الجمعة، 16 مايو 2014

الجاكي (منفي) يشتم صباح نوري سعيد

                                             الصورة : زفاف صباح نوري سعيد
نالت سباقات الخيل (الريسز) في العهد الملكي شعبية كبيرة بين صغار القوم و كبارهم. اصبحت في الواقع هوساً عند البعض. كان منهم السيد صباح ابن رئيس الوزراء نوري السعيد. اشتهر بحبه للقمار و المقامرات ، و لكن الرهان على سباق الخيل كان شغفه الأول. ربطه ذلك بصداقة خاصة مع الكثير من الجوكية ، الفرسان الذين يركبون الخيل في المباريات. جاء على رأسهم الجوكي المعروف السيد منفي الذي نال بطولات عديدة جلبت اليه شهرة واسعة بين الجمهور. منفي، و من لم يسمع بمنفي في تلك الأيام. اصبح مثل ابو حقي في كرة القدم. التقى به صباح نوري السعيد ذات يوم و سأله عن إحتمالات السباق التالي. كان من ممارسات الجوكية ، وهم اعرف القوم بالخيل و السباق، ان يعطوا اصحابهم المقربين ما كانوا يسمونه بالچانص، أي فرصة احتمال. يقولون لك ، او بالأحرى يهمسون بإذنك، خلي بالك، حصان ابو شليلة راح يفوز اليوم. حط فلوسك عليه. و لكنهم كانوا احيانا يغشونهم و يعطونهم چانص مغلوط. إنه جريمة غش وممنوع و لكنه شائع. إنه جزء من عالم سباقات الخيل. التقى منفي بصباح عندما كان هذا مدير السكك الحديدية العام، فضلا عن كونه ابن رئيس الوزراء. فسأل منفي عن احتمالات نتائج سباق ذلك اليوم. فأعطاه هذا الجانص. قال له مؤكداً ، الحصان عنتر ابن شداد راح يفوز اليوم. حط كل ما عندك من فلوس عليه و لا تخاف. سمع نصيحته و فعل ذلك. قامر بكل راتبه لذلك الشهر. ركضت الخيل و تعالى الصياح و الهتاف و لكن عنتر جاء في آخر الجوقة و لم يفز بأي منزلة. لا اول ولا ثاني و لا عاشر. و بالطبع احتد صباح على ما حصل و اعتبر ان منفي قد غشه عن قصد و جعله يخسر كل راتبه. ما ان التقى به حتى انهال عليه بالشتائم يا كلب ويا ابن الكلب. احتد منفي بالمقابل و رد على ابن رئيس الوزراء قائلا ، لا . انت الكلب و ابوك الكلب. احتدم الصياح و العراك بينهما حتى تدخل الآخرون للفصل بينهما. و لكن ما ان عاد منفي الى بيته و هدأت اعصابه ، حتى تذكر ما فعله و قاله. لقد شتم رئيس الوزراء، و امام كل الحاضرين. ماذا سيفعلون به ؟ لم يستطع النوم مطلقا و قضى ليلة من أسوء ليالي حياته. قرر أنه حالما يطل الصباح ، يذهب الى مجلس الوزراء في السراي و ينتظر حتى يصل نوري السعيد فيتخضع اليه ، يبوس يده ، و يعتذر عن ما صدر منه. وهو ما فعله بالضبط . ما ان نزل فخامة رئيس الوزراء من سيارته، حتى هرع اليه ليقبل يده ، و لكن ابو صباح اقتاده الى مكتبه و طلب له فنجان قهوة و سأله عن خطبه. حكى له الحكاية و كيف انه فقد اعصابه و صدرت من لسانه تلك الشتيمة المؤسفة. قال له ابو صباح: اسمع ابني منفي، بمدينة الحلة اكو واحد عربنچي ينقل الناس بين المحطة و المدينة. قالوا لي كلما يعثر الحصان عنده بسبب حفرة بالشارع او طسَّة ، يكفر بالله[والعياذ بالله] و ينزل على الحكومة و عليَّ بالشتائم ، و يقول الله يلعنك يا نوري السعيد انت و حكومتك. و هاي كل يوم و(هذا فنَّه. و إحنا ساكتين عنَّه). لا احد سأله و لا احد اخذه للشرطة. روح ابني منفي . لا تقلق بالك. اشتم مثل ما يعجبك . العراقيين هذا اسلوبهم.

جمع واعداد: خالد عوسي

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...