الجمعة، 16 مايو 2014

اليعقوبي الساخر الجريء


يتبلور الظرف الحقيقي في العراق في شعر الشعراء وليس في صحافته الهزلية او مسرحياته الكوميدية او حتى في ما وردنا من الظرف والنكات في النثر الشعبي. هكذا برز الشاعر محمد علي اليعقوبي الذي ولع بغرس انيابه في ساسة العراق وحكامه. نظم اولو الشأن حفلة الاربعينية لتأبين الملك فيصل الاول في العام 1933، وتولى مسؤولية ذلك السياسي المعروف صادق البصام و الصحافي القومي عبد الغفور البدري، صاحب جريدة «الاستقلال». دعوا الى الحفل شتى الشخصيات العراقية كما يلزم، لكن خانتهم الذاكرة فنسوا دعوة هذا الشاعر، محمد علي اليعقوبي . بيد ان الشاعر لم ينس ان يرد عليهم بقصيدة نظمها لهذه المناسبة واستهلها بهذين البيتين:
إن الذي فجع العراق بفقده
وبكت عليه العرب والاسلام
اسفا تقوم على رثاه عصابة
اعضاؤها البدري والبصام
ويظهر ان الشاعر لم ينس لعبد الغفور البدري هذه الهفوة، فالعفو ليس من طباع العراقيين فلاحظ ان البدري كان يعاني من شلل في يديه فقال فيه:
قد قيل ما ليد البدري ما برحت
شلاء لم يستعن فيها على عمل
فقلت: تلك يد كانت مســخرة
للانكليز رماها الله بالشــــــلل
بعد نحو عامين، اجتاحت العراق المنازعات الحزبية والعركة على الكعكة، كما الشأن الآن، فلا جديد في شمس العراق. أسفرت الخلافات عن تسليم الحكم لياسين الهاشمي، في شهر آذار (مارس) 1935، رئيسا للوزراء. جاء بقريبه طه الهاشمي، ربيب آخر من بقايا الحكم العثماني، وأسند اليه وزارة الدفاع. تلقى اليعقوبي النبأ فأوحى له بما أوحى:
قالوا وزارتكم ياسين يرأسها
وقائد الجيش طه في الميادين
يا رب طه وياسين بحقهما
اجر عبادك من طه وياسين!
بيد ان وزارة ياسين الهاشمي لم تدم طويلا في الحكم فتآمر عليها الجنرال بكر صدقي، رئيس اركان الجيش، واعوانه من الضباط في اول انقلاب في تاريخ هذا البلد المعذب، في العام 1936. في صبيحة يوم الجمعة 30 كانون الأول (ديسمبر)، ألقت الطائرات العراقية قنبلة على مجلس الوزراء فهرب ياسين الهاشمي وزمرته الى دمشق حيث كان يتمتع بشعبية خاصة بين ابنائها. انطلق محمد علي اليعقوبي ليعلق على الخبر متشفيا بما حصل:
ابلغ اذا جئت ياسينا ومن معه
رســــــــالة كلها لين وتعطاف
اضحى بكانون في الشام اصطيافكما
والناس في آب او تموز تصطاف
كثيرا ما أصبحنا نترحم في هذه الأيام على ايام ذلك العهد الملكي. بيد ان شاعرنا اليعقوبي فطن الى ذلك قبلنا بكثير. فما ان وقع انقلاب عبد الكريم قاسم (ثورة 14 تموز) وتسلم الحكم بعد ابادة الاسرة الملكية، حتى انطلق هذا الشاعر ليقول كلمة الفصل في الموضوع:
شكا الناس يا نوري السعيد وزارة
ترأستها والعهد اذ ذاك مظلم
ولكنهم لما ابتلوا «بإبن قاسم»
ومن بعده صلوا عليك وسلّموا
ولكنني اجد حكمة بليغة في ما قاله الشاعر يوم أمر محمد فاضل الجمالي، رئيس الوزراء بغلق «الكلچية»، المبغى العام في بغداد، فقال:
وقالوا ببغداد الجمالي قد محا
منازل قوم دنستها العواهر
لقد طهرت منها الديار ولم يكن
لتطهر من ابنائهن الدوائر
وهو ما يذكرنا بما كتبته مومسات روما على صدورهن: «اقسم بالله هؤلاء الساسة الذين يحكموننا ليسوا اولادنا!».
إقتباس بتصرف / خالد القشطيني .

جمع واعداد: خالد عوسي الأعظمي
----------------------------------------------------------------
 
Abbas Naji
شكرا جزبلا للخالدين ، الاعظمي والقشطيني.

خالد عوسي الأعظمي
تشرفت بعطر مرورك الكريم ، أخي العزيز ( Abbas Naji ) ، مع إعتزازي و تقديري .

Islam Mubarak
عمي خالد يعني شكلك تدري كمت أترقب منشوراتك وأتشوق حتى أعرف شراح تنشر وأتمنى لو ينجمعن هاي المنشورات بكتاب للمطالعة لما تحتويه من تاريخ ومعلومات قيمة

ابو يوسف النعيمي
جميل جميل يا فنان

Ali Abualkheel
روووووعه ابو الوليد

خالد عوسي الأعظمي
أخي العزيز ( Islam Mubarak ) ، أنت في مرورك نسمة و في حضورك بسمة و في كلامك نغمة ، و السلام عليك و من الله رحمة .

خالد عوسي الأعظمي
تحية طيبة عطرة و سحابة صيف ممطرة الى الأخ العزيز ( ابو يوسف النعيمي ) ، و أشكره على مروره الكريم ، تقبل تحياتي .

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...