلا ، توفي عوسي في حادث دهس سيارة وهو يقود دراجته الهوائية، والتي لازمته طوال حياته، وكان ذاهباً ل (مسبح الصفا) لتعليم الفتيان رياضة السباحة، في ايلول1993 وهو في عمر الثمانين، مات عوسي ولم ترث عائلته سوى دراجته اللتي كان يتنقل بها طيلة عمره ومحله البسيط. هكذا كان قدره، ومن الله التوفيق.
المقال من تأليف : (سرور ميرزا محمود) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق