الأحد، 24 يناير 2016

(سفينة الأعظمية) و وجهها المشرق .



المقال : (سفينة الأعظمية) و وجهها المشرق .
الصورة : (السفينة) و (جسرها الخشبي) الذي يربط الأعظمية بالكاظمية ، من الأعلى ، و من الأسفل (المقبرة الملكية) مطلع الخمسينات .
محلة (السفينة) المعروفة تأريخياً (بسوق يحيى) و التي سميت بالسفينة ، وهي تسمية قديمة ترجع الى أيام (الدولة العباسية) وكانت مرسى لزوارقهم ، وهكذا إستمر الحال ، فكان الناس من أهالي الأعظمية يتجمعون على شاطئ النهر لغرض البيع والشراء ، فيبيعون (الصوف والجلود) وملحقاته التصنيعية (كالعباءات والغزول والخيوط) وما الى ذلك ، ويشترون من السفن المواد القادمة من الشمال فضلا عن الفاكهة (كالرقي والبطيخ) وغيرها مما تحمله تلك السفن ، من مواد مختلفة ، فيتم البيع والشراء ، ومن هنا يعتقد البعض إن تلك المحلة سميت بالسفينة ، نتيجة تجمع السفن على ضفافها . و قد كان هناك (جسر خشبي) لعبور المشاة والسيارات بين (الأعظمية والكاظمية) ، وكان الجسر متحركاً لتسهيل عبور ومرور (الدُوَبْ) وهي السفن الصغيرة التي تحمل البضائع (إذ كان نهر دجلة عريضاً وعميقاً جداً) من شمال بغداد آتية من المحافظات . وعندما تصل الى منطقة (المسنّاية) التي تعرف برأس الجسر (مسانية السفينة) التي يمارس فيها الصبيان هوايتهم بالقفز إلى الماء ، والمسناية عبارة عن بناء كبير غمره نهر دجلة منذ حوالي 250 عاماً او اكثر وهو بقايا جامع قديم ، لأن بعض القاشاني الأزرق الذي يستخدم بالجوامع وتكتب عليه بعض الايات القرآنية موجود بالقرب منها . ولابد أن يذكر (مسجد حسن بك) و (جامع صالح أفندي) و (مسجد الشابندر) و (طرشي ذيب) و (مقهى سعيد) و (مقهى زكي) و (مقهى راس الجسر الخشبي القديم) ويسمى (مقهى الوتّار) أيضا وهو صغير شتوي ، وفي ليالي الصيف تكون طاولات الجلوس في السطح وكان الشباب يلعبون (الدومنه والطاولي) وإطلالتهم على (نهر دجلة) و(مقهى الرصافي) مجاور للمكتبة وكان (الشاعر الرصافي) يجلس فيه ، وهو قريب من منزله وحوّل المقهى الى دكاكين ومخازن ، و كان قسم منه ، مقهى صغير باسم (مقهى الأفندي) ويأتي بعدها (مقهى الچرداغ) ومحلات (إبراهيم أبو البورك) ومن بعده المحل المشهور للأدوات والالبسة الرياضية العائد للرياضي المعروف (عوسي الأعظمي) . أما الشارع المتجه (للمقبرة الملكية) من رأس الجسر كان محل التبوغ (لعبد المجيد البدري) مختار السفينة وهو والد الرياضي المعروف الأستاذ (مؤيد البدري) ثم يتراأى لنا بيتاً تراثياً تحوَّل الى مكتبة للباحثين وعاشقي التأريخ والأدب ، إنها مكتبة العلامة (حمدي الأعظمي) الذي كان أول من منحه (الملك غازي) (وسام الرافدين) وهي أهم وأكبر المكتبات الأهلية في بغداد والتي كان يرتادها رجالات العلم والفضل والأعيان من علماء وادباء فضلاً عن الوزراء والوجهاء ، كما كانت تعقد فيها امسيات ثقافية ، ومن المعالم الأخرى لمحلة السفينة (مستشفى النعمان) والتي تاسست في العهد الملكي سنة 1949 وسميت (بمستشفى المقبرة الملكية) وقدمت الخدمات الطبية لسكان الاعظمية ومجاورها من المناطق الاخرى . وبعد 14 تموز 1958 سميت (مستشفى النعمان الجمهوري ) بعد دمج (مستشفى الحريري للولادة) و (الامراض النسائية) وسميت (بمستشفى النعمان العام) ولحد الان ، أكثر أولاد الأعظمية ولدوا هناك كما تم ختانهم أيضاً هناك . و أخيراً ، فقد ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﻮﺗﺎﺕ ﻣﺤﻮﺭﻫﺎ ﺍﻷﺩﺏ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻤﺮ ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ (ﻣﺠﻠﺲ حمدي الأعظمي) و (مجلس رياضي ، يعقده - عوسي الأعظمي) في محله مع رياضيي ومحبي الرياضة هناك.

تاليف / خالد عوسي الاعظمي.

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...