الجمعة، 8 فبراير 2019

من سيرة قاريء المقام ( شهاب أحمد الأعظمي) الجزء 2.




من سيرة قاريء المقام ( شهاب أحمد الأعظمي) ج2.
الصورة : من اليمين (عبد القادر البياتي) (فالح عبد الرحمن الريس ) (عدنان الكردي) (نهاد شهاب) (شهاب الأعظمي) مقابل محله الكائن في سوق الأعظمية ويظهر جامع أبو حنيفة في الخلف وتظهر الحفريات والاعمار في السوق - بداية الثمانينات . 

المقال : الاستماع الى المقامات وانتشارها : رغم انتشار التسجيلات الصوتية لمغنين من غير المقام العراقي، أي من الالوان الغنائية الاخرى وتأثيراتها الواضحة مثل الغناء الريفي والبدوي وغناء الاقليات والقوميات العديدة، حتى اصبح الميل العارم نحو الاستماع الى المقام العراقي والتخصص فيه سواء في الغناء او العزف، بعد انتصاف القرن العشرين، حاجة ملحَّة ظلَّت تتزايد بحيث ازدادت الاهتمامات وكثرت المؤلفات والكتابات بالصحف والمجلات والاحاديث الاذاعية والتلفزيونية من قبل كل المتخصصين، وكذلك كثرت بطبيعة الحال التسجيلات الصوتية في غناء المقام العراقي واصبحت اكثر انتشارا وتوزيعا من ذي قبل تماشيا للتطور المستمر للاجهزة الصناعية، ومع كل هذه التنوعات في الاستماع والتخصص، استقر رأي شهاب الاعظمي ورؤيته الجمالية في غناء المقام العراقي عندما استمع الى الطريقة القندرجية عن طريق مؤسسها رشيد القندرجي وباقي الاتباع، فتأثر بها واختارها منهجا لغنائه المقامي وتمسك بكل مبادئها، وجعلها لغة ادائية خاصة به.. فقد اثار مقام الابراهيمي (سلَّمه بيات) المغنى بصوت استاذ الجميع رشيد القندرجي، شجونا تعبيرية في نفس مطربنا شهاب الاعظمي بواسطة رصانته وصياغته الاسلوبية والتعبيرية، وبهذا فإننا نلحظ ونحن نستمع الى مقام الابراهيمي المغنى بصوت شهاب الاعظمي، وكأنه تخصص في غناء هذا المقام ذي الروح الكلاسيكية القديمة، وغناه بكل جوارحه وبكل جودة واتقان.. ومما اتذكره، - قال لي يوما- انه رغم احترامه الكبير لمحمد القبانجي وطريقته الفذة، إلا أنه مفتون بطريقة رشيد القندرجي (الطريقة القندرجية) ويعتبرها افضل الطرق الغنائية المقامية واجملها واقربها الى نفسه والى واقع التعبير عن حياة العراقيين، وهاجم بعض مغني اليوم واعتبر غناءهم هذيانا خالي من الاصالة والواقعية، وعبر عن رغبته في الاستماع دوما الى المغنين المقاميين القدامى .
بعض سمات الطريقة القندرجية : انطوى الاسلوب الغنائي الخاص واللغة الادائية التي اتخذها شهاب الاعظمي، المستقاة من الطريقة القندرجية، على ذلك النمو العارم، الذي اتسمت به تعابير الطريقة القندرجية المعارض للاتجاه الرومانسي في تخيُّلاته وتأملاته الحالمة.. فمن الطبيعي ان لا يستطيع شهاب الاعظمي الاستماع الى مغني اليوم المقاميين الذين ادركوا خيالات وتأملات تعبيرية فيها ميل نحو الرومانسية والحداثة، ووقف الجمهور المستمع الحالي مفتونا ببريق التطور التكنلوجي في اجهزة التسجيل الصوتي ونظامه التسجيلي ونظافة هذه التسجيلات، موقفا يكاد ان يكون نسيانا للكثير من التسجيلات السابقة في مطلع القرن العشرين.. وهكذا كان رأي شهاب الاعظمي طبيعيا بالنسبة له فيما قال وادلى، فقد حدَّد علاقته الجمالية بتسجيلات المقام العراقي المعاصرة، استنادا واحتراما الى موروثاته الجمالية الاولى التي اكتسبها وامتلكها من جماليات الوسط المقامي منذ صغره، وبالذات من اعماق الطريقة القندرجية في الغناء المقامي..ان حالة الدقة والايجاز وعدم الاسهاب، التي هي صورة من صور الطريقة القندرجية ومن سماتها وسمات التسجيلات الصوتية لمؤسسها رشيد القندرجي إبان النجاح المضطرد الذي احرزه هو واتباعه المغنين، كانت مناسبة لروح العصر كما يبدو ذلك، فالطريقة القندرجية تجمع بين فن المسارات اللحنية غير المسهبة، وبين متانة البناء اللحني للعلاقات الداخلية للمواد الاولية والعناصر اللحنية المكونة للمقام العراقي.. وكذلك بين التعابير الجمالية المناسبة لتلك الحقبة الزمنية، هذا على الرغم من ان هذه الحقبة كانت فيها الاسهابات وعدم الايجاز الغنائي مقبولا من الناحية الجمالية بصورة عامة. وقد عبر عن هذه السمات من بعيد او قريب الكثير من الكتَّاب والمؤلفين بما نشروه في الصحف والمجلات والكتب التي ألِّفتْ.. وبهذه الميزة، زائدا الاسلوب الغناسيقي والافكار الثقافية اضافة الى العفوية المعتمدة على الرؤية العفوية، تُخلق المباديء الفنية وتُأسس الطرق الغناسيقية الفنية التي يُعتمد عليها وتأخذ مداها في الانتشار. وكذلك تخلق الحبكة والتماسك لكل المكونات التي تعبر عن هذه الطريقة وتجميعها في وحدة فنية متكاملة شاملة.

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...