مقال : مسألة (الخياط و الثوب) .
الصورة : جامع (الإمام الأعظم ، أبو حنيفة النعمان) بداية الستينات .
لبس (أبو يوسف) ثيابه ليذهب لدرس شيخه (أبو حنيفة) . فسأله من حوله : إلى أين تذهب ؟! قال أبو يوسف : إلى درس الشيخ . فقالو له : إلى الآن تطلب العلم ؟! أنت قد اكتفيت . أما بلغك ما قال فيك أبو حنيفة ؟؟!! قال أبو يوسف متعجباً : وما قال ؟!! قالوا : قد قال (كنت أرجوك للناس من بعدي) أي ، انك قد حصلت كل علم أبي حنيفة . فلو مات الشيخ . جلست مكانه ! فأعجب أبو يوسف بنفسه . ومضى إلى المسجد . فرأى حلقة أبي حنيفة في ناحية . فجلس هو في الناحية الأخرى . وبدأ في إلقاء الدروس ، والفتوى . التفت أبو حنيفة إلى الحلقة الجديدة . فسأل : حلقة من هذه ؟؟! فقالو له : هذا أبو يوسف . قال أبو حنيفة : شفي من مرضه ؟!! قالوا : نعم . فقال أبو حنيفة : فلم لم يأت إلى درسنا ؟؟! قالوا : حدثوه بما قلت . فجلس يدرس الناس . واستغنى عنك . ففكر أبو حنيفة ، وتأمل . ثم قال : (يأبى أبو يوسف إلا نقشر له العصا) ثم التفت إلى احد طلابه الجالسين . وقال له : اذهب إلى الشيخ الجالس هناك . فقل له عندي مسالة ، فسيفرح بك ، و يسألك عن مسألتك . فاخبره أبو حنيفة عما يسأله . فمضى الطالب إلى حلقة أبو يوسف . وقال : يا شيخ مسالة ، فقال أبو يوسف : ما مسألتك ؟ قال الطالب : رجل دفع ثوباً إلى الخياط ليقصِّره ، فلما جاءه بعد أيام يريد ثوبه ، جحده الخياط ، وأنكر انه اخذ منه ثوبا ، فذهب الرجل إلى الشرطة ، فاشتكاه ، فأقبلوا ، واستخرجوا الثوب من الدكان . والسؤال (هل يستحق الخياط أجرة تقصير الثوب أم لا يستحق ؟؟) فقال أبو يوسف على الفور : نعم يستحق ، ما دام أتم العمل . فقال الطالب : أخطأت ! فتعجب أبو يوسف ، وتأمل المسالة أكثر ، ثم قال : لا،لا يستحق الأجر . فقال الطالب : أخطأت ! فنظر أبو يوسف إليه . ثم سأله : بالله ، من أرسلك ؟؟! فأشار الطالب إلى أبي حنيفة وقال : أرسلني الشيخ . فقام أبو يوسف من مجلسه ، ومضى حتى وقف على حلقة أبي حنيفة . فقال : مسالة يا شيخ ؟ فلم يلتفت أبي حنيفة إليه ! فأقبل أبو يوسف ، وجثي على ركبتيه بين يدي أبي حنيفة ، وقال بكل أدب : يا شيخ ، مسألة ، فقال أبو حنيفة : ما مسألتك ؟ قال أبو يوسف : أنت تعرفها !! قال أبو حنيفة : مسألة الخياط والثوب ؟ قال : نعم . فقال له أبي حنيفة ، معاتباً : اذهب ، وأجب ، ألست شيخا ؟؟! قال أبو يوسف ، بأدب : الشيخ أنت . فقال أبي حنيفة في جواب المسألة : ننظر في مقدار تقصير الخياط للثوب . فأن كان قصَّره على مقاس الرجل . فمعنى ذلك ، أنه قام بالعمل كاملا ، ثم بدا له أن يجحد الثوب ، فيكون قام بالعمل لأجل الرجل ، فيستحق عليه الأجر . وان كان قصَّره على مقاس نفسه ، فمعنى ذلك ، انه قام بالعمل لأجل نفسه ، فلا يستحق على ذلك أجرة . فقبل أبو يوسف رأس أبي حنيفة . ولازمه حتى مات أبي حنيفة . ثم جلس أبو يوسف للناس من بعده . ولم ينساها أبو يوسف ... أصبح أبو يوسف (قاضي القضاة و الآفاق) في عصر (هارون الرشيد) و صار وزيره ، وزميله في حجّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق