المقال/من طرائف العلّامة الدكتور ( مصطفى جواد ) . قل و لا تقل .
الصورة/
العلّامة يتوسط الفنان التشكيلي نوري الراوي على يساره و على يمينه الممثل العراقي الكبير أسعد عبد الرزاق .
كان العلامة الدكتور مصطفى جواد دائرة معارف تمشي على قدمين، فهو علم اللغة العربية في العراق والوطن العربي . كان فن مصطفى جواد هو التصحيح اللغوي فهو في العربية لم يسبقه سابق على الرغم من كونه تركمانياً من عشيرة صارايلو، وكانت حافظته عجيبة وشخصيته طريفة وقلبه سليما نقياً أبيض.
يقول طبيبه الخاص شوكت الدهان:-أخبروني
بأن العلّامة صحته متدهورة فذهبت الى داره، وفحصته فوجدته يعاني صدمة
وضيقاً في التنفس وألماً شديداً في الصدرفاتصلت بالاسعاف من فوري، ونقلته
الى مستشفى (ابن سينا) واجريت له تخطيطا للقلب، فلم أستطع أن اخفي عنه
شيئا، واخبرته بأنه يعاني من (جلطة قلبية) وكنت أتوقع ان يحزن مصطفى جواد
لهذا الخبر وينزعج منه، ولكنه ابتسم وقال لي: (يا دكتور... قل غلطة
قلبية... ولا تقل جلطة قلبية)! ومما نقله إليّ من اللطائف أن العلامة جواد
ركب إحدى سيارات الأجرة في بغداد، يوماً، وفي الطريق شغل السائق المذياع،
وكان برنامجه من الإذاعة (قل ولا تقل) يذاع، فضجر السائق وأغلق المذياع
وقال باللهجة العراقية العامية: (اسكت گوّاد)، فطلب مصطفى جواد التوقف ونزل
من السيارة وهمس في أذن السائق: (قل قوّاد ولا تقل گوّاد)، فسارع السائق
للاعتذار منه وقبل مصطفى جواد اعتذاره وضحك. ومرة التقى العلامة جواد
الزعيم عبد الكريم قاسم وقال له: (أرجو أيها الزعيم أن لا تقول:
“الجَمهورية“. بفتح الجيم، بل قلْ الجُمهورية بضم الجيم) وتقبل الزعيم
النصيحة، لكنه تساءل عن السبب، فقال له مصطفي جواد: (لأن المأثور في كتب
اللغة هو “الجُمهور” بضم الجيم ولأن الاسم إذا كان على هذه الصيغة وجب أن
يكون الحرف الأول مضموماً لأن وزنه الصرفي هو فعلول كعُصفور. ومرة أخطرته
وزارة المعارف بكتاب رسمي بضرورة عدم نشر المقالات في الصحف استنادا
للقوانين التي لا تجيز للموظف المشاركة في الأمور العامة والنشر في وسائل
الإعلام، فقام بتصحيح الأخطاء الواردة في الكتاب بالقلم الأحمر وأعاد
الكتاب إلى الوزارة داعيا أن تقوم بتقويم كتابها قبل أن تقّوّم الآخرين.
وذات يوم كان مسافرا خارج العراق وعند وصوله مطار البلدة التي يروم السفر
إليها طلب منه الموظف المسؤول إبراز وثيقة التطعيم ضد الجدري فأخطأ في نطق
الكلمة بكسر الجيم ورفع التشديد فرد عليه الجواد قل الجُدَّري برفع الجيم
وتشديد الدال فهز الموظف رأسه مستغربا وسمح له بالمرور. وكان العلامة جواد
بعيدا عن السياسة ومشكلاتها ولا يعنى بمتابعة مجرياتها حتى قيل إنه لو سئل
عن مدير شرطة بغداد لصعب عليه معرفته ولكن لو سئل عن رئيس الشرطة في زمن
هارون الرشيد لقال إنه فلان ابن فلان عين لرئاسة الشرطة سنة كذا وعزل من
عمله عام كذا وتوفي عام كذا واستخلفه فلان الذي... الخ ولأورد تاريخ الشرطة
في ذلك الزمن من دون أن يعنى بالحاضر لاشتهاره باهتماماته التاريخية
وانصرافه للعلم وحده. ولا بد أن أذكر أن (العائلة المالكة) انتقته لتدريس
الملك (فيصل الثاني) درس اللغة العربية . لقد كان وداعه الأخير تظاهرة كبرى
سار في توديعه جمهور كبير من محبيه والمعجبين بأحاديثه التلفازية عن محلات
بغداد القديمة وكان في مقدمة مشيعيه (احمد حسن البكر) رئيس الجمهورية
آنذاك... وبرحيله فقد العراق علماً من أعلامه البارزين ورمزاً من رموزه
الخالدين.
الصورة/
كان العلامة الدكتور مصطفى جواد دائرة معارف تمشي على قدمين، فهو علم اللغة العربية في العراق والوطن العربي . كان فن مصطفى جواد هو التصحيح اللغوي فهو في العربية لم يسبقه سابق على الرغم من كونه تركمانياً من عشيرة صارايلو، وكانت حافظته عجيبة وشخصيته طريفة وقلبه سليما نقياً أبيض.
يقول طبيبه الخاص شوكت الدهان:-أخبروني
جمع واعداد: خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق