الجمعة، 13 ديسمبر 2013

السير هاري سندرسون طبيبُ العائلة المالكة العراقية



السير هاري سندرسون ، طبيبُ العائلة المالكة من عام 1918 الى عام 1946 وأول عميد لمدرسة الطب في بغدلد عام 1927 ، أطلع على الكثير من الأسرار، ولعب دوراً بارزاً في رسم بعض السياسات التي انتهجت خلال الحكم الملكي في العراق. 

يقول الأستاذ عبدالرحمن منيف في كتابه (العراق هوامش من التاريخ والمقاومة) ان كل ما يعرفه سندرسن عن العراق هو ما أخذه من التوراة.
 فالعراق كان المكان التقليدي لجنات عدن وعلى أرضه وقعت مغامرات النبيين نوح ويونس (عليهما السلام) ومدينة أور هي المدينة التي ولد فيها النبي ابراهيم (عليه السلام). لكن ما كاد يصل سندرسن الى البصرة حتى بدأ يكتشف عالماً ساحراً وغريباً ومختلفاً.. ولم يطل سندرسن اقامته في البصرة. إذ بعد فترة ركب سفينته متجهاً الى بغداد ليصلها بعد ثلاثة أيام.. وفي هذه الفترة بالذات وصل بيرسي كوكس الذي عيّن حاكماً للعراق الذي يعد من أهم الشخصيات التي كان لها دور في هندسة هذا البلد وترتيب أوضاعه. ولم تمر سوى فترة قصيرة بعد وصول سندرسن الى بغداد إلا ودعي الى الانضمام لزمرة الحاكم المدني .. وبسبب مرض الطاعون الذي أصاب بعض مناطق العراق فقد نقل الطبيب سندرسن الى منطقة الحلة لمقاومة هذا المرض هناك. ولما كان مثل هذا التعيين يتطلب معرفة اللغة العربية. فقد بدأ الطبيب يتلقى دروساً لتعلم هذه اللغة عن طريق معلم يهودي موثوق به. أما عن دور برسي كوكس وما بذله من أجل اقامة شكل من الحكم يلائم دولة عربية حيث يقول طبيب العائلة مشيداً بدور (المس بيل) انها واحدة من أعظم الذين نشطوا في الدعاية لتتويج الملك فيصل. وبعد زوال مرض الطاعون.. أعيد الطبيب سندرسن الى بغداد وعيّن مديراً لمستشفى (العزل) لمواجهة وباء (الجدري) وصادف خلال هذه الفترة، تعرض الملك فيصل الأول (لوعكة) وطلب من الطبيب (سندرسن) ان يذهب الى الملك فيصل ويشخص حالته وقد فعل. لكن منذ اللحظة التي التقى فيها الملك فيصل الأول قامت بينهما علاقة أخذت تتوطد بمرور الأيام.. وظلت هذه العلاقة لحين وفاة الملك.. لقد أصبح سندرسن بعد هذا اللقاء الطبيب الخاص بالملك والعائلة المالكة.. واصبح يعامل هو وزوجته، وكأنهما من أفراد العائلة المالكة وبرغم متانة العلاقة إلا ان سندرسن كان يحجم عن ابداء رأيه في وزراء فيصل وكبار موظفيه، وكان يحاول ان يقصر مشورته على الأمور الصحية والقضايا العامة، وما يجب ان يفعل من أجل النهوض بالدولة. تعرّض الملك فيصل الأول لألم مفاجئ ذات ليلة، وحين فحصه الطبيب (سندرسن) تبين ان ما يشكو منه جلالته هو التهاب الزائدة الدوديو، وان اجراء عملية لاستئصالها ضرورة قصوى. وقد هيئت احدى غرف القصر لاجراء العملية وبرغم الهمسات واختلاف تشخيص ما يشكو منه الملك فقد أجريت العملية وتكللت بالنجاح. بعد هذه العملية توثقت العلاقة أكثر من قبل بين الملك وسندرسن.. ومن خلال الموقع الذي يحتله هذا الطبيب تكوّنت له علاقات، وأطلع على الكثير من الأسرار، والخفايا، كما ان هذا القرب اليومي من مركزي القرار الملك وبيرسي كوكس مكّنه من ان يقوم بمهمات خطيرة.. لم تطل اقامة برسي كوكس مندوبا ساميا إذ حل محله في هذا الموقع (هنري دوبس) وبرغم المظهر الناعم واللطيف للمندوب السامي الجديد، إلا انه كان يتميز بالعصبية وسرعة الاثارة والتهيّج، يقول الطبيب سندرسن: كان يضرب موظفيه بقناني (الحبر) كدليل على عدم رضاه.. حيث قالت زوجة (دويس) تعليقاً على هذا الحادث: (حسناً فعلت يا هنري وإلا ما الفائدة من كونك المندوب السامي البريطاني اذا كنت لا تسطيع ان تحطم قلة من أصص الأزهار في الوقت الحاضر وفيما بعد؟ 
ومع ان عملية الزائدة الدودية حسنت وضع الملك بعض الشيء، إلاّ ان الضعف العام والهزال كانا باديين عليه.. ولم تظهر الفحوصات الطبية أية اختلالات جسدية.. كما ان تجاوبه مع العلاج في أول زيارة لأنكلترا كانت مخيبة للآمال.. والأرجح ان يكون السبب المباشر لهذا الضعف هو إفراطه في التدخين وشرب القهوة.. وربما يكون أصل المرض عصبياً.. في هذه الزيارة الأولى للملك الى لندن أقامت (المس بيل) حفلاً كبيراً للملك فيصل وقد دعت اليه علية القوم.. وكانت الصحافة البريطانية قد اشارت اثناء هذه الزيارة الى احتمال اجلاء القوات البريطانية عن العراق.. أما المستر ايمري وزير المستعمرات فقد نفى ذلك وأكد ان بريطانيا لا تنوي الجلاء عن العراق، أكثر من ذلك أبلغ وزير المستعمرات الملك ان عصبة الأمم ستقبل العراق في عضويتها.. هذان الأمران أفرحا الملك وجعلاه يبدي سروره أمام الكثيرين. وبرغم ان النظام الملكي في العراق استقر وأخذ صيغة ثابتة.. فان ذيول العلاقة بين بريطانيا والعراق كانت تقتضي المناقشة للوصول الى التسوية، وهذا ما حاولته بريطانيا في هذه المرحلة مستغلة مشكلة (الموصل) واتفاقية النفط. ونظراً لوقوع الخلاف مع الحسين بن علي فقد نفاه الأنكليز الى قبرص.. ومع ان جون (فيلبي) يعد أحد رموز المرحلة السابقة، وكان رأيه يختلف عن معظم زملائه الأنكليز إذ كان يميل الى النظام (الجمهوري) وله موقف سلبي تجاه الهاشميين، فان لورنس ظهر مجدداً في هذه الفترة، وكان قريباً من فيصل أثناء زيارته الى لندن.. أما في طريق عودته الى العراق، فقد توقف فيصل في عمّان وأراد زيارة أبيه.. وحين أصطحب معه أخاه علياً وسندرسن وذهبوا الى (قبرص) فقد تراءى للأب ان الضيف الذي يرافق ولديه هو (فيلبي) فثارت ثائرته وأراد ان يطرده، لكن تدخل فيصل حال دون ذلك، إذ أكد لأبيه ان هذا الضيف هو الطبيب (سندرسن) وسبق ان زاره وحين سأل الأب عن (فيلبي) قيل له انه مات.. فرد الحسين وقد عاد اليه السرور.. الحمد لله.. ومن جملة ما وقع في هذه الزيارة الى عمّان ان مرض الملك علي، فأعطاه الأمير عبدالله دواء تعود استعماله، وهو لفتح الشهية ومعالجة ألم المعدة، وحين رأى (سندرسن) الدواء تبين له انه مسكّر، ولما أبلغ الأمير عبدالله قام الأخير باتلاف كل ما لديه من مخزون هذا الدواء، أمام عدد من الناس مستغفراً ربه عنْ هذاْ الذنب ...
ألاراده الملكيه:- صدرت الاراده الملكيه بتأسيس الكليه الطبيه بأسم؛ ألمدرسة الطبيه العراقيه . نشرت الارادة الملكية في جريدة الوقائع العراقية برقم 582 سنة 1927, كما نشر في نفس العدد تعيين الدكتور سندرسن عميدا لها.

 لقد كان الدكتور سندرسن وزوجته الزي في لندن وكان متردداً في عودته للعراق وعندما اخبر بالقرار بأن يكون أول عميد لكلية الطب، أغتبط وفرح كثيرا بترشحيه لعمادة الكلية وقرر العدول عن رأيه والعودة الى العراق. وفي اثناء بقاءه في بريطانيا، أستشار الدكتور سندرسن أساتذته من جامعة ادنبره فهو خريج كلية الطب في ادنبره سنة 1914,حول المناهج وطرق التدريس حيث نقل نظامها مع شى من التطوير لاحقا بما يلائم الظروف الاجتماعية السائدة انذاك في العراق عند تأسيس الكلية الطبية. 

 المصدر:
الملك فيصل الأول, ملك العراق بين 1921-1933
King Faisal.  of Iraq 1921-1933 

جمع واعداد : خالد عوسي 

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

رووووووووووعة الى طلاب القسم التاريخ

أحدث مقال

جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ)

  جسر ونهر الخر (الشْطَيِطْ) . الصورة : ملتقطة من جهة ساحة النسور ، وعلى اليسار (قصر الرحاب) وعلى اليمين (قصر الزهور) الذي لم يظهر . شيد الع...