الصورة : في بغداد عام 1936 للشيخ (علي الطنطاوي 1909 - 1999) هو فقيه وأديب وقاضٍ سوري ويُعتبر من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين .
عُرِفَ بولعه (لبغداد والأعظمية) ، حتى أنه ألف كتاباً سمّاه "بغداد ذكريات ومشاهد" وقد طبع عدة مرات ، وقد ذكر في مقدمة الطبعة الثانية سنة 1989، عن (الأعظمية و رجال الأعظمية) فقال (هل أجد الشيوخ الأجِلَّة الذين جمعني بهم التدريس في (دار العلوم الشرعية) ، الملحقة (بمسجد الإمام الأعظم) ، الذي سميت بإسمه ونسبت إليه مدينة (الأعظمية) ؟ هل أجد العالم الغني الزاهد الشيخ (أمجد الزهاوي) ، والعالم الحقوقي صاحب خزانة الكتب الكبيرة الحاج (حمدي ألأعظمي) ، والمفتي الصالح الشيخ (قاسم القيسي) ، ومدير الدار الأستاذ الشيخ (معمر فهمي المدرس) ؟ لقد كنت وحدي الشاب بينهم وكانوا كلهم اكبر مني سناً ، خبِّروني ألا تزال (غرفة - بهجت الأثري) في الوزارة حافلة بالصفوة المختارة من أهل العلم والأدب ؟ ألا تزال (المكتبة في دار - الحاج حمدي) في (السفينة) موئل العلماء والأفاضل ؟ ألا تزال في (دار - الشيخ قاسم القيسي) على (شط دجلة) تلك المجالس التي كانت لروحي روحاً ولقلبي طرباً ..وقد سكن الشيخ (علي الطنطاوي) في (مدرسة الإمام أبي حنيفة) حيث يوجد سكن خاص للأساتذة فيها وكان يلقي في بعض الأحيان دروس الوعظ بعد العصر في (جامع الإمام أبي حنيفة) في شهر رمضان ويقول عن تلك الأيام (كنت أجلس في (دار العلوم) في الاعظمية كل مساء بأذن المدير، في هذا الصحن المشرق ، تظللنا الأشجار قد أثقلتنا ثمارها وتحف بنا الأزهار قد ملأت صدورنا عطورها، ومن فوقنا زقزقة العصافير كأنها موسيقى بارعة ، ما وضعت أنغامها عبقرية إنسان ، وكان الفرّاش يعد الشاي ، وكان الباب مفتوحاً، فليس تخلو عشية من أساتذة كرام يزوروننا أو طائفة من الطلاب يجيئـــــون إلينا، أو جماعة من الجيران نبقى معهم بين أحاديث تدور، أحاديث في العلم وفي الأدب ومناظرات تخللها مراجعات في الكتب - وفي المدرسة مكتبة كبيرة فيها كتب قيمة - حتى نسمع داعي الله للصلاة ، فندخل المسجد من باب بينه وبين المدرسة فنصلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق