السبت، 26 أكتوبر 2013

مواقف مأثورة للقاضي والمفتي الشيخ أمجد الزهاوي .

صورة نادرة للشيخ ( أمجد الزهاوي ) رحمه الله .



  يروي المؤرخون ان ابي حنيفة النعمان رفض استلام منصب القضاء عندما عرضه عليه الخليفة . خشية أن تقع له أخطاء في أحكامه أو يتأثر بأوامر الخليفة . و لعله وصله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل ( قاض في الجنة و قاضيان في النار ) . من هذه المدرسة الدينية و الفقهية الحرة نشأ الشيخ امجد الزهاوي . ولكنه لم يتبع خطى إمامه ابي حنيفة فلم يرفض إستلام منصب القضاء فأصبح قاضيا و مفتيا في أيام العهد الملكي في العراق ، أيام الخير. ورويت عنه حكايات و مواقف مأثورة في تمسكه بأحكام الشريعة و استقلالية القضاء و حرمة القضاة . قالوا فيما قالوا انه قدر له ان ينظر في قضية نزاع بين الأمير عبد الاله ، الوصي على عرش العراق و ولي العهد و أحد التجار اليهود في بغداد. 
ففي تلك الأيام ، ايام الخير، لم يشعر المواطن اليهودي بأي حرج في مخاصمة اي شخص آخر مهما كانت منزلته او ديانته. و كان موضوع النزاع ملكية قطعة ارض ثمينة، ادعى كل منهما انها تعود شرعا اليه. قبل ان ينظر في الموضوع و يستمع الى بينات كل من الطرفين، استلم مكالمة تلفونية من احد المسؤولين في الدولة ، يلفت نظره الى حساسية الموضوع. فهو يمس شخص الأمير عبد الاله الوصي على العرش. فإذا اصدر حكما في غير صالحه ، يكون الوصي قد ظهر امام الناس بمظهر المفتري و المغتصب و الكذاب، مع ما يحتمل من تناول الصحافة و المعارضة هذا الموضوع بصورة مسيئة للبلاط و الدولة. حذر الموظف المسؤول الشيخ امجد الزهاوي من مغبة ذلك . امتعض الشيخ الزهاوي من هذا التدخل فقال للرجل ، اسمع هنا، انا ما اخاف من الوصي هنا و إنما اخاف رب الوصي ، الواحد الأحد خالق الوصي . و لم يستطع الموظف غير ان يسكت و يعتذر تاركا الأمر لمشيئة القاضي . نظر امجد الزهاوي في القضية و استمع لبينة ممثل الوصي و محامي التاجر اليهودي . نظر في الاوراق و الخرائط المطروحة امامه و لم يشعر بأي شك في ان الحق كان في جانب المواطن الموسوي (اليهودي) فأصدر الحكم في صالحه و أيد ملكيته للأرض المتنازع عليها . و بذلك خيب إدعاء الأمير عبد الأله بها. الوصي على العرش و سيد البلاد. لا عجب ان يحتل الشيخ الزهاوي تلك المكانة في قلوب الجمهور و الحكام و المحامين .

وأحيلت قضية أخرى الى القضاء تعلقت بمشاجرة عنيفة في أحد دور البغاء . جاءت الشرطة بشهود للمحكمة ، كان أحد الشهود سمسار الدار و الآخر بائع الخمر و الثالث إحدى العاهرات . نظر الحاكم باستياء الى ضابط الشرطة و قال ، ألم تجد شاهدا تجلبه أمامي أفضل من هؤلاء ، سمسار و عاهرة و بياع عرق ؟ ما عندك شاهد آخر محترم يحضر قدامي و يحط يده على القرآن و يشهد؟ أجابه معاون الشرطة ، سيدي هذي عركة في بيت دعارة . يعني شنو اللي تنتظر أجيب لك منه ؟ يعني قابل تنتظر مني أجيب لك أمجد الزهاوي شاهد؟ هكذا اصبح اسم هذا الشيخ رمزا للصلاح و التقوى و مخافة الله و الإلتزام بعدالة القضاء و استقلالية القضاة ، في تلك الأيام . نعم تلك الأيام من أيام الخير .

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...