الاثنين، 28 أكتوبر 2013

رئيس الوزراء - عبد المحسن السعدون


الرجل الذي مات منتحرا . (رئيس الوزراء - عبد المحسن السعدون ) .


يعد عبد المحسن السعدون احد ابرز الاسماء في تاريخ العراق الحديث وخاصة في الفترة المهمة من تاسيس الدولة العراقية في بدايات القرن الماضي وكان السعدون(1879-1929) قد شغل منصب رئاسة الوزراء اربع مرات في السنوات1928,1925,1922 و1929 .
وقبل رحيل السعدون منتحرا كتب في وصيته لابنه علي:-
"ولدي وعيني ومستندي علي اعفي عني عما ارتكبته من جناية لاني سئمت هذه الحياة التي لم اجد فيها لذة وذوقا وشرفا. الامة تنتظر الخدمة والانكليز لايوافقون، ليس لي ظهير ، العراقييون عاجزون عن تقدير نصائح ارباب الناموس امثالي يظنون اني خائن للوطن وعبد للانكليز، ما اعظم هذه المصيبة انا الفدائي اشد اخلاصا لوطني قد كابدت انواع الاحتقارات وتحملت المذلات في سبيل هذه البقعة المباركة التي عاش فيها ابائي واجدادي مرفهون وبعدها يكتب موصيا ابنه علي:-
"ياابني ان نصيحتي الاخرى هي ان تشفق على اخوتك الصغار اللذين سيبقون يتامى وتحترم والدتك وتخلص لوطنك ، ان تخلص للملك فيصل وذريته اخلاصا مطلقا، سامحني يا ابني علي" ثم قرر الانتحار في البيت الذي استاجره في شارع ابي نؤاس(كرد الباشا). وهنا نعرج على ان وصية عبد المحسن كانت باللغة التركية ويعود ذلك لسببين اولهما ان ثقافة السعدون هي ثقافة عثمانية وكان السعدون قد امضى شبابه في اسطانبول بوظيفة (المابين) وهي وظيفة شرفية، وتعني التشريفات، يمنحها السلطان لابناء الرؤساء والامراء في الامبراطورية العثمانية، والسبب الثاني والاهم ان زوجته تركية وبالكاد تجيد التحدث بالعربية.
من مواقفه الانسانية النبيلة تجاه شعبه:-  كان قاصدا مكتبه برفقة وزير خارجيته، تعرض لهجوم من قبل شخص يدعى السيد عبد الله حلمي وضربه بشفرة حلاقة مما سبب جرحا في الرقبة والكتف وسبب الهجوم ان هذا الرجل كان موظفا حكوميا وطرد من وظيفته لاسباب لا علاقة للسعدون بها وما كان من السعدون الا ان يتنازل عن حقه الشخصي طالبا من الشرطة الافراج عنه حين قال: لاتمسوه..... والله ان مسه احدكم بشئ قتلت نفسي وهناك حكاية اخرى ابطالها السعدون والشاعر الكبير معروف الرصافي والعلوية زكية ، كان شاعرنا الكبير معروف الرصافي يتلقى مساعدة شهرية مقدارها 50 روبية من دائرة البريد وكان يظن انها من رئيس الوزراء عبد المحسن سعدون وبعد رحيل السعدون منتحراً في 13\11\ 1929 حزن الشاعر المعروف لسببين اولهما فقدان رجلا عظيما مثل عبد المحسن السعدون وثانيهما لتوقعه انقطاع مصدر رزقه ، وكما هو معروف فان رجال العلم والثقافة والابداع ، يعيشون فقراء وبعد موتهم يغتنون، وتفاجئ شاعرنا الكبير باستمرار المعونة فذهب الى دائرة البريد ليستفسر عن المصدر فقيل له ان الذي يبعث له الفلوس هي العلوية زكية وهي تعرف مكانته واهميته ، فتصوروا ان بلدا مثل العراق يمتلك في الربع الاول من القرن الماضي رجالا ونساءا بهذا المستوى من الرقي والثقافة وحب الوطن فكم انت عظيم ياعراق. 


ومن القصائد التي القيت بمناسبة رحيل السعدون:-
قصيدة الرصافي التي مطلعها ( شب الاسى في قلوب الشعب مستعرا ) .

ثم قال فيها : (سعد وسعدون محمود مقامهما
ذاك بمصر وهذا ها هنا أنتحرا
إن كان سعدكم الأسعار أرخصها
فهذا سعدنا قد أرخص العمرا ).
حيث خاطب الرصافي فيها أهل مصر في مناقب سعد زغلول.

ورثاه الشاعر الزهاوي في قصيدته الفلسفية والتي قال فيها، ليل وزوبعة وبحر هائج انا لا ارى السفينة تسلم .


رحل السعدون دون ان يترك اية شئ مادي لعائلته فقررت الحكومة تخصيص 50 الف روبية لشراء بيت لعائلته وراتب تقاعدي 1200 روبية وتقرر ايضا توزيع قطع الاراضي في منطقة السعدون للمواطنين وتسميتها باسمه تخليدا لذكراه واقامة التمثال الذي لم يسلم من ايادي العابثين الذين سرقوا تمثاله من منطقة السعدون والمصنوع عام 1933 من قبل النحات الايطالي بيتروكانونيكا في روما. حيث سُرق تمثاله المصنوع من الرصاص في حادثة وقعت في فجر تموزي من عام 2003 وصفها شاهد عيان بقوله: بدا السراق كأنهم حمالون، ربطوا التمثال بحبل وجروه بقوة ، فانتزعوه ولفوه ببطانية عسكرية على ظهر عربتهم التي يجرها حمار هرم ومضوا كخفافيش الليل قبل بزوغ الفجر بقليل .

 المصدر:
مقالة / د.عامر ملوكا / استاذ جامعي/ ملبورن/ استراليا .


صورة نادرة لساحة عبد المحسن السعدون تعود الى عام 1955م .

 ازيح الستار عن تمثال عبد المحسن السعدون رئيس وزراء العراق سنة 1933 في الساحة التي تعرف اليوم بساحة السعدون في بغداد . 
والسيد عبد المحسن السعدون ترك وصية جاء فيها ان العراقيين طلاب استقلال ويريدون الحرية لكن الانكليز لايريدون ذلك .

ليست هناك تعليقات:

أحدث مقال

[بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟

  [بعد ثلاثة عقود على وفاته] ماذا عن عوسي الضاحك أبدا ؟ الصورة : عوسي الأعظمي على إحدى الصحف الإنگليزية ، منتصف الأربعينات . المقال : جاسم م...