السبت، 8 أغسطس 2015

الإعصار يرحل بهدوء .







الصورة : عنفوان الرياضة العراقية (عوسي الأعظمي) ممسكاً بولده (خالد) و معانقاً صديقه الحبيب ، صانع الأبطال الحاج (خلدون عبدي) ، و يظهر في الخلف البطل و المدرب الخبير (قاسم السيد) رحمهم الله ، في نادي(الكاظمية) ، المطل على نهر دجلة ، خلف متنزه 14 تموز ، عام 1972م .
ان رياضيوا الأعظمية ولدوا من منابع العوائل التي كانت ترعى ابنائها فى كل شيء ، لكي يكونوا متفوقين في مجالات الحياة العلمية والادبية والقانونية والرياضية ، كونهم ولدوا فى منطقة ضمت حُكم الملوك و رفاتهم ، مؤسسوا دولة العراق الحديثة ، و كذلك الوزراء والشخصيات البارزة في المجتمع العراقي . أستميحكم عذراً لأنني حرصت على تناول تاريخ رياضيوا الاعظمية وانجازاتهم ، و هذا لايعنى ان غيرها من مدن العراق وقراه لم تنجب شخصيات وأعلام رياضية رفعت أسم العراق على المستوى المحلي و العربي والدولي ، انما لكون صورة الذكريات التي تربيت وعشت طفولتي و صباي و شبابي في الأعظمية ، عالقة في ذهني ومخيلتي ، والتي كانت تحوي أحداثاً تائهة أستطعت أن أجمعها ، وهي التي قادتني الى اسماء و مواقف لاتنسى ، دفعتني الى كتابة هذا المقال ، انها شملت و تشمل الكثير و ليس المطلق من الشخوص الرياضية ، اساتذة و مدربين ولاعبين شهدت لهم ملاعب وساحات ممارسة الفعاليات الرياضية ، و إمتدت الى اكثر من نصف قرن وجعلت من هؤلاء ، اسماء يرددها جميع المعنيين بها لحد الان، و منهم ، (إعصار المصارعة العراقية) في عصرها الذهبي (خلدون عبدي) : نشأ مع جيل (رحومي جاسم) و (كرمان سلمان) و على يد الأستاذ المشرف (عوسي الأعظمي)، فقد كان يتدرب ويتنافس منذ شبابه في الجفرة (جفرة عوسي الأعظمي) في (السفينة) قرب دجلة ، دجلة الذي كان الرياضيون يجتمعون على ضفافه فى الصيف ، حيث تقام سباقات السباحة والتجذيف والرياضة الشاطئية والچراديخ . و استطاع خلدون ان يكون بطلاً للعراق ، بل اكثر من ذلك ، حاز على بطولات عربية ودولية، و قد كان محبوباً وبسيطاً بالرغم من شهرته ، رحل الإعصار بهدوء في يوم 7/7/2015 و صلى عليه عدد قليل من تلامذته و أقربائه و محبيه في جامع الإمام الأعظم (أبو حنيفة) و تم دفنه في (مقبرة الشهداء) الواقعة في منطقة (الحارّة - الأعظمية) . و من الجدير بالذكر أنه توفي في نفس اليوم الذي توفى فيه خصمه و منافسه ، زميله و رفيق دربه ، البطل المدرب (عبد الرزاق صالح) قبل 38 عاماً . و علمت أن خلدون و قبل فترة من وفاته كان مقعداً ولم يُعتنى به من قبل الاوساط الرياضية شأنه شأن من سبقه (كريم الاسود) رحمهما الله ، و كذلك لا ندري ماذا فعل الدهر بالحكم الدولي (حسن عبد الوهاب) رعاه الله و عافاه . هؤلاء عمالقة المصارعة العراقية نذكرهم بعد رحيلهم و نتركهم يواجهون مصيرهم بمفردهم . في الختام . أحب أن أذكر شيئاً عن احتفالات الأعظمية ، و التي كانت تقام على مستوى الفعاليات الرياضية ، في الشتاء والصيف ، و التي تدل على اصالة تلك المنطقة وعراقة اهلها، فمنذ الحكم الملكي كانت هناك بطولات تختتم نهايتها في الاعظمية ( كرة القدم، السلة، الطائرة، الملاكمة، المصارعة السباحة، الساحة والميدان )...وكانت تحت رعاية الملوك (فيصل الأول - غازي - فيصل الثاني) و كذلك الوصي (عبد الإله) و رؤساء الجمهورية بعد قيام النظام الجمهوري ، ولا تزال اماكن اقامتها موجودة لحد الان كساحة الكشافة و النادي الأولمپي و نادي الاعظمية وكلية بغداد ونادي الهواة ونادي الامة واستمرت الاعظمية فى صناعة الابطال ، كالمصنع ، جيلاً بعد جيل ، رغم كل الظروف التي مرت بها ، ولكنها بقيت كالينبوع الذي يتدفق منه الخير ، ليعم العراق أجمع ، وكانت الاعياد فرصة للاندية باقامة المهرجانات الترفيهية والمسابقات الرياضية وكان لبعض الشخصيات الرياضية الدور الكبير بتحمل نفقات اقامة مثل تلك النشاطات ، وتمتد الى مصاريف السفر و غيرها ، يامحلا الأعظمية بما تزخر من معالم تراثية ودينية وثقافية وتعليمية وترفيهية ومقاهي وبيوتات افرزت شخوصات لعبت ادواراً عالقةً في ذهن وتفكير العراقيين، كانت شاخصة نفتقدها الأن و العين تدمع ونحن في كربتنا . عسى ان نكون قد وفقنا بكتابة هذه السطور ، لرموز ، لأشخاص رياضية ساهمت بنهضة العراق حتى لا يطويها النسيان...

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...