لم يشتهر ساسة العراق بالظُرف، لكن وردت عن ذلك السياسي الذي أشبعه العراقيون شتماً [في حياته و نبشاً و سحلاً بعد مماته]ثم ندموا [أكثرهم] عليه مؤخراً . نوري السعيد، بعض القفشات الجديرة بالتسجيل. البرلمان في كل الدول هو المسرح السياسي الملائم للسخرية. وقد تألق نجم (ابو صباح) في لحظات من ذلك. تصدى له يوماً النائب عبد الجبار جومرد فقال هذا البلد الحضاري، بلد هارون الرشيد، انظروا ما آل اليه على يد هذه الحكومة الفاشلة! وقف الباشا يرد عليه فقال: حضرة النائب يشير الى بلد الرشيد. يا سيدي المحترم نحن لم نستلم حكم العراق من يد هارون الرشيد. استلمناه من يد العثمانيين! .وضج المجلس بالضحك والتصفيق. ومن كلماته البليغة التي شاعت مؤخرا قوله [ للشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلس النواب بلسان غاضب ومتشنج (ياشيخنا إنني جالس على سبتتنك وليس على كرسي رئاسة مجلس الوزراء)] إن [ في ] العراق برميل نجاسة ونحن جالسون على غطائه نمنع جيفته من الانطلاق. [و الجِيَفْ من تحته تقول ]: أزيحوا غطاءنا وسترون كيف ستخنقكم روائحه. وفي المجلس ايضا، حدث أن شن محمد رضا الشبيبي حملة شعواء على حكومته. رفعت الجلسة والتقى الاثنان في الممر. قال له نوري السعيد معاتبا: اسمع شلبي، والله اذا سقطنا واجا غيرنا يحكمكم، راح تشوفون كيف شرطتهم تجي في منتصف الليل وتاخذ بناتكم من بيوتكم وما تقدرون تفكون حلوقكم. مرت سنوات وسقط النظام الملكي وتسلم [ الإنقلابيون ] الحكم. قاموا بحملتهم الرهيبة. وكان من ذلك ان دهموا بيت الشبيبي وأخذوا ابنته. لم يملك الشيخ غير ان يذهب الى عبد السلام عارف ليوسطه في الموضوع. كان من اول ما قاله له ان استذكر كلمات نوري السعيد فرواها له. يا سبحان الله. صدق من قال ابو صباح. راح يجون لبيوتكم وياخذون بناتكم وما تقدرون تفكون حلقكم وتعترضون. شاعت هوسة «نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها» بعد وثبة 1948. ويظهر ان نوري السعيد استأنس بهذه الهوسة الشعبية، كيف لا وهي تجعل صالح جبر قيطاناً له؟ يروي السيد شاكر الملاحظ في مديرية الدعاية انه ذهب يوما الى بيت نوري السعيد ليعرض عليه نصا سياسيا معدا للنشر لاطلاعه واعتماده. فيما كان جالسا معه دخل احمد مختار بابان، احد وزرائه، يرجو منه تدخلا في قضية شاب كردي اعتقلته الشرطة. قال له: هذا الشاب مرشح للبعثة وبقاؤه في السجن سيفوت عليه الفرصة. احسن شيء اطلاق سراحه ليسافر للبعثة ونخلص من شره. اتصل ابو صباح بالسجن وطلب احضار الشاب. جاؤا به فقال له انت شاركت في هذه التظاهرات وكنت تهتف فيها. اصعد على هذي الطاولة واهتف كما كنت تفعل. حاول الشاب التملص من الطلب ثم صعد على الطاولة وهتف هتافات وطنية بسيطة. قال له: لا مو هالشكل. اهتف الصدق. اضطر اخيرا لأن يهتف ذلك الهتاف: نوري السعيد القندرة... الخ. فضحك ابو صباح وصفق له ساخرا. ثم اطلق سراحه. تكرر مثل ذلك في بيت الشيخ فرحان العرس الذي اعتاد على تنظيم قبول في بيته مرة في الشهر. و حضر الحفل صديقه نوري السعيد. سمع حفيد الشيخ الطفل بذلك فراح يغني ببراءة الاطفال نوري السعيد القندرة...الخ. فمسك به وقال له تعال اش قلت؟ فردد الطفل الكلمات مرتعبا. فقال له من هو القندرة؟ ارتبك الطفل وتخوف، لكنه اصر عليه ولم يفكه حتى رفع اصبعه في وجهه وقال أنت! وضج الحاضرون بالضحك. إقتباس بتصرف (نوري السعيد ساخراً / خالد القشطيني).
جمع واعداد: خالد عوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق