المقال : كانون ... ساعة عاقل ... ساعة مجنون .
الصورة : شتاء الأعظمية (شارع عشرين) بعدسة المصور (زهير كاكا) ألتقطت من أمام الأستوديو الذي تأسس عام 1958، و يظهر في الصورة (1) بيت (أبو طارق) على اليمين (2) بائع الشلغم ، تاركاً عربته ، فراراً من المطر (3) غطاء البالوعة المرفوع ، لتسهيل عملية شفط المياه.
الصورة : شتاء الأعظمية (شارع عشرين) بعدسة المصور (زهير كاكا) ألتقطت من أمام الأستوديو الذي تأسس عام 1958، و يظهر في الصورة (1) بيت (أبو طارق) على اليمين (2) بائع الشلغم ، تاركاً عربته ، فراراً من المطر (3) غطاء البالوعة المرفوع ، لتسهيل عملية شفط المياه.
لا وجه للمقارنة بين كانون هذه الأيام وكانون أيام زمان ، حيث كان يدعى (كانون الفحل) لشدة برده وكثرة المطر، ما يجعلنا نشهد حقيقة تغير الفصول التي يتحدث عنها علماء الطبيعة . وهو مايعني أن جيل اليوم من الفتيان والأطفال لم يعيشوا متعة الشتاء التي عشناها أيام زمان ، لقد كان فصل الشتاء قاسياً . كان البرد أحياناً (يقص المسمار) والجليد ينتشر في الطرقات أغلب أيام كانون (الأول والثاني) داخل المدن وخارجها ، والعجيب أننا بقدر ما كنا نعاني من البرد كنا نستمتع به ، وبما نستخدمه للوقاية من البرد والمطر، ونتذكر شتاء أيام زمان بمتعة ، أيام كنا نتغلب على البرد والجليد بالمعاطف السميكة والجزمات الطويلة والكوفية الصوفية التي تغطي الرأس والرقبة ، فلا يبدو سوى الوجه وبعضها لا تظهر من الرأس إلا العيون . كما نتذكر قطعة حديدية كانت توضع بجانب أبواب المدارس وبعض الدوائر لإزالة الطين العالق في أسفل الحذاء . وكان الموظفون يدرؤون البرد بالمعاطف الطويلة والقفازات الجلدية الأنيقة ، والقبعات المخملية ، وكان لها مشاجب (عليقات) خاصة في المكاتب . في هذه الأيام لا نزال نعاني بعض الشيء من البرد، ولكن وسائل مقاومة البرد اختلفت ، فقد اختفت مظاهر التدثر لدرء البرد وأصبحت في أشد حالات البرد تقتصر على طاقية تغطي الأذنين أحيانا، ومنهم من يسير في الشارع حاسر الرأس في أشد الأيام برداً ، ويعتبر أن وضع غطاء على رأسه أمر غير لائق بمظهره . لم يترك الأقدمون شيئاً إلا وذكروه فقالوا : (البرد سبب كل علة) واختفت أيضا مؤونة الشتاء من الحطب والغذاء مع تغير الأحوال ، بعد أن اختفت مدافئ الحطب المصنوعة من (الفونت) واستبدلت بالتدفئة المركزية أو مدافئ الكهرباء والغاز ، كما لا تزال تنتشر بشكل ملحوظ (المدافئ النفطية) و في مقدمتها صوبات (علاء الدين) ولاسيما في المناطق الشعبية . اما مؤونة الشتاء فلم يعد لها حاجة مع توفر متطلبات الحياة اليومية في الأسواق المنتشرة في المدن والأرياف بكثرة وبما يفيض عن الحاجة ، حتى بعد أن إزدادت أعداد الناس أضعافاً مضاعفة .
متعة الشتاء لا تزال تعشش في الذاكرة ، ونتحسر على أيام زمان عندما تمر عدة أيام من كانون الفحل بلا مطر ولا ثلج... خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق